أعيدوا لنا صحيفة الأيام
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 8 أيام
الجمعة 13 يناير-كانون الثاني 2012 03:12 ص

منذ ما يقارب 3 سنوات وفي خضم الفوضى الخلاقة للنظام التي سخرها لمعاقبة مخالفيه الرأي من خلال أطلاق أيدي البلاطجة والخارجين عن القانون، تم السطو على صحيفة الأيام من خلال نهب عشرات آلاف النسخ من الإعداد الموجهة إلى محافظات الشمال ولحج والضالع وغير حينما قام ما سموا حينها أعضاء "لجان الدفاع عن الوحدة" التي كان يقودها جهاز الأمن القومي بإحراق تلك الآلاف من النسخ من عددين متتاليين بحجة تعرض الصحيفة للوحدة اليمنية، حينما كانت تتناول أعمال القمع التي تعرض لها نشطاء الحراك السلمي، ولم تكتف هذه السلطة بذلك بل وبعد أيام تم شن حملة أمنية عسكرية اشتركت فيها الأطقم العسكرية والدبابات ولم يبق إلا الطيران والمدفعية بعيدة المدى في حملة لم تشن على خاطفي الأجانب ولا على قطاع الطرق أو مفجري أنابيب النفط، أسفرت هذه الحملة عن إيقاف إصدار الصحيفة فنام صانع القرار قرير العين في تلك الليلة إذ لم يعد هناك ما يؤرقه من تلك المطبوعة المسماة "الأيام".

قبل ذلك بأشهر كان مبنى الصحيفة في صنعاء ومنزل ناشريها آل با شراحيل قد تعرض لهجوم من قبل مجموعة مسلحة تدعي ملكيتها لهذا المنزل والأرضية التي بني عليها، بعد أن كانت أسرة با شراحيل تقطنه منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي، وجاءت حادثة الاعتداء بعد انتشار خبر بيع المنزل لإحدى الشركات الاستثمارية.

الإجراءات المتخذة ضد الأيام يكمن وراؤها أكثر من سبب فمن ناحية يجري عقاب الأيام للموقف المهني الذي تتخذه من الأحداث ونشرها لكثير من الأخبار والمعلومات والبيانات والحقائق التي لم يجرؤ سواها على نشره وخاصة ما يتعلق بنشاطات الحراك السلمي في الجنوب، وهو ما أدى إلى ارتفاع مبيعاتها إلى سبعين ألف نسخة في اليوم الواحد حينما كانت صحف حكومية مثل "الثورة" و"الجمهورية" و"14 أكتوبر" و "26 سبتمبر" لم تبع ثلث هذا العدد علما بأن نصف مبيعاتها هي إجبارية لموظفي ومؤسسات الحكومة.

وفي هذا الموقف يأتي ابتزاز ناشري الصحيفة ومحاولة نهب أملاكهم وهو عمل يقف وراءه بعض كبار القوم، فمن المعروف أن العتاولة وأساطين الفساد لا يدعون مؤسسة ناجحة إلا ويدخلون في ابتزازها إما من خلال الشراكة الإجبارية أو من خلال فبركة التهم والدسائس لإيصال تلك المؤسسات إلى الإفلاس من خلال التضييق والحصار ومحاولات التركيع،وهي مواقف حصلت مع صحيفة الأيام كمؤسسة ناجحة مهنيا وتجاريا.

وفي هذا السياق جاءت حادثة اتهام المناضل العروبي أحمد عمر العبادي المرقشي الذي عمل حارسا لدى مؤسسة الأيام في صنعا، والذي قبض عليه وحوكم ظلما في محاكم سلطة علي صالح واختار الخصوم نوع التهمة والعقوبة ابتزازا وتلفيقا وزورا وبهتانا، بينما تؤكد كل المؤشرات براءته من التهمة الموجهة له بمقتل أحد المهاجمين لمنزل با شراحيل في الحادثة نفسها، وفي هذا ما يؤكد أن معاقبة الأيام هي جريمة منظمة تديرها عصابة مرتبطة بأجهزة السلطة الموغلة في القمع والفساد المتزاوجين، وهو ما يحتم ضرورة الدعوة لإعادة النظر في إجراءات محاكمة العبادي وإطلاق سراحه كما في إطلاق سراح الأيام وإدانة كل من وقف وراء إيقافها.

ليست صحيفة الأيام هي الصحيفة التي ينبغي أن تغلق، بل الكثير من الصحف الصفراء التي لا تنشر إلا غسيل الأحداث وتتعرض للأعراض والخصوصيات وتمول من الخزينة العامة والتي لا تبيع بما يساوي قيمة الحبر الذي طبعت به، وليس العبادي من ينبغي أن يزج في السجن لسنوات ثم يحاكم في محكمة استثنائية برغبة الحاكم الذي يحدد التهمة والعقوبة معا، بل القتلة والمجرمين وقطاع الطرق وناهبي الثروات ولصوص الأراضي الذين يتسولون اليوم قانونا للحصانة يحميهم من جرائمهم المزمنة.

اطلقوا سراح الأيام فالموقف منها هو المؤشر على الانتقال من عصر صالح إلى عصر ما بعد صالح، أما الإبقاء على هذا الوضع فهو يعني أن علي صالح ما يزال قائما حتى وإن قيل أنه نقل الصلاحيات أو في طريقه إلى المغادرة بعد حصوله على الحصانة، أو حتى غادر البلاد إلى رجعة أو إلى غير رجعة.

برقيات:

* أحمد عمر العبادي المرقشي هو أحد أبطال قوات الردع العربية في لبنان التي مثلت اليمن الديمقراطية خير تمثيل في سبعينات القرن الماضي وهو يحمل العديد من الأوسمة والميداليات والشهادات التقديرية التي كان آخرها شهادة الاعتقال والمحاكمة على يد جلاوزة صالح.

* لم يكن مطلوبا من رئيس حكومة الوفاق الوطني الأستاذ القدير محمد سالم با سندوة أن يتهم الشباب المنادين بالحسم الثوري بالمزايدة، لأن من يدفع الدم والروح لا يمكن أن يكون مزايدا وبا سندوه ليس خصما للثورة إلا إذا أصر على مواصلة سياسة علي عبد الله صالح، . . .الحسم الثوري يظل خيارا قائما إلا إذا استجابت حكومة الوفاق لمطالب الثوار الذين دفعوا الثمن غاليا، وعلى حكومة الوفاق أن لا تقف في مواجهة الثوار.

* قال الشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني:

أسكن كالموتى يا أحـــــمق   نم! هــــــــذا قبر لا خندق

لا فرق لــــديك نجوت إذن واخترت المتراس الأوثق

تدري ما الموت؟ ألا تغفو؟ أقلـــــقت الرعب أما تقلق؟

هل تنسى قتلتك الأولـــــى؟ وإلى الأخرى تـــعدو أشوق

من ذا أحــــــــياك؟ أعيدوه أعيــــــيت الشرطة والفيلق

هل كــــــنت دفينا لا سمةً؟ للقبر ولا تـــــــــبدو مرهق