آخر الاخبار

النجم ميسي يحقق 3 أرقام قياسية ويقود إنتر ميامي لاكتساح نيويورك ريد بولز بسداسية بحضور قيادات بارزة … مكتب الاوقاف بمأرب يكرم الدفعة الاولى من الحافظات والحافظين المجازين بالسند المتصل للنبي فوز تاريخي وغير مسبوق .. أول عمدة مسلم في لندن يفوز بولاية ثالثة وانتكاسة كبيرة للمحافظين بالانتخابات حرب المظاهرات الجامعية يشتعل وبقوة وجامعات جديدة حول العالم تنضم إلى الحراك الطلابي المناصر لغزة روسيا تقلب موازين المعارك وتعلن التقدم والسيطرة وقرية أوكرانية تتحول لأنقاض مع فرار سكانها من التقدم الروسي تفاصيل فضيحة ثانية تهز ألمانيا في اختراق 6 آلاف اجتماع أمني للجيش حرب ومعارك طاحنة في السودان والجيش يشعل مواجهات غير مسبوقة شمال الخرطوم لقطع إمدادات الدعم الصحة السعودية تكشف عن آخر مستجدات واقعة التسمم في الرياض رسميًا.. ريال مدريد يحصد لقب الدوري الإسباني لهذا الموسم السنوار يتحدث للمرة الأولى عن صفقة الهدنة المقترحة في غزة

الكويت.. المقبرة في الوطن الثلاجة!
بقلم/ علي ربيع
نشر منذ: 12 سنة و 3 أسابيع و يومين
الثلاثاء 10 إبريل-نيسان 2012 03:45 م

في هذه البلاد يبدو أنه ليس أمامك سوى أن تموت أو تموت، المعنى ليس لغزاً، المعنى تشرحه طوارئ المستشفيات الحكومية ويفسره واقع الخدمات الصحية في اليمن الميمون بكل استفاضة مؤلمة، أينما يممت وجهك سيلفح وجهك وجع الحكايات، أيها اليمنيون الطيبون ماذا صنعتم بأنفسكم منذ نصف قرن ؟؟!! كيف سمحتم بسرقة أحلامكم ؟ كيف ضاعت أمانيكم الجميلة في وطن يهديكم الفرحة وليس القرحة؟

*مريضك يئن، صرخاته تخترق حاجز القلب، أينما يممت لا يوجد سرير، كل الأكف تدفعك إلى أنياب المستشفيات الخاصة الماصة، الموظف البسيط وغير الموظف، من سيحتمل دفع الكسور في الفاتورة الرشيقة الخفيفة كـ (نقم)! وكأنما ليس من سبيل سوى الصبر أو القبر!

*قادتني ظروف غالبية بني وطني الأسبوع الماضي إلى مستشفى الكويت الجامعي، منذ شهر وأخي الطالب الجامعي المتخرج تقوده قدمه المتعبة للفوز بسرير هناك لإجراء عملية جراحية ملحة، قلت لأخي فئران بيت أخيك غادرته خلال أشهر عجاف، الكويت الجامعي مستشفى شبه مجاني، ومن صديق إلى صديق من أطباء المستشفى ظفر بالسرير أخيراً.

*خلتني في بومباي أو دلهي، لن أتكلم عن غرف الرقود، زنزانة بسرر ستة، ملاءات مهترئة، اعترتني الغصة وصمتي كان يعتذر لأخي، خمس هنديات وهندي في القسم، ويمني جاء لاحقاً، لم يكلف أحدهم نفسه بفحص إبرة التخدير التي كانوا قد طلبوا شراءها مع مستلزمات أخرى، كطير ذبيح انتفض قلبي، كانت الإبرة منتهية الصلاحية، صرخت فيهم وتلك الهندية تردد( مافي مشكلة مافي مشكلة).

*ليست مشكلة أن يموت أي أحد، في الأخير من يهتم؟! الموت في بلدي متوفر بكميات تجارية لا ينازعها أحد، كل الصيدليات المجاورة للمستشفى تبيع نفس الإبرة المنتهية، من يهتم؟! لا الصحة ولا وزيرها ولا الرقابة ولا الصيدلي ولا حتى تلك الهندية الخمسينية البائسة، الضمير في إجازة مفتوحة وبمرتب مرتفع، قالوا ماتت قبل أسبوعين امرأة إثر عملية، قيل بسبب خطأ طبي، وقال الأطباء قضاء وقدر، قلتُ إنها الإبرة ولاغير، وربما القضاء، من يهتم؟؟!

*ألبسوه السماوي المتهالك الخيوط، وحافياً ساقوه إلى جناح الملثمين الخضر، ظهر الجرّاح قال: ألغيت العملية، ناقوس الاجتماع يدعو كل من في المستشفى، وهناك إضراب قادم، حاولْ أن تقنع الفريق الطبي للبقاء إن استطعت وسأجري العملية. من يقنع من؟؟ آآآآآخ من وطن لا يعرفنا إلا أننا (بنو الموت خفّاق علينا) أمره.

* قالوا إن أهل مريض ـ جاءوا به ففاضت روحه قبل أن يدخل الطوارئ ـ صاحوا وناحوا، هددوا وأزبدوا بمعاقبة الأطباء، العزة بالإثم أخذت صقور العاملين في المستشفى وتلاهم الحمائم، بعضهم حملها سياسياً، يصرخون حياتنا في خطر، بعضهم أسقطها على أنها رسالة للمستشفى ولإدارته، قلت لبعضهم: أهل مريض مات، فقدوا عزيزاً تحت ظروف لا نعرفها، يصيحون يشتمون، وقد يهددون، في الأخير هم أهل فاجعة ولحظةٌ كالتي هم فيها لها سطوتها، لكنهم حين يهدأون وتجف العبرة، سيعرفون أنهم أخطأوا، أغرت وجهة نظري بعضهم لكن من يردع إرادة كانت قد قررت الاجتماع والإضراب، تاركةً أنين الأسرّة يغرق في بعضه يناجيه فقط صقيع الجدران.

*قال الجرّاح مواسياً عودوا بعد أسبوع وقررت في نفسي ألا نعود، هكذا إذن تذلنا مواجعنا، ماذا إن لم نجد نحن أو غيرنا البديل؟ الصبر أو القبر! تحاشيت بحزم ألا يرى أخي أطراف دمعة توشك، نسيت ملائكةُ الرحمة في الكويت الجامعي رسالتها، امرأة في لحظات مخاضها لم يلتفت لها أحد، طلبةٌ ومرافقون ومرضى وبؤس فاقع، وإداريون كثير، بيد أن الغلبة الهندية ظاهرة، أنْ يخرج مريضك من غرفة الجراحة بلا جراحة أمر يقتلك بغصته، لكن لا يأس، سنخوض التجربة في مستشفى آخر، وسنذرف من تعبنا ما ستخبئه لنا انتظارات الأسرة وإرادات المريدين.

 *تعبتُ، وليعذرني من يقرأ، التفتيش في كومة الصحة لا يكشف إلا عن روائح حزن ممتدة بامتداد الوجع اليمني، من يهتم؟! طبيبة يعصف بها المرض الخبيث، أطفال وكبار يقتات على أكبادهم غول الإهمال الطبي، هنودٌ وهنديات، وملايين الدولارات تذهب من جوار ممرضات وممرضين يمنيين متعاقدين أو عاطلين وهم بالآلاف في عموم الجمهورية، قال أحدٌ يشبهني: للهند صولتها وللعمولات دولتها ولنا الوجع المقيم منذ انفرط السد وحتى ما شاء القدر.

*ياوزير، يا غفير، يا مدير، يا رئيس، أحزابكم، مشائخكم، قبائلكم، عساكركم، يتنازعون على ثلاجة كبيرة للموتى وليس على وطن، فليحكمنا الليكود أو سعيد اليهودي، هل من المفروض أن نهتم؟!، فقط نريد تأميناً صحياً وخدمات طبية تليق بكرامتنا، ويا أهل الكويت الدولة، أرجوكم لم ييق من صدقة الكويت المستشفى سوى الاسم وأناشدكم الله أن تستردوه، لأنه لا يليق بمقبرة. والله حسبنا وعليه الركون.