آخر الاخبار

بعد مغادرة رئيس مجلس القيادة الرئاسي لمحافظة مأرب بساعات .. الإعلام الإيراني والحوثي يرفع لهجة التهديد للسعودية ويتوعد باستهداف الأهداف الاستراتيجية وزير الأوقاف يتفقد أسطولا حديثا من الباصات ستقوم بنقل حجاج بلادنا بين المشاعر المقدسة تقارير تؤكد تحرك اتحاد جدة للبحث عن بديل محمد صلاح بعد انتكاسة التعاقد معه أول الجامعات الأمريكية العريقة تخضع لمطالب الحركة الطلابية المؤيدة لفلسطين النائب العليمي: سنظل اوفياء لتضحيات وبطولات مأرب حتى انتصار الجمهورية واستعادة الدولة سلما أو حربا تسجيل أكبر تراجع للريال اليمني في مناطق الحكومة الشرعية اليوم.. أسعار الصرف الآن إثارة منتظرة في مباراة الإياب بين ريال مدريد وبايرن ميونخ استباقا لتصعيد عسكري قادم.. الحوثي يتفاخر بمخزون استراتيجي من الأسلحة يفوق المتوقع وقيادي آخر يقول ''أن العالم سيشاهد أفلام الأكشن الحقيقية'' مركز دراسات ينشر توقعاته حول كيف سيكون مستقبل اليمن؟ المحافظات المتوقع أن تشهد هطول أمطار غزيرة خلال الساعات القادمة.. والإنذار المبكر يوجه عدة تحذيرات

الحوار عندنا لم يُفعَّل
بقلم/ د.عائض القرني
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و يومين
الإثنين 28 يونيو-حزيران 2010 06:14 م

شاركت كغيري في حضور بعض لقاءات مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وقد استبشرنا كلنا خيرا بهذه اللقاءات، وظننا أنها ستترجم إلى أرض الواقع، وتنتقل من خطابات شفوية وتوصيات عامة إلى عمل ميداني على مذهب: «الميدان يا حميدان»، ولكن مرت سنوات ولا تزال هذه اللقاءات تنتهي بتوصيات شفوية أشبه بتوصيات مجلس التعاون والجامعة العربية التي تكرر دائما هذه العبارة القوية العظيمة المفزعة الهائلة وهي: (يجب على إيران أن تنسحب من جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، أتلمَّس أثر الحوار الوطني في المجالس والمدارس والجامعات والمساجد والأندية والأحياء، فلا أجد أثرا، لقد شبع الناس من الكلام، يريدون أعمالا لا أقوالا، وإصلاحات لا تصريحات، لماذا لا يدخل الحوار الوطني مادة الحوار في المدارس والجامعات؟ لماذا لا يُنشأ معهدٌ لهذا الخصوص؟ لماذا لا يعرض الحوار في خطب الجمعة والدروس العامة؟ لماذا لم يقم الإعلام بحملة قوية لتفهيم الناس وتثقيفهم بأساليب الحوار؟ لماذا لم تُطبع كتب في هذا الباب؟ لماذا لم تُنشأ نوادٍ في المدن والقرى والأرياف تعلم الناس فن الحوار؟

نحن في الحوار ما زلنا في «أولى ابتدائي» نحتاج إلى سنوات طويلة لتعلم هذا الفن والعمل به، وممارسته كخُلق وثقافة، نحن ما زلنا نتفاهم بالعصا والمشعاب والعجراء والهراوة والملاكمة والعض والنهش والرفس والشتم والسب، واستعداء السلطة والجمهور، سنوات على الحوار الوطني ولم ألاحظ أي تغيّر في تعاملنا؛ فبعض الأساتذة يُضربون من الطلاب ضرب غرائب الإبل، وشاب رفس أمه حتى ماتت، وفتى عنيد مريد قتل أباه بالمسدس، وزوج شرير فاجر كسر ضلعين لزوجته وشج رأسها، وشيخ قبيلة يرفض آراء كل القبيلة ويجبرهم على رأيه فحسب، ومدير مدرسة حوّل المدرسة إلى ثكنة عسكرية وكأنه ضابط من ضباط الكوماندوز، وخطيب جمعة يهدد ويتوعد العُصاة ويتربص بهم الدوائر، وكاتب يجلد الناجحين بقلمه كل يوم، وصياح وصراخ وزعيق ونعيق ونهيق في النوادي والمجالس، نحن لا نحتاج إلى مزيد من المؤتمرات واللقاءات والتوصيات، نحن نريد عملا مثمرا، وأثرا ملموسا نعيشه ونلمسه ونحسُّه ليغيّر من حياتنا الصاخبة الهائجة المائجة إلى حياة حوار وأمن وسكينة وحب وسلام.

إن الشريعة الإسلامية مليئة بنصوص الحوار، والمجادلة بالتي هي أحسن، والرفق واللين، ولكنها تبقى نصوصا محفوظة لا ننتفع بها ما لم نفعِّلها في حياتنا، آمل أن نسحب من قاموس حياتنا كلمات التهديد والوعيد والتنديد، والعذاب الشديد، والبطش الأكيد لمن خالفنا، نحن نحمل غضبات مضرية جوفاء، ولكننا لم نقتل ذبابا، نحن بحاجة إلى صوت هادئ، ودليل مقنع، وحجة واضحة، وحوار بنّاء، فقد تعبنا من النهر والزجر والتوبيخ والتعنيف الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، إن العظماء قوتهم في عقولهم، وحجتهم في أفكارهم، وإنجازاتهم في أعمالهم، وإن الأغبياء والحمقى أدلتهم في عضلاتهم، وبراهينهم في صراخهم، وآثارهم لا تتجاوز حناجرهم، قال الله تعالى في البلداء الفاشلين الساقطين الذين عطلوا التفكير، وألغوا العقل، وردوا الحق، وصرخوا في وجه البيّنة: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ)، الأمم الناجحة يَقِلُّ كلامها، وتسمو أخلاقها، ويهدأ غضبها، ويتلاشى صراخها، والأمم الفاشلة كالطبل الأجوف صوت ولا أثر، وكالمزمار الأخرق نغمة بلا صدى، وكالبالون المنفوخ بهرج بلا قيمة.