في انتظار صلاة
عبد الملك الجهمي
عبد الملك الجهمي

حين لا تستطيع الذهاب إلى حيث تبغي

ولا تستطيع المعيشة كيف تريد

حين تضطر في أغلب الوقت أن تتعامل مع ما يريدون منك

وما ينبغي لك

ولا وقت عندك كي تتعامل مع ما تريد

لست حرًا إذن

ولا ابن حرة

ويصبح بيتك

غرفتك المظلمة

مكتبك الفخم

ورشة شغلك

حقلك

سجن وزنزانة وقيود

حين تعمل كل النهار وجزءًا من الليل

من أجل لقمة خبز

وشربة ماء

وساعة ضوء

حين لا تجد الوقت كي تتفرس في وجه طفلك

كيما تعانقه وتقول له كم تحبه

وتسأله كيف قضى نهاره

حين لا وقت كيما تغازل زوجَك

وتهمس في أذنها, هي أيضًا: أحبكْ

يصبح عيشك موتا

تتخلى عن المرء فيك

وتصبح

شيئًا

بهيمة

ويهون عليك فراقك أحلامَك السابقات

ويحك!

من أجل ماذا؟

أمن أجل كسرة خبز

وأي حياة

حين تمرض

أو يمرض ابنك

بنتك

زوجك

والدك الكهل

في البيت

إن كنت تملك بيتًا

وبعد قيل يموت

وإن نقلوه لمشفى حقير

وإن أسعفوه ... يموت

الفقر والموت صنوان

وقد وضعوا لحياتك سعرًا

ومثلك لا يستطيع الشراء

ما ينفع الطب حين يعز الدواء

وما ثم إلا الصراخ

فاصرخ

أنت الذي ظللت عمرك كالصخر صمتًا

تألم

سيان إن قلت: آه

وإن قلت: عاش الرئيس

اصرخ ولو لثوان

فسوف تموت

حين تدخل حربًا

لأن الذي يملك الأمر قال ادخلوها

فحربك من أجل زيد

وسلمك من أجل عمرو

وبينها أنت مثل الجدار

لا رأي لك

آلة أنت للموت

تهلك

تفتك

تسفك

لا تبالي

ولا يتحرك جفناك

حين تنظف أطراف ثوبك

ويلك

مما بها من بقايا دماء أخيك

التي سفكتها يداك

أنت تعرف أنك لست شجاعًا

ولو منحوك وسام الشجاعة

ولا التهم الملصقات على جبهات ضحاياك

تمنحك النوم

وتخفي ملامح أصحابها من خيالك

هذا إذا لم يكونوا اشتروا منك كل ضميرك

وداسوا عليه

تمامًا كما هم يدوسون في كل يوم عليك

حين تصبح كل البلاد رهينة رغبة فرد

وتهون علينا كرامة أنفسنا

وكرامة هذا التراب

تغشى البلاد سحابة حزن

وفترة حيرة

تتصارع في كل أرجائها المقدرات

تتنازعها رغبتا الليل والصبح

والفجر أوشك

لكنه لم يصل

ولما يحن بعد وقت الصلاة

وكيف نصلي وأين ومن سيصلي؟

هل نحن حقا حريصون أن لا نفوتها؟

نظيفون بعد ثلاثين عامًا من العهر

كيما تصح؟


في الأحد 07 أغسطس-آب 2011 03:27:01 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=11250