جمعة استقلال الجامعات
بقلم/ د.علي مهيوب العسلي
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 23 يوماً
الثلاثاء 03 إبريل-نيسان 2012 04:16 م

فـمـا رأي شــباب الثــورة في انـتــخاب رؤســـاء الــجامــعـــات ؟!

من تسمية الجمع في الثورة نجدها :إما أنها لا تنم عن وعي حقيقي بمدلولها العميق في نفوس الجماهير المحتشدة في الساحات ،وإما أنها تأتي كردة فعل لحدث معين وفي كلا الحالتين تُسلب الجُمعة من تحقيق الغرض الذي رفعت من اجله وتصبح مجرد رسالة قد تصل إلى المعني بها وقد لاتصل ،وقد تصبح مجرد تندر من القوى المضادة للثورة في حال فشلت تلك التسمية في تحقيق أهدافها .

فهل يا من تسمون الجُمع تدركون وتقبلون النقد وتتوفر لديكم الاستعداد لمراجعة قائمة التسميات منذ انطلاق الثورة المباركة في عمل تحليل مضمون لما تحقق منها وما لم يتحقق ؟!

 هذا في حال أننا افترضنا أن الشباب هم الذين وراء كل التسميات التي تمت في السابق وحتى الآن دون تدخل من الأحزاب في تلك التسميات!

تعالوا يا شباب ثورتنا أن نأخذ فقط الجمع الثلاث السابقة "جمعة هيكلة الجيش مطلبنا"و"جمعة الوفاء لشهداء الكرامة"و"جمعة استقلال القضاء" فالتسمية الأولى مرتبطة ارتباط مصيري بأهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية وبالتالي إذا قرر الثور ذلك فلا حسابات سياسية ولا تكتيكات في ذلك على الإطلاق، بل هو هدف استراتيجي يترتب على إطلاق مثل تلك التسمية الانتقال فورا إلى التصعيد الثوري السلمي المستمر حتى يتحقق هذا الهدف ،فالتسمية هنا ليست مجرد تذكير ولا ينفع فيها التكتيك والضغط لتحقيق ذلك ،بل يترافق مع التسمية حملة إعلامية ممنهجة ومكثفة تتناول أبعاد التسمية والعوائد المتوقعة لصالح الشعب .وكذلك التوضيح للشعب اليمني لماذا الهيكلة ؟وماذا يعني جيش وطني بعيد عن الأسر الحاكمة ؟وما هو حجم الجيش الذي يحقق الآمن القومي والوطني للجمهورية ؟وما نوع الوحدات المطلوبة من حيث التدريب والتأهيل والمستويات العلمية المطلوبة والانتشار والقضاء على الفساد في الأسماء الوهمية وصفقات السلاح المنتهية ؟وان تستعينوا بالضباط الأحرار الذين انظموا إلى الثورة لينيروا لكم الدرب في هذا المجال لان الهيكلة في معظمها جانب فني فالمتخصصون هم الأقدر على إعطاء الهيكلة حقها من الشرح والتوضيح.فهل تم مثل ذلك يا شباب الثورة الكرام ؟!

وإذا انتقلنا إلى "جمعة الوفاء لشهداء الكرامة"فهل بعد عام من مجزرة جمعة الكرامة تذكر الثوار أنهم لم يقدموا مرتكبي المجازر إلى المحاكمة بالرغم من أن الشباب قد قبلوا جزءا من المبادرة الخليجية والياتها التنفيذية المتمثل بقبولكم ولو على استحياء ما أفرزته من حكومة وفاقية ، وكذلك مشاركتكم بفاعلية في انتخاب المشير عبده ربه منصور رئيساً للبلاد لم يسبق لها مثيل !

فما المقابل يا شباب ! مازالت قضية جمعة الكرامة في الأدراج , ويراد لها أن تدفن ، أي تسوى من خلال قانون الحصانة الذي مرروه وقانون العدالة الانتقالية الذي يريدون أن ينجزوه ،والحوار الوطني الذي يراد به تسوية الملعب السياسي لصالح الحيتان الكبار على حساب الدماء وانين الجرحى ودموع الثكلى، فماذا حققتم من هذه التسمية سوى قرار يتيم باعتبارهم شهداء! وهو لا يسمن ولا يغني من جوع ! فهل أيها الشباب تحولتم من صانعي الأحداث إلى مزينين ومخرجين للأحداث بحسب أهواء السياسيين! أفيدونا أيها الأحرار الأطهار عن مساركم الذي اخترتموه لأنفسكم ولا تسمحوا لكائن من كان أن يستخدمكم لتحرقوا مراحل ثورتكم!

أما إذا ذهبنا إلى جمعة استقلال القضاء فهو هدف استراتيجي من أهداف ثورتكم ،ولقد التقطه قضاتنا الأفاضل و بدأو به نضالهم منذ اكثر من شهر وما على الثوار إلا دعم خطواتهم لتحقيق هذا الهدف .فالتسمية ليست للمجاملة أو من اجل إعطاء شعور واهم بان القيادة السياسية تستجيب للثوار في الساحات وتتفاعل مع مطالبهم وتتخذ قرارات كبرى في هيكلة الجيش واستقلال القضاء ،والحقيقة لا هيكلة الجيش بدأت ولا استقلال القضاء في طريقه للتحقق فكل ما جرى وسيجري كله مخدرات ليس اكثر !

لكن بالمقابل فقد شخصتم أيها الثوار المشكلات الحقيقة المعيقة لبناء الدولة المدنية الحديثة ،وبرَّزتم الأولويات فاستمروا في النضال فيها حتى تتحقق دون التشتت في قضايا جانبية ليست من أولوياتكم ،فركزوا على الأهداف المفصلية وبكل تأكيد ستتحقق الأهداف التفصيلية!

أيها الشباب الأحرار أردت أن الفت انتباهكم إلى أهمية التسمية لأنها في الواقع تعبر عن وعيكم ووضوح فكركم فيما تنشدوه من تحقيق دولتكم المدنية التي تتطلعون إليها!

إنني هنا أناشدكم باسم الثورة أن تبدؤوا من الآن بجد في تحديد التسمية بالجمع القادمة على أساس الأولويات بمنهج علمي يؤدي إلى تحقيق الهدف من التسمية وان تكون الجمعة القادمة معلنة في الساحة من الجمعة الحالية،لكي تهيئوا الناس للحديث عنها والتفاعل معها طوال الأسبوع .إن التشخيص الدقيق لبناء الدولة المدنية الحديثة لا يمكن أن يتحقق إلا بالتعليم سواء في مراحله الأساسية التي هي أهم واخطر مرحلة في تنمية وتوعية النشء على أساس ديمقراطي وحتى الوصول إلى المرحلة الجامعية التي هي أساس الممارسة الديمقراطية وتحمل المسؤولية ، فالتعليم إذن هو أساس التنمية ،وأساس التقدم، وأساس الديمقراطية الحقة المبني على الاستقلال التام للجامعة،فإذا لم يتحقق استقلال التعليم بحثيا وماليا وإداريا، فلا معنى له في سبيل رفعة الأوطان ،فالجامعة هي عقل الأمة وبالتالي هي المعنية قبل غيرها بحل المشكلات التي تعترض بناء الدولة دون غيرها من القوى المحلية أو الإقليمية أو الدولية ! فهل انتم أيها الشباب واعون ومدركون لأهمية استقلال الجامعات بدلا من استمرار الفكر الشمولي والأمني بقيادتها،والذي لا يعنيه إلا إرضاء الحكام ! فليكن من أولوياتكم التعليم فهو المحرك الأساسي لعجلة التنمية ،فمن ملاحظاتي أن الثوار ليسوا مهتمين بالتعليم كثيرا وليس من الأهداف الإستراتيجية لديهم، والحقيقة انه من الأهداف المصيرية لتحقيق التغير المنشود ،فلوا أخذنا على سبيل المثال تونس الثورة لوجدنا أن الثوار قد أنجزوا ثورتهم بأقل فترة ممكنة ،وبأقل كلفة من الدماء ، ومن أهم الأسباب لذلك في اعتقادي هو التعليم ،حيث معظم الشعب متعلم تعليم عالي ،وبالتالي يسهل إحداث عملية التغيير إذا ما قرر الشعب ذلك، لذا أتمنى أن تسموا جمعتكم القادمة جمعة" استقلال التعليم والجامعات اليمنية" و الانتخابات في ذلك هي المدخل الحقيقي لاستقلال الجامعات وان لا تغادروا هذا الهدف حتى يتحقق لكم ذلك وتكونوا بهذا قد أدركتم قوتكم وأرضيتم شعبكم وأزحتم عنكم غبار استغلالكم فهل انتم فاعلون؟! فأعضاء هيئة التدريس بانتظاركم وهم على دربكم سائرون!!

  alasaliali@yahoo.com