الدرويش ضحية جديدة لسيناريوهات القتل!!
بقلم/ شفيع العبد
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 14 يوماً
السبت 10 يوليو-تموز 2010 04:36 م

فاصلة اولى:

"الإنسان لم يخلق للهزيمة...الإنسان قد يُدمّر..ولكنه لا ينهزم"!!

ترفض سلطة الحرب والفيد وبعناد الأغبياء، وغطرسة المتكبرين، الاعتراف بأخطائها وجرائمها، والتوقف عنها وتحديداً في الجنوب، مستندة إلى نصرها المزيف الذي رسم معاناة أبناء الجنوب وجعلهم يصرخون عالياً رافضين الظلم والواقع الجديد المفروض عليهم بالقوة بعد فشل مشروع الوحدة الموءودة.

سلطة تمضي في غيها وغرورها المتشنج متأبطة القتل كما تتأبط راية هزيمتها السرمدية .. تتعاطاه ثقافة.. وتمارسه سلوكاً محبباً.. جعلها تعشق الدماء..وأصوات الرصاص.. وتقدس البيادات.. وفي أحضان المعسكرات المتناثرة في الجبال والوديان والمدن تجد نفسها وتشعر بوجودها ..وهناك ترتفع الأنخاب عالياً بموت الجميع!!.

ما حدث مؤخراً في حي السعادة بخور مكسر بعدن من مداهمات واعتقالات تحت ذريعة "القاعدة" التي جعلت منها السلطة مبرر لقتل الأبرياء والزج بهم في السجون وتعرضهم لشتى صنوف التعذيب، يميط اللثام أكثر عن مفاهيم هذه السلطة وحقيقة تعاملها مع الأبرياء.ولا يعدو كونه محاولة بائسة لإيجاد كبش فداء لتغطي به عورتها وفشلها إزاء عملية مداهمة الأمن السياسي بالتواهي في وضح النهار وما خلفتها من قتلى!!.

"احمد الدرويش" الشاب العشريني..قتلوه دون ذنب اقترفه..قتلوه من اجل اشباع غرائزهم وساديتهم المتلذذة بأوجاع الآخرين والمتعطشة للدماء..اخذوه من منزل احد جيرانه دون مسوغ قانوني..معتمدين على قانون القوة..ومسوغ الغطرسة والبلطجة.. اخذوه متمتعاً بكامل قواه العقلية والصحية والجسدية والنفسية..ضربوه ضرباً مبرحاً على مرأى ومسمع.. جعلوا من صدره هدفاً لأعقاب بنادقهم الطائشة..وأمعنوا في تعذيبه داخل السجن..ولم يكتفوا بذلك..لم يشفوا غليلهم المريض.. بالغوا في إيذاءه وتعذيبه..وليكملوا السيناريو على الوجه المطلوب..حقنوه بإبره..ليخلصوا منه.. لكنه لم يمت كما أرادوا لتختفي الحقيقة..فقبل ان يلفظ أنفاسه كشف المستور وما تعرض له وحكاية الحقنه لشقيقه"انور" الذي زاره وشاهد آثار التعذيب على جسده..وشاهد الدماء المصحوبة بمادة صفراء تخرج من فمه!!.

في حادثة الشهيد الدرويش تعددت أنواع الانتهاكات، بدءً من مداهمة المنازل دون حق والاعتقال خارج القانون.. والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية ..والتعذيب المفضي إلى الموت..و رفض تشريح الجثة وغيرها.. لقد مات الدرويش..وانظم إلى قافلة شهداء الجنوب..القافلة المفتوحة على مصراعيها لاستقبال المزيد في ظل ممارسات القمع والتنكيل، لكن موته لم يغيب الحقيقة كما صور لهم خيالهم المتعطش لمزيد من الدماء، حيث ارجعوا سبب موته إلى "الربو" الذي لم يكن مصاباً به!!.

بكل برود اعتقلوه..عذبوه..قتلوه..وجاءوا بثيران ومليون ريال ملطخ بقاذوراتهم.. ليحكّموا أولياء الدم الذين لن تعوضهم كنوز الدنيا عن ابنهم.

كان حرياً بهؤلاء المتسابقين لشراء الثيران وتجميع الأموال إن يستخدموا صلاحياتهم القانونية لكشف ملابسات الحادث وكشف الحقيقة وتقديم الجناة للقضاء لينالوا جزائهم الرادع..واعني هنا تحديداً محافظ عدن الدكتور عدنان الجفري الذي تقع عليه المسئولية الأكبر إزاء ما حدث وهو يعلم جيداً إن لا وجود لعناصر تنظيم القاعدة في حي السعادة وان من يقطن الحي هم أبناء الشهداء والمناضلين،والذين يسكنون منازل خشبية، او عشوائية وحفيت أقدامهم بحثاً عن حقهم في التوظيف والعمل، بينما من جاءوا إلى عدن بعد الحرب يملكون الفلل والعمارات والمساحات الشاسعة من الأراضي ويتبوءون المناصب!!.

هل يستطيع الجفري إن ينتصر لدماء الدرويش.. ويكشف عن الفاعلين الأصليين داخل أروقة الأمن بصورتيه "السياسي – العام" في الفعل المفضي إلى الموت؟؟. أم يمارس الصمت كغيره من ابناء الجنوب في سلطة الحرب والفيد إزاء ما يتعرض له أهلهم وناسهم؟؟.

تلك مجرد تساؤلات "سمجة" في واقع يكشف بؤس وعجز هؤلاء..

ولك ايها الدرويش الرحمة والمغفرة و انزلك الله منازل الأنبياء والصديقين والشهداء ولأهلك وذويك الصبر والسلوان..انا لله و انا إليه راجعون..ولا نامت أعين القتلة!!

فاصلة أخيرة:

في مقال الأسبوع الماضي "حكاية الطلاب الأربعة"، فاتني إن أشيد بدور المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية كمنظمة وحيدة وقفت إلى جانبهم من اللحظات الأولى حيث أصدرت بيان في تاريخ 14/11/2009م بناءً على الشكوى المقدمة من الطلاب بتاريخ 10/11/2009م. واعتذر للمنظمة والقائمين عليها على النسيان غير المقصود، كما اعبر عن أسفي للتعتيم الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام تجاه جهود هذه المنظمة التي تعمل جاهدة وفق إمكاناتها المتاحة لرصد الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان في الجنوب.