التحدي في مواجهة الخطر
بقلم/ علي السورقي
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و يوم واحد
الثلاثاء 22 يناير-كانون الثاني 2013 08:08 م

يقف الوطن على أعتاب مرحلة خطيرة يشهد من خلالها حراكاً إجتماعياً وسياسياً غير مسبوق تديره القوى الداخلية والخارجية معاً ولكلاُ منهما أجندته الخاصة ومشروعه التعبوي في ظل  ما يسمى بالمرحلة الإنتقالية التوافقية المقيدة بالمبادرة الخليجية التي أفرزتها الثـــورة الشبابية وتركت فراغاً سياسياً ودستورياً إستغلته كثير من القوى والتنظيمات المحلية في المحاولة لتمرير أجندتها الخاصة على حساب أمن واستقرار وسيادة الوطن وتهديد مشروعة الحضاري الوحدوي

فالحوثية كفيروس بشري إستغل وهن المرحلة وبدأ بنشر فيروسه الطائفي في جسد الوطن وبات تأثير مرضه الخبيث واضحاً في اغلب المحافظات مدعوما بأجندة إيرانية تعمل بوضح النهار تدخلاً في الشئون الداخلية لليمن لتمرير مشروعها السياسي في تمزيق اليمن وإعادة النظام الملكي بمفهوم ولاية الفقيه ومرجعية .. قُــم .. بهدف التوسع في المنطقة وتصفية الحسابات السياسية مع دول الإقليم النفطي وصولاً إلى النموذج اللبناني وتوأمة الحوثية بحزب الله .؟

فيما الجانب الأخر ممثلاً ببعض القوى الداخلية يحاول التصدي لهذا المشروع ليس حُباً بالوطن وإنما نكاية بالأخر من أجل البقاء والمصلحة الشخصية والحزبية وخدمة لأجندة المشروع المضاد للتوسع الإيراني الطائفي والسياسي ومحاولة تفكيك التحالف الجديد بين أعداء الأمس وأصدقاء اليوم ممثلاً بالحوثية والنظام السابق هذا التحالف المتناقض والذي بات بمفهوم الطرف الأخر يهدد وجوده ويقض مساره في الوصول الكامل إلى السلطة والإنفراد بمؤسساتها الدستورية الثلاث وأهمها السلطة الرابعة

وفي ظل هذا الصراع السياسي والإجتماعي المركزي وإدارته من العاصمة صنعاء والمحافظات الشمالية إستغلت بعض قوى المعارضة المُقصاة عن الشركة الوحدوية والمنفية عنها في صيف 49 م هذا الفراغ السياسي وغياب الدولة في المحافظات الجنوبية وعملت على تغذية مفهوم الكراهية رغبة في الإنتقام من الماضي ومكره السياسي وإعادة الإعتبار للذات الشخصي فلن تجد سبيلاً لها إلا التخندق مع المشروع الخارجي والإنبطاح في أحضانة لتلبية مشاريعها التفكيكية بأجندة التكتيك الخارجي ودعمه اللوجستي المباشر المضاد لمشروع أطراف المبادرة الخليجية المحلية والإقليمية والدولية إذ كلا المشروعان يقفان في وجه الوطن وينخران في جسده الوحدوي ويحاولان عبثاً تمزيقه بكل الوسائل المتاحة الممكنة مستغلين في نفس الوقت الصراع السياسي المفتعل والإيدلوجي المشروع بين القوى المحلية التقليدية النافذة من جهة وقوى التحديث والتغيير الثوري ذات التوجه المدني المعاصر والسلوك الحضاري الديمقراطي من جهة أخرى .

وما يرافق هذا الصراع من إرهاصات تعيق مسار المرحلة وتعمل على تعثرها بين تضاريس الواقع المؤلم في تغليب المصالح الأنية الذاتية والحزبية الأنانية الصغيرة على حساب مصلحة الوطن العليا وخدمة للأجندة الإقليمية التي تتخذ فعلاً من وطننا اليمني مساحة خصبة لتصفية حساباتها السياسية المتربطة ذيلياً بالمشاريع الخارجية ذات الفكر التمزيقي والثقافة التوسعية الإستعمارية ونشر الفوضى الخلاقة بوسائل وأدوات محلية قاصرة الفكر وعقيمة الرؤية مصابة بمرض فقدان المناعة الوطنية يتيمة الهوية والإنتماء فاقدة الحس الوطني تعمل بغباءٍ فاحش لمصلحة الأجنبي إعتقاداً قاصراً منها بأن الغاية تبررها الوسيلة وإن السلطة هي الموقع الضامن للبقاء دون إدراك منها بأن الأجنبي بما فيه المجتمع الدولي لا يؤمن بهذه السياسة ولا يلتزم بثقافة البقاء إلا للقوى . ومن أهم أجندته السياسية فرق تسد . ولا صداقة دائمة ولا عداوة إيضاً دائمة

فهل حان الوقت كي ندرك حجم الخطاء ونقرأ الوضع قراءة داخلية وخارجية رصينة وبالتالي نستشعر جميعاً حجم الخطر الذي يهدد أمن وإسستقرار اليمن ويعمل بكل ما أوتي من قُبح ليمزق الكيان الإجتماعي ويثخن الجرح في مشروعنا الوحدوي الحضاري . ؟ هل حان الوقت لنتجاوز الخلافات الشكلية ونرتقي بأنفسنا إلى مستوى المسؤولية المجتمعية ونعمل معاً في مواجهة التحدي كي نصفد الخطر ونغلب مصلحة الوطن على الذات الأنانية والسلطة الزئفة .؟

هل سنكون فعلاً عند مستوى التحدي ومجابهة الخطر .؟ كي نفوز برضاء الله وبروز الضمير الحي وحب الوطن ؟ نعم لا شك في ذلك فنحن شعب الحكمة والإيمان مهما داهمنا الخطر وأرقتنا المحن إلا أننا لا نستسلم وسرعان ما نتجاوز الخلاف ونتعدى منحدرات الفتن .!! ويبقى الأمل معقود في ناصية مؤتمر الحوار الوطني حيث هو التحدي الأكبر في مواجهة الخطر ما لم أقولها بكل صراحة وليسمعها الأعرج والأعمى والأصم .. أن لا المحافظات الجنوبية ستكون جنوب عربي غير طائفي مناطقي ولا حتى موحد الأرض والإنسان . ولا المحافظات الشمالية ستكون جمهورية النظام موحدة الأرض والإنسان أيضاً وأن الخطر سيلتهم الجميع .. ولا مفر وإن المشاريع الخارجية ستفعل فعلها بنا .. والمبادرات الإقليمية سوف تتخلى عنا في لحظة وهن وسنكون نحن الضحية لفيروس الطائفية وعفن السلطة وذئاب المشاريع الخارجية المتربصة باليمن فلنذهب جميعاً إلى الحوار , حراك وثوار , سلطة ومعارضة كما يُقال , حزبي وقبيلي , معاصر وتقليدي , عسكري ومدني .! ولنتحاور في طاولة الوطن لنكون نحن ويكون الوطن إسمه القدسي اليمن هنا فقط سوف نتجاوز الخلاف المصطنع ونعيد تصدير الفتن لمن أنتجها خارجياً وصدرها عبر موانئ الخيانة والتأمر وهنا فقط سوف نتحدى الخطر بكل أدواته المحلية ووسائله الخارجية بكل تصنيفاتها الطائفية والإرهابية .. فإلى الحوار إذاً لنمضي بسفينة الوطن.