صراخ إنساني بحاجة لمن يسمعه على الأقل
بقلم/ صدام أبو عاصم
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و يومين
الجمعة 19 سبتمبر-أيلول 2014 11:00 ص

اتركوا مجالا للأسر التي تريد الهرب من منطقة المواجهات أن تهرب. ومن ثم واصلوا حماقاتكم كما تشائون. أتأسف ﻷننا وصلنا لهكذا خطاب عاجز، لكن سلامة أرواح العاديين وأجسادهم هي كل ما يدعو إليه العقلاء الآن.

الكثير من حمقى البارود لا يدركون بأن الشخصيات المستهدفة في احترابهم البيني، قد بادرت قبلا، في توزيع أسرها وأموالها على بنوك وبيوت أوروبا وماليزيا وتركيا والدوحة. والذي سيموت رعبا وجوعا وقتلا اعتباطيا رخيصا هو المواطن العادي الذي لايملك حتى قيمة المشوار للنفاذ بنفسه إلى مخيم لجوء.

لا أسوأ من أن تجد نفسك محاصرا بدموية آخرين، وأنت لا تفهم معهم معنى الذي يحدث بالضبط. تتقاذفك النيران المتبادلة بين خصمين سيئين، وتنعدم أمامك كل الخيارات للنفاذ بنفسك أنت وأفراد أسرتك، فتضطر للمكوث وسط حاجة ملحة لأساسيات المعيشة. تصرخ النساء من القلق إذا هممت أن تجلب خبزا ﻷطفال يصرخون من الجوع. وإن فكرت بالهرب من إحدى المنافذ بعيدا عن أفواه آلة القتل وأعين القناصة النهمون للدماء، تتعثر تحسرا، ﻷنك لا تملك وجهة آمنة للنزوح، ولا تملك من النقود حتى ما يعينك على التنقل ﻷماكن بعينها في العاصمة الجريحة.

كان مشهدا مؤلما للغاية، والرجل الخمسيني ذي الملامح القلقة، يجر نسائه وأطفاله من أياديهم في أحد أرصفة الشوارع التي تدور فيها المواجهات بشارع ال30 بمنطقة شملان، شمال صنعاء. كانت تتراءى لي أياديهم المتشابكة ترتعش عبر مشهد تلفزيوني أبرز ظهر الخميس وبطريقة خاطفة، جانب إنساني من صورة المعركة المعتمة التي تدور رحاها في قلب كل يمني مايزال يبغض عبثية الحروب الهوجاء في المدن مهما كانت الأسباب.

أتمنى أن تخفت نيران المعركة اﻵن، وتكف موجة النزوح الموقوفة أصلا، وأن تتغلب نزعة السلم على ما دونها، في ضمائر كل المتقاتلين الذين سيلعنهم التأريخ حتما، إن غضوا الطرف عن هذه المناشدات الانسانية، وسيلعنهم اللاعنون.