اليمن.. ثورة بتصرف الاحتلال "البلدي" والجمهورية تحت التهديد
نشر منذ: 18 سنة و 8 أشهر و يومين
الأربعاء 22 مارس - آذار 2006 06:52 م

* نبيلة الزبير

الناس تخاف الانشقاقات والفتن والحروب! وهذا طبيعي، لكن ليس لدرجة أن تطمر رؤوسها في الرمل .. هل آن أن تخرج، وترتفع بنفسها هذه الرؤوس المطأطئة أم تنتظر انقشاع الرمل إما بيد خارقة أو على مهله. ها أصبح الرمل حربا بكل الأسلحة التي واحد منها فقط وأبسطها ربما الأعيرة النارية والقعقعات من حين لحين ومن منطقة لأخرى ومؤخرا " ومجددا" من شريحة لأخرى.. ألا يستغرب الناس أن تجد والأصح: تتجدد حرب الشرائح والنعرات الاجتماعية.. ألم نكن قد خرجنا منها "بالنصر" من أربعين سنة؟! كل حروبنا تنتهي بالنصر.. لكن لا ندري: نصر من؟ من أو ما الذي ينتصر في كل هذه الهزائم التي تتكالب على رؤوسنا لعشرات السنين .

. قبل سنتين وصلتني رسالة باكية: بغداد تحترق! رددت: لا خوف عليهم؛ العراقيون أبناء النار، ينهضون كل مرة أقوى

لقد صعقت وأنا أقرأ شهادة الكاتب "شاكر النابلسي" ببيان بعض ما أنجز في العراق خلال العامين الأخيرين. العراق في ظروفه الراهنة، التي لأجلها نتباكى عليه. فمن يبكي علينا؟ الصعقة هي للمقارنة التي تفرض نفسها، وللوهلة الأولى، بين ما وصل إليه العراق من المكاسب في سنتين من الحرب. كما يحلو لنا نحن اليمنيين أن نسميها: حربا، وبين ما وصلنا إليه من الخسائر بعد عشرات السنين من مسالمة الاحتلال "الدستوري والشرعي" صاحب الابتكار الفذ في: الفساد بقانون ..! وإليكم هذه المقاربة.. لنبدأ أولا بالعراق.. عراق العامين الأخيرين : ما تحقق على المستوى الاجتماعي ومحاربة البطالة، حيث تمَّ توظيف مليون و 200 ألف عاطل عن العمل خلال هذين العامين، على مستوى التعليم، تم ترميم وتعمير 3100 مدرسة، وبناء 300 مدرسة جديدة، وإعادة الحرية الأكاديمية لعشرين جامعة و46 معهداً عالياً وأربعة مراكز للبحث العلمي، وابتعاث عشرات الطلبة العراقيين للدراسة في الخارج بمنح دراسية مجانية، على المستوى الإنشائي والإعماري، يوجد 1100 مشروعاً انشائياً وإعمارياً تحت التنفيذ منها: 346 مدرسة، 67 عيادة طبية، 15 مستشفى، 83 محطة قطار، 22 مرفقاً للوقود، 93 مرفقاً للمياه، و 69 مرفقاً للكهرباء.. الخ . على مستوى رعاية الأطفال تم تطعيم 96 بالمائة من أطفال العراق الآن ضد شلل الأطفال. وأن أربعة ملايين و 300 ألف طفل عراقي قد التحقوا بالمدارس . على مستوى الإعلام أنشئت 75 محطة إذاعة وعشر محطات تلفزيونية، وانتشرت الأطباق اللاقطة في معظم البيوت العراقية وانفتح العراق على العالم، وصدرت 180 صحيفة ومجلة جديدة، على المستوى الاقتصادي تم إسقاط 90% من ديون العراق للدول الأوروبية وأمريكا وروسيا وغيرها، وانشاء بورصة بغداد للأوراق المالية في يونيو 2004 ، وتحسن ميزان المدفوعات العراقية وانتعاش الاقتصاد العراقي عامة، هذا ما وصل إليه العراق من منجزات بعد سنتين من التحرير فماذا عما وصل إليه اليمن خلال عقود من الحرب الباردة (والساخنة) التي يشنها ضدنا أفراد العصابة الحاكمة  :

ثورة العمل والانتعاش الاقتصادي ( البطالة والإنعاش الاقتصادي

سب لجنة الأسكوا فإن 63% من سكان اليمن يرزحون تحت خط الفقر. وتعد اليمن من أفقر دول العالم وفقاً لتصنيف البنك الدولي، ورغم أجراس الخطر التي يقرعها البنك للأعوام 96م و98م و2005م، ما من مجيب لأن شروطه التي تقع في بندين رئيسين أحدهما المعالجة بالإصلاح الإداري ومكافحة الفساد والآخر المعالجة بالجرع الاقتصادية لا يطرق منها إلا الأخير وبضراوة، فتظل المؤشرات تعلن عن تدن مستمر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. ولا ندري ماذا بعد رتبة الدولة الأكثر فقرا، على مستوى المنطقة والعالم .! ارتفعت البطالة السافرة من (277 ألفا) عام 94م إلى (509 ألفا) عام 2000م كما ارتفعت نسبة العاطلين الذين سبق لهم العمل من (29,7%) عام 94م إلى (62,8%) عام 99م. وأوضاع الخمس سنوات بعد الألفين تجعل من التقارير بأرقامها المرتفعة فاجعة لا شك .

ثورة التعليم :

ن سبة 66,2% من المسجلين في سوق العمل هم من الأميين والذين يجيدون القراءة والكتابة. وتشير دراسات تتبع الفوج أن 8% في المتوسط يتسربون من التعليم الأساسي كل عام لينضموا إلى عدد الأطفال خارج نظام التعليم. وتبلغ نسبة التسرب الدراسي 42% كما تبلغ نسبة الأطفال خارج نظام التعليم الأساسي 38% ونسبة الالتحاق بالمدارس في الريف 30%، وفي الحضر 80 %. نسبة 15.4% من إجمالي المدارس غير صالحة للاستخدام. و55% من المدارس تحتاج إلى ترميم. و74.1% من طلاب المرحلة الأساسية يدرسون على الأرض (دون كراسي وطاولات دراسية). و9.7% لا يحصلون على مناهج . وفي واحدة من ورش العمل أكد مختصون أنه وفي كل محافظات الجنوب (الشطر الجنوبي سابقا) لم يزد عدد المباني المدرسية ولو بنسبة واحد إلى مائة إلى ما تركه لنا الاستعمار البريطاني، وأن هذه المدارس التي هي تركة استعمارية لم تتعرض لأي ترميم أو إصلاحات منذ أنشئت! (قاتل الله الاستعمار الأجنبي؛ يبني مدارسا تتحدى إهمال وأحقاد الاستعمار البلدي لعشرات السنين !)

  ثورة التسول :

يصل عدد الأطفال المتسولين (أطفال الشوارع) إلى 30.000 طفلا تقريباً في مدينة صنعاء وحدها، بالإضافة إلى 7000 طفلا عاملا. وحسب الدراسات فان 86% منهم محرومون من التعليم أو تسربوا من صفوف التعليم الأولى. وتقول الإحصاءات غير الحكومية أن أطفال الشوارع يصل عددهم إلى (مليوني) طفل/ة . وفي واحدة من ورش العمل أكد مهتمون، وعبر دراسات ميدانية، أن الأطفال اليمنيين الذين يتم ترحيلهم ( إلى ومن وإلى) السعودية بدافع الارتزاق يصل عددهم للآلاف.. واللافت المؤلم أن الطفل من هؤلاء يلزم في السعودية بحمل بطاقة هوية (وممكن أن نسميها بطاقة مهنة ) مكتوب عليها: "متسول".! ولا أدري كيف تتعامل حكومتنا الرشيدة مع هذا الوضع وما إذا كانت تدرجه ضمن بروتوكولات التعاون الاقتصادي والثقافي بينها وبين دولة السعودية .

  ثورة الصحة :

ي شير كتاب الإحصاء السنوي (2003) بأن عدد السكان للطبيب الواحد 6372 وعدد السكان للسرير الواحد 1662 . ويشير تقرير وضع الأطفال في العالم دون سن الخامسة لعام 2004م "اليونيسيف" أن معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة لعام 2002 بلغ 107 حالة لكل 1000 طفل والأطفال في عمر اقل من سنة بلغت 79 حالة لكل 1000 طفل، ونتيجة لانتشار الفقر وسوء التغذية فأن 46 % من الأطفال يعانون من نقص الوزن المتوسط والحاد و13% منهم يعانون من الهزال ويعاني 52% من التقزم المتوسط والحاد. كما يشير التقرير إلى أن النسبة المئوية للسكان الذين يستخدمون مصادر محسنة لمياه الشرب عام 2000م في الحضر 74% والريف 68% والذين يستخدمون منشآت للصرف الصحي في الحضر 89% والريف 21%. وبقي على الناس أن يستحدثوا محسنات "لهواء التنفس" لأن حملة اجتثاث الأشجار مستمرة ولن تنتهي كما يبدو إلا بعد أن تصبح "اليمن الخضراء" جدباء تسر الحاقدين . أليس مخجلا أن تنتشر عندنا هنا في اليمن أمراض لم يعد العالم يخطر له أن أحدا يتكلم فيها مثل أمراض البلهارسيا والسل والملاريا والتفوئيد ومؤخرا امتلأت المستشفيات بحالات شلل الأطفال نتيجة فساد اللقاحات . اللهم نجنا من شر "الثوابت" وشر القوانين الموقوتة، اللهم وباعد بيننا وبين أولاد الحرام وأولاد الطبقات الصاعدة لندع الآن المقاربة مع أي بلد في مجال الإعلام وإن كان مجالنا لا يتجاوز "الحكواتي". دعونا الآن نتتبع إنجازاتنا "الثورية" ولنمر في طريقنا على الأهداف الستة للثورة السبتمبرية المباركة. دون أن نصدق أنها لم تعد أكثر من ستة أكياس إسمنتية في ميدان السبعين : 6) احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم : نحترم مواثيق الأمم المتحدة ونوقع ونصادق على المعاهدات الدولية والاتفاقيات، ولا نعمل بها، وننشئ لأجل ذلك لجانا، مهمتها التسويف، ورفع تقارير بمغالطات مكشوفة. لتكون النتيجة: أن ليس لدينا مشكلات في هذا المجال أو ذاك، وأن كل شيء على ما يرام. أولو كانوا توقفوا عن الإنشاء واللجان، وعدلوا وأضافوا ما يلزم من القوانين، وأفسحوا للوحدات الإدارية، للعمل على تنفيذ بنود الاتفاقيات، وتذليل صعوبات تنفيذها، وردم الهوة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بين مجتمعنا حاليا، والمجتمع الذي تصوره تقاريرنا الموهوبة..؟ !!5) العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة : حققنا الوحدة الوطنية لكننا إلى الآن لا ندري ما هي الوحدة؟ هل هي إزالة البراميل الحدودية كما في فرحة 90م؟ أم إزالة الشركاء كما في خيبة 94م؟ أم هي جمع وغربلة 19 مليون إنسانا وجلده بقائمة المكلفين بدفع الواجبات، والزكاة، والضرائب، والفواتير ذات العيار الثقيل لخدمات تكاد تكون معدومة..؟ ما هي الوحدة الوطنية إذا كانت كل منطقة أو بقعة جغرافية تعالج مشكلاتها داخل إطار نفس الدولة بواسطة قوى الجيش كما لو كانت دولة أخرى. ثم نتذكر أن الزج بالجيوش في النزاعات المسلحة، لا يكون شرعيا إلا في حال رد العدوان الخارجي عن الدولة. فنعود ونعلن بعد أن تكون الحرب قد بدأت واستفحلت بأنها ـ هذه المنطقة أو تلك ـ خارجة على الشرعية .! ما هي الوحدة الوطنية؟ أسأل جدية وما الذي تحقق منها؟ 4) إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف : أنشأنا مجتمعا ديمقراطيا تعاونيا عادلا! وبقي فقط أن نعرف أين؟ لأن المجتمع اليمني حاليا لا تمت له الديموقراطية والعدالة بصلة، لدينا أكثر من (4000) مؤسسة مجتمع مدني، تعيش لتأكل، وتأكل لتسكت. بما فيها الاتحادات والنقابات الكبرى.. التي هي في كل دول العالم " كبرى"، ويعول عليها في المجابهة والتغيير مثل "الكتاب، الصحفيين، العمال، المحامين..الخ. وقلة من الأصوات الحرة والتغييرية تتصدى للمواجهة في العراء دون أن يكون لها ظلة من تلك المؤسسات المدنية التي هي في الواقع "بنت حكومة" (وفي تعبير أحدهم: "مرة حكومة" وفي تعبير أيتمهم: "خالة" ومدللة وجاهلة) ولا تستطيع أمام ما يتعرض له الزملاء من التنكيل والبطش أكثر من إصدار بيان ومن يدري قد يكون هو الآخر بإملاء من الحزب الحاكم ل"إشاعة" الديموقراطية..! ولدينا في المقابل عشرات الآلاف من المتنفذين (باستقلال عن الدولة وقوانينها المكتوبة) مسؤولين حكوميين، وعسكريين، وتجارا، وشيوخا، وأعيانا. في بيت كل واحد منهم ثكنة مسلحة، ومعتقل، وبوسعه بمكالمة تلفونية أن يعتقل من يشاء عبر أي قسم شرطة. أو أية جهة أو شخص في نطاق "تعاونه ". 3) رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا!! أيضا أين: أين هذا الرفع، أو أين هذا المستوى، أو أين هذا الشعب..!! إذا كان 63% من الشعب اليمني يرزحون تحت خط الفقر أي أكثر من نصف عدد السكان.. أكثر بكثير.. علهم يتكلمون عن شعب

فحيح إنفصالي
تهافت المؤتمر على المتساقطين
اللجنة العليا للانتخابات.... حل الأمس ومشكلة اليوم!
لماذا لا نعترف اننا اغبياء
مشاهدة المزيد