الجرعة اشد من القتل!
بقلم/ عبدالوهاب العمراني
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و 11 يوماً
الأربعاء 10 سبتمبر-أيلول 2014 10:05 ص

والفتنة اشد من القتل ، اليمنيون اليوم ينحرون الوطن بذريعة الجرعة ، وحتى لو تم اقالة الحكومة فلن تكون طريق اليمنيون مفروشة بالورود غداة اقالة هذه الحكومة والتي اتت على تركة ثلث قرن من الفساد المطلق ،  وقد كانت قد قررت القيادة السياسية قبل نحو اسبوع تتجه لتشكيل حكومة خلال أسبوع ولكن الأحداث تتلاحق وتحجب الرؤية الصائبة ، فإذا انزلقت الأمور لاسمح الله لحرب أهلية والتي مؤشراتها قد بدأت فأنه لم يعد هناك أي معنى لما سمى بالمبادرة الخليجية وما اسفرت عنه من استحداث شرعية الحكم الحالي سواء الرئيس التوافقي والحكومة والحصانة ، وكان يفترض ان يمنح الشعب حصانة من حكامة ، أي حرب داخلية بين قوى في بلد ما لا تبداء فجأة بل بمقدمات حتى الحروب الدولية ، وإنما بالانزلاق التدريجي وردود الافعال الغير محسوبة ، اما في حال دخل اليمنيون حرب اهلية فلن يستطيع العالم كله ايقافها سوى رغب ام لم يرغب ، كل يوم واليمنيون يكتشفون بأن تداخل الدين بالسياسة يجلب المأسي ولاسيما واليمنيون ليسوا عل مذهب واحد.

ماحدث قبل ايام في طريق المطار أمام وزارة الداخلية واليوم امام مجلس الوزراء يذكرنا بما حدث في جمعة الكرامة والتي راح ضحيتها العشرات وقيدت ضد مجهول ، فأن ماحدث يوم الثلاثاء أمام رئاسة الوزراء وقبلها اما وزارة الداخلية يوحي بأن هناك من يحلو خلط الأوراق ، فأي حرب اهلية لا تبداء فجأة وإنما بالانزلاق التدريجي وردود الافعال الغير محسوبة ، اما في حال دخل اليمنيون حرب اهلية فلن يستطيع العالم كله ايقافها سوى رغب ام لم يرغب ، كل يوم واليمنيون يكتشفون بأن تداخل الدين بالسياسة يجلب المأسي ولاسيما واليمنيون ليسوا عل مذهب واحد.

تمدد مشاريع الاسلام السياسي المتطرف غداة الربيع العربي وحسب قول علماء الاجتماع السياسي بأنه لقت حاضنة لها وبيئة يتفشى فيها الظلم والإقصاء والتهميش ومحاولة الاستئثار بالسلطة من مكون او طرف واحد طائفي كان او جهوي ، والاهم تدني الاقتصاد والبطالة وهو الامر الذي يستقطب الشباب وحتى طلبة المدارس والذين لايرون افق واضح المعالم لمستقبلهم ، في مثل هذه المجتمعات ينعتش الاسلام السياسي وعندما تتناحر قوى داخل المجتمع يأتي طرف ثالث كما في افغانستان جأت حركة طالبان كطرف ثالث استغلت حالة الفوضى والتفكك وضعف الدولة وفرضت نفسها كقوة ورغم تطرفها الا انه كان لها شعبية وبسطت الأمن في كل افغانستان ، وهو الامر نفسه داعش في العراق ، جأت ماسمى دولة العراق والشام الاسلامية داعش بعد تهميش السنة واستئثار المالكي للحكم لدورتين ومحاولته لولاية ثالثة ورغم ذلك رغم عنف هذه الحركة وهمجيتها إلا أنها لقت قبولا ورد فعل ، وفي اليمن ضعف الدولة والمركز جعل من حركة انصار الله المنقذ ولو لجزاء من الأمة ولعل الفدرالية تصب في صالح هذه الحركة كي يتاح لها ان تتحرك وتتمدد في فضاء مذهبي متجانس . وهذا يؤكد رؤيتي المتواضعة بأن الفدرالية في مثل هذه الظروف لا تجدي نفعا ، فأنصار الله يريدون فدرالية على مقاسهم بحيث يتم ضم محافظة حجة وميناء ميدي وكذا التمدد شرقا للجوف الموعودة بالنفط.

الإشكال في اليمن ان النخب المثقفة ومن يحلو لهم التنظير يظلون في برج عاجي وتأثيرهم ليس مؤثرا أمام موجة الغضب الشعبي في مجتمع متخلف فقير ويتفشى فيه الامية والتعبئة الدينية الخاطئة . ومن هنا فهم يضلون يدورون حول أنفسهم ، وليس لهم تأثير يذكر امام عنفوان الغضب الشعبي والذي استغلته بعض القوى لركوب موجة الثورة .

ما احوج اليمن اليوم لشخصيات وطنية وعلماء دين بل ووجاهات اجتماعية من مشائخ ومثقفين ان يدخلوا في حوار مشابه للحوار الوطني ويضم كل الوان الطيف وشخصيات مستقلة ، فالأوضاع تتدهور من يوم لاخر ، نسأل الله ان يجنب اليمن المحن والفتن.