هل زرت عرين الأسود 3-6
بقلم/ د شوقي الميموني
نشر منذ: سنتين و 7 أشهر و 26 يوماً
الأحد 01 أغسطس-آب 2021 05:18 م

 في بداية مقالي هذا وهو الثالث والأخير الذي اتحدث فيه عن زيارتنا لجبهات مراد، أحببت ان أوضح لكم ان ما أكتبه ليس لمجرد متعة قراءة قصص سردية لاحداث استثنائية فقط بل أحاول من خلال مقالاتي هذه أن أنقل لكم تجربة حية عشتها شخصيا ولامست أحداثها عن قرب وأعكس لكم صورة طبق الأصل لما يعيشه المرابطين في جبهات القتال وما يلاقونه من المعاناة والمشاق وكيف يبذلون ارواحهم ثمنا لكي يحمو العقيدة والدين والأرض والعرض، وما الأمن والأمان

والاستقرار والسكينة وراحة البال الذي يعيشه الناس في المناطق المحررة وخاصة محافظة مأرب الا بفضل الله ثم بفضل أولئك الأسود المرابطين في الصحاري والوديان وأعالي الجبال في مختلف الجبهات والثغور. نعود لسرد الأحداث الأخيرة من زيارتنا. كانت المهمة تتطلب مني التوجه لزيارة جبهة اخرى حسب جدول الزيارة الذي تم إعداده من قبل الفريق بمساعدة قائد الجبهة، كلف قائد الحبهة من يقلني الى وجهتي، تقدم الي أحد الأسود المكلف بنقلي دققت فيه، كان يلبس جاكيت صوف (نطلق عليه في صنعاء كرك) وشعره طويل جداً يتدلى من تحت الشال الذي يغطي رأسه، من خلال هيئته لو رآه أحد أفراد العدو لولى هاربا لا ينظر خلفه، وفي الطريق تجاذبت معه أطراف الحديث فإذا بي أجده شخصا واعيا مثقفا مدركا يناقش ويحلل ويحدد المشكلة واسبابها والحلول

اللازمة، يحمل قلب أسد لكنه في المقابل شاب لطيف ودود يؤلف بسهولة وهذا الأسد تقريباً صورة لكل الأسود المرابطين في تلك الجبهات. كانت الطريق أكثر وعورة من سابقتها حتى أنني من هول ما أشاهد كنت اقول في نفسي سنظطر للتوقف هنا ثم نصعد على الأقدام واذا بصاحبي منصور يصعد بالطقم يقوده بحرفية عالية كأن للطقم مخالب تتشبث بالصخور تحمله حتى يصل الى القمة، وصلنا الى مكان ما في تلك الجبهة ثم توقفنا، كانت الساعه في تلك اللحظة تشير الى الثالثة فجراً، كان في استقبالنا هناك قائد عام جبهات مراد العميد محمد احمد الحليسي حينما رئيته وجدت فيه اختصارا لتاريخ مراد سلمنا عليه وسلم علينا ورحب بنا وشكر القائمين على مؤسسة وطن لتبنيهم هذه المبادرة التي تعكس تلاحم المجتمع مع المقاتلين في الجبهات،

من خلال نقاشنا معه تجد في حديثه إباء وآنفة وإصرار شديد للقضاء على المشروع الإيراني في اليمن. توحهنا بعدها لمواقع الأسود كانت من اصعب الجبهات وعورة، حينما كنت أشاهد الجبال والوديان التي عليها مواقع الأسود (الخطوط الأمامية المواجهة للعدو مباشرة) كنت أقول في نفسي سبحان من أودع الصبر في قلوب هؤلاء ليواجهو الأعداء في ظل هذه التضاريس الشاقة والأجواء الممطرة الباردة، لكنه الله الذي هيئ هؤلا للدفاع عن الدين والوطن.

. اما الفريق الاخر المكلف بزيارة رحبه وبقثه وبلاد قيفه والمشيريف وغيرها من مواقع وجبهات الأسود هناك فحكايتهم مختلفة وتجربتهم مثيرة أكثر، فبعد إن افترقنا الليلة الماضية كانت رحلتهم شاقة لان الطريق أكثر تعقيدا ووعورة من الذي سرنا فيها، اظطرو للانتظار في منتصف الطريق لأن الوديان وَالشعاب أمامهم ملئت بالسيول المتدفقة من أعالي الجبال،ظلو في مدرسة كانت على طريقهم حتى صلاة الفجر بعد الصلاة واصلوا مسيرهم بصعوبة بالغة حتى وصلوا مركز مديرية رحبه ثم استقلوا الوسائل الخاصة المعدة لهم باتجاه المواقع الأمامية كانت المعارك في تلك المناطق مشتعلة ودخلوا في مناطق صعبة الاشتباكات فيها كانت مستمرة والرصاص عن يمينهم وشمالهم فاظطرو للنزول من الاطقم والمشي على الأقدام لقد عانوا معاناة شديدة حتى وصلوا الى المواقع الأمامية للأسود،

بدأو مباشرة بالتوزيع تحت المطر والرصاص، وبعد ان انتهو من التوزيع في جبهات رحبه توجهوا الى المواقع التي تقع في بلاد قيفه المشيريف وتفاجأو بأن اكثر المواقع هناك يصعب الوصول إليها الا عبر الوديان الممتلئة بالسيول فاضطروا لقطعها على أقدامهم والسيول تغمر اجزاء كبيرة من أجسامهم والعدو أمامهم لو لاحظهم لما تردد في إطلاق النار عليهم، كل هذا من أجل أن يوصلوا الرسالة التي بحوزتهم إلى الأسود في تلك الجبهات ويشعروهم أن المجتمع بكل فئاته واطيافه يقف خلفهم ويساندهم، بعد ما انهو مهمتهم بنجاح عادو كما ذهبوا من خلال الوديان المليئة بالسيول. بعد عصر ذلك اليوم توجهو إلى وادي بقثه كانت الطريق مثل سابقتها وكانت الاشتباكات مستمرة فترجلوا بعيدا وواصلوا طريقهم مشيا على الأقدام حتى وصلوا الى الأسود في المواقع الأمامية واوصلو رسالتهم وعادوا بسلامة الله الى المواقع الخلفية.

من المشاهدات التي شاهدوها في مديرية رحبه. شاهدوا بيت فخم مبني من الرخام سالوا من صاحب البيت؟ قالوا لشخص كان يدّعي انه المهدي المنتظر وأنه يتنزل عليه الوحي ولأن الحوثي يشجع مثل تلك الخرافات كان يعيش أيام سيطرة الحوثي في بيته ويمارس دجله وكذبه تحت حمايتهم ولما سيطرة قوات الجيش الوطني والقبائل المساندة لها على تلك المناطق فر هاربا إلى صنعاء. وشاهدوا أيضا منزل لا يقل فخامة عن الذي قبله فسالوا عن صاحبة قالو انه منزل مدير المديرية الحوثي أيضا بعد وصول قوات الشرعية فر مع صاحبه (المهدي المنتظر) ههههه الى صنعاء. من المواقف التي استوقفتني انه اذا نسينا أحد المرابطين ولم نصل اليه يرفض إخوانه المرابطين استلام هديتهم حتى يستلم صاحبهم. الموقف الثاني..

كنا راصدين لأحد الجبهات عدد معين من الظروف كل ظرف منها يعطى لمرابط واحد ( بداخل الظرف مبلغ عشرون الف) لكن وقت التوزيع اتضح أن اعداد الأسود في تلك الجبهة اكثر من عدد الظروف فاحترنا ماذا نعمل؟ قالو ليست مشكلة نجمع المبالغ التي في الظروف ثم نقسم المبلغ بيننا بالسوية، نفوس كبيرة (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) وهذه صفات قلما تجدها خارج رفاق السلاح. موقف آخر: في أحد الجبهات طلب الاسود من الفريق المكلف بالتوزيع اعطاء امرأة عجوز تسكن في بيت قريب من الجبهة مثل ما نعطيهم !

سالوهم لماذا؟ قالوا لأنها تصنع لهم الطعام يومياً من تلقاء نفسها فذهبو إليها واعطوها وشكروها. وفي الأخير ارجو من الله ان امون قد وفقت وانقل لكم جزأ مما يعيشة المرابطون في الجبهات خلال حياتهم اليومية، فان أصبت فمن الله وان أخطأت فمن نفسي. وصلى الله وسلم على نبينا محمد