مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
في الأيام الفائتة دعا وزير الخارجية الأميركي، متوسلاً، طالبان إلى الانخراط في عملية سياسية في أفغانستان. الأخيرة أعلنت بدأ عملية هجوم الربيع عقب بيات متقطع في الشتاء. بعد 15 عاماً من الإطاحة بطالبان لم يستطع المجتمع الدولي، بكل قدراته، وضع أفغانستان على طريق السلامة.
لقد كسبت أميركا الحرب على تلك الأرض وخسرت المعركة. أما الآن فإن أكبر صنيع ستقدمه طالبان إلى المجتمع الدولي، ولأميركا تحديداً، هو موافقتها على الجلوس على طاولة حوار داخلي وقبولها بتقاسم السلطة مع الآخرين. لكنها لا تفعل، ويبدو أنها تتلذذ بسماع التوسلات، فهي جماعة دينية تعتبر التوسل قدراً من التقديس والعرفان.
ليس بالأمر الهين أن تقبل عصابات مسلحة الجلوس على الطاولة، وأن تعد بطريقة ما بترك السلاح. استقرار المجتمعات ليست مسألة للقمار. بصرف النظر عن رؤية العصابات لفكرة الحوار، وعن مناوراتها وتكتيكاتها فهي عصابات أولاً وآخِراً، فإن اختيارها سبيل الحوار يعد تطوراً مهماً لا بد أن يؤخذ على محمل الجد.
نشأت حركة الحوثي على حقل من السلاح، فهي لم تعرف سبيل السياسة. ومنذ الصرخة الأولى للمؤسس كانت التعبئة الجهادية تشق طريقها إلى عقول جيل من الأطفال، صارت أعمارهم الآن بين 25 و35 عاماً. الذين اقتربوا من قيادات الجماعة وجدوا جداراً سميكاً من الشك والأوهام.
“ملازم” المؤسس، كما خطبه، تعج بحديث قروسطي عن الاصطفاء والطهرانية، وبالتوازي عن الأعداء والعملاء. أما عبدالملك الحوثي فلا يتحدث عن الديمقراطية ولا التعليم، يتحدث فقط عن الله والأعداء. إنها جماعة ذاتية الانغلاق، تدربت على العنف وعثر عليها الإيرانيون فوجدوها جاهزة للاستخدام من أكثر من ناحية. تعقد وضع الجماعة بتحالفها العسكري والقبلي مع شبكة صالح، وذلك خفَّض من قدرتها منفردة على صياغة قراراتها بما فيها تلك القرارات المتعلقة بالسلم.
هذه التركيبة المعقدة لجماعة الحوثي جعلتها جماعة، منذ الدرجة صفر، غير قابلة للانخراط في السياسة وأقل قدرة على خوض حوار مثمر. انخرطت في عمليات حوار غير منتهية، في الماضي، وكان ذلك تكتيكاً ناجحاً، إذ حولت الحوار إلى “عملية” حوار، حتى وصلت دباباتها إلى العاصمتين: عدن وصنعاء.
سرعان ما كانت تنقلب على التفاهمات بما فيها العملية التي عبث بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، جمال بن عمر. لكن ما هو أسوأ من الجلوس إلى جماعة الحوثي والحديث معها هو أن لا يجلس اليمنيون إلى جماعة الحوثي ولا يحادثونها. أو يقف وزير الخارجية السعودي بعد 15 عاماً من الآن ويتمنى على جماعة الحوثي الجلوس إلى الحوار، فلا تستجيب. إن أسوأ من الشك في نوايا الحوثيين حول تسليم السلاح الثقيل للدولة، أن يقول الحوثيون إنهم لن يفعلوا. وما هو أخطر من اختراقات الحوثيين للهُدنة هو أن لا يعترفوا بها، وأن يستبدلوا الاختراقات بالحروب. صحيح أن الحوثيين لم يعودوا قادرين على أن يحكموا كل اليمن، لكنهم قادرون على الحيلولة دون ظهور دولة مستقرة وقابلة للحياة.
كعب أخيل في حركة الحوثي هو السلالة الهاشمية، وذلك ما جعلها جماعة إرهابية مختلفة. انخرطت الهاشمية، بغالبية عنصريها الزيدي والسني، في “حرب الاسترداد” الحوثية. عندما وصلت دبابات الحوثي إلى حافة العاصمة صنعاء كان الهاشميون يمثلون الطبقة الرفيعة في العاصمة، صاحبة امتيازات النفوذ والسلطة. مع اندلاع حرب شاملة، وانخراط دول عربية فيه، خسرت السلالة الهاشمية أمنها ومكتسباتها وسمعتها.
أما الحوثي فقد كان جماعة سيئة السمعة منذ البداية. أخبرني مسؤول حكومي عن مشاهدته لأطفال هاشميين بين 13 و15 عاماً في الأسر في عدن. خرجت الجنازات من كل البيوت الهاشمية في صنعاء، تقريباً. ثمة أسرة هاشمية عريقة انتظرت 8 أشهر حتى تعلم مصير ابنها، فلم تجد سوى بلاغ شفوي عن مقتله في الحدود. المستوى الطبقي العالي للأسرة لم يمكنها حتى معرفة مصير ابنها. الهاشمية هي كعب أخيل الجماعة الحوثية وهي التي تضغط عليها حالياً في اتجاه السلم. فقد انضمت إلى حروب الحوثي لأنه وعدها بحرب خاطفة ومجد لا يفنى، بحرب استرداد لن تكلف الهاشمية سوى أرواح بعض رجال القبائل. لكن الأمور لم تمض كما أُريد لها، فهذه ليست واحدة من حروب الإمام عبدالله بن حمزة، ولا هي حرب نابوليونية تحسمها المدفعية والمُشاة. فهذا زمن آخر، كلياً.
منتصف الأسبوع المنصرم تحدث محمد عبدالسلام، كبير المفاوضين الحوثيين، إلى الشرق الأوسط عن موقف جماعته المناوئ لوجود السلاح خارج قبضة الدولة. هذا التطور الذهني الفارق لا بد أن يؤخذ على محمل الجد، وإن كان من قبيل المناورة. فما هو أخطر من العصابات التي تناور سياسياً وإعلامياً هي تلك التي لا تناور، ولا تتحدث إلى أحد، وتستمر في شن حروبها الشاملة بلا أفق.
“هافينغتون بو ست عربي”