قانون الحصانة مضر ومجحف ولكن !
محمد الحذيفي
محمد الحذيفي

صدقوني لم أتأمل كثيرا في قول الله تعالي " كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو شر لكم " كتأملي لها اليوم , وخاصة وأنا أشاهد الدموع تنهمر من العيون دموع الوالد المناضل والوطني الغيور محمد سالم با سندوه الذي صقلته الأحداث , وعلمته التجارب , وهو يناشد , ويترجى أعضاء مجلس النواب تغليب لغة العقل , ومنطق الحكمة على منطق العاطفة في التصويت على قانون الحصانة , ودموع أخرى هي دموع أسر الشهداء , والجرحى , ومن فقدوا أحبة لهم في هذه الثورة العظيمة , وهم يشاهدون من انتخبوهم إلى مجلس النواب ليمثلوهم يمثلون بهم , ويعطون من قتل وفتك بأقربائهم حصانة تحميهم من الملاحقة , والمساءلة القضائية , والقانونية , فدموع انهمرت حزنا , وخوفا على مستقبل وطن بأكمله , وعلى حياة 25 مليون يمني , ودموع انهمرت قهرا , وغلبا , وكمدا على أحبائهم وأقربائهم الذين فقدوهم في ميادين الحرية والشرف , وفي ساحات التغيير وكل الدموع على حق.

إن قانون الحصانة قانون غدر , وخيانة وعار قانون تنطبق عليه كل أوصاف القدح , والذم قانون يخالف كل شرائع الأرض والسماء , ويخالف كل قوانين العدالة الإلهية في القرآن الكريم " قد كان لكم في القصاص عبرة يا أولي الباب" لكن ما البديل لهذا القانون , فلنفكر بعقل وبروية , ولنغلب التفكير المنطقي بعيدا عن التفكير العاطفي , أليس البديل حرب لا تبقي ولا تذر؟ أليس البديل أنهار من الدماء ومزيد من زهق الأرواح التي حرم الله زهقها ؟ كلنا مجمعون على رفض هذا القانون , وعلى درجة سوءه ,وهو بالنسبة لنا كلحم الميتة التي أحلت للمضطر لكنه قد يكون من ورائه خير كثير ومنافع للثورة ولرب ضارة نافعة.

نعم ورب الكعبة إنه قانون مضر , ومجحف ! لكن يكفي أنه جنب اليمن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى , وخفض فاتورة التغيير , وفضح من هو الصادق مع الثورة ومن هو الكاذب , من هو المنافق ومن هو المخلص , من يخدم شباب الثورة ويسعى من اجل التغيير , ومن يتسلق على أهداف الثورة بغرض مصالح شخصية ومكاسب دنيئة , ومن يزايد بدماء الشهداء والآم ألجرحي لتحقيق أهداف رخيصة , ومواقف مفضوحة

كما أن الخير من وراء هذا القانون أنه سجل أول اعتراف من رموز هذا النظام , وأبواقه , ومن يلهثون وراء هذا القانون بأنهم مذنبون , ومرتكبو جرائم بحق هذا الشعب , ولذلك هم يخافون أن يعلنوا على الملأ بأنهم مستعدون للمثول أمام القضاء , وأمام المحاكم كما فعل أحد أركان النظام ,وأعني به اللواء على محسن الأحمر حتى ولو من باب المزايدة رغم أني لا أعتبرها كذلك لكنهم " مذحلون" بالتعبير العامي , ومذنبون حقا فالمسيء يكاد يقول خذوني , أما البريء فلا يهمه أقاويل المرجفين وأباطيل الكاذبين.

كما أن من خير هذا القانون أنه فضح العالم المتشدق بمبادئ الديمقراطية , وحقوق الإنسان , وأن تلك الشعارات التي يرفعها هذا العالم ما هي إلا مجرد حبر على ورق , أما الحقيقة فتقول أن المصالح فوق كل الاعتبارات , وأنا على ثقة مطلقة بأن أحزاب المعارضة وكل قوى الثورة الرافضة لهذا القانون ولهذه المبادرة المشئومة لو كانت تشعر بان ثلث العالم وليس نصفه أو كله سيقف خلف إرادة الشعب اليمني , وإلى جانب شباب ثورته المتطلعين للتغيير لما تأخروا ولو للحظة واحدة في التوجه نحو الحسم الثوري , ورفض هذا القانون المذل , لكنهم يدركون أننا بين عالم منافق لا يخدم سوى مصالحه فقط , وبين نظام لا يهمه اليمن أو شعب اليمن فليذهبوا جميعا إلى الجحيم المهم أن يبقى على كرسي الحكم حتى وإن أباد نصف الشعب اليمني , ولذلك هم اليوم بين نارين نار الموفقة على هذا القانون , وما سيجلبه لهم من متاعب ومصاعب واتهامات , وبين نار رفضه التي ستكون أشد لظى وإيلاما , وأشد خسارة وفادحة ليس على المستوى السياسي فحسب ولكن على كل المستويات وعلى مستوى الوطن بأكمله.

ولذلك أقول لكل شباب الثورة أن الأبواب لم توصد والطرق لم تغلق فمن أوجد هذا القانون لحماية القتلة والمجرمين هناك غيره من القانونيين قادرين على نقض هذا القانون عروة عروة وبندا بندا , ولن تعدم الحيلة فالثورة الحقيقية لم تبدأ بعد ثورتنا ستبدأ بعد 21 فبراير لتحقيق كل الأهداف التي خرج الجميع من اجلها , ومن أهم تلك الأهداف إسقاط النظام بكل رموزه , وأدواته , وثقافته , وفلسفته , فالمطاف لن يتوقف عند شخص الرئيس صالح الذي ولى وإلى غير رجعة , ولكنه سيتواصل , والثورة ستستمر على كل الذين صفقوا , وأيدوا هذا النظام , ومارسوا معه الفساد , ونهبوا العباد والبلاد , والذين هم اليوم يحاولون التقمص بقميص الندم , ويرتمون تحت أحذية شباب الثورة.

*إلى أحزاب المعارضة

لكم قواعد كبيرة في الساحات لا ينكرها أحد وأنتم القوة المكتسحة فلا تكرروا نفس أخطاء النظام من ليس معنا فهو ضدنا ووجهوا قواعدكم إلى الابتعاد عن ألقاء التهم جزافا وعن الانجرار إلى شق الساحات , لأنه من العيب أن يصبح من كان مع الثورة ومن أوائل من خرجوا إلى الشارع ضد هذا النظام ولحقتم بهم مجرد لحقه من عملاء الأمن القومي , والأمن السياسي , ومن أتباع بقايا نظام العائلة لمجرد أنهم قالوا أن هذا

القانون خيانة ومن سيتبناه خائن لدماء الشهداء , أو لمجرد أنهم وزعوا " برشور" فيه قائمة العار من وجهة نظرهم لمن شرع ووفق على هذا القانون , ولا نعتقد أنكم ترضون بهذا! إلا إذا كنتم تفكرون بإخلاء الساحات بطريقة أمنية جديدة لم يبتكرها النظام , وللعلم أن معظم من يتهمون بالعمالة اليوم للأمن القومي و, لبقايا العائلة هم من كوادركم , ومن المحسوبين عليكم , ومن الذين يدافعون عنكم في أي نقاشات تنتقد سياستكم.


في الإثنين 23 يناير-كانون الثاني 2012 05:38:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=13414