صَفْعَةٌ مُؤلِمَةٌ فِي وُجُوهِ الإنْقِلابِيِّن!!
بقلم/ محامي/احمد محمد نعمان مرشد
نشر منذ: 11 سنة و 3 أشهر و يومين
الأحد 23 ديسمبر-كانون الأول 2012 09:22 م

الانتخابات آلية ديمقراطية حضارية وطريقة سلمية .وجمهورية مصر قاعدة الوطن العربي في التحول الديمقراطي لكنها مليئة بالتناقضات والمناكفات الحزبية والسياسية وقد تبين لنا أخيرا ما لم نكن نتوقعه ولا خطر على بالنا ذلك أن المعارضة أي معارضة وفي أي بلد من بلدان العالم تعتبر هي الرقيب على سياسة الدولة ومخالفة الأنظمة واستبدادها وهدفها هو ترسيخ النظام والقانون وإصلاح الأوضاع وتداول السلطة بطرق ديمقراطية  سلمية وعبر انتخابات حرة ونزيهة بَيْدَ أن المعارضة المصرية كشفت للشعب المصري بل للعالم عن دمامة وجهها وقبيح فعالهِا وسوء تصرفاتها وارتباطها ببقايا فلول النظام السابق وعمالتها لجهات خارجية إسرائيلية وأمريكية وعربية ومد يدها إليها لجلب الأموال بهدف إثارة الفوضى وإقلاق السكينة وزعزعة الوضع والوقوف ضد قرارات الرئيس المنتخب من ثورة الشعب الدكتور( محمد مرسي) وذلك عبر ثورة مضادة تقودها من تُسمي نفسها بالمعارضة وجبهة الإنقاذ من بقايا الفلول أمثال محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي واحمد الزند وغيرهم وهؤلاء جميعا ممن يقودون المظاهرات لإسقاط الإعلان الدستوري وإلغاء الاستفتاء على الدستور وإسقاط الرئيس المنتخب ويعتدون على مقرات حزب الحرية والعدالة بنهبها وسرقت محتوياتها وحرقها وتأجيج الفتن هم من أركان نظام المخلوع (مبارك) فهل يتوقع الشعب الخير ممن دمر اقتصاد مصر وقتل شبابها وسجن أحرارها  وتآمر على القضية الفلسطينية وأغلق معبر رفح في وجه الغزاوين ؟ فمن كان هذا حالهم كيف يُستجاب لهم ؟الم تكن ثورة 25يناير هي التي أنجبت الرئيس (مرسي) عبر الصناديق بانتخابات حرة ونزيهة لأول مرة تحدث في مصر عبر تاريخها القديم والحديث ؟

وقد استخدم الرئيس صلاحيته في إصدار الإعلان الدستوري والدعوى إلى الاستفتاء على مشروع الدستور الذي صاغته جمعية تأسيسية مكونة من كبار المستشارين ورجال القانون والأكاديميين والسياسيين الذين لا ينتمون لحزب بعينه وإنما تم اختيارهم توافقيا من قبل السلطة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني لاسيما وان الدولة تعيش بلا دستور ولا مجلس تشريعي فاستخدم الرئيس صلاحيته باعتباره رئيس دولة له سلطة سيادية لاسيما في هذه الظروف الاستثنائية فاصدر الإعلان الدستوري المتضمن عددا من المواد منها (إقالة النائب العام وإعادة محاكمة قتلة الثوار وفق أدلة جديدة وتحصين قراراته من الإلغاء) وهذا الإعلان اقتضته الضرورة الملحة استجابة لمطالب شباب الثورة وتطبيقا لأهدافها كما يُنظر إليه من حيث مصلحة الدولة العليا لا من زاوية أخرى ضيقة هذا بالإضافة إلى تحرر الرئيس من الازدواجية التي كانت بين القرارات العسكرية والقرارات المدنية ومع كل هذه الأسباب الشرعية والأهداف السامية والاعتبارات المنطقية فقد جُنّ الأذناب والأذيال والعملاء من بقايا النظام السابق فدعوا إلى مظاهرات في الشوارع ومسيرات إلى قصر الاتحادية الرئاسي بهدف إسقاط الإعلان الدستوري وبعضهم من المغفلين دعا إلى إسقاط الرئيس المنتخب الذي لم يمضي على انتخابه سوى بضعة أشهر مع أن مدة رئاسته 4سنوات وظهر جليا للعيان أن هؤلاء لا يزالون يعيشون بنفس سلوك الرئيس المخلوع (مبارك) وفي بلد مليء بالعملاء والخونة فلا يصدر قرار رئاسي وإلا ويقوم المأجورون بالتشكيك فيه وطلب إسقاطه ويتعاملون مع هذه القرارات وكأنها صادرة من رئيس مؤقت يجب الإطاحة به في أي وقت شاءوا وتصورهم هذا ينم عن غباء في السياسة وعمالة مع الأعداء وعدم انتماء إلى الوطن لان الرئاسة المصرية اليوم لم تعد ملكا لحزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس ولا للإخوان ولا لأي جهة أو حزب وإنما للشعب المصري صاحب التجربة الديمقراطية التي جاءت بالرئيس (مرسي) على عرش مصر رئيسا لكل المصريين فهل يريد الليبراليون واليساريون أن يتنصل الرئيس من حركة الإخوان العالمية ؟

فان كانوا يطمحون إلى ذلك فهم مغفلون لان أي رئيس في العالم لا يصل إلى هذا المنصب إلا عبر حزبه فالرئيس الأمريكي (أوباما) أوصله الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه إلى منصبه ولم يتنصل منه وكل ما يهمنا هنا هو أن المعارضة المصرية جمعت بين المتناقضات فهي لا تريد إعلان دستوري ولا استفتاء على مشروع الدستور وتزعم أن الرئيس دكتاتور وتدعي الثورية في نفس الوقت ونستشف من هذه التناقضات أنها لا تريد سوى تدمير مصر وخرابها وإدخالها في دوامة لا خروج منها لكن الرئيس المصري المميز بالذكاء والحنكة استجاب للمعارضة طلباتها وأوقف العمل بالإعلان الدستوري واصدر إعلان دستوري آخر و دعا إلى استفتاء على مشروع الدستور بعد 15يوما من تاريخ دعوة الشعب إلى ذلك وعلى جولتين الأولى في 15/12 والثانية في 22/12/2012م وبعد مظاهرات وفوضى قادتها المعارضة ثم أعلنت لمناصريها بالتصويت (بلا للدستور) لكن الشعب المصري الحر خيب آمال العملاء وانتصر للثورة والحرية وفاز المصوتون (بنعم للدستور) بنسبة 57% بالجولة الأولى في عشر محافظات وهي التي يتواجد فيها المؤيدون للمعارضة وقد أظهرت نتائج الجولة الثانية فوزا ساحقا ونجاحا كبيرا مشرفا حيث صوت بنعم للدستور 70% بالجولة الثانية في 17محافظة وكان إعلان الجولة الأولى بمثابة صفعة مؤلمة ولكمة قاسية في وجوه الانقلابين والعلمانيين ثم كان أيضا إعلان نتيجة الجولة الثانية يمثل الصاعقة الكبرى حيث أصبحوا يتخبطون كالذي يتخبطه الشيطان من المس ويشككون بصحة النتائج بَيْدَ أن الشعب لم يعد يصدقهم لعمالتهم وانتمائهم لغير الوطن وقد مثل نجاح الاستفتاء على الدستور انتصارا ونجاحا لأحرار مصر وللحرية والعدالة والديمقراطية وحري بالمعارضة أن تفهم أن فكرة الحشد والحشد المغاير ليس كله يمثل الديمقراطية فكيف يكون ديكتاتورياً من يقتص للثوار ؟وكيف ينتمي للثورة من يريد بقاء النائب العام السابق عبد المجيد محمود الذي أخفى أدلة إدانة المتهمين في قتل الثوار ؟وكيف ينتمي للثورة من يعترض على الاقتصاص لهم من قاتليهم ؟

وكان الرئيس (مرسي) قد حرص على إخراج النائب العام بماء وجهه مكرما حيث عينه سابقا في منصب سياسي سفيرا لجمهورية مصر لدى دولة الفاتيكان لكنه رفض ذلك وأبا إلا أن يخرج من منصبه ذليلا حقيرا مهانا ومن لم يكرم نفسه كرها يهان. وخلال الشهور القليلة الماضية حقق الرئيس انتصارا عظيما لفلسطين ولمصر وللأمة العربية حيث انتصر لغزة وأوقف الحرب الإسرائيلية المدمرة ضدها لكن ما يؤسف له ويهين أصحابه هو ذلك الكلام المبتذل الرخيص الذي يتقول به الإنقلابيون ضد الرئيس وجماعة الإخوان لاسيما وان هذه الجماعة تعتبر ضمير الشعب المصري الحر وأوردته النابضة بالحياة فهم أكثر أدبا وعلما وأخلاقا ووطنية وتسيساً من غيرهم من الأحزاب الأخرى فقد تحلى حزب الحرية والعدالة بالصبر في مواجهة الاعتداءات على أكثر من 25 مقرا في مختلف المحافظات ومع ذلك وجه أنصاره بعدم رد الفعل من اجل مصر واستقرارها وتهدئة الأوضاع فيها فالشعب المصري لم يعطي الثقة للإخوان بفوزهم في الانتخابات المختلفة إلا لأنهم ناضلوا من اجل تحرير مصر 80 عاما وأودع بعض قيادتهم السجون واستشهد البعض الأخر وحُضرت جماعتهم من العمل السياسي فهل يظن الانقلابيون أنهم سيسقطون الرئيس الشرعي المنتخب بكل هذه البساطة ويسقطون النظام الشرعي ويعيدون النظام السابق إلى الحكم ؟ فهذه أضغاث أحلام لأن الإسلاميين قوة عظيمة لا يستهان بها والشعوب العربية الثائرة أعطتهم الثقة في حكمها بعد غياب طويل.