من مذكرات صحفي زار صعدة
بقلم/ مختار الرحبي
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 13 يوماً
الخميس 09 فبراير-شباط 2012 07:45 ص

أمر غريب أصابني بنوع غريب من الدهشة التي ارفضها با استمرار ولا يستطيع عقلي أن يفك شفرتها ورموزها وطلاسمها لكنني أود وان أصل إلى حل سريع لها.. الحكاية هي كيف يتوب القتلة والمجرمون وهل التوبة تشملهم؟ سيقول كثيرون أن الله يغفر لمن يشاء ويقدر وسيقوم آخرون بتذكيري بقصه الإسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفسا وذهب يبحث عن التوبة إلي شيخ لكن الشيخ قال له لا توبة لك فقتله فتم المائة..

 عندها ستبدأ نفسيتي بالانهزام وسوف أقف مع العالم الذي أفتى بعدم جواز التوبة من باب أن من قتل نفساً كأنما قتل الناس جميعا وكذلك لأني مؤمن إن ألقتلة الذين اقصدهم لا أريد لهم الهداية لأنهم كذلك لا يريدون إنهم شيعة هذ الزمان وتتار هذ العصر.. إنهم من يقولون عن أنفسهم إنهم أحفاد رسول لله لفترة ليست بعيدة.. لم اكن أحبذ ألكتابه عنهم وكنت اجلس مع كثير من قيادتهم في اليمن وكانوا يحاولون تجميل صورتهم المختفية بين عقائدهم التي تنضمن الكذب والخديعة با اسم التقية (التقية ديني ودين ابائي) كنت اجلس إلي قيادات منهم واقول ان ما يقوله الشيخ محمد المهدي عنهم مبالغ فيه وان المهدي سلفي متعصب وكذلك الشيخ عدنان العرعور يبالغ في توصيفهم با أعداء الامة لكن بمجرد نزولي الميداني الي الأرض التي سيطروا عليها وهي صعدة أيقنت أنهم كما قيل عنهم وزيادة.. لم يبالغ المهدي وهو يتحدث عنهم طول سنوات ويحذرنا من خطرهم وكذلك لم يبالغ العرعور وهو يناظرهم ويفحمهم ويقول إن خطرهم اشد من خطر يهود بارك وبارك اوباما إنهم كذلك فعلا يا عرعور لن استطيع ان أحافظ علي لياقتي ولن اقدر علي انتقاء كلمات غير جارحة.

لقد ضاقوا بنا ذرعاً ونحن مجموعة من شباب الثورة والصحفيين لم يكن بيننا وبينهم أي خلاف على ما اذكر لكن بمجرد إن وطأت أقدمنا ارض صعدة شمالي اليمن حتى تمت معاملتنا وكننا غزاة علي الأرض المقدسة (ضحيان ونقعة) وصلنا إلى ارض أدمنت الدماء والدمار منذ ظهور هذي الكائنات الغريبة على ارض السلام.

لم تعانِ ارض من مرتاديها كما عانت صعدة من الحوثيين (أنصار الله كما يسمون أنفسهم) ولا ادري كيف ومتى قد نصروا الله هم نصروا السيد فقط وهو ربهم الذي يتقربون إليه بكل عمل يقومون به.

حاولت أن أقوم بزيارة إلى إرجاء المدنية التي ترزح بين أنياب مجموعة من الأطفال الذين يحملون علي أكتافهم السلاح الآلي الكلاشنكوف وكذلك يحملون اناشيد جهادية خاصة بهم تتشابه الى حد ما مع اناشيد حزب الله اللبناني وكذلك يحملون عقيدة باطلة وكرها لكل من خالفهم خصوصا الأمريكان واليهود الذين يسكنون الأرض المجاورة (دماج) هكذا تخيلت أنا الموقف بعد أن حكى لي احد "المجاهدين" قصص وحكايات كان يريد أن يؤثر بها علي قبل دخولي الى تل ابيب (دماج) وكيف أن السيد له احساس مرهف وقلبه رحيم ولم يسمح لنا نحن المجاهدين باقتحامها ولو أذن لكان ذلك يسيرا ولا يحتاج منا غير نصف ساعة هكذا كان يتحدث المجاهد الحوثي واثقاً من نفسه..

دخلت أنا والمرافق جامع الإمام الهادي وتنقلت بين مجموعة من الاضرحة التي تتواجد بشكل ملفت هناك في مسجد الإمام الهادي في الفناء الخارجي للمسجد الذي يبدو وكأنه متراس ونقطة تفتيش تابعه للحوثي لكثرة الشعارات التابعة للحوثي والتي وصلت حتى المحراب (القبلة) التي ستجدها مطلية بألوان الشعار الحوثي الأخضر والأحمر وفي الشعار كلمات تجعلك تشعر وكأنك في أفغانستان بين المجاهدين العرب في فترة الحرب بين الاتحاد السوفيتي والمجاهدين في أفغانستان.

في بوابه المسجد الأثري توجد هناك حراسة للمسجد دخلت الى البوابة وقال لي احد الحراس ممنوع دخول اللابتوب الذي كان رفيقي في زيارتي وكاني وسط باريس تركته عنده لكني فزت بامتياز خاص بي كما قيل لي وهو السماح لي بالتصوير في المسجد من جميع الاتجاهات ودخل الأضرحة بعدها مباشرة خرجت من المسجد نحو المكتبات الإسلامية التي ترفض أن تبيع أي شي غير ثقافة السيد فلا أناشيد غير أناشيد المجاهدين ولا كتب غير كتب وملازم السيد حتى الصور فهي ممنوعة إلإ صور السيد حسين وعبدالملك والأب الروحي بدر الدين فهي مسموحة وواجب علينا اقتناؤها لننال البركة وتحل علينا الرحمة والمغفرة.

أتذكر جيدأ تلكم الوجوه الشاحبة والوجوه المتطلعة الى الحرية لكني كنت عاجزا عن التعرف على محنتهم ومشكلاتهم التي تبدو أنها عويصة ولن يستطيع صحفي ان يهديها لهم كنت أتحدث الى احد المسلحين الحوثيين كيف تعيشون تحت رحمة رجل اقصد السيد قال لي في ذهول وكان خائفاً ينظر يمينا وشمالا نحن مع السيد حتى آخر قطرة من دمائنا ولا تفتح هذ الموضوع مره ثانية قال بعدها كلمات لم افهم منها شيئا غير أني أحسست بداخلي أني أوصلت رسالتي التي أردت والتي هزت كيانه لكنها لن توثر فيه شيئاً كونه يعيش تحت رحمة حكم وحشي بوليسي لا يقبل النقد ولا يقبل الرأي الآخر.

فكرت مرارا أن أقابل السيد عبدالملك الحوثي لكن احد القيادات قال لي هيهات هيهات لما تريد.. تعجبت من الرد الأحمق قال لي السيد لا يقابل احدا قلت له لماذا قال لديه أعمال كثيرة وهو ممتنع عن مقابل الصحفيين واذا أردت أن تقابله عليك أن تجلس عندنا أسبوع حتى نرى في الأمر.. تذكرت أني كنت في الضاحية الجنوبية احلم بمقابله السيد حسن نصر الله قلت لأحد من يلبس العمامة السوداء أريد مقابلة السيد نصر الله نظر لي بتهكم وهو يطلق الضحكات السيد حسن لا يقابل احد لكن عليك أن تقدم الطلب واذا تمت الموافقة سوف تنتظر عندنا شهر تحت المراقبة بعدها انسحبت من النقاش والحوار وقلت في نفس لتذهب أنت وسيدك للجحيم.

في صعدة يتم التعامل بهذا الخصوص بنفس الطريقة القبيحة يحاولون جعل القيادات لا تظهر وبعيدة عن أعين الناس ومختلفة عن البشر..

في احدى الليالي بعد أن رجعنا من دماج وتمت محاصرتنا ومصادرة كل ما بحوزتنا من وثائق تدل علي أن القتلة هم الحوثيين وليسوا السلفيين كما كان يريد الحوثي أن يقول للعالم كان زعيم الحوثيين في المدينة يقول ان علينا أن نقول للسلفيين أن يخرجوا من ديارهم ويخرجوا النساء والأطفال لكي يفسحوا المجال أمام المجاهدين الحوثيين ليدمروا القرية الصغيرة التي يقطنها اغلبية سنية.. كنت أقول للأصدقاء لن يفعلها ولن يقصف الحوثي القرية لكن الليل كان طويلا وكانت الكوابيس تطاردني من كل جهة وكانت صور الأطفال والنساء وكذلك ذكريات القرية الصغيرة التي زرتها لأول مرة وكانت الزيارة قصيرة لرصد المجاعة والحصار عليها كانت الذكريات تطاردني كلما حاولت التفكير بالساحة وبالثورة التي جعلتنا إلى وقت قريب نقف مع القتلة وننتقد الضحية..

لكن الحوثيين نفذوا الوعد الحق وقاموا بقصف شديد على المنطقة وراح ضحية القصف 26 شهيدا في أول يوم حينها كانت نهاية العلاقة الوهمية التي كانت تحاول أن تقف أمام الحقائق الواضحة والتي لا تحتاج إلى شاهد زور من خارج ارض المعركة كانت الأصوات تتعالى من دماج وكان إحساسي وضميري يكاد يقتلني لأني كنت اسمع أصوات الضحايا ونداءات الاستغاثة التي رفض أن يسمعها السيد بل أن السيد كان يعطي الأوامر للقتلة بدك المنازل وقنص كل شيء يتحرك.. أيقنت حينها أننا أمام مجموعة من القتلة الغزاة الذين يغيرون علي القرى ويقومون بكل شي يمكن أن يقوم به الأعداء.

كانت الاتصالات تتوالى علينا والأصدقاء قلقون علينا كنا نقول للجميع نحن بخير لكن كنا نريد أن نرفع الحصار عن دماج والان نريد رفع الحصار عن أنفسنا ونوقف الحرب في دماج.

كان القتلة يجوبون المدينة ونحن نراهم من نوافذ الفندق ونقول متى يأتي الفرج لنا ولأهل دماج لكن يبدو أن الجميع كان يخاف أن يصطدم مع القتلة.

لماذا يحاول القتلة الان أن يعلنوا التوبة ويبرروا لأنفسهم قتل الآخرين تحت تبريرات واهية وكاذبة ويعتمدون على أنواع جديدة من التضليل والكذب وهم الذين افتضح أمرهم..؟ كنت أظن أن الحوثيين سوف يكونون في خبر كان بعد الحرب والاعتداء علي مجموعة في دماج ما زالوا يعيشون نفس حياة وأوضاع فيلم الرسالة الشهير بملابسهم الرثة وكلامهم بالعربية الفصحى وكذلك أشكالهم الظريفة والمتنوعة.. ماذا يضر الحوثي ان هو تعايش مع السلفيين الذين لا يضرون احدا ولا يعتدون علي احد حياتهم تعليم ودراسة وكتب ودروس لقد عمل الحوثي على اخراجهم من سباتهم العميق وكان للحوثي دور كبير في توحد السلفيين المنقسمين الي طوائف وفرق متنوعة وكذلك كانت لأحداث دماج الفضل لتعليم السلفيين كيف يتعاملون مع الأزمات.

ترى هل يتوب الحوثيون عن الجرائم التي ارتكبوها بحق النساء والأطفال في دماج والجوف وحجة وكذلك هل يعلن الحوثيون أنصار الله التوبة على ما فعلوه بحق الثورة اليمنية الطاهرة التي لم تر النجاسة إلا بهم.. اعتقد أنه لا مكان للحوثي بين الثوار ولا أميل إلى أنهم يستطيعون إيجاد مفتٍ يقبل لهم توبتهم ويوجد لهم مخرجا لما اقترفوه لكن هناك كثيرين يتمنون أن يتوب الحوثي مما عمله بحق أبناء اليمن.

أخيرا السيد يدعو الجميع إلي حضور المولد النبوي الشريف في صعده المكان المقدس لقد كان اليمن بين الضياع والشتات حتى أذن الله لنا بأرض لكي تكون ارضا مقدسة كباقي الأرضي ألمقدسة في كربلاء وقم والنجف الأعظم وصعدة المعظمة لذلك أدعو الجميع أن يذهبوا الى صعدة الأرض المقدسة(!) ويعلنوا من هناك التوبة من كل ما يقترفه الحوثي باسم إل البيت الأطهار عليهم سلام الله وعلى "أنصار الله" أن يجمعوا قليلا من قواهم العقلية وان يكونوا قوة للخير وليس للشر وتدمير البلاد وان يكونوا في صف الوطن والامة العربية وليس بيد الامة الفارسية وعلي جميع من تلطخت يداه بدماء اليمنيين أن يعلن التوبة لعل الله يقبلها كما قبل من الاسرائليلي ودامت توبتكم.