إيران .. العدو الخطأ
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 7 أيام
الثلاثاء 19 مايو 2009 09:50 م

"وجود غيران في صورة حزب الله على شاطيء البحر الأبيض المتوسط, رسالة واضحة للعالم الغربي ولإسرائيل ولمصر ولكل العرب (مفادها) نحن هنا وسنؤثر في مصالحكم, حزب الله كشف منذ أعوام عدة عن وجه تابع بالكامل للسياسات الإيرانية".

هذه تصريحات لوزير خارجية دولة كبيرة بحجمها البشري ومساحتها الجغرافية ومكانتها الإقليمية, طبعاً ليس الصهيوني المتطرف (ليبرمان) ولا الامريكية المتصهينة (كلينتون) ولا حتى البريطاني ولا حتى وزير خارجية جنوب أفريقيا أو سنغافورة أو البرازيل أو أستراليا.

نعم, ليست لواحد منهم أو أشباههم, لكنها – ويا للأسف - لوزير خارجية جمهورية مصر العربية (أحمد أبو الغيط) الذي من إسمه عربي مسلم ويتكلم العربية الفصحى وغالباً مايسبغ عليها لكنته المصرية المحببة إلى قلوب غالبية الشعوب العربية.

فالنظام المصري يخوض لأسابيع معركة (علنية) ضد حزب الله, ومنذ سنوات وعقود يخوض مع أنظمة عربية أخرى معركة (بالإنابة) ضد إيران, بغض النظر عن إتفاقنا معها – إيران- أو إختلافنا في كثير من الأمور, لكنها معركة لا تختلف عن المعركة التي خاضوها سابقاً ضد النظام العراقي السابق.

لقد خاضت أنظمة عربية معركة أمريكا والغرب ودولة الكيان الصهيوني ضد نظام ودولة عربية مسلمة بعد أن وضعه التحالف الصهيوني هذا (بُعبُع) و(شبح) و(كابوس) يهدد وجود أنظمة عربية إستبدادية فاسدة (ملكية أو جمهورية), وكان للرئيس الراحل صدام حسين ونظامه أخطاء وسلبيات لا تختلف كثيراً عن أخطاء تلك الأنظمة, وآلت العراق للإحتلال والفوضى بمبرر الديمقراطية وحقوق الإنسان وتهديد دول الجوار والسلام العالمي.

دائماً لا أستغرب تصريحات مسئولين ومحللين إسرائيليين وهم يتحدثون عن خطورة المقاومة العربية ممثلة بحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية كأدوات لإيران الهادفة للسيطرة على المنطقة العربية, مع تجاهلهم لحقيقة أن الدولة الصهيونية دخيلة ومفروضة بقوة وتمويل الإحتلال الغربي (أوروبا وأمريكا) .. دولة ُأًستقطعت من أراضٍ عربية شُرد أصحابها وتعرضوا لأكثر من 60 عاماً لمجازر إبادة لتصبح دولة لشعب جيء به من شتات العالم وكان غير مرغوب به في أوروبا.

لكن الوقاحة الفجة تكون عندما تتصدر دولة عربية بحجم شقيقتنا الكبرى (مصر) لخوض معركة (علنية) والوقوف صفاً واحداً مع إسرائيل والغرب ضد مشروع المقاومة الذي لم يجد له من نصير سوى إيران, ومن خلال تصريح الوزير المصري نلاحظ أن إهتمام نظامه بالدفاع عن إسرائيل والغرب يسبق بلده والعرب.

صحيح أن لإيران خطط وإستراتيجيات وسياسات تجاه المنطقة العربية بحثاً عن مصالحها الخاصة وهذا حق لها في السياسة, وللغرب خطط وإستراتيجيات وسياسات تجاه المنطقة وهذا حق لهم أيضاً, لكننا المشكلة في أنظمتنا العربية التي لا خطط لها ولا إستراتيجيات ولا سياسات لتحقيق مصالح شعوبها وأوطانها.

فمادامت إيران تدعم مشروع المقاومة الذي لا يتصادم مع مصالح إسرائيل والغرب, ويُحرج الأنظمة المتواطئة في قضيتنا الأولى (الإحتلال الإسرائيلي لأراضينا العربية), ويهدد هذه الأنظمة الإستبدادية والفاسدة والفاشلة, فإنها لن تكون إلا في صف إسرائيل وأمريكا والغرب.

 فهي تفرض علينا قناعتها أن إيران شر محض وحزب الله وحماس ادواتها الشيطانية يجب الخلاص منها, حتى تركيا أصابتها الحساسية تجاهها بسبب تحركها القوي والمتوازن في حرب غزة وعلاقتها مع حماس رغم ماترتبط به من علاقات أكبر مع إسرائيل.

وقد أعجبني مفكر عربي كان يتحدث حول موقف العرب من الحضور المتنامي لإيران وتركيا في المنطقة, حيث قال أنهما تحصدان ذلك الحضور من تبنيهما لقضية الشعوب العربية الأولى ومشروعها الأهم الذي يحظى بدعمها وتأييدها وهي قضية فلسطين ومشروع التحرير عبر المقاومة وعنوانها الحاضر (حزب الله وحماس).

أستغرب ذلك المفكر موقف هذه الأنظمة القلقة من إيران, وتساءل: لماذا لا تفوت الفرصة على إيران وتركيا وتتبنى هي خيار المقاومة كمشروع تلتف حوله الأمة كلها لإستعادة أراضيها المحتلة وتحرير مقدساتها المدنسة ولَمَ شمل الشتات الفلسطيني وإعادته إلى أرضه ووطنه وإنهاء مآساته الممتدة لأكثر من 60 عاماً؟.

يعرف الجميع أن النظام المصري وأنظمة عربية أخرى ذات ثقل ووزن إقليمي كبير تخوض حرباً منظمة ضد مشروع وثقافة المقاومة عموماً وضد حركات المقاومة (حماس وحزب الله تحديدا), لكنها تظل في الإطار غير العلني والذي ظهر بوضوح وصورة فجة مؤخراً بعد النجاح الذي حققته المقاومة في غزة وقبلها في لبنان والحَرج الذي وجدت هذه الانظمة نفسها فيه بسببه.

ومادامت إيران شرٌ محض, فنحن نطالب هذه الأنظمة بسحب البساط على ايران الشريرة وتبني مشروع المقاومة وتقديم الدعم المالي والسياسي له وبعيداً عن حماس وحزب الله, فلماذا لم تدعم الأنظمة المواجهة لإيران الشيعية قوى السنة في لبنان كجيش مقاومة وتحرير, وليس كما حدث من دعم لتيار سياسي في مواجهة إيران وسوريا ودفاعاً عن إسرائيل والغرب ومصالحهما؟..