شعبي العزيز!
بقلم/ محمود ياسين
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و يوم واحد
الأحد 24 إبريل-نيسان 2011 11:45 ص

من يكترث لأمر مدى نزاهة المتحدثين باسم الثورة- الناس بحاجة لانتصار وأن يجدوا نهاية محفزة لخروجهم إلى الشارع، إنهم يترقبون ليلى الشيخلي من قناة الجزيرة وهي تقرأ خبراً مشابهاً لخبر مغادرة الرئيس بن علي لتونس.

تبقى الابتذالات قادرة على مضايقة المشاركين في حلم نزاهة الثورة وقدرتها على إزاحة كل الأخطاء.. نوع من المثقفين الذين لا يريدون الآن فجيعة الناس بنموذج مثل توكل كرمان.

أي حديث نزيه عن توكل سيسبب خيبة أمل للنساء اللواتي أرسلن أزواجهن إلى الاستشهاد في سبيل الثورة.

عدد كبير جداً من الرجال الذين يحدقون في توكل بحالة من الإلهام سيرتبكون إذا ما قرأوا نقداً لاذعاً لمزاج توكل ومحاولتها إزاحة أي صوت قد يقاسمها عرش الثورة المؤثر.

ثم إن امتعاضنا من عروض توكل وهي تبدو مبحوحة الصوت بإصرار واعتقادنا أن هذه البحة مجرد تمثيل فذلك لن يترك إلا انطباعاً سيئاً لدى المغتربين الذين يحبون هذا النوع من آثار النضال ناهيك عن أن يكون هذا المناضل امرأة في مجتمع ذكوري.

شخصياً؛ لا أدري كيف أفصل بين تقييمي الشخصي لتوكل وجملة ما سمعته من امتعاض جماعي لدى الناشطين في ساحة التغيير، ومن زميلاتها وما يتردد أيضاً من اندفاعها اللاواعي دون مراعاة لشيء إلا لحقها الكامل في قيادة الثورة- لا أدري كيف أفصل بين ذلك كله وبين مراعاة الناس الذين يحترمون توكل دون أن يعرفوها عن قرب، وهل من الضروري إقناعهم أنه من المؤلم جداً لأحدنا أن يصبح مجرد شخص من "شعب توكل"، وهي تردد: "شعبي العزيز"؛ وكأنها الملكة أليزابيث.

توكل شجاعة للغاية، وهي قد أنجزت فارقاً كبيراً في قضية الجعاشن- ظهورها متوتر وصوتها مبحوح- وقد خرجت مع ثاني موجة احتجاج، وتعرضت للاعتقال، وتنظر إليها قناة الجزيرة على أنها قائد للثورة، واختارتها مجلة أمريكية كمرشحة لأحد الشخصيات العالمية المؤثرة، بالإضافة إلى أن أخي يتصل بي من السعودية ليأخذ رقمها ويتصل بأم الثورة.

غير أنها لا تمثل جيلنا، وليست ذلك النوع من النساء الملبيات لشروطنا المتطلبة للنزاهة الكاملة؛ إذ لا يوجد في هذا العالم نزاهة كاملة تماماً. وسيبقى الأمر في أنه ليس علينا مقاضاة علي عبدالله صالح بأي خطأ، أو بنصف خطأ، أو بقيادات ثورية تشكل مجلس أعلى للثورة، وتضع نفسها على رأس المجلس، وتعين زوجها وابنه ضمن هذا المجلس.

توكل دؤوبة، غير أنها مصممة على استيفاء كامل حقوقها الثورية مبكراً، وتظهر حرصاً مبالغاً فيه على استبعاد أي شريك في صورة الحلم الذي رسمته لنفسها في لحظة تاريخية استثنائية.

يحدث هذا كله في الثورات ولا أريد أن يستخدم الطرف الرسمي المستهدف من الثورة مقالتي هذه ضمن مشروع النيل من رموز الثورة- لقد أصبحت توكل رمزاً (يا للروعة).

يدور هذا الحديث عن توكل أثناء سقوط شهداء جدد.. فهل يؤجل أحدنا نقمته على قتلة المتظاهرين ليلفت عناية الناس إلى أن توكل ليست أم الثورة، ويلفت عناية المشترك إلى أنه ينبغي عليهم تغيير أنفسهم من خلال الثورة باعتبارها فرصة تاريخية ليست للخلاص من الرئيس ونظامه فقط، بقدر ما هي فرصة لأن تجد الكيانات طريقة لتطوير أدائها.

لم تحاول توكل الدفاع عن أي من الناشطات اللواتي رافقنها في النشاط الحقوقي، وتعرضن فيما بعد لانتهاكات مرعبة. ربما لأنها تسعى لإزاحة أي ناشطة ممتلئة ومثقفة قد يكون وجودها كاشفاً لحجم توكل الحقيقي.

لقد بدأنا نسمع أناساً يرددون: "أنا صنعت الثورة.. أنا أكثر تواجداً في الميدان"، حتى أن توكل، في مداخلتها الأخيرة لقناة الجزيرة، قد نوهت بإصرار إلى أنها موجودة في الساحة، ولا تغادرها إطلاقاً، وكان محمد الجرادي (الإعلامي)، الذي يصغر توكل بـ15عاماً، قد رد على قناة الجزيرة، التي اتصلت به على أنه قيادي في ساحة التغيير، رد قائلاً: أنا لست قائداً، أنا واحد من الشباب.