من رحم الشيخوخة نولد
بقلم/ حافظ امين نعمان الشجيفي
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 8 أيام
الإثنين 13 سبتمبر-أيلول 2010 08:17 م

من رحم الشيخوخة نولد الى بطون المقابر الموحشة مكفنين بالخوف والرهبة ..نجاور الموتى ونعيش معهم بالقرب منهم ..وكابوس الشخوخة يداهمنا فى كل مكان وزمان !!! لماذا نفكر فى الشيخوخة ؟الانها تشاطرنا العمر منذولادتنا ؟ ام لاننا نموت مبكرين برصاصة عادة,او قذيفة او بخيبة...

تهرم احلامنا فجاة..يتسرب اليها النعاس ولاتلقى مكانا تنام فيه الا النشيج المتكرر لرجع بعيد الئن احلامنا المبكرةلاتتسع لها الذاكر ةوتوزيع الاحلام الجائر يدعونا لان نتطفل على واحة احلام الاخرين ..ونسرق احلاما ليست لنا,ام اننا اعتقدنا ان بمقدورالمرء ان يقفز من الحلم الى الحقيقة على حبل مشدود من الالفاظ ببساطة دون مشيعين ..,قبرعلى هامش الحديقة ,باصدقاء متناثرين في الموت قبلنا او بالهجرة او حيطان المعتقلات, هكذا بلا ضجيج اوصخب ,سوى قليل من التراب المسكوب علينا وتنتهي القصة بعدالبسملة دون طيور بيضاءاوسوداء او زهور او نعوة مقتضبه في الصحف تحمل خبرنا للاهل والاولاد والاباء ,نكتب قصيدتنا الاخيرة !!!

هكذا تتطاير محتويات الذاكرة والقلب ..اذن لم تنفعنا القصائد التي قراناها باكرا على واحة الاحلام ,,ولم ينفعنا هذا البياض المبحلق فى اوج الحلم والمسافة لاتفصلنا عن شهيق متاخر,, نكتب رسائل الحنين لللاهل والاصدقاء ونبكي بشغف يسابق انفاسنا!

في البدء نركض نحو الحلم الجماعي ,نترك منعطفات الطرق ورائحة الشوق ,,وندون على احجارنا اللائذة بالشمس الاحرف الاولى من المحبة ,نقرا ,نعشق يغزونا الصبح الجميل ,يهدئ نقاشنا المحتدم .نهرب من العسكر نحو الدروب المهجورة لنوصله الى الطرقات التي تضج بالاقدام ,وننام حين يدعونا الامر في غرفة مساحتها ستة امتار مربعة يكسوا جدرانها الطحلب بتاثير رطوبة عتيقة ,,عشرة في احسن الاحوال او خمسة عشر اخرى ,,نتفقد بعضنا عند الظهيرة ,ونصنع قهوة بابريق الشاي ,وتدور الكاس الوحيدة على كل الشفاة الجميلة والبشعة الاننا هربنا الى حلمنا الفردي صرنا نفكر في الشيخوخة؟ ماذا ترانا نفعل بعد سنة؟سنواتنا القليلة الباقية بلا اصدقاء ولابيت صغير ولااحلام ولامسافات ولا عشق ولا ضجيج ,,ويعرش المرض علينا ,,انرفع علم الوباء كما فعل ماركيز فى ( الحب فى زمن الكوليرا)؟انخترق البحر ذهابا وايابا فى العشق ,ومن اين لنا بالمراكب والاشرعة التي تحملنا ,ومن اين لنا العشق والامان الصغير ,,,حتى الجداول تغدر بالعاشق فى هذا الوطن ,,والوطن كله امسى مقبرة تحت اقدامنا ,,وبقايا من رفات الموتى والقتلى,,واشباح تسكنه او وحوش ترتاد ادغاله ,ونحن يسابقنا العمر وتختصرنا الهموم بالتجاعيد والشيب ..ويصير عمر كل واحد منا طويلا في المكان وقصيرا فى الزمان ..

انظل بعد كل غصة بالماء او العرق او الخيبة نقول(لاحول ولاقوة الا بالله) لماذا يهرم النص الملئ بسير الهزائم والاحزان ,نصفنا الان يحمل

(الجهل,الرعب,البقية,الكرامة,العقم,الفراغ,الخطابة,الطبول,الظلام,الهجرة,المعتقل,الشيحوحة,الكفن)) الاننا هربنا من مواجهة محتملة لنغرق في مواجهات غير محتملة ,ونفكر بالشيخوخة والى النضج ,الى الشباب.لماذا لانولد شيوخا ثم نصغر في العمر من الشيخوخة الى النضج الى الشباب ونموت اطفالا ..الا يحدث نفس الشئ لدينا الان,.نولد شيوخا بلا حكمة ,ننظر للمجازر والمعتقلات ولكننا نموت اكثرشيخوخة وهذا هو الفارق,,فقط الا نولد شيوخا بلا حكمة ,سوى المجازر منذ المخاض ,,تحاصرنا المدافع والرصاص والسياط والدم والقبور ,,الضجة الاولى لسمعنا الذي لايلبث ان يشيخ, وحين نقدم الى العالم المسود المسدود بحكمة المجازر التي ترافقنا من المهد الى اللحد نرفض الولادة ونؤمن بالموت اكثر ممانؤمن بالحياة ونحن فيها,تقودنا الممرضات نحو اسرتنا المبعثرة بخمس مجازر او تزيد ولاننانملك الحكمة نبعثر الرصاص في الافق ,نقلب القنابل في جيوبنا ونلعب بها ككرة نتقاذفها بيننا ونخفي الجثث تحت الاسرة ونتعلم اللفظة الاولى في هذا العالم ((القتل)) نخلق فى هذا الوطن اما ملاحقين فى المخابئ واما مشردين في المنافي واما مقيدين خلف القضبان ,وهذه هي عناويننا التي نسكنها قبل ان نلتحق بالمقابر ..وحين نخلق في هذا الوطن للوهلة الاولى فليس لنا حق الصراخ ككل مواليد العالم الذين يخلقون وهم يتكلمون من المهد في غير هذا الوطن المقبرة وتظل افواهنا مكممة وحناجرنا مؤممة والستنا موثقة بوثاق السلطان وجنوده وجلاديه!!!!!!.