تكلفة الحصانة
بقلم/ عارف الشيخ
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 14 يوماً
الخميس 10 مايو 2012 04:35 م

لاشك أن قانون الحصانة الذي منح للرئيس المخلوع شكل غطاء هلامياً على كل الجرائم السابقة وأظهرت الرجل انه غير طامعاً في جاه وغير عابه بسلطان كما أنها حسنت صورته البشعة وأكتسب تعاطفاً من البعض كوننا مجتمع يغلب عليه النزعة العاطفية منه إلى النزعة العقلانية المنطقية ,وكما مثلت الحصانة انتكاسة لحقوق الأنسان على مستوى العالم وانتهاكا صارخاً لكل النواميس الكونية ,كما عبرت عن ذلك الكثير من المنظمات الحقوقية والهيئات العالمية حيث أنها عبرت عن خيبة أملها لهذا القانون الذي يعد سابقة خطيرة ونهجاً يتنافى مع روح العدالة والمساواة فلو لم يكن صالح رئيساً لما منح هذا العفو فمنح مجرماً حصانة بهذا الشكل وبهذه الطريقة ستمنح كل مرتكبي الجرائم فرصة التمادي في غيهم وطغيانهم وتوفر له غطاء أخر لترتكب مزيدً من الجرائم التي أقترفها في سابق أيامه حد وصفهم.

كما أن موضوع الحصانة شجعت آخرين ممن كانت فرائصهم ترتعد خوفاً من أن يكون مصيرهم كمصير المجرمين الذين يقبعون في السجون ويتذوقوا من الكأس الذي أذاقوه هذا الشعب فنهبوا المال العام وزادوا شراهة ونهم في إفراغ المؤسسات التي تحت أيديهم كما أن حالة الانتقام طالت حتى الأبرياء بعد أن تم إزاحة مقولة من منصبه وتعيين خلفاً له ومع ذلك حدث ما حدث في أبين وبدلاً من أن يحاسب ويحاكم عسكرياً تمت ترقيته تحت شعار الضمانة كما أنه لا يخفى على أحد أن كثيراً ممن يحسبون على المؤتمر الشعبي باتوا أداة طيعة بيد جماعة الحوثي ينشروا ثقافته ويبشرون بحزبه ويعملون على تقويض دعائم السلم الاجتماعي ,هذه الجماعة الخارجة عن الإجماع الوطني التي تعارض وتقتل وتشارك في الساحات وترتكب أبشع الجرائم في حق إخواننا في دماج وحجة والجوف دون أن يكون لذلك أدنى مصوغ شرعي لهذا القتل الذي توزعه في كل المناطق بغرض الهيمنة والسيطرة على الأرض ,كما كشفت هذه العلاقة المشبوهة بين قيادات الحوثي وبقايا أزلام النظام أن حروب صعدة الست لم تكن سوى مسرحية أعدت فصولها سلطة الفساد بهدف تصفية الحسابات وتصفية قيادات عجزت عن إقصائهم بطريئقها التقليدية المعهودة لما يمثلون من ثقل سياسي وعسكري .

وبهذه الحصانة تكون المعارضة قد ارتكبت عن غير قصد خطاً إستراتيجي فادح,فما كان يجب عليها أن تمنح مثل هذه الضمانات وبهذا السخاء والكرام دون ضوابط كي يترك مكانه لنائبه وخصوصاً أن الإجماع الدولي والإقليمي كان مجمعاً على خلعه كما كان يجب أن تكون هناك نصوص جزائية رادعة في حالة أن أحد الطرفين ثبت عليه أنه نكث بعهوده ومواثيقه كما أن الضمانات تكون في الحق العام وفي الممارسات التي لا ترقى إلى حد الجرائم وأن يمنح عفواً لا حصانة وأن لا يزاول العمل السياسي البتة وأن يقال أفراد عائلته تزامناً مع توقيع المبادرة وهذا كان أقل القليل كي لا يظل يروض أو يناور الثعابين التي في مخيلته .

فما يبدو ويلوح في الأفق أن الرجل يعد لمعركة انتقامية استنادا إلى الضمانة الممنوحة له ,وأن حملة الثأر والانتقام قد بدأت بمسلسل مكسيكي أو تركي يكون فيه علي صالح هو علي علمدار .أما لغة الانتقام التي ينتهجها الرجل على مدى هذه الفترة فستكون طويلة وإستراتيجية وستطال كل فرد في هذا البلد لأن الانتخابات كشفت له زيف شعبيته التي كان يغذيها من لمال العام ويزيد عليها بالترهيب والترغيب كجزء من نظامه البوليسي العفن وهو بذلك يدشن حملة شاملة لكل أبناء الوطن .

ومن هذا المنطلق لم يكن التوقيع على المبادرة سوى هروباً للأمام وتخفيف الضغط الدولي والإقليمي عليه وإيهام العالم أنه ملتزم بما وعد,وهو بهذا التوقيع كان يريد أن يؤمن أرصدته من التجميد التي بها سيستقوي على خصومة في قادم الأيام ولا أظن الرجل في هذه الأيام إلا مخططاً لمعركة استنزاف دون ضغط دولي ومن خلف الكواليس مستغلاً كل المشاكل والأزمات التي لا زالت طافية على السطح ,مع شعوره بالخطر الحقيقي في إعادة هيكلة الجيش الذي يعتمد عليه بعد الثروة الهائلة التي جناها طيلة فترة حكمة وكذا إقصاء أقاربه الذين هم ممسكون بتلابيب المؤسسة العسكرية.كما أن من الأسباب التي تدعوه إلى التفاؤل أن حكم بشار الأسد لا يزال صامداً حتى الأن مما يجعل أنظار العالم منجذبة نحو سوريا ولا يزال العالم يرسل برقيات التهاني للرئيس الجديد على عراقة وأصالة وحكمة الشعب اليمني ,كما أن صورته أمام بعض السذج ممن لا يزالون موالون له مازالت تتمثل في صورة المخلص والمنقذ لهذا الوطن .

ففي قراءة لما يحدث الآن وبالعودة إلى أخر زيارة قام بها الرئيس المخلوع إلى ألوية الحرس الجمهوري وهو يقول بالحرف الواحد (إذا سلمنا السلطة فانتم السلطة)وكأن لسان حاله يقول أنه سينقل السلطة لهم فعلياً وليس لعبده ربه منصور

ومن هنا يتضح لنا وكما سبق وأن حكم البلاد بالمكايدات وشراء الذمم وإفساد أخلاق الناس من خلال النهب والسطو وأعمال البلطجة التي أنتهجها طيلة أيام حكمة فهو الآن أحوج إليها كي يستعيد مجداً أضاعه بتوقيعه وكي يثبت لنفسه الأمارة بالسوء أنه قادر على الفعل وأنه لا يزال رقماً صعباً لا ياستهان به فهل سنحتاج إلى إلى مبادرة أخرى يمنح فيها صالح الشعب حصانة من شره المستطير ؟