عبد القادر هلال..الرهان الخاسر!
بقلم/ أ. د/أ.د.أحمد محمد الدغشي
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 9 أيام
الأربعاء 11 سبتمبر-أيلول 2013 06:19 م

أزعم بادي الرأي أنني أنطلق في تناولي لظواهر الإيجاب أو السلب في المجتمع اليمني أو سواه، من مبدأ قيمي خالص لاصلة له بأيّ من أنواع الانتماء الخاصة أو (الضيّقة). من هذا المنطلق أعترف اليوم، بأن رهاني على نجاح الأستاذ عبد القادر هلال مذ صدر له قرار تعيين أمين للعاصمة (صنعاء) قبل أكثر من عام؛ قد خسر، إلى حدّ يسمح للطرف الذي كان يراهن على ذلك الفشل – وهم بالمناسبة جميعاً تقريباً من حزب المؤتمر الشعبي الذي ينتمي إليه الأستاذ هلال- أن يشمت إن شاء، وأن يمضي مزهوّاً مستقبلاً في مشروع مقاومة كل نجاح متوقع بأساليبه الخاصة! بالمقابل فإن المفارقة أن المراهنة على نجاح الأستاذ هلال كانت في جانب كبير منها من قبل أطراف أخرى تتهم عادة بحرصها على إفشال كل عنصر (مؤتمري) على أي مستوى، فما بالك إذا كان من وزن الأستاذ هلال، الذي يحظى بنجاح شهد له كثيرون في محافظة حضرموت -على سبيل المثال-. وقد لمست ذلك شخصياً مطلع عام 2010م، حين زرت عاصمة المحافظة المكلأ، والتقيت ببعض من كان على رأس عمل المدينة (المكلأ) أيام قيادة هلال، وهو الصديق والزميل العزيز الدكتور سالم العوبثاني، فألفيته يتحسر على قرار نقل الأستاذ هلال من المحافظة، وحكى لي الدكتور العوبثاني وكذلك آخرون مواقف مشرفة للرجل، وقد استنتجت منها -إلى جانب نجاح هلال- أكذوبة تهمة (العنصرية) التي يرمي بها البعض أبناء تلك المحافظة ولذلك فقد كانت فرحتي لاتوصف، حين علمت بقرار تعيينه أميناً للعاصمة، وقلت بدأ زمن (وضع الرجل المناسب في المكان المناسب)، كما قلت لمن كان حولي سترون بعد عام فقط، أننا قادرون على أن نفاخر بعاصمتنا، إذ إنها لن تقل في أضعف الأحوال عن العاصمة الأردنية (عمّان)، أناقة، وتخطيطاً، ونظافة، وجمالاً، خاصة مع مناخها النادر!

 اليوم بت أخشى حقيقة أن يلتقيني بعض أولئك الذين وقفوا ضد الأستاذ هلال عقب تعيينه في الأمانة، وذلك حين أعلن أشبه بحالة الطوارئ في العاصمة، بدءاً من رمضان العام الماضي (1433هـ- 2012م)، لتحويل صنعاء ( الإنسان والتاريخ والحضارة) من وصف (أٌقذر ) عاصمة عربية إلى (أجملها)، ليقولوا لي هاه أرأيت اليوم بعد أكثر من سنة أننا نعرف حقيقة صاحبنا، وأنكم لاتفقهون في دهاليز السياسة شيئاً، فرجاء لاتتدخل مرّة أخرى فيما لايعنيك!! ماذا عساني أقول؟!

في واقع الأمر ليس أمامي سوى تكرار الاعتراف بخسران رهاني، بعد أن رأيت العاصمة تدهورت على نحو لاتخطئه عين صنعاني، أو مقيم بصنعاء، عما كانت عليه قبل الثورة، مع أنها كانت في أسوأ أحوالها، ( وهنا لتقرّ أعين دعاة الثورة المضادة وفلول العهد الباقي)، بعد أن رأيت خدمات النظافة توقفت على نحو شبه كليّ اليوم، في بعض أحياء العاصمة كما في الحي الذي أسكنه في حارة غمدان (شعوب)، وقد سمعنا أنه لم يتم حلّ مشكلة تثبيت عمال النظافة أو أكثرهم، بعد مرور قرابة العامين على حكومة الوفاق، وأكثر من العام على وعود الأستاذ هلال المتتالية، كما أن معاناة أغلبية أهالي العاصمة من مشروع المياه ازدادت سوءاً في عهد هلال، ومنهم حيَ (غمدان) المنكوب الذي تكاثرت وعود مسئولي المنطقة بإصلاحه حتى لو جمعت توجيهاتهم (الكاذبة) المكتوبة – عدا الشفهية- لما وجدنا متسعاً من الوقت للمرور عليها، لا قراءتها، والغريب أن أولئك المسئولين (يميّزون) بين جزء علوي من الحارة، وجزء سفلي لها!!!! كل ذلك بعد أن كان الأمل يحدو أبناء العاصمة جميعاً في ظل قيادة رجل ذي سمعة حسنة بمستوى الأستاذ عبد القادر هلال، أن يحظوا بجرعات من المياه أيّاً كانت مواصفاتها، كما هي طبيعة الكائنات الحية فقط– ولم نعد نطمح بترديد مطلب (المياه الصالحة للاستعمال الآدمي)، كما كثرت ظاهرة سماع الأسلحة النارية الثقيلة، في بعض أحياء العاصمة، ولم تعد الأسلحة العادية أو المفرقعات التي تشبهها فقط، كما كان في السابق. وأحياناً نتذكر كما لوكان شبح الحرب على الحصبة وما جاورها قد عاد، من جراء استمرار القصف وما يشبه القصف المتبادل لوقت غير قصير، في الوقت الذي لايزال الطيّبون من أبناء الحصبة وغيرها ممن لحقهم الضرر البشري والمادي يحلمون بتعويض عادل!!

 أما الطرقات وتكسّر أكثرها، وزيادة الحفر والمطبات، فكلنا نلاحظ التدهور اللافت الذي يبعث على وضع تساؤلات –ربما- غير بريئة عن السرّ وراء ذلك، بعد أن كانت الحملات لإصلاحها في البداية قد أعلنت على قدم وساق! وفي هذا السياق وعلاوة على معاناة أصحاب المركبات المختلفة في بعض الشوارع، فإن بعضها الآخر بات من الصعوبة أن يمر المار بقدميه منها ، ولا سيما في بعض الأوقات بسبب الفوضى الطافحة، والاكتظاظ العشوائي بالباعة (ذوي العربات والبسطات)، من مختلف الألوان والأنواع، لكن أخطر من ذلك كلّه هو استمرار اقتطاع نحو نصف بعض الشوارع الرئيسة في بعض المناطق، من قبل باعة الدراجات النارية، على نحو ماكان عليه الوضع – وربما زاد- أيام الثورة، حين كانت (البلطجة) سيّدة كل المواقف، وإن شاء الدليل -معالي الأمين- فليمر من شارع المشهد المؤدي إلى مستشفى الثورة- على سبيل المثال- في أي وقت يشاء ليرى بأم عينيه، كيف تحول الشارع العام إلى ملكية لبعض أصحاب محلات الدراجات النارية، الذين بسط بعضهم على النصف من الشارع الرئيس، ومن ثم فقد يشعر بجزء من معاناة المارة على أقدامهم، ناهيك عن ذوي السيارات وركابها، هذا إن كان لرؤيته معنى أو أثر.

وأخيراً- وليس آخراً- فقد دهشت – كما آخرون بالتأكيد- لما تداولته وسائل الإعلام الرسمية قبل أشهر عن توجه أمانة العاصمة للقضاء على ظاهرة الكلاب الضالة بالأمانة، وأعلن عن عشرين مليوناً لتنفيذ ذلك، ثم نجد في الأحياء التي نعرفها- على الأقل- أن الكلاب لاتزال تسرح وتمرح، على عادتها، وأن شيئاً من هذه الحملة لم يتم فيها، فيا ترى هل هو المسلسل ذاته؟

معالي الأستاذ اللواء عبد القادر هلال، نعلم أن ليست مهمة أمانة العاصمة وحدها تنفيذ تلك المطالب، مالم تتعاون الجهات المعنية الأخرى، لكنك تعلم كل ذلك مذ قبلت بتعيينك، وقدّمت وعودك لأبناء العاصمة، في شتى المجالات التي تعنيهم، وتعني أمانة العاصمة، ومن المعلوم ذلك لك –قبل أيّ أحد آخر- ولذا فـ(صديقك من صَدَقَك لامن صَدَّقَّك). وبعيداً عن الأذى النفسي والسمعة المعنوية غير الإيجابية التي لحقت بي وبأمثالي ممن راهنوا على نجاحك منقطع النظير، في مقابل التشفي والافتخار من قبل الطرف الآخر الذي تنتمي إليه؛ فإني أنصحك صادقاً مذكّراً لك – كما سمعت لك وقرأت عنك- بأنك تنتمي في أساس تنشئتك إلى قيم التربية الإسلامية ومنهجها، وأنك لاتقبل بأن تلقى ربك وفي رقبتك مظلمة لفرد، فكيف بأبناء أمانة العاصمة، الذين لم يجدوا منك سوى الكلمات الطيبة، لكنها (الفارغة) من المضامين الفعلية، ورأوك دائماً توزِّع الابتسامات العريضة، في كل اتجاه، لكنهم لم يلمسوا أدنى مصداقية عملية لها على الأرض، كما رأوك تظهر لدقيقتين أمام الكاميرا التلفزيونية قبل أشهر، والشباب من حولك يتوقدون حماسة، في يوم أطلقت عليه (يوم النظافة) ، غير أنهم صدموا بتردى وضع النظافة إلى الحضيض أكثر، ثم لايمنعك ذلك كلّه من الاستمرار في الحديث عن نواياك، وخططك، وربما إنجازاتك! 

نعم أشهد بأن لديك مهارة نفسية هائلة في امتصاص غضب الثائرين المظلومين والمقهورين المحبطين المصدومين من سياستك، عبر كلماتك (المعسولة) وابتساماتك العريضة، ووعودك المتكرّرة تلك، كما أنك تتمتع بشبكة علاقات تبدو (جيّدة)، قد تجمع فيها بين النقائض، وقد تبرّر ذلك بـ(سيكولوجيتك) التربوية (الخاصة)، وبما يفرضه عليك موقعك القيادي. وعلى حين أنك تعدّ ذلك من مفاخر شخصيتك ونجاحك؛ فربما نظر البعض إليه بريبة، ووضع علامة استفهام تكبر يوماً بعد آخر، وهذا شأن من لم ينجح في وعوده، وَقبِل – من ثمّ- أن يعرّض نفسه لمواطن التقوّل. وأيّاً يكن الأمر فإذا كنت لاتزال حريصاً على ماتبقى من سمعتك الجيّدة على خلفية نجاحك في محافظة حضرموت- على سبيل المثال- فلم يعد مقبولاً منك أن تستمر في سياستك السابقة تلك، إذ إن كل شيء بات يرد عليك، كما ليس مقبولاً منك أن تفكّر – مثلاً- في الاستقالة المجرّدة، وكأن شيئاً لم يكن، إذ إن ذلك لن يكون تبرئة لك، بل إثبات عملي لفشلك، وإهانة بليغة لكل من وقف إلى جانبك، وراهن على نجاحك، ويؤكد مقدرة جماعة أعداء النجاح على تحقيق مايخططون له مهما بدا مستبعداً بداية الأمر، علاوة على أنّه سيفتح باباً لسوء الظن واسعاً، إذ إنه لن يصب في النهاية إلا في قالب دعاة الثورة المضادة، ومن ثمّ فليس أمامك – في ظني- سوى أحد أمرين: إما القيام الفوري بتنفيذ كل أو معظم ماوعدت به عملياً فيما تبقى من أشهر حكومة الوفاق، وعلى الفور، بعد أكثر من عام على التعيين والوعود، وذلك حين استبشر الناس بذلك ثم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة، حين لم يجدوا على الأرض شيئاً يُذكر، وسيكون ذلك الإنجاز الفعلي أكبر من كل عذر، وأبلغ من كل تبرير، وتكفيراً عن كل تقصير وضعف في السابق. أمّا إن وجدت نفسك غير قادر تماماً على فعل شيء، بسبب محاصرتك – مثلاً- بقيود جماعة أعداء النجاح، من فلول النظام (الباقي)، الحريصين على أن يسجّلوا أن حكومة الوفاق وقيادة الرئيس عبد ربّه منصور هادي فشلوا على كل صعيد، بما فيها حتى ما كان يُعتقد أنه نجاح محقق؛ فليس أمامك سوى أن تترك سياسة الجمع بين النقائض التي لايمكن أن تنطلي في كل مرّة، وأن تعلنها صريحة بكشف كل المعوّقات التي وقفت في طريق نجاحك، ومن يقف وراءها، وما أهداف ذلك، وبهذا قد تستطيع أن تسترد بعض تاريخك القريب ذي السمعة الحسنة، وتذكّر دائماً، أن الله بيده الأمر والخلق، وأن الدنيا دول بين الناس، وثمّة يوم تبلى فيه السرائر. وهذا خطاب أخيك الذي لم تلتق به يوماً، وليس حريصاً على ذلك، يصارحك من منطلق تلك الخلفية التربوية القيمية عنك، والله من وراء القصد.