الطريق ... السيارات ... المرور
بقلم/ أحمد بازرعه
نشر منذ: 11 سنة و 4 أسابيع و يوم واحد
الثلاثاء 22 أكتوبر-تشرين الأول 2013 05:15 م

مر وقت ليس بالقليل لم أقد فيه سيارتي. ربما لأن تحركاتي مؤخراً وخلال الأشهر القليلة خصوصاً بعد القيود الإختيارية التي فرضتها على نفسي بعد إختياري لمؤتمر الحوار الوطني. وفي معظم الأحيان يقود سيارتي السائق ولا أهتم كثيراً بما يحدث أثناء الطريق بسبب الإنشغال إما بالهاتف أو بالتفكير في قضايا كثيرة متسلسلة ومترابطة.

ما لا أستطيع أن أنكره أو أخفي ألمي منه هو الحال المأساوي الذي وصل إليه وضع وأحوال الطرقات وقيادة السيارات في معظم مدن بلادنا، وخصوصاً أمانة العاصمة. أمور كثيرة محزنة لا أستطيع الإحاطة بها أو إعطائها حقها من الوصف المناسب لها.

فلا أدري لماذا تردى الحال إلى هذه الدرجة، ولماذا تدهورت منظومة المرور الضعيفة أصلاً. فترى من يسير بإتجاه معاكس لحركة السيارات وفي الشارع الرئيسي ولا ينكر عليه أحد. وترى من يقف ليتحدث مع شخص آخر في سيارة أخرى دون إكتراث بمن هم وراءه ولا يجد في ذلك حرجاً.

ما أستطيع الجزم به أمران:

جل إن لم يكن كل نقاط الإختناقات في أمانة العاصمة وربما بقية المدن هي بسبب أسواق القات العشوائية، والحال كذلك في جميعها.

الحافلات (الباصات أو ما يسمى بالدبابات) التي تقف متى تشاء وأينما تشاء من دون رادع أو مانع، وخصوصاً في تقاطع الشوارع الرئيسية وأمام أعين رجال المرور والأمن والجيش ..إلخ.

في الحالة الأولى، فقل من يستنكر الزحام الناتج عن أسواق القات، لسبب بسيط أن حاسة تغليب المصالح تعمل بصورة جيدة عند غالبية الناس بسبب أنهم من المخزنين.

في الحالة الثانية، الكل يستنكر سواء أصحاب السيارات أو المارة أو حتى من يستخدم وسائل النقل كالحافلات والدبابات. بسبب ما يسببه سائقو هذه الحافلات من إحراج للجميع.. ما يثير العجب والسخط في آن واحد أن رجل المرور يقف في التقاطع وينظر إلى هذه الحافلات تخنق الشوارع وتقف بالتوازي ولا تسمح بمرور إلا سيارة واحدة فقط دون أن يحرك ساكناً. بل إن الأمر يصل في بعض التقاطعات إلى ان يقوم أصحاب هذه الحافلات بإستئجار أشخاص يستدرجوا ركاب وزبائن (وسيلة تسويقية عنيفة) حتى تصل في بعض الأحيان إلى الشجار بين أصحاب الحافلات. قد يكون هذا التنافس على المصالح الاقتصادية مفهوم، لكن الغير مفهوم هو السلبية المطلقة لرجال المرور وشرطة السير وأحياناً قوات الأمن التي تعتاد التواجد في تلك التقاطعات وربما الجيش، وكأن الأمر هذا لا يعنيهم. ربما نحن بحاجة إلى إعادة تعريف مهام الشرطة والأمن.

بقي أمر آخر أرى أنه لا مفر من التعريج عليه، وهو الحُفر والمطبات التي تملأ الطرقات.

فلا أدري ما الذي يحدث في بلادنا؟. من الناحية العلمية، فالمطبات يقصد منها إجبار السائقين على تخفيض سرعة مركباتهم، لكن لا أعلم المقصد العلمي من الحفر (مع التقدير الذي نكنه لأمانة العاصمة على الجهود الحثيثة التي تبذل لإصلاح الشوارع). لا أعتقد أن الحفر يقصد بها الإضرار بالسيارات وإهدار أموالهم في إصلاحها، من باب خلق فرص عمل لقطاع واسع من أصحاب الورش وتجار قطع الغيار. لكن بعد تفكير توصلت إلى أن هذه الحفر تحدث بسبب التهالك المتسارع في الطرقات ولأسباب عديدة، منها مياه الأمطار الراكدة بسبب سوء التصريف، ومنها الإستخدام المفرط للطريق (وهذا مستبعد إذا ما قارنا عدد المركبات في بلادنا مع كثير من دول العالم) ومنها أيضا وأهمها جودة ومتانة الطرقات، وهو المسئول عن معظم هذا التلف لطرقاتنا. أما المطبات فالحقيقة أني لم أرى أحدها صُمم بطريقة علمية تحقق الهدف – إجبار السائقين على تخفيف السرعة.

لو نظرنا إلى حجم الأضرار التي تتسبب فيها المطبات والحفر والتكاليف المصاحبة لها، لفزع القارئ، فنحن ندفع اضعاف ما يدفعه أي مواطن مقابل هذه الخدمات، ونحن نستنزف إمكانياتنا ومواردنا المحدودة أصلاً أكثر من أي دولة أو حكومة بسبب أننا نفعل نفس الشيء مرات ومرات ودون أن نتعلم من أخطائنا.

بقي أن أنوه إلى أن المشاهد أعلاه ... لست الوحيد الذي أشاهدها، ولعل الجميع يقف على هذه المشاهد في أوقات وأماكن مختلفة، لكن المهم هنا أننا كمواطنين حين نشاهد مثل هذه المواقف، نتألم ونستكر وربما البعض منا يحاول تغييرها بكلمة أو بغيرها، لكن الذي يزيد من الحيرة أن المسئول والمدير العام والوكيل والوزير ورئيس الوزراء وربما رئيس الجمهورية يتعرض لمثل هكذا مواقف ويشاهد مثل هذه الأمور أثناء سيرهم في الطريق، لكن ما هو رد فعلهم على ذلك؟ ماذا هم فاعلون من موقع مسئولية كل واحد منهم؟ لا شك أنهم مسئولون بل ومسائلون عن هذا أمام المجتمع وأمام الضمير وأمام الله!!

نسأل الله البصر والبصيرة والتوفيق،،