14 اكتوبر من الثورة الى التحرير
بقلم/ عبدالقوي الشامي
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 9 أيام
السبت 15 أكتوبر-تشرين الأول 2011 07:25 م

تهل علينا الذكرى 48 لثورة 14 اكتوبر المجيدة هذا العام, في ظل اجواء تختلف بعض الشيء عما عهدناه خلال الاعوام السابقة, من افتئات على التاريخ والجغرافيا,عندما كان النظام الأسري يميل دائمآ الى تجسيد ذاته في كل سيناريوهات الأحياء والأحتفاء بأي مناسبة وطنية, للتأكيد بأثر رجعي بأن علي عبدالله صالح هو من يقف وراء كل ما تحقق, على الرغم من انه لم يكن له لا في عير المواطنة ولا في نفير النضال .. وليس اقل من ذلك ما دأب المنافقون على تصويره بالأب الروحي لكل منجز تحقق في الجنوب والشمال, منذ ثورة 48م ضد الامام التي كان صالح ابوها وهو في المهد صبيا, فانتازيا المزج, بين الماضي والحاضر وبين الزمان والمكان تلك التي كان يمارسها اعلام السلطان على نحو لم يكن يفرق في الجغرافيا بين ردفان وشمسان وسنحان ولافي الزمان بين 48م او 62م او 63م و90م, ولا في الأسماء بين راجح او فتاح او صالح, فانتازيا شراء صالح بثمن قوامه الوطن وتاريخه من اجل اختلاق مجد وزعامة لشخص على حساب شعب.

تهل علينا ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة للمرة 17 ونحن في الجنوب نعيش واقع مثخن بالجراح والآلام, يحثنا جميعآ العمل كل ما من شأنه تصحيح المعادلة التي اختلت العام 1994م, باعادة الاعتبار للهوية الجنوبية مع ادراكنا بأن هناك من يرفض ما يذهب البعض اليه, عندما يصفون الواقع الجنوبي بأنه احتلال شمالي, وقد نتفق مع هؤلاء في حالة واحدة ان هم قدموا لنا تعريف آخر للـ 70 او 80 الف جندي الذين اياديهم على الزناد في المحافظات الجنوبية مع وجود ذات العدد من العسكرين الجنوبيين الأكثر كفاءه وقدرة, الذين وضعوا تحت الاقامة غير الجبرية في البيوت, اما الـ 400 الف موظف جنوبي فحدث ولا حرج, اسعفونا ايها الافاضل بتعريف منصف وموضوعي غير مفهوم الاحتلال وسينوبكم في ذلك عنا كل الثواب. 

تهل الذكرى هذه المرة والمزاج الشعبي العام في الجنوب في أوج حراكه السلمي, وان كان قد آثر مناغمة حراكه بحراك الشارع في الشمال ليس من باب التراجع عن الأهداف التي انتصر لها الجنوبيون منذ ان احتلت الجنازير ارضهم, وانما لأن الحاضر الثائر يتفاعل بديناميكية اكثر مرونة واقل تحجرآ ودموية من حاضر الحكم, وعلى نحو يدعو الى التفائل الحذر بامكانية فتح افاق ارحب للتفاهم واحقاق الحقوق لأصحابها, فعلى مدى اشهر الثورة الشبابية تكررت الوعود بحل القضية الجنوبية بما يرضي الجنوبيين, وهو تطور ايجابي محمود ومهم, ولكن يبقى الأهم ما لم تفصح عنه الالسن عن نوعية الرضى المنشود, هل هو رضى النخبة والوجاهات الساسية والأجتماعية التي لم يعد لبعضها ارتباط في الشارع الجنوبي الا في صفة الأنتما او الانحدار الجهوي, ام لرضى المواطن الجنوبي الذي انسحق واهين بفعل مراهقة بعض من تلك النخب ويشعر بالريبة من محاولات الاستمرار في مصادرة رأية تحت مسميات جديدة اذ من المستحيل ان يقبل بأن يكون كبش فداء للمرة الثانية واي مخرج دون استفتاء رايه لن يكون حل.

 تهل علينا الثورة في ظل غزل عفيف بالقضية الجنوبية, من الساحات والصالونات الحزبية, وحتى من قبل الخارجين من عباءة هذا النظام الأسري, وهو أمر ايجابي ولكن هناك احساس يتملكنا كجنوبيون باحتمالية ان تكون هذه العفة التي نلمسها, نتاج اضطراري استلزمته صورة المشهد للصراع, ومع ان هذا الأحساس يستند الى وقائع ودلائل ميدانية, الا ان الايجابية في التفاعل تدعونا الى عدم استباق الاحداث, اوالخوض في النوايا, فالاهداف تبدو موحدة من حيث الشكل على اعتبار ان المخاض في الشارع الشمالي بسلميته قد شكل الرابط والامتداد العضوي للحراك السلمي الجنوبي يعضدان بعضهما بعضآ دون ان يقدم احدهما على اسقاط الاخر, اكان بعلة التقادم او بفرية الظم والالحاق فالجنوبيون تعلموا كثيرآ من الشراكة القابضة مع ادراكهم بان مثالب تلك الشراكة قد لا تنسحب اوتوماتيكيآ على شراكة محتملة لاحقآ اذا ما تم الخروج النهائي من دائرة الاسرة اي كانت, والقبيلة اينما وجدت, والمصالح بخاصها وعامها .. ادراك مبني على مؤشرات ايجابية في امكانية التعاطي الايحابي مع القضية الجنوبية, الا ان ادراك كهذا لم يقطع بغياب النوايا الهادفة ادخالنا من الباب الخلفي لنظام اسري جديد بذات السياقات القبلية والحزبية شديدة الانغلاق والتسلط وهو ما سيعيد الأمور الى نقطة البداية.