تعز .. والأمن المفقود والخدمات المغيبة
بقلم/ محمد الحذيفي
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 14 يوماً
الثلاثاء 13 إبريل-نيسان 2010 11:06 ص

كان الإنسان في العقود القريبة يبحث عن عوامل البقاء والاستقرار ومن هذه العوامل الأمن والخدمات الضرورية لحياة الإنسان ويرحل إليها ويستقر حيثما وجدت تلك العوامل أو بعض منها كما كان يفعل ساكنو الريف حيث كانوا يرحلون إلي المدينة لأن فيها من تلك العوامل ما يغري الإنسان للسفر أو الهجرة إليها أما اليوم وخاصة في مدينة تعز فقد انقلبت هذه القاعدة كليا فبدلا من نزوح ساكني الريف إلى مدينة تعز أصبح ساكنو مدينة تعز يفكرون بالنزوح إلى الأرياف بحثا عن عوامل البقاء والاستقرار من الأمن والخدمات الضرورية لحياتهم اليومية فالأمن في مدينة تعز شبه مفقود إن لم يكن مفقودا بالمرة المسلحون يتمنطقون بأسلحتهم شوارع المدينة ليلى نهارا ويرعبون الناس في وضح النهار وأصبحت تتكون ما يسمى ( بالشلل ) بكسر الشين أي جماعات فأصبحت تسمع عن تبادل إطلاق النار هنا وإطلاق نار هناك ومطاردة هنا ومطاردة هناك وقتل فلان وجرح فلان من الناس الغلابة وكأننا نسمع عن أفلام هوليود أنتقل تطبيقها إلى هذه المدينة الحالمة بحيث أصبح الواحد من أبناء هذه المدينة ينتظر رصاصة طائشة من هنا أو رصاصة من هناك وفي أي وقت .

وكذلك ظاهرة نهب الأراضي والسطو عليها وإزهاق الأرواح فيها وعين عينك يا تاجر والأمن لا يتواجد إلا عندما يكن هناك جباية ضرائب أو زكاة أو واجبات أو تحصيل مالي وإذا ما اجتهد بعض مدراء الأمن وأفرادهم في إلقاء القبض على مطلوب هنا أو مطلوب هناك سرعان ما تتدخل الوساطة لإخراجه , وأصبحت تعز وكأنها إقطاعيات قطاع الشيخ فلان وقطاع الشيخ علان وهكذا دواليك وأنت يا مواطن ما عليك إلا أن تتحمل الرعب أو ترحل مما جعل هذا المواطن عاجزا عن فعل أي شيء سوى التفكير في الرحيل من هذه المدينة

ولأعجز من ذلك السلطات المحلية فعندما تسمع لبعض مسئولي السلطة المحلية وهم يشكون حالهم ويشكون الانفلات الأمني تصاب بالدهشة وبالحيرة أكثر هل وصلت مدينة تعز مدينة الثقافة والعلم والفكر إلى هذا المستوى من اللاوعي ومن اللاعقلانية ومن عجز مسئوليها في الحفاظ على طابعا المدني السلمي ؟ أم أريد لها هذا ؟ كي تصبح مشلولة وعاجزة عن التأثير في أي فعل سياسي قادم أو في صناعة أي تحول نحو الأفضل  

أما الخدمات الضرورية لحياة الإنسان من مياه وكهرباء وصحة ومشاريع طرقات فهذه أصبحت شبه مغيبة إن لم تكن مغيبة بالمرة بقصد أو بدون قصد من قبل من غيبها , المياه لا يتحصل عليها أبناء هذه المدينة إلا على تمام الشهر إن لم يزد في أغلب الأحيان على ذلك بعشرة أيام 

والكهرباء كثرة انقطاعاتها جعلت الناس يتذكرون الفوانيس بخير ويعودن إليها عدا في هذه الفترة الأخيرة من الأسبوعين الماضيين شعر الناس بتحسن ملموس نوع ما في الكهرباء وهنا يجب أن يوجه الشكر لوزير الكهرباء عن هذا التحسن لأنه وفى ببعض ما وعد به عند زيارته الأخيرة لمدينة تعز وهذا يحسب له فعلا إذا استمر الوضع علي هذا الحال ولم يتغير بعد الانتهاء من احتفالاتنا بالعيد الثاني والعشرين من مايو عيد الوحدة المباركة والذي سيقام في هذه المدينة الغراء

أما الطرقات فشوارع المدينة أغلبها إن لم يكن معظمها محفورة والأتربة تطغى عليها والمجاري طافحة في معظم شوارع المدنية ولا أدل على ذلك شارع وادي القاضي الذي أصبح فضيحة السلطة المحلية والمجالس المحلية ثلاث سنوات تزيد قليلا أو تنقص وهو على حاله وغيره من الشوارع كثر وبحيث نكون منصفين بدأت وتيرة العمل في إصلاح وترقيع الشوارع ترتفع في هذا الشهر شهر إبريل وذلك مع اقتراب أعياد الثاني والعشرين من مايو والتي ستقام كما أسلفنا في هذه المحافظة المنكوبة وبدأ الناس يتداولون أمنياتهم بأن تكون كل أعياد الثورة عندهم في تعز كي يحسوا بخدمات الدولة ويعزفوا عن فكرة النزوح والهجرة العكسية إلى الأرياف

هذا بعض ما في مدينة تعز فمتى سيتدارك العقلاء هذا التدهور الخطير وسيعيدون لهذه المدينة تألقها الحضاري وإشعاعها العلمي والفكري وسيعيدون لهذه المدينة بعضا من مكانتها في صناعة التأريخ السياسي الحديث وفي صناعة التحولات السياسية لليمن السعيد وفي صناعة النخب والوعي لدى الآخرين وكذلك في صناعة الحدث والفعل السياسي العام .