مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين
الترابي :الحجاب ستار عام وليس زيا في لبس المرأة وفي بعض الحالات شهادة المرأة أفضل من الرجل
أثارت الآراء الفقهية والسياسية للدكتور حسن الترابي السياسي السوداني وأحد أبرز قيادات الحركة الإسلامية فيه، التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة أخيرا ردود فعل واسعة وجدلا كبيرا لم يقتصر على أهل الاختصاص في الفقه والعلوم الشرعية، بل انه امتد إلى الأوساط الثقافية والفكرية والسياسية داخل السودان وخارجه، وأصبح موضوعا لكثير من الحوارات واللقاءات التلفزيونية والمقابلات الصحافية، وشغل غرف الجدل في شبكة الإنترنت. «الشرق الأوسط» حملت كل هذه التساؤلات وغيرها إلى الدكتور الترابي فكان هذا الحوار:
* أثارت فتاواكم في ما يتعلق بزواج المسلمة من الكتابي (المسيحي أو اليهودي) جدلا كبيرا.. فهل تعني بذلك إجازة زواج المرأة المسلمة وبقاء زوجها على دينه أم تقصد زواجها ابتداء من كتابي؟
ـ أولا ينبغي أن ينظر إلى هذا الاجتهاد في سياق شأن المرأة عامة، خطابا للمجتمع المسلم، فإن خطاب المجتمع المسلم المعاصر في شأن المرأة ينحط كثيرا عن أحكام قيم الدين ويبعد عن أحكام قيمه الدينية، والمثال فيه أن المسلمين ينأون عن الخوض في مثل هذه الأحكام في زواج بناتهم. ولعل من نافلة القول التذكير بأن رأيي هذا ليس بجديد، فهو رأي قديم، وما كان مجرد خبر، ولكن كان رداً على أعراض كانت تبدو للجاليات المسلمة في أميركا، إذ قدمت إلى أحد المراكز الإسلامية هناك امرأة تريد ان تعتنق الإسلام ولكنها تريد أن تعرف حكم بقائها مع زوجها، الذي ظل على دينه، لكنهم، أي مسؤولو المركز، كانوا بانفعالهم وارتهانهم إلى التقاليد، يوصونها إن هي صدقت بأن تذهب لتقاضي زوجها طلاقا، وبالتالي تخسر ولايتها على الأبناء وتخسر كل تكاليف التقاضي، وهي في أول الخطى نحو الإسلام، وكان ذلك غالبا يصدهن عن اعتناق الإسلام وإشهاره. طبعا قرأت كثيرا في تاريخ الإسلام عندما اضطربت الأحوال بين المس! لمين والمشركين، وبين مسلمين موصولين بجماعات غير مسلمة وأيام الردة التي طرأ فيها اضطراب كثير، فقدرت الرأي لما لم أجد في كتاب أو سنة كلمة واحدة تمنع زواج المسلمة من كتابي، فكنت أرى أن يتركوها تسلم فتثبت إيمانها، وكثيرا ما تدعو وتنشط في دعوتها إلى الله، فتجر إلى الإسلام زوجها ومن حوله وهكذا.. وهذا فتح مبين في أسرتها وفي الأُسر الأخرى. وطبعا من الناس مَنْ أثاره هذا فهاجمني وكفرني، وصوره على أنه قضية عرض. ولكن إذا نظرت للأمر بتجرد فإن إسلام الزوجة قد يؤثر إيجابا على الزوج غير المسلم، فيدخل في دين الله، وهو أمر يحتاجه المسلمون في بلاد الغرب. علينا أن نترك للأقليات المسلمة التي تعيش مع الكتابيين، والذين تهمهم هذه القضية أن يقدروا الأمر حق قدره، وأن يزوجوا بناتهم للكتابيين، لعل هؤلاء البنات يأتين بالكتابيين من خلال العلاقة الزوجية إلى الإسلام، أو يصبرن على دينهن، وهناك الحريات نسبيا أوسع، وليتحروا الأحوال عينا والظاهرة عموما، ذلك رأيي في هذه المسألة.
* أخلص من هذا الرأي أنكم تتحدثون عن جواز بقاء المرأة المسلمة مع زوجها الكتابي.. وليس الزواج من كتابي ابتداء؟
ـ لا.. كنت تحدثت من قبل عن بقاء المسلمة مع زوجها الكتابي، لكني الآن افتح الأمر لتقدير الأمور جملة ولتقدير عين الزواج، فلا تمنعها آية أصلا في كتاب الله. فلذلك لا أمنعها بتراكم الأقاويل التي عهدناها. فالأقاويل التي عهدناها ركنتنا دائما بأن الإجماع هو إجماع الفقهاء المجتهدين في عصر من العصور. ولذلك نقرأ القرآن فلا نجد ذلك كذلك أصلا، ولذلك ننصرف عنه. وأوصينا بأن نطيع ولي الأمر دائما ولو استلب الحكم منا بالقوة، وهكذا عهودنا كلها. لكن القرآن يصدنا عن كل ذلك صدودا. فنحن لا بد أن نرجع إلى الأصول، الكتاب والسنة، فإن ترك لنا الأمر لكي نقلب فيه، لأنه تركه بوحا هكذا، نقلب فيه ونقول الكلمة عامة أو نقولها خبرا، بعد ذلك نصوب على عين قضية فيه مع هذا التقدير ومع هذه الأحكام العامة. ويقع ما يقع في سبيل الله.
* أثار حديثكم عن الحجاب جدلا واسعا، باعتبار أنه تغطية الصدر من دون الرأس.. فما حقيقة هذا الأمر؟
ـ هذه أكاذيب بعض الصحافيين الذين لم يحضروا الندوة التي تحدثت فيها عن بعض قضايا المرأة المسلمة. فهناك كلمات كتبت لم أقلها، فبعض الصحافيين يستهويهم اسم الترابي فينسبون إلي ما لم أقله. فأنا في تلك الندوة ما كنت أتحدث عن أحكام أصلا، بل كنت أتحدث عن أن لغة القرآن نفسها اختلفت جدا في مصطلحات الناس. فالقرآن تحدث عن الحجاب أنه في حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن نساء الرسول عليهن أحكام خاصة عن غير النساء وعلى الرسول نفسه أحكام خاصة من دون الرجال المؤمنين. ولكن الحجرة كانت محدودة جدا، ولا يمكن أن يقبل الناس على الرسول يجدون أنسا وتعليما ويريدون الطعام ويأتي إليه غير المؤمنين كذلك وهم غرباء، وهن هكذا قابعات فأجدى أن يكن وراء حجاب وهو ستار فقط، فحتى إذا سألوهن متاعا يسألونهن من وراء ذلك الحجاب. فالحجاب هو ستار عام ليس هو زي في لبس المرأة. فهو حجاب عام قد يتخذ استعارة في اللغة كأن تصف أن بين الناس وبين القرآن حجابا، وقد نشير للذين يلفون القرآن ح! جابا يلبسونه ولكنهم يحجبون عقولهم وقلوبهم عن معانيه ومغازيه البالغة. قلت في المحاضرة إذا تحدثنا عن زي المرأة لا تتحدثوا عن حجاب والمعركة حول الحجاب والمحتجبة، لكن تحدثوا عن الخمار، تحدثت هكذا بيانا للغة لا الأحكام، قلت لهم الخمر سميت خمرا لأنها تخمر العقل داخل الرأس، والخمار سمي كذلك لأنه يحجب ظاهر الرأس بشعره، والقرآن أوصى النساء أن يضربن على جيوبهن الخمار، الجيب ليس هو الجيب الذي نضع فيه المال فهي جيوب قد تكون فارغة وإذا أدخل فيها موسى ـ عليه السلام ـ اليد خرجت بيضاء لا سمراء كلونه الطبيعي ولون أهله، ولكن أشرت إلى أن المؤمنات يضربن بخمرهن على صدورهن. ولكن ما تحدثت عن أحكام أصلا، فالذي نقل ذلك عني إما سمعه من سامع وما شهد الحديث بنفسه، أو شهد وسمع ولم يدرك ما أقصد بحديثي.
كنت كذلك في ذات سياقات فقه اللغة أشرح للنساء معنى (الرجال قوامون على النساء)، فقد يحسب الرجال ويحسبن أن ذلك يعني (سيادة على النساء)، فالقيام للقاعد في اللغة معلوم والنساء لسن قاعدات عجزا ولكن قاعدات للولادة أو قاعدات للحضانة، والرجال يقومون بعضلاتهم فيذهبون ويخدمون ويأتون، فالنادل في المطعم الذي يخدمنا يقوم علينا. فالحديث كله كان شرحا لمعاني اللغة ولم يكن أصلا عن الأحكام. ولكن يطير بعض الناس بالأخبار (الترابي أنكر الحجاب)، (الترابي يقول إن الحجاب للصدور فقط) كأني أريد أن يكون كل ما تحت الصدر أي من البطن كله يكون كاشفا ولكن هذا غباء عظيم وتزوير في الروايات عن الناس. ليت الصحافيين فقط يأخذون سماعة الهاتف ويسألونني ليتثبتوا من مثل هذه الأخبار.
* إذن أنت لا تعترض على غطاء الرأس كجزء من الحجاب؟
ـ أنا لا أسميه أصلا حجابا، اسميه خمارا، لأن القرآن سماه لنا خمارا وسمى لنا الستار في الغرفة حجابا. في بيتك لو اتخذت حجابا تسميه حجابا وإذا أردت كلمة ستار أو ستارة فلك ذلك أنا هنا أتحدث عن اللغة، وقد تحدثت كثيرا عن الأحكام وأشرت إلى ما لا يحبه أحيانا بعض الرجال، قلت مثلا عندما أشارت الآية إلى (عظوهن) فالموعظة ليست للرجال على النساء، ولكن لكل من حول النساء من رجال ونساء أي المجتمع، أمها وأختها وأبيها وزوجها، فالزوج هو الذي يهجر في المضاجع والمجتمع ينبغي أن يكون له رأي ـ كما في سياق الآية ـ فالمرأة تشتكي لمن هجرها لأن الهجر وقع تجاوبا عن خطأ منها، أم الضرب فليس للزوج أو للرجال ولكن للمجتمع أن يؤذي من يأتي بالفاحشة، وما هو برجم الحجارة ولكنه ضرب الجلد. فالآية التالية مباشرة تخاطب المجتمع (فإن خفتم شقاق بينهما) أي المؤمنين ـ خارج الدائرة البيتية للزوجين ـ (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) كما تمضي الآية، فسياقات القرآن التي نستنبط منها ا! لأحكام ينبغي أن تكون بينة ولا تبتر كأنها أحكام بلا سياق.
الشهادة كذلك أثارت بعض الناس.
* كذلك أود أن أقف لدى قضية الشهادة كأنك ساويت في حديثك بين شهادة المرأة وشهادة الرجل؟.. خلافا لما جاء في صريح الآية الكريمة «.. فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى».
ـ لا تحكم عليّ يا أخي الكريم حتى أكمل حديثي. الآية التي تشير إليها هي ذاتها التي هدتنا في كتابة الديون وأنها إلى أجل، ودعت الكاتب أن يكتب ودعت الشهود أن يشهدوا، وقال الله سبحانه (أن تضل إحداهما) بمعنى ربما تضل إحداهما ولم يقل (ستضل قطعا إحداهما) لو كان ذلك كذلك لاستقر رأينا على الحكم. وفي آية أخرى من ذات القرآن الكريم إذا حضر أحدنا الموت أن نشهد (ذوي عدل منا) ولم يقل (ذكرا وانثيين) ولم يقل (ذوي عدل من الرجال فقط)، ففي مقام الموت النساء يحضرن أكثر من الرجال، فإذا اشرف الموت فالزوجات والبنات والأخوات قد يكن أقرب من الذكور، فالذي ترتب على المرأة والرجل في هذا المقام هي نفس الأحكام أن يؤدوا القسم وإذا عثر على أنهما استحقا إثما نستدعي شهودا آخرين. فعامة الناس لا يعرفون إجراءات الشهادة، فبعضها حمل للشهادة في وثيقة تسمى توثيق العقود، وبعضها أداء للشهادة أمام القاضي، فالقاضي يسمع للشهود. والآن يقوم المحامون، وكلاء الخصومة، يقومون على الشهود، وي! أخذ القاضي ويرد معهم حتى يتبين هل يتذكر الشاهد تماما الوقائع التي يشهد بها، وحتى يتبين هل هو جدير بالأمانة وهل ثبت عليه من قبل طعن، وهل له خبرة بالقضية التي يشهد فيها، فالنساء قد يكون منهن متخصصات في القانون، وقد يكون منهن متاجرات أي سيدات أعمال، وقد يكون الشاهد الرجل ليس له في التجارة خبرة ولا في الديون خبرة، فقد يغلب القاضي خبرتها عليه في القضية المعينة. وقد تكون الشاهدة طبيبة نساء وولادة فتعرف عندئذ هل ولد الجنين ميتا أم ولد ثم مات بعد هنيهة وهذه يترتب عليها أشياء، كل القضاة في الدنيا بل كل عاقل هكذا يفعل. فالرسول صلى الله عليه وسلم عند أداء الشهادة يحكم على أداء الشهادة عند الخصوم ولعل بعضهم يكون ألحن بحجته من البعض، فهو لا يعلم إلا الظاهر ويحكم على الظاهر، وقد يقع الظلم على طرف ولكن يوم القيامة تقوم الموازين بالعدل فالرسول صلى الله عليه وسلم ينذر الشهود بهذه الموعظة.
* هل يمكن أن نخص هذا الحكم بالتجارة فتكون فيها شهادة الرجل تساوي شهادة امرأتين؟
ـ القرآن لم يقل ستكون ولكن قال (أن تضل إحداهما) ولم يحكم عليها بأنها ستضل قطعا، لكن لأنهن في غالب الأحوال لا يمارسن التجارة، فالله ـ سبحانه ـ لم يكلفهن بذلك ولكنه كلف الرجال أن يخرجوا ويضربوا في الأرض ويأتوا بالأموال لينفقوا عليهن، فالأمر كله يترك للقاضي عند تقدير الشهادة، فإذا تعادل الرجل والمرأة في كل شيء فمن جرب واختبر العمل في المجال المعين تكون شهادته أرجح، وقد يحتاج مجال أن يؤكد أحد الذكور آخر.
* في سياق موضوعات المرأة وردت قضية إمامة المرأة أي أن تؤم المرأة الرجال، وأنك أجزتها؟
ـ من الذي حرمها حتى أجيزها أنا، الذي فعل ذلك هو عرفكم واضطهادكم للنساء، وهذا العرف هو الذي فضل لها صلاتها في بيتها فلا تشهد حتى الجماعة التي يؤمها الرجال، فلا يظهرن أصلا، أما إذا قال أحد الناس يجوز لها الإمامة قامت قيامة الرجال. وفي آثار السنة والسيرة لا نجد سوى اثر واحد في (سنن أبي داوود)، والذي شرحه هو ذات الفقيه الذي راجع رأي الفقهاء في إيقاع طلاق الثلاثة مرة واحدة ومخالفة صريح القرآن، لأن صحابيا كبيرا قال ذلك وأخطأ في ذلك، فالآية تقول (الطلاق مرتان) وإن طلقها ثالثة تترتب أحكام. لكن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم عندما وجدا حديث (أبي داوود) أدركا الحق. فالمرأة الصحابية التي أمت لم تؤم أهل بيتها ولكن أهل دارها والدار غير البيت، فهي الدارة أو الدائرة حول البيت ولذلك كان لها مؤذن، فالمرأة لو كانت أعلم منا وأتقى منا وقامت لتصلي فينا إمامة، فنحن عندئذ لا ننظر إلى جمالها ويفتتنا هذا، فنحن لا ننظر إلى شيب الإمام ولحيته، ولكن يستمعون إلى كلامه،! فنحن نسمع للنساء في قضايا الحياة وننظر إليهن، فإذا كان السامع الذكر قاضيا وهي مظلومة فهو لا يصوب إلى مظهرها ولكن إلى روايتها، فإذا كان الخطيب أمامنا قوله لا يعني شيئا فما هو إلا لغو، ننظر عندئذ إلى وجهه وشيبه وقد نستقبح وجهه وننصرف عن الكلام لأن المضامين ليس فيها شيء. كذلك في الحكم الذي يسمونه الإمامة الكبرى، فالقرآن كتاب الله لم يسم الحكم إمامة، فقد جعل إبراهيم للناس إماما وما كان حاكما سياسيا لأحد، فالمسلمون باغتراب مصطلحاتهم سموا الحكم إمامة وجعلوها في قريش، وقد جاءت الكلمة في الحديث لأن قريشا كانوا أئمة الناس، كانوا أئمة لكفرهم، وإذ أسلموا صاروا أئمة الإسلام يؤثرون على من حولهم، فهم حول الحرم وحول الأسواق المشهورة، فهذه الكلمة وردت في هذا السياق، ولكن الناس صاروا يستشهدون بأن الأئمة من قريش من شرط الحكم. فالحكم في القرآن هو ولاية الأمر وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة كان في سياق المحاداة مع الفرس، فما كانوا سيفلحون لو ولوا ابن عم الشاه الذي مات ولم يولوا ابنته، فهم مجوس ما كانوا سيفلحون لو ولوا أمرهم مجلسا من الذكور، ولكن في تلك الأيام اشته! رت قصتهم لأن الذي خلف الشاه امرأة، فلو صح الحديث فهو يختص بهذا السياق. فما أفلحوا فعلا عندما مضوا على تقاليدهم المجوسية، ولكن أفلحوا عندما أصبحوا مسلمين وصاروا أئمة لغتنا العربية، ومن وراء بلادهم من أصبحوا أئمة الحديث وأئمة القراءات وأئمة التفاسير جزاهم الله خيرا.
* بعض الأحاديث اشارت صراحة إلى عودة المسيح عليه السلام بينما أنت تنكر هذه العودة. فما دليلك؟
ـ الأحاديث لا تنسخ آي القرآن، فهي عن فلان عن فلان عن فلان ما وردت بالتواتر القرآني، فالآيات مكتوبة من أول يوم مباشرة من فم الرسول صلى الله عليه وسلم وما كتب الرسول صلى الله عليه وسلم شيئا سوى القرآن، بل كان ينهى عنه. لكن هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبدل القرآن من تلقاء نفسه؟ معاذ الله بل إن القرآن يقول إنه ما كان له أن يبدله وإنه لا يفتري شيئا على الله سبحانه وتعالى. فالآيات بينة في القرآن أن عيسى عليه السلام مبشر برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، ولم يقل إنه يأتي أثناء حياته، والقرآن يتحدث عن عيسى وعن سائر الأنبياء أنهم خلوا من بعد هذا الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، فهو الرسول الخاتم، فالآية جاءت بينة أنه خاتم النبيين الذي يأتيه الوحي وليس خاتم المرسلين فقط. والآية كذلك بينت أن عيسى عليه السلام يوم القيامة يسأل، فالرسل يسألون كما يسأل الذين أرسلوا إليهم، فيرد عيسى عليه السلام أنه عندما توفاه الله ليس مسؤولا عما فعلوا وأنه ما قال لهم! ما نسبوه إليه أن يُعبد وأمُه من دون الله ويسبح الله أن يكون ذلك كذلك (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد) فليس هو بمسؤول أصلا بعد وفاته.
والقرآن كذلك ذكر أن الله متوفيه ورافعه كلية من هذا الوجود المشهود، ومطهرك بمعنى محررك تماما فلن ترجع مرة أخرى لتدخل فيه، وبشره بأن الذين اتبعوه هم الذين سيغلبون على بني إسرائيل الذين كفروا به، فالآيات هكذا تتواتر لمن كان له قلب أو القى السمع. لكن جاءتنا بأثر من الثقافة النصرانية التي كانت سائدة بين العرب الأميين، فغالب شهداء النصارى أيام عيسى اختفوا لأنهم كانوا يطاردون ويعذبون ويقتلون فظل مصيرهم مجهولا. ونحن نعلم من القرآن أن عيسى عليه السلام ما صلب أصلا كما ظن أعداؤه، والآخرون ظنوا أنه ما مات أصلا وما توفى الله أجله، فكلمة الوفاة إذا جاءت تعني الموت إذا السياق صرفها إلى الدين أو إلى النوم، كما في سياق توفته الملائكة أو توفاه الله هذا كله يعني استيفاد الأجل في الدنيا حتى ينشأ نشأة أخرى يوم البعث. رغم جلاء الآيات دخلت على المسلمين عقيدة الانتظار. فالناس إذا اضطهدوا وذلوا ينتظرون الآمال حتى إذا كانت واهية، وأنا فسرت بذلك انتظار الإمام لدى! إخوتنا الشيعة، فما جعل الله لبشر الخلد، وأظن ـ والله أعلم ـ أن الخليفة العباسي الذي قتل والد الإمام قتل الإمام الثاني عشر ولكنه فعل ذلك سرا، فالناس لم يروا جثمانا وما كفنوه وما صلوا عليه وما حملوه إلى المقابر، فغلب عليهم الرجاء أنه حي، وتوارثوا هذا الظن أو الرجاء عبر القرون. وحتى عند السنة إذا عجزوا ينتظرون المهدي. وإذا درست أحاديث المهدي كلها وقرأت ما كتبه الكاتبون لوجدت أنهم قالوا إنها آمال المستضعفين. فعيسى عندهم يأتي ليقتل الخنزير، فما يجوز لأحد من المسلمين أن يقتل الخنزير إذا كان لأحد من النصارى، ولا أن نكسر صليبه فلا إكراه في الدين. ويمكن فقط بالحسنى أن نقول لهم إن عيسى أحل لكم كثيرا مما حرم على اليهود تأديبا لهم من الله على جنايات ارتكبوها.
وقد رأيت أصنافا من الذين ادعوا المهدية وعشت مع أحدهم في السجن، وفي السودان ادعى بعضهم ذلك وآخرون في العالم الإسلامي ادعوا ذلك. فالأحاديث تقول يوشك أن ينزل عليكم عيسى ويفعل كذا، فأنا اصرف هذه الروايات إلى أثر الثقافة النصرانية وأنها نسبت خطأ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. بل إننا لنسمع أحاديث في الصحاح تنسب إلى الله سبحانه وتعالى أنه خلق الأرض يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء وخلق السماوات كلها في يومين، وهذا تعلمون بالعقل أنه سخف. فكلمة يوم وأيام (عند ربك) هي أزل كألف سنة والألف سنة ليست (999+1) هذه هي لغة العرب فالألف غاية العدد، ولكن ذلك تجده في صحيح مسلم، فالأيام حقب ممتدة لا ندري مداها أبدا. واليوم السابع لا يتحدث عنه المسلمون ولكنني تحدثت عنه في كتاب «التفسير التوحيدي» لمن شاء أن يرجع إليه، وحتى لا أثقل صحيفتكم بالمثيرات.
* هذا يقود للحديث عن المهدي المنتظر وإنكارك للأحاديث حوله؟
ـ هنالك جملة أحاديث كما ذكرت، ولكني أحث المسلمين ألا يقعدوا هكذا كسالى ينتظرون من يملأ لهم الأرض عدلا وهم لا يريدون أن يسعوا ليملأوا شبراً من الأرض عدلاً، فالأرض اليوم كلها في ظلمات من الظلم، وهم لا يعدلون وينتظرون العدل أن يأتي من تلقاء السماء، كأنهم يقولون كما قال اليهود لموسى (إذهب أنت وربك فقاتلا إننا ها هنا قاعدون). أنا أقول للمسلمين انتم كلكم إن شاء الله من المهديين، فأنتم سبع عشرة مرة في اليوم على الأقل، إن لم تزيدوا الصلاة نفلا، تسألون الله أن يهديكم الصراط المستقيم، وهل آيستم أن يستجيب الله لكم فتصبحون مهديين؟ إن فعلتم ذلك فقد تركتم قراءة الصلاة.
أما الذي يأتي آخر الزمان باسمه والعلامات على ظهره وينتظره المسلمون، فهو انتظار الأماني كما كانت ظنون أهل الكتاب من قبلهم أن الفلاح والصلاح بأمانيهم، وأن يأتي إليكم عيسى مرة أخرى فيصلح لكم الأرض بعد أن أفسدتموها وأنتم تجلسون هكذا وتنظرون، ولا تخافون الله ولكن تخافون السلطان وطاغوت الدول العظمى، فالله هو الأكبر منا جميعا وأحق أن تخشوه، ولا تقولوا كنا مستضعفين في الأرض، كما يقول القرآن ولكن توكلوا على الله فيما تعملون، وانظروا كم سنة مضت منذ أن قيلت هذه الأحاديث، فهل كل هؤلاء الموتى من المسلمين يقولون لله سبحانه وتعالى كنا لا نفعل شيئا وأن المسلمين انحطوا وتخلفوا بعد نهضتهم الأولى لأنهم كانوا ينتظرون بقدر الله أن ينزل عليهم من يصلح بأجله المكتوب، فالمسلمون ليسوا لهم في نهضتهم إلا أن يتوكلوا على الله. لكن يمكن أن تقرأ عن أحاديث المهدية في كتب حديثة جمعتها كلها وطرحتها كلها جملة واحدة، فخلفاء الرسول المهديون هم كل من يخلف الرسول صلى الله علي! ه وسلم على طريق الهداية إن شاء الله، فهم ليسوا اثنين ولا أربعة يحسبون هكذا ولكن مئات في العلم وفي السياسة وفي كل مجال من مجالات المسلمين.
* فلنختتم هذا المحور من حديث الفقه والشريعة بسؤال حول القضية التي انسدت فيها الطرق بين الحكومة والحركة الشعبية أن تكون الخرطوم معفية من الشريعة
ـ هنا تدخل قضايا السلطان التي يدعها الربانيون والأحبار رغم ما استحفظوا من كتاب الله، وكانوا عليها شهداء، للأقاصرة والأباطرة يحكمون بغير ما أنزل الله، والقرآن عندما يشير إلى أن من لم يحكم بما أُنزل أولئك هم الكافرون فهو لا يشير إلى من يتولى السلطان فقط، فهنا قام فينا ربانيون وأحبار من المسلمين وقالوا إن الربا حلال للضرورات ويقدرها وزير المالية وولي الأمر. ولكن القرآن لم يعذر الرسول صلى الله عليه وسلم عندما اشتد عليهم الفقر في المدينة أن الربا حلال ولم يبدل الآية أن لكم رؤوس الأموال وإن أكلتم الربا فبينكم وبين الله حرب (إلا أنت يا محمد مستثنى لأنكم فقراء). فاتفاقية نيفاشا ـ كما تعلم ـ نسخت الشريعة وألغتها تماما من الحكم الاتحادي، ولكن لماذا لم تثر ثائرة الذين يدعون اليوم الغضب للشريعة.
ولكن ترك للولايات الشمالية أن تأخذ من الشريعة ما تأخذ، فالآن العاصمة تريد أن تأخذ من الشريعة ما تأخذ، فنحن عندما مددنا يد السلام للإخوة في الجنوب، لأن دولة الإسلام ومجتمعه قامت منذ أول يوم على مجتمع بعضه مسلم وبعضه غير مسلم، فهذا كان النموذج السني الأول. فهؤلاء لو تركونا نمضي معهم في التفاوض لانتهينا إلى أمر أقوم من هذا الذي انتهوا إليه، فهم اليوم تورطوا في أمر العاصمة وقام حولها جدل، فلا تسألني عن فتوى لمن لم يستفت ولم يسأل حول قضايا الشريعة والدين واللغة إبان التفاوض.
فالدستور الذي بين أيدينا اليوم ليس فيه شريعة في الحكومة الاتحادية حتى نبحث عن مخرج لمعتمد الخرطوم أو واليها. فالصمت إزاء كل ما يفعل السلطان هي نفس العلة التي أصابت أهل الغرب، فمن الذي أباح الربا للغرب؟ للنهضة وللثورة البرجوازية صاحبة المال التي ساقها كذلك اليهود بتجاربهم المالية يأخذون الربا ويأكلونه ولكنه أباحه مثل هؤلاء بعد أن كان محرما في المسيحية والعياذ بالله.
* فوز حماس ومن قبلها فوز الإخوان المسلمين في مصر في انتخابات ديمقراطية ألا يعني أن الحركة الإسلامية في السودان قد تسرعت في القفز إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري في يونيو 1989 وكان واضحا من مسار الأحداث أنها كانت الكاسب الأعظم في فترة الحزبية السابقة للانقلاب؟
ـ الآن تطور المد الإسلامي في المجتمعات المسلمة وتقدم على امتداد الأرض، المجتمعات العربية والغربية والآسيوية والأفريقية، ليس كلها ولكن غالبها. ولكن إذا فتح لهذه الشعوب الطريق كما فتح في فلسطين فستذهب كل هذه النظم مذهب حركة فتح وسيقوم الإسلام. والآن احتار أهل الغرب، الديمقراطية عندهم قيمة عليا ولكن الأعلى منها أن يقوم الإسلام وتبعث حضارته على حساب الحضارة الغربية، فالحضارة قيمة أعلى من الديمقراطية. وهم اليوم يتحدثون بصراحة، أنهم لو كانوا يعلمون أن حماس ستفوز كل هذا الفوز، فهم لم يكونوا يعلمون ولم تكن حماس نفسها تحسب أنها ستفوز كل هذا الفوز حتى في سرها، فالسر كان سيعلم وكانوا سيسدون عليها الأبواب. والإخوان المسلمون في مصر الغرب لم يأذن لهم حتى بشرعية حزب في إطار ديمقراطي، فالإخوان ترشحوا في نصف المقاعد وإذا فازوا جميعا يعرف الآخرون أن الغلبة لغيرهم، ولكنهم ما أن بلغوا العشرات حتى سد الطريق جهارا نهارا.
وفي الجزائر من قبلنا لما رأى الغرب أن الجولة الأولى قاضية على النظام الماضي بتوجهه وليس فقط بأشخاصه وأن الخلف سيكون بالديمقراطية إسلاميا، والأنبياء كانوا يقولون «إن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلنا به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا»، والرسول صلى الله عليه وسلم جاءته الآيات أن يترك الحرية تغدو بيننا وبينهم لنرى لمن تكون عاقبة الدار، ولكن الذي حدث في الجزائر أن كبتت التجربة ووئدت بالقوة، وكذلك يفعلون في تركيا. وفي السودان الإسلام تقدم أكثر مما تقدم في بلاد أخرى حتى اقترب من السلطة، وتقدم نحو الحكم أكثر من جملة العالم السني، وعندما بلغنا شيئا من إعلان قوانين منسوبة للشريعة آخر أيام نميري جاء بوش الأب وقال لنميري من هؤلاء الذين أتيت بهم إذهب بهم للسجون وقد فعل، فذهبنا مباشرة من القصر للسجن، فنميري عندما رأى المد الشعبي الإسلامي أراد أن يكون له نصيب ينافس به نفوذ حركة الإسلام ففتح فتوحات.. حرم الخمر ومنع الربا نظرا لا عملا، وبدأ يتحدث عن الخلق ال! إسلامي في أهلية من يتولى منصبا عاما، فجاءته من ثم النذر، فترك خليفة له وذهب بنفسه إليهم ليطمئنهم أن كل أولئك قد سجنوا مرة واحدة.
ولكنه لما سقط وجاءت الثورة الشعبية التي تعلمها، كذلك لما دخلنا مع السيد الصادق المهدي (قبل أن ينال الإمامة) أتته القوات المسلحة جهارا وقالوا إبعد هؤلاء أو لنقيلنك، وأخبرنا بالأمر وأعلنه بعد ذلك. ونحن أخطأنا فلم نكل الأمر إلى ثورة شعبية تأتي بالإسلام ولكن أوكلناه إلى الجند، ولكن منذ فرعون وجنوده العسكر لا يحبون الشورى بل يحبون الأمر، ولذلك لما تمكنوا في السلطة فتنتهم وارتدوا على عهد الدستور الذي كان ينتقل بالشعب نحو الحرية ونحو الديمقراطية ونحو بسط الحكم الاتحادي، فنحن ما كنا نريد أن نستأثر بالسلطة ونستبد على الناس ونأكل أموالهم فسادا في الحكم أصلا. فنحن نقرأ في القرآن أن الأمة التي أخرجت للناس خير أمة مع موسى عليه السلام لما مكنوا في الأرض التي كرهوا أول مرة دخولها وقالوا لموسى لن ندخلها لأن فيها قوما جبارين، لما مكنوا قال لهم القرآن (لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا)، ثم تعاقبون بقوم أولي بأس شديد ثم ترد لكم الكرة، فإن أفسدتم مر! ة أخرى ستكون العاقبة قاضية وليتبروا ما علوا تتبيرا، فنحن لم نكن نريد أن تحكم حركة الإسلام باسمها (الجبهة الإسلامية) ولا أن يحكم العسكر ولكن آخرين آثروا ذلك. فأنا أعلم أن هذه الروح العسكرية أفسدت الخلافة الراشدة. وتعلم من تمكنت فيه روح الجندية منذ الجاهلية وتقاليد القيصرية، ولا أذكر الأسماء حتى لا تثور ثائرة مسلمين، فالروح الجاهلية والثقافة الرومانية قضت على تجربة حكم الأمة الراشد في الإسلام ولم تدعه يتطور كما بدأ، فالخلافة الراشدة كانت تنتخب وتحاسب ويساوى بينها وبين سائر المسلمين. هذه أخطأنا فيها وحاسبنا الله عليها بأن أدخلنا السجون، لعل ذلك يكون كفارة لنا في خطأ اجتهادنا إن شاء الله.
فأنا لا أريد لحركة الإسلام أن تصوب إلى رأس دولة فتقتله لأنها فعلت ذلك وما أجدى شيئا، ولا أريد لحركة الإسلام وثورته أن تكون عاقبتها مثل عاقبة الثورة في الجزائر أو في أفغانستان، فلا بأس بالثورة ولكن بعد الثورة لا ترهب الناس ولا تقتلهم وأن تترك الناس كما تركهم الرسول أن تتعايش وأن تتراضى، كل يعمل على شاكلته ونرى لمن تكون عاقبة الدار هنا والدار الآخرة كذلك، وكل مرة نرجع إلى الناس. ولكنهم إذا استغلظ الاضطهاد والكبت لا بأس بالثورة ولئن صبرتم لهو خير للصابرين، فآيات الجهاد كلها دفاع وآيات القتال كلها دفاعية. ولكنهم كلهم يتحدثون عن آيات السيف وأنها نسخت كل الآيات وإذا هي خروج عن سياقات القرآن. الحديث كذلك اخرج من سياقه (من بدل دينه فاقتلوه)، كأن من بدل دينه وكان كافرا ودخل الإسلام يقتل ولكن آيات القرآن الحمد لله بينته ـ فالحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنا لا أقول اتركوه فهو بيان للقرآن والأوفق أن تقرأ القرآن في سياقه عندئذ ستجد الحديث هو خ! ير بيان.
* هذا يدخلنا في اجتهاد لك أن الردة الفكرية لا توجب القتل، وكما تعلم أن في أفغانستان ارتد مواطن عن الإسلام وحكم عليه ثم ترك بحجة أنه مختل، وامتد أثر القصة حتى نحو العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، حيث آوته دولة مثل إيطاليا؟
ـ آيات القرآن كثيرة جدا من العسير أن نتلوها كلها فالكتابيون نجادلهم بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم، وإننا نؤمن بأنبيائهم ونؤمن بالكتب وان كانت قد بدلت تبديلا، وأن نبرهم إذا لم يبدأونا بقتال وأن نعاملهم سواء وأن نردهم إلى كلمة سواء بيننا وبينهم ونقول لهم نتداعى.
* ذكرت أكثر من مرة أنه يمكنك حل مشكلة دارفور في جلسة واحدة فما سر هذه الجلسة التي تبخل بها على أهل السودان؟
ـ إنني لا املك السلاح الذي نضرب به المقاومة الدارفورية ولا أملك المال العام الذي يحتازه ولاة السلطة، ولكني أتحدث عن الموضوعات وخططنا بوصفنا حزبا، ورقة كاملة باللغة العربية والإنجليزية عن كل مسائل الخلاف في دارفور واختصرها لك:
هنالك نموذج بينهم وبين أهل الجنوب خذ ذات النموذج وطبقه على دارفور، لكنهم لا يرضون لهم ذلك لأنهم من المسلمين وكلهم يتكلمون العربية، عندئذ ستعالج المشاكل كلها.
نيابة الرئاسة وإقليميا ينسق بين الولايات حتى لا يقسمها المركز ويعلو عليها، وحدودهم القديمة التي كانت تعبرها صادرات الإبل بينهم وبين مصر، وخطهم النسبي في مجالس التشريع التي أصبحت كلها مجالس معينة ليس فيها من خير كثير. ولكن إذا اخذوا حظهم خصموا من حق الأغلبية المطلقة التي احتازها واحتكرها الحزب الحاكم والآن يطالب بها شركاؤه من الجنوب، أي نسبة الـ52%.
ما وجدت دستورا في العالم يفعل ذلك. كذلك يريدون حظهم في المال العام زائدا شيئا ما لأنهم ظلموا منذ احتلهم الإنجليز لأنهم كانوا يقفون جهارا مع العثمانيين ضدهم وكذلك مع الألمان ضدهم، وبأثر هذه القضية حرموهم من الطرق ومن التعليم وكل وجوه التنمية، وكذلك الوطنيون ورثة الإنجليز فساروا سيرة الإنجليز وفعلوا بهم ذات الشيء، فيريدون حظا أكثر قليلا من المال العام المخصص للولايات.
أعطوهم ذلك ودعوهم في فترة انتقالية يحكمون أنفسهم حتى الانتخابات التي يتنافس فيها الناس، أحزابا قومية وأحزابا اقليمية، وتحدد من يلي أمر الولاية هنالك ومن يلي أمر السلطة القومية.
هذا كل ما في الأمر، وهو أمر يسير. فاليوم هنالك مليونان من اللاجئين السودانيين، فالسودان كله حكومة وشعبا لا يدفع لهم دينارا واحدا. فالسودانيون أهلهم محجوبون عنهم والدولة مستنكفة عنهم، ترعاهم المنظمات من تلقاء الغرب والأمم المتحدة. والقوى الأفريقية تقيم في المدن فقط، وتترك كل قارة دارفور ساحة للنهب المسلح ليس بين الجنجويد والمقاومين والجيش السوداني، ولكن أصبح النهب المسلح هو نهج الحياة، والناس يموتون كل يوم لجوءا ومرضا، والتعليم توقف إلا قليلا جدا والصحة تتأخر. يحدث كل هذا ونحن نجلس ننظر في أهل الكراسي يتمتعون بكراسيهم ونؤجل المفاوضات جولة بعد جولة أم نعالج المسألة كما عالجناها مع الجنوب، ونستغني بذلك عن الوجود الأجنبي، لكننا نسمع الصراخ والعويل الذي يتحدث عن تدخل القوى الأجنبية، والأفارقة على رؤوسنا أليسوا أجانب؟! وفي قضية الجنوب آلاف على رؤوسنا والشرطة الدولية وكلابها على رؤوسنا حقيقة، وليس مجازا.
* ما رأيكم في أحداث تشاد الأخيرة؟
ـ تشاد دخل عليها جنود، أتراهم نزلوا من السماء أم انبعثوا من الأرض؟ ما هي البلد شرق تشاد؟ هذه بداية، وكيف دخل الرئيس إدريس ديبي نفسه إلى تشاد؟ من كان وراءه ومن دفعه؟ وكيف دخل حاكم تشاد الذي سبق ديبي؟ كلها بداءة لا ينكرها أحد، فالهواتف معلومة والطرق معروفة وكيف ضربوا ومن هم وما هي الوثائق بين أيديهم، فأمر وأمر تشاد بعضهم من بعض وقضية دارفور تجاوزت حتى الإقليم وحتى قارة أفريقيا وأصبحت عالمية ومن الخير أن نسارع لحلها.