هذه خطتهم لتفتيت أرض العراق
بقلم/ هشام الراوي
نشر منذ: 17 سنة و 9 أشهر و 9 أيام
الأربعاء 14 فبراير-شباط 2007 01:55 ص

مأرب برس – خاص

في عالمٍ ملئٍ بالكذب صرنا نعيش.. منهم من دينهُ الكذب، ومنهم من دَيدنه الكذب. ورغم أن الفرق في الحالتين كبير، إلا أن النتيجة واحدة بالنسبة للمتلقين. المشكلة؛ حين يمتلك هؤلاء ويجندون كما كبيراً من الأبواق، تحاصر الناس، تحيطهم من كل جانب، تصم آذانهم إلا عن سماع كذبهم، وتعمي أعينهم إلا من رؤية تلفيقهم.

الحرب على الإرهاب، غزو العراق، أسلحة الدمار الشامل، الديمقراطية، الحرية ،التحرير، الشفافية، الإعمار...أطنانٌ من الكذب. تعودنا أن نرى أُناساً يمتهنون الكذب ويتبجحون به..يسمونه سياسةً، ويسمون أنفسهم سياسيين وساسة.. يسمون الأشياء بغير أسمائها، بل قل بعكس أسمائها!! يكذبون حتى في الأسماء فيختلط الأمر على الناس، ويُغَلف الباطل بلباسِ كذبٍ يُظهره كأنه الحق.

تحت ماذكرنا يقع (الخصام) الإعلامي (المفتعل) بين طهران وواشنطن؛ بعد ثلاث سنوات (عسل) في العراق، أطلقت فيها الإدارة الأمريكية يدَ إيران بالكامل على كامل التراب العراقي، وجعلت من قياديي الحرس الإيراني واطلاعات؛ وزراء ونواب وعسكريين، وحصل العديد منهم على الجنسية العراقية بعد الإحتلال، ومنهم من لم يُزعج نفسه بالحصول على (ورقة محروقة!)..ولم تخل الفترة الماضية من تراشق إعلامي بين (زوجي المتعة)؛ الشيطان الأكبر والشيطان الذي يليه، من أجل ذر الرماد في العيون، ودرء الحسد!..

التصعيد الإعلامي الكبير في الحديث عن هذا (الخصام)، وعزم أمريكا على وقف التدخل الإيراني في العراق؛ الذي (أكتشفته مؤخرا)!، وحربها التي تنوي شنها (شفاها فقط!) على فرق الموت الشيعية؛ تُنبئ أن أمراً جلل تعمل الحكومتين الأمريكية والإيرانية على إنجازه في العراق، وتؤشر على أن (حبل الود) الإيراني الأمريكي غدا أغلظ بكثير من ذلك الذي قدمت به أمريكا الرئيس العراقي الراحل (هدية حب) للشقيقتين إيران وإسرائيل!.

الذي ينظر إلى ما حققته ميليشيات جيش (الدجال) وفيلق (غدر) وحزب (اللاة) وبقية ميليشيات القذر الطائفي مسنودة بقوات (اللاأمن) العراقية ما بعد لقاء بوش بالمالكي والحكيم والمشهداني؛ يجده أكبر بكثير مما حققته هذه الميليشيات التكفيرية الإرهابية في عهد (الجعفري)؛ الذي أقسم أن لا يُبقي سنيا في بغداد، وما سبق اللقاء من حكم صنيعته المالكي؛ من ناحية عدد المغدورين والمهجرين والمعتقلين من (العرب السنة)، والمساحات التي أستولت عليها هذه المليشيات من الأرض والعقارات والمناطق؛ التي صبغتها بالكامل بلون عمائم وقلوب قادتها السوداء، وصيرتها (شيعية بالكامل)!!..ليس في محافظة بغداد وحزامها الذي تسكنه قبائل عربية سنية تابعة لمحافظات بابل وواسط؛ بل في البصرة التي كانت يوما ما سنية خالصة، وفي ديالى ذات الغالبية السنية.

لقد تحررت قوات اللاأمن الطائفية العراقية وميليشيات القذر الطائفي من عملها السري، وبدأت تعمل بصورة علنية دون خوف من أحد، وكأنها أعطيت الضوء الأخصر لتنفيذ ما تبقى (من الخطة) بسرعة! فكثفت من عمليات الخطف الجماعي في وضح النهار من وزارات وأسواق وجامعات، ونظمت من هجماتها وأعمالها الدموية البشعة بحق المواطنين السنة وممتلكاتهم وأعراضهم ومساجدهم، ودون أي تحرك أو تعليق لا من الحكومة الطائفية، ولامن أسيادها الأمريكان؛ فأخليت مناطق جديدة بالكامل من سكانها في بغداد وما حولها؛ كما حصل في مناطق الحرية ومن قبلها الشعلة وحي الجهاد والكرادة وحي القاهرة وحي البنوك وحي الشعب وحي أور وبغداد الجديدة والبياع والعطيفية وحي الشرطة الرابعة ودور الري والدوانم والصابيات والسلاميات وأبو دشير والصحة، وغيرها الكثير في مناطق الكرخ والرصافة، إضافة إلى عمليات الإعتداء اليومية المنظمة؛ بإسناد القوات العراقية والأمريكية، في حيفا والأعظمية والصليخ والفضل، أخرها حرق دور المواطنين السنة بمن فيها!، وتفجير مساجدهم في حي العامل وحي الشرطة الخامسة. وكذلك الإعتداءات اليومية على أقضية المحمودية والمدائن وأبو غريب وقراها، وغيرها من المناطق السنية المطلقة. ويقع ضمن ذلك الإعتداءات على العرب المقيمين في العراق مثل الفلسطينيين والسوريين والسودانيين وغيرهم؛ وعلى ذات الأسس الطائفية.. واستولت ميليشيات القذر الطائفي على مساكن المهجرين، ووزعتها لمجرميها المحليين والمستوردين من (الجارة المسلمة) إيران لتكون خالصة لخدام (آل البيت الأسود) في قم وطهران.

هذا في وسط العراق وجنوبه، أما في شمال العراق؛ في المناطق خارج (قرادستان) الخاضعة لسلطة الحزبين الكرديين، تعمل مليشيا القذر العنصري والعرقي، من خلال تشكيلات الجيش والشرطة، أو من خلال عصابات ما يسمى بال(بيش مركة)؛ بتهجير السكان العرب من مناطق واسعة في محافظة نينوى، ومناطق من محافظتي ديالى وصلاح الدين، وتهجير المواطنين العرب والتركمان من محافظة كركوك.

لقد أتفقت أحزاب الإئتلاف الشيعي والتحالف الكردي برعاية الثلاثي (الصليبي الصفوي الصهيوني) على إتمام الإجهاز على (العراق) قبل نهاية العام الحالي؛ ضمن ما يسمى بالإستراتيجية الأمريكية الجديدة في العراق؛ والتي تأمل الجهات المشاركة في هذه الخطة أن تؤتي أُكُلها في شهر أكتوبر/تشرين القادم. وما قرار تهجير العشائر العربية السنية من كركوك، وإطلاق خطة (إنهاء الوجود السني في) بغداد(!) إلا من ثمار التنازل المتبادل بين الإئتلاف الشيعي والتحالف الكردي (بغداد مقابل كركوك).

لقد أعلنت الجهتين خرائطهما لما يسمى ب(كردستان وشيعستان) على مواقعهما الرسمية وبعض مطبوعاتهما العلنية (وماخفي كان أعظم)؛ وبمباركة ومساعدة ودعم عسكري ومالي واستشاري وغير ذلك من التحالف الثلاثي (الأمريكي الإيراني الإسرائيلي)، وبدأت القوات الأمريكية بتنفيذ هذه الخطة بعد لقاء بوش بأزلامه الثلاثة سالفي الذكر. وما تصاعد العنف والعمليات العسكرية العراقية الأمريكية في مناطق كثيرة من الموصل وكركوك وديالى وبغداد وسامراء والحلة إلا لحسم هذا الموضوع، وإعادة رسم الخارطة... وستعمل السيدة رايس على معالجة موضوع المهجرين!!...

أما العرب السنة في مناطق وسط وغرب العراق والذين لقنوا الرئيس (المأزوم) وجيشه (المهزوم) دروسا بالغة في مقاومة المحتل؛ فستتفرغ لهم القوات الأمريكية -منفردة- بذات الأسلوب الذي تمارسه الآن في حديثة والرطبة وهيت وغيرها؛ من خلال حصار خانق، وعقوبات جماعية، وقطع للكهرباء والماء والخدمات بما فيها الصحية، وقطع تام لكل وسائل الإتصالات، ومنع تجول، وتحطيم للبنى التحتية، وإعتقالات وتعذيب وقتل جماعي، تحت تعتيم إعلامي تام!! لينتهي الأمر بإعلانهم الإستسلام وقبول دويلة (سنيستان) الصغيرة معدومة الموارد.

إن الأشهر القادمة ستكون الأكثر دموية خاصة وأن الأحزاب الشيعية وسّعت من طموحاتها لتوسع دويلتها الحلم (شيعستان) إلى شمال بغداد لتضم أجزاء من سامراء السنية المطلقة، وأعدت لذلك جيشا رسميا سمي بجيش الإمامين؛ (لتحرير) مسجد سامراء السني الذي يزوره الشيعة؛ والذي قامت عناصر من المخابرات الإيرانية بتفجير قبته بتنسيقٍ مع حكومة الجعفري الطائفية، وآيات النجف الصفوية؛ لتبرر للعنف الطائفي الذي طال (العرب السنة) ومساجدهم.. وكذلك وسعت الأحزاب الكردية طموحاتها لتمد دويلتها (كردستان) لتضم مناطق كبيرة من محافظة نينوى؛ بما فيها مناطق واسعة من الموصل، وجنوبا ضمن محافظتي ديالى وصلاح الدين؛ بحيت تلتقي (بشيعستان) وبذلك تنحسر (سنستان) في مساحة صغيرة على الحدود السورية والأردنية وقليل من الحدود السعودية، وبحيث يكون دجلة بالكامل ضمن دويلتي شيعستان وكردستان وليس لسنستان إلا بعض الفرات!..

يغفل الحالمون من أذناب (أمريكا وإيران وإسرائيل) أنهم لا يعدون أن يكونوا (مناديل ورقية قذرة)؛ تُرمى مباشرة بعد الإستخدام، وهم يَعدون أنفسهم بممالك على أنقاض العراق -المحروس بالله- على غرار (طالباني ستان) و(بارزاني ستان) و(حكيم ستان) و(صدرستان) و(سيستاني ستان) و(بوش ستان) و(قَذَر ستان)!! وينسون أن للعراق ربٌ يحميه، وأنه لاريب ناصرٌ أؤلئك الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى، وأنه لا ريب مقتصٌ للمظلومين؛ مقتولين ومعذبين ومهجرين...

وللمأساة بقية....

أستاذ جامعي وكاتب صحافي

AlRawi.mail@gmail.com