القناة الفضائحية الأولى في اليمن
بقلم/ صدام أبو عاصم
نشر منذ: 10 سنوات و 6 أشهر و 28 يوماً
الخميس 19 سبتمبر-أيلول 2013 05:35 م

تأريخنا الإعلامي والإعلاني البسيط حافل بالفضائح المهنية؛ ليس على مستوى مضمون هذه الأخطاء الأخلاقية وحسب، وإنما في المآزق الإدارية التي تقود أغلب وسائل الاتصال المحلية إلى الهاوية. تتذكرون حادثة باب اليمن التي بثت فيها مقاطع إباحية لبضع الدقائق، وذلك عبر إحدى اللوحات الإعلانية الكبيرة التابعة للمؤسسة الاقتصادية العسكرية.. أعتقد أن الضجة التي رافقت الحادثة في أحد أشهر العام 2007 تقريبًا، كانت قد انتهت مع الحديث عن أن المتسببين في ذلك الخطأ المقصود أو غير المقصود، ولجوا السجن حينها وخضعوا لمحاكمة عسكرية. لست متربصًا بالأخطاء، ولا مترصدًا للهفوات التي تحدث من وقت لآخر، في بعض وسائل الاتصال المحلية بنوعيها الرسمية والخاصة، ولكن استدعت الحادثة السالفة الذكر، حادثة مشابهة لها وقعت مؤخرًا، ولكن عبر وسيلة إعلامية أكثر خطورة من كل سابقاتها، وأكثر حاجة لفتح تحقيق فيها، ومحاسبة كل المتورطين. بعد منتصف ليل أمس الأول، أعادت "سبأ" وهي الفضائية الشبابية التعليمية الأولى في اليمن، بث برنامج شبابي حواري لا يخلو من أهداف ورسائل مهمة يتصورها الشباب عن مستقبل بلادهم. فجأة تظهر على الشاشة مقاطع إباحية بديلة عن مشاهد البرنامج المعاد، وتحدّث مواطنون كثر صباح اليوم التالي عن أنها استمرت لحوالى دقيقة. إنها حادثة ليست بالهينة، ليس لأننا مجتمع محافظ ومعادٍ لنشر الرذيلة علنًا وحسب، وإنما لأن ثمة خللًا في إدارة تلك القناة، وقد ينتج ما هو أخطر من ذلك الفعل المقصود أو العفوي. وعلى المسؤولين في البلد، فتح تحقيق فوري بالحادثة، ومحاسبة كل المتورطين فيها، بدءًا من وزير الإعلام إلى أصغر فني في القناة.

هذه الفضيحة الصورية تعكس جيداً فداحة المحاصصة على إدارة مؤسسات الدولة. ذلك أن قناة "سبأ" الرسمية التي يتقاسم إداراتها مؤتمري وإصلاحي هناك من هو أكفأ منهما، بألف درجة طبعًا، ما زالت تعيش صدمة أحداث 2011 وما تلاها من تطورات، ويتوجب إطفاء نيران أزمة إدارية تطفو على السطح عادةً على هيئة احتجاجات ومطالب ومؤامرات وتردٍّ مهني على كل المستويات.

وللأسف، ليست هذه المأساة الإعلامية الوحيدة؛ إذ أن هناك فضائح مهنية تتوالد بشكل يومي، وقد تكون أخطر على حياة اليمن واليمنيين ومستقبلهم. فما أكثر القنوات الفضائية اليمنية والخاصة تحديداً، التي تنتهج الفضيحة في مهامها، وتعمل ضد الوطن وضد مقدراته وضد طموحات أبنائه. تجد فضائية يمنية تبث لقاءً خاصًّا مع مخربي الكهرباء في مأرب وتصوّرهم على أنهم أبطال. وتقرأ صحيفة صباحية تبارك عمليات العمالة مع الخارج. وتوترك أخرى وهي تنتقد تمدد الوجود الإيراني على حساب حضور السعودية. ويحدث أن تستمع لإذاعات تسوّق بعض برامجها، لأعمال العنف والنهب والسلب والسرقات والتخريب بحجة المطالب الحقوقية في غالبية مؤسسات الدولة.

في اليمن، الجميع يتسابق مع الجميع لوأد طموحات وطن يحاول، جاهدًا وجريحًا، الخروج من عنق الزجاجة اللئيمة. وعلى عاتق وسائل الإعلام المتنوعة، يبقى ما هو مأمول في الفترة القادمة لدحر كل المخاوف التي تحدو اليمنيين جميعًا، وبالطبع، على عاتق كل مسئولي اليمن على كثرهم، أن يحسنوا اختياراتهم لكراسي وسائل الإعلام دونًا عن دوائر الحصان والشمس.

s.asim84@gmail.com