الثورة في قبضة الدب الجبلي
بقلم/ محمود ياسين
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 05 يوليو-تموز 2011 04:37 م

أنا لم اكتب ضد الرئيس علي عبد الله صالح ليمرض ويورطنا على هذا النحو.

لم اكتب ليحصل البعض على نقود باسم الثورة ولم يكن حلمنا هو هذا الذي يحدث الآن من جلبه لم تتصاعد منها أي حداثة ولا يتواجد فيها سامي غالب.

كنت أظننا سنقود الجماهير إلى حالة تغيير جذري بالغ الجرأة نقوم فيه ببطح قيم التخلف على ظهرها وان يخرج فتيان اب بكامل حشرجتهم الوجودية كاسحين في طريقهم كل الذي كان يعذب مساءاتهم.

حلمت بمقولات وانتزاع مضامين وحماسة وزحمة ونهم جيل يفتقر إلى العقلانية ولا يدعي الواقعية أثناء عملية انتقام تاريخي من كل التفاهات التي أخرجته من دوار حياته . الانتقام من الوجل واللاجدوى – والانتقام من الكتب والتفكير الرعوي البخيل.

حلمت بدنيا تفرك يديها إزاء دنيا مارست الإذلال ضدنا على مدى عقود.

حلمت بتوهج حياتنا أثناء الثورة وإذا بي احصل على فؤاد دحابة.

علي عبد الله صالح مريض والسعودية تتلاعب بمصيرنا مستخدمة صحة الرئيس مثل ريموت كنترول. والولايات المتحدة تسعى لاتفاق والمشترك يسعى لاتفاق كذلك. ومحمد العلائي يبذل مجهودا خارقا ليجعل من أمر هذا الاتفاق ضرورة تاريخية.

محمد عاقل هذه الأيام لدرجة الرغبة في قتله ولدرجة التفكير في أن الإذعان للواقعية أكثر ما يهدد مصير بلادنا الذي يعوزه الحلم أكثر من أي شي آخر.

التعقل ليس نقيض الغوغائية بقدر ما هو وجل من الحلم.

وإذا ما الرابط بين هذا كله؟

كلما هنالك أنني قصدت المآل الغريب لحلم الثورة في زحمة من هذا النوع.

لقد تراجع الحلم فتحولت صحة الرئيس إلى مطرقة هائلة وكأنه إنما دخل غرفة العناية ليصبح أكثر خطورة.

الحالمون لا يحقدون على الرئيس. لذلك كان بوسعهم لو تواجدوا المرور بالثورة إلى جوار سرير الرجل المريض دون توريط البلاد في اقتسام تركته.

نوع من الناس الذين يفكرون في الأناقة وإنقاذ حياة الآخرين. إنهم الأكثر تقديرا للكتب وفهم واقتناص لحظات تاريخية معينة لدفع بلدانهم باتجاه مغاير . اتجاه غير تاريخي لكن محفز ومبتكر لديه طاقة استعلاء وتجاوز للمرض التاريخي ورموزه.

وكان بوسع الحالمين وحدهم تجاوز رموز القوى التقليدية التي تسعى الآن إلى تسوية وترضية دون ان يبدو ذلك التجاوز نفي وتصفية حساب أو حالة ضدية من نوع ما.

اسمع عبده الجندي وأقول يا الله كم إن جلبة الثورة قد تحولت إلى غوغائية جماعية.

وكأن ارتجال المعارضة يستمد مشروعية قبل الثورة من ارتجال الرئيس ضمن اتفاق ضمني على عدم حاجة احد لمشروع، وحينما تحول دماغ الرئيس في الرياض إلى مجرد نبضات على جهاز طب موصل بأسلاك، تحول الدماغ اليمني إلى غوغائية زمن جديد بأطراف ليست جديدة ولكن بغوغائية جديدة جعلت بعض مذيعي الفضائيات يفقدون صبرهم إزاء تصريحات الطرفين).

أنا لا أتناقض حين أدين الغوغائية والواقعية في آن ذلك أنهما يعملان معا هذه الأيام ضد الحلم التاريخي.

وأصبح على الكثيرين هنا لعب دور تروتسكي، المثقف المتعالي، إزاء ستالين الذي كان تروتسكي يسميه الدب الجبلي.

وحينما فتحوا وصية لينين كان ستالين مستعدا للقيام بأكبر عملية غوغائية عرفها التاريخ تهريجا وكلفة.

لقد بقى تروتسكي يتعالى بصمت فوقع مشروع العدالة الإنسانية الهائل في قبضة الدب الجبلي.

*المقال نشر في يومية "الأولى" اليمنية, السبت 2 يوليو.