عندما تتحول عدن الجميلة إلى دماء
بقلم/ أديب السيد
نشر منذ: 13 سنة و 4 أسابيع
الأحد 27 فبراير-شباط 2011 07:50 م

لا تزال التظاهرات العارمة اليوم تخرج في أنحاء المحافظات الجنوبية بشكل كبير وخاصة في محافظات عدن ولحج التي وبرغم الحصار الشديد يخرج أبناؤها في المسيرات السلمية ليتعرضوا للقتل والجرح والاعتقال والتشريد دون توفير الحماية المطلوبة لهم للتعبير عن مطالبهم بالطرق السلمية..

والفرق الجلي بين المظاهرات الجنوبية والشمالية أن هناك توجيهات رئاسية بحماية تظاهرات الشمال بينما يتعرض المتظاهرون الجنوبيون إلى أبشع جرائم القتل والقمع والاعتقال.

ومن خلال المشاهد والصور الذي بثتها وسائل الإعلام عبر الانترنت يشاهد فضائع القتل البشع الذي تعرض له أبناء محافظة عدن خلال خروجهم في مسيراتهم السلمية, الجمعة 25/2/2011.

عدن المحافظة التي صمتت على كل ما جرى فيها من نهب وبطش وطمس لمعالمها وتهميش لأبنائها تقابل بالقتل البشع ويقتل شبابها الذين ظلوا صامتين أملا منهم في أن تراجع العصابات تصرفاتها ومواقفها التي لم تبقي ولم تذر لأبناء عدن والجنوب شيئا..

لماذا يقتل أبناء عدن؟ لماذا تمارس بحقهم جرائم ضد الإنسانية مع أن تظاهراتهم وشعاراتهم هي نفس تظاهرات وشعارات أبناء صنعاء وتعز؟ ألا يرى الشماليون فداحة الجرائم التي تحدث في عدن والجنوب؟

بالله عليكم يا أبناء الشمال ألا ترون ما يحدث من عنصرية مقيتة حتى في الموت.. عنصرية الموت تمارس في الجنوب وفي عدن (الثغر الباسم ) التي حولها المجرمون إلى ثغر حزين بائس.

هل يدرك المثقفون والإعلاميون من أبناء المحافظات الشمالية الفرق الواضح بين أن تكون شماليا وبين أن تكون جنوبيا, وبين أن يتم توفير الحماية لتظاهرات الشمال بينما يقتل المتظاهرون في عدن بصورة بشعة لا تقل عن الجرائم التي يرتكبها المرتزقة في ليبيا؟.

إن ما يحدث اليوم في عدن لن يكون له تفسير إلا أن القتل بالهوية وممارسة العنصرية هي من جعلت أصوات الجنوبيين ترتفع عاليا للمطالبة بفك الارتباط بعد صمت أبناء الشمال على ما يتعرض له الجنوبيون من قتل مستمر منذ خمسة أعوام بل منذ حرب صيف 94 م التي استباحت الجنوب أرضا وعرضا وكرامة.

ومما لا شك فيه, أن يتم الصمت تجاه تلك الجرائم التي يرتكبها النظام في عدن, وهي الجرائم التي تهون أمامها كل المطالب والشعارات التي يتحجج كثير من الشماليين أن أبناء الجنوب يرفعونها في تظاهراتهم لم تكن يوما الشعارات والمطالب الانفصالية أغلى من دماء وأرواح من يقتلون بدم بارد على ساحات عدن المسالمة ولم تكن يوما الحجج الواهية حلا لجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب منذ خمس سنوات في عدن والجنوب. فالدم أغلى من كل شيء بل إن الدم أقدس من الكعبة المشرفة التي يؤمها الملايين للحج والتقرب بها إلى الله.

في الحقيقة إن تضامن جهات من أبناء الشمال مع أبناء عدن والجنوب شيء رائع, لكن الأروع والأجمل أن يتفهم أبناء الشمال لماذا لجأ أبناء الجنوب إلى رفع شعارات الانفصال وفك الارتباط بعد أن صمتوا زهاء أربع سنوات متتالية تجاه الجرائم والقتل الذي تعرض له الجنوبيون خلال تلك الفترة.

إن تخوف الشماليين من الشعارات التي يرفعها الجنوبيون فعلا غير مبرر؛ لأن الوحدة هي ملك الجنوبيين الذي قدموا دولتهم وأغلى ما يملكونه من أجل تلك الوحدة وكذلك مستقبل أولادهم الذي أضحى مستقبلا قاتما ومجهولا. فعلى أبناء الشمال أن يدركوا جيدا أن استمرار بقاء النظام الحالي سيحقق للجنوبيين مطلب الانفصال, وإن زواله قد يضع حدا لتلك الدعوات الانفصالية, وقد تكون هناك حلول وسطية لحل المشكلة التي تعتبر المشكلة الأساسية التي وبدون حلها يستحيل استقرار اليمن أو المنطقة بشكل عام.