مأساة الحالمة تعز
جمال حُميد
جمال حُميد

دائما ما كانت تتفوق المدينة الحالمة والثقافية تعز عن غيرها من المدن الكبيرة والفخمة والعالية شيودها ومبانيها فكانت تعز تتفوق بأبنائها المثقفين ومدنيتها التي فاقت التصور برجالها المخضرمين ثقافيا وسياسيا وأخلاقيا بل كان يرمز لها على مر الأزمان بأنها المدينة المتمدنه البعيدة عن القبيلة والأعراف القبلية التي تؤخر التفكير وتعطل عجلة التنمية والتقدم والتطور.

فلقد كانت للحالمة تعز مكانتها ولا زالت ولكن البعض يحاول سواء من أبنائها أو من خارجها أن يحولها إلى قرية كبيرة يطغي عليها المأساة التي تعيشها حاليا من مواجهات عنيفة راح ضحيتها الكثير والتي يتحمل بعضاً من أبنائها فقط لا غير مسئولية ما وصلت إليه من خلال تصرفاتهم اللامسئولة وسعيهم وراء ضعاف النفوس ممن يجرون المحافظة سواء من هم بالسلطة او المعارضة إلى مستنقع العنف والدمار الذي أصبح يغطي شريان محافظة تعز وهو شارع جمال عبدالناصر الذي أضحى بحكم المغلق بسبب تصرفات أبناء المحافظة ممن يدعون حمايتها والتصرفات الغير مركزة من قبل بعض القوات المسلحة والأمن وغياب التنسيق والتوجيه الصحيح.

تعز الآن تعيش مأساة بفعل البعض ممن أتاحوا للآخرين استغلال مطالبهم وكذا استخدامهم كوقود لإشعال الفتنة وإتاحة الفرصة لهم لكي يستمروا في العداء للمدنية والمدينة الحالمة والثقافة والتطور الفكري والسياسي في تعز من خلال أبنائها الشرفاء ممن يريدون للوطن الخير والفلاح.

تعز تعيش مأساة عصفت بكل حالاتها على المواطنين كافة فلا احد يخرج لقضاء احتياجاته واحتياجات منزله إلا وهو ينظر إلى خلفه وكأنه هدق وهناك من سيأتي لإصابته بسبب الانفلات الأمني الموجود داخل المحافظة فلم يعد احد يتجرأ أن يسير بأمن وأمان في المدينة المدنية والثقافية بسبب ما انتشر في أوساط المواطنين من الخارجين عن القانون والمخربين وذوي الشعور الطويلة والبشمرجة والبلاطجة حتى صار المواطن لا يستطيع الخروج حتى لا تطاله أيادي الغدر والآثمة بحق الشعب اليمني ممن تريد جر المجتمع اليمني إلى مستنقع الصراعات الدموية خصوصا مع اقتراب تسليم الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية السلطة لنائبه بعد توقيع المبادرة الخليجية التي ظلت على مر الفترة الماضية هي الجوهر الأساسي لعملية الحوار التي تبناها أيضا المجتمع الدولي للخروج باليمن من أزمته .

مأساة تعز كلها تتمحور في أبنائها سواء من هم بالسلطة أو من هم بالمعارضة او بالساحات الإعتصامية او من يشكلون خطوط المواجهة بين القوات المسلحة والأمن ومن يسمون أنفسهم قوات حماية الثورة السلمية وهم يواجهون بالسلاح ويقتلون ويقطعون الطريق ويتيحون فرصه للطرف الآخر بأن يستهدفهم إلى داخل الأزقة والعمارات التي يحتمون بها لكي يتبادلون فيما بعد بالاتهامات وكلا يرمي إلى ظهر وعرض الآخر مسئولية الضحايا من قتلى وجرحى حتى يقول للرأي العام أنا لست كذلك وإنما أنا مصلح وأريد الصلاح والفلاح ويصور نفسه على أنه مظلوم ومعتدى عليه بينما الشعب هو الضحية الحقيقي.

تعز تسيل دماء أبنائها بفعل تصرفات أبنائها الآخرين ممن لا يعون اللعبة التي يحركهم من خلالها أطراف تريد أن تصفي حساباتها الشخصية والحزبية مع النظام القائم بتلك المواجهات والدعم المادي والمعنوي والعتاد بالأسلحة الثقيلة والصغيرة فهذه هي من تعمل على سيل الدم اليمني حتى تصل على ما تريده وبأي ثمن.

أخيرا

سؤال يمكن أن يراجع من خلاله جميع أبناء تعز لتحركاتهم وتصرفاتهم وأعمالهم وتمويلاتهم التي تصلهم وهو: من المستفيد من المواجهات التي تدار في محافظة عرفت فيها المدنية والثقافة والسياسة والأخلاق الرفيعة لأبنائها وابتعدت عنها القبيلة والأعراف القبلية المتشددة التي استخرجت الآن وحولوا المدينة الحالمة تعز إلى القبيلة التي تسير وفق زعيم قبلي أو عرف فطغت على كل ما كان تتسم به الحالمة من مواصفات تتميز بها عن غيرها من سائر المحافظات الأخرى؟!!

من يرمي بمسئولية ما يحصل اليوم في تعز لطرف آخر غير أبنائها ورجالها فهوا خاطئ وعليه أن يعيد حسابات الأحداث التي حصلت مؤخرا في هذه المحافظة ومتى كانت أوقاتها ولماذا تعز بالذات وفي هذا الوقت ولماذا أصبحت مصدرا للمواجهات بعد أن كان جميع أبنائها ورجالاتها الطرف والكيان الوحيد الذي يحقق كل مطالبه بالسلم الاجتماعي والوعي الثقافي التي يمتلكها وبالسياسة المحنكة التي يتعلمها ويعلهما للآخرين .

مأساة تعز بأيدكم أيها الأعزاء من أبناءها فلا تجعلوا احد يستغلكم لتحقيق مآربه ولا تجبروا الطرف الآخر المتمثل بالسلطة والنظام والأمن يرد بتلك الطريقة التي أرعبت الجميع فلتعملوا لإعادة تعز لسلميتها ومدنيتها وثقافتها وعندها ستحقق كافة مطالب الحالمة وأبنائها .... فحكموا العقل والمنطق ولتكن مصلحة الوطن فوق كل شي ... والله من وراء القصد.

gammalko@hotmail.com


في السبت 05 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 07:12:14 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=12203