حوار مع صديقي الثائر صبيحة يوم التصويت
بقلم/ د.سعيد النضاري
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر
الأربعاء 22 فبراير-شباط 2012 06:58 م

قال صديقي وشريكي في ساحة التغيير: لن اشارك اليوم في الانتخابات.

قلت: لماذا؟

قال: لم نحقق أهداف ثورتنا باسقاط النظام، وهادي هو نائب لصالح.

قلت: وماذا كنت تؤمل؟

قال: ان يرحل جميع رموز النظام البائد، وأن نبني يمنا جديدا

قلت: لقد كنا نعلم جميعنا ان صالح وعائلته هم النظام وإن كان قد عين أشخاصاً لمساعدته فمن باب ذر الرماد في العيون! وكلنا نعلم ان النائب هادي في تلك الحقبة لم تكن له صلاحيات، ومن يعرفه عن قرب يدرك كم هو جدير بالاحترام وانه نزيه ونظيف اليد! أما بقية رموز النظام – كما تقول – فإنهم كغثاء السيل وهم كانوا يعيثون فسادا في اليمن مستندين الى حماية صالح، اما الآن وقد رحل فلن يكون باستطاعتهم سوى خلق بعض القلاقل هنا وهناك بما تبقى لهم من أموال نهبوها في غفلة من الزمن ولكن ليس في غفلة من الشعب الذي صبر عليهم!.

قال: يبدو من كلامك انك ستشارك في الانتخابات او التصويت بالأصح!

قلت: نعم بالتأكيد، ولم لا؟

قال: هل نسيت دماء الشهداء؟ هل نسيت أنات الجرحى؟ هل نسيت من لا يزالوا مخفيين قسرا؟

قلت: لم ولن أنس! كيف أنسى دماء من سقطوا بجواري وذهبوا الى جوار ربنا جل وعلا يشكون ظلم الطاغية وزبانيته!

قال: إذن لم تشارك في هذه المسرحية؟

قلت: هي ليست مسرحية أولا، ثم إنني أشارك فيها لعدة أسباب...

قاطعني قائلا: هات اشرح لي أسبابك

قلت: أولا سأثبت لصالح أنني لا أريده حاكما علينا، ثانيا؛ بعد أن تفكرت في وضعنا الراهن ووضع اليمن؛ وجدت أن الله سبحانه وتعالى رأف بحالنا؛ فلم تنشب حرب أهلية في اليمن وهذا ما حاول صالح أن يجر الثوار اليه بقتلهم واستحلال دمائهم بغير حق، ولو كانت هذه الحرب قد نشبت في اليمن – لا سمح الله – لكانت قد أحرقت الأخضر واليابس ولفقدنا القدرة على إيقافها – وتذكر الحرب التي نشبت بعيد ثورة سبتمبر وكم استمرت- فبلدنا الحبيبة قد وصلت الى درجة مخيفة من الانهيار خلال هذه السنة الماضية واستخدم النظام البائد جميع اساليب العقاب الجماعي ضد الشعب ليرده عن الثورة والحمدلله لم يستطع أن يثني أحدا عن ذلك، ثم أن الجيش اليمني لم يكن مبنيا على أسس سليمة من العقيدة القتالية والولاء الوطني، لا أقصد أنه معدوم الوطنية كأفراد ولكن النظام البائد ضعضع قدراته وجعله مقسما بين أفراد عائلته وحاول أن يجعل ولاء الجيش بصفة عامة له وليس لليمن، ولكن العديد من أحرار الجيش انضموا للثورة الشبابية الشعبية رغم ذلك فأصابهم ما أصاب بقية أخوتهم الثوار، والبقية منهم كان قلبه وعقله مع الثورة ولكن الخوف من بطش النظام وخوفهم على ارزاق أسرهم جعلهم يستمرون في خدمة النظام، لذلك فوضعنا في اليمن كان غير الوضع في مصر وتونس، وانظر الى وضع احبتنا في سوريا الحبيبة؛ كم يذبح منهم يوميا ذلك الظالم المستبد. كذلك هناك في اليمن فئات ظلمها النظام البائد حتى أصبحت ترى الحل في انسلاخها من الوحدة وأعني بذلك بعض فصائل الحراك الجنوبي، ثم هناك أتباع الحوثي في صعدة وما جاورها، فماذا لو تفككت اليمن وقامت كل فئة بسلخ أجزاء من البلد الواحد تحت مبرر التخلص من الظلم! ولا تنس أن النظام البائد كان يدعم هذه الخيارات سرا ومن تحت الطاولة كي يثبت مقولته البشعة: أنا أو التشرذم! نعم لم تكن المبادرة الخليجية محققة لكل مرادنا في الثورة ولكنها كانت " حلا توافقيا" أزعم أن الله وفقنا اليه حفاظا على يمننا الحبيب بفضل دعاء رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه لليمن بالبركة، بل أنني أرجو أن تكون على شاكلة "صلح الحديبية" الذي كرهه بعض الصحابة في البدء ثم تبين لهم أن الخير كل الخير فيما أختاره ربنا الرءوف بعباده الذي بيده مفاتيح الغيب وكا قال سبحانه من قائل:{ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم} صدق الله العظيم، ثم أننا سندخل في حوار وطني جامع شامل – ارجو ان تشترك فيه كل الفئات اليمنية – لنحدد شكل يمننا الجديد الذي نريده، ومن الأفضل لهذا الحوار أن يتم في مناخات هادئة تطرح فيه كل وجهات النظر المختلفة ليتم نقاشها واختيار الأصلح منها ومن ثم يتم صياغة دستور جديد يحدد ملامح يمننا الجديد الذي كنا دائما نهتف مطالبين " الشعب يريد بناء يمن جديد"، لكل هذه الأسباب وغيرها يا صديقي سأذهب وأشارك في الانتخابات وإن كان هناك مرشح واحد فقط ولكني أريد أن يفوز بنسبة تصويت كبيرة تغيظ بقايا النظام البائد !.

قال: لن أقول أنك قد أقنعتني تماما ولكني أرى في بعض ما ذكرت نوعا من المنطق، ورغم ذلك فلن أذهب للتصويت!

قلت: طبعا هذا من حقك، لأن هذا هو ما خرجنا لنطالب به! أن يستطيع كل يمني أن يقول رأيه بكل حرية ويكون له تصوره في خدمة اليمن لكن بشرط؛ ألا يفرض رأيه او أرادته على الآخرين.

قال: إذن سأنتظرك هنا في الساحة عندما تعود، ستعود بالتأكيد أم تراك بعد التصويت ستغادر الساحة؟

قلت: بالتأكيد سأعود، فلن نغادر الساحات حتى نطمئن على مستقبل أمنا الحبيبة "اليمن"!.

وذهبت لأصوت لاختيار عبدربه منصور هادي رئيسا لليمن، طاويا بذلك صفحة العهد البائد البغيض!