لهذا قامت الثورة.. ولن تقعد!!
بقلم/ فؤاد الحبيشي
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 16 يوماً
السبت 09 يوليو-تموز 2011 04:21 ص

لقد كان قيام الثورة اليمنية ضرورة إنسانية وضرورة شرعية لإنقاذ حياة اليمنيين الذين عانوا كثيراً في ظل النظام الجمهوملكي الغاشم.

قيام الثورة كان ضرورة حتمية لإنقاذ مجتمع محاصر بالجهل والفقر والمرض والاستبداد. ولو قُدِّرَ للثوار الأوائل أن يعودوا لكانوا في الصفوف الأمامية لثورة التغيير السلمية العملاقة. فالثورة الأولى قامت على الجهل أما هذه الثورة فقد قامت لتقتلع رموز الجهل من الجذور.

إن ما ميز هذه الثورة عن غيرها هو عودة الروح الوطنية لدى اليمنيين والشعور بحب الوطن والتلاحم المنقطع النظير بين كل الفئات التي طالما تباعدت, لتتقارب في ساحة العنفوان الثوري.

إنه المارد الذي شم اليمنيون من خلاله عبق الحرية وطيب الكرامة وجمال الأرض الطيبة. ولقد مثلت استجابة اليمنيين لنداء الثورة صورة ناصعة البياض زاهية الجمال واضحة المعالم لجيل فريد لم يكن همه كسرة خبز أو شربة ماء أو ثوباً يلتحف به. بل لقد زالت كل هذه الأساسيات الحياتية من مخيلة أحفاد الزبيري لترتقي إلى تغيير وبناء وتجديد وازدهار, الفردية والأنانية وحب الذات لا مكان له في ساحة الثورة التي تغلي بحب الوطن لدى الثوار كغلي المرجل.

لقد شعر اليمنيون أن شربة الماء وإن كانت ضرورية في ظل حاكم مستبد غاشم لا تروي من عطش وأن كسرة خبز لاستساغ. بل لقد كان العَلَمُ اليمني رداءاً كافياً لليمنيين و رمزاً خالداً يربط بين ثوَّارٍ سبقوا وثوَّارٍ لحقوا وليكونوا خير خلفٍ لخير سلفٍ ,فخرجوا بصدور عارية لمواجهة الموت الزُّئَام.

لقد جاءت ثورة التغيير لتحمي ثورة أكتوبر ونوفمبر وتجسد أهدافها كاملة غير منقوصة كما جاءت لتعيد الاعتبار للشهداء السابقين واللاحقين ومن سار خطاهم. 

لقد قامت الثورة المجيدة ثورة التغيير لتعلن للعالم أنَّ الظلم ممجوج والاستبداد ممقوت والتكبر حقير والتعالي قبيح.

-قامت الثورة لمَّا رأت التقديس للحاكم قد بلغ ذروته, والولاء المطلق للزعيم قد تجاوز حدوده.

-قامت الثورة بعد أن ذاق المواطن شتى الوان البؤس والحرمان.

-قامت الثورة لمَّا رأت الوطنية محصورة في أصحاب الولاءات الضيقة والممنوحة من القائد الرمز كعطايا لأنصار الزعيم.

-قامت الثورة عندما رأت الهِبَات والعطايا تٌصْرَف من خزينة الدولة بغير وجه حق لأعداء الحق وممن لا يملك الحق.

-قامت الثورة عندما وجد الشعب نفسه خارج الوطن ليكون الوطن لغير الوطنيين وأصبح أبناء الوطن عند الفندم عملاء ومرتزقة.

-قامت الثورة لمَّا رأت وسائل الإعلام تُدار من القصر الرئاسي بدلاً من وزارة الإعلام.

-قامت الثورة لمَّا رأت القبيلة تحْكُم والدولة تَتَحَكَّم والمواطن يُحاكم.

-قامت الثورة لمَّا رأت الحاكم يعطي الشيخ صلاحيات القاضي والسَّجَّان فيبني الزنازن ويتملك الرعية وما يملكون.

-قامت الثورة لمَّا رأت البطالة طالت قامتها والخيانة تَصَلَّبَ عودها.

-قامت الثورة في وقت أصبح الثور أبو القضية في حل القضايا.

-قامت الثورة عندما امتهن الحاكم حصون العلم ومعاقل التربية ودور العبادة لتصبح كرنفالاً لتمجيد الزعيم والتغني بمآثره.

-قامت الثورة حينما حوصرت وحدة الشعب من كل جانب,وعُزِل شُركَائُها الأساسيين لتكون وحدةً من صنعٍ خاص قام بها الفندم وبطلها القائد الرمز.

-قامت الثورة عندما وجدت النظام عاجز عن بناء مستشفى شامل لكل انواع التخصصات خلال 33عاماً.

-قامت الثورة حين وجدت آثار ومعالم المخلصين من أبناء الوطن تتلاشى بالأوامر العسكرية.

-قامت الثورة عندما رأت المشاريع المليارية العملاقة تجرفها سيول الأمطار في غمضة عين.

-قامت الثورة حين غاب القانون والدستور عن الحكم وفرضت العادات صرامتها في التوجيه والأداء في كثير من القضايا.

-قامت الثورة عندما وجدت القضاء يُدَارُ من تلفون القصر الرئاسي لتكون الأحكام الجنائية صعبة المنال وواسعة المجال للآل والمقربين وحتى يَحْسُبَ القاضي ألف حساب لأصحاب الأحساب والأنساب قبل أن يخرج من الباب.

-قامت الثورة عندما وجدت التحريش بين القبائل مهمة رسمية يديرها الحاكم ,بالغالي والرخيص ليعيش آمناً في سربه معافاً في بدنه.

-قامت الثورة عندما وجد المواطن نفسه غريباً في وطنه , مُشَرَّدَاً بين أهله ,محروماً من حقِّه.

-قامت الثورة عندما ارتفع معدل البطالة ليصل الى أرقام خيالية مع ازدياد معدل الوفيات وانعدام الرعاية الصحية للمواطن.

-قامت الثورة عندما غاب العدل واختفى القانون وضاع الدستور وانشر الظلم ورأى الناس أنفسهم في غابة يسودها البطش المنظم والنهب للوقف والأوقاف والسطو على الأراضي والممتلكات دون رقيبٍ أو حسيب.

-قامت الثورة عندما قام أقرباء النظام من الاستيلاء على كل المناقصات والأنشطة والمعاملات وكل ما يتعلق بالمنشآت والمشتقات النفطية والطرقات واحتكار المنح الدراسية والبعثات على الزُّمْرَةِ والمقَرَّبين.

-قامت الثورة عندما وجدت الرُّتَبَ العسكرية حكراً في الأسرة الحاكمة والمقربين حتى وإن كانت أعمارهم صغيرة, مع تربع أطفال النظام على مواقع هامة وفيها من هو أكبر منهم سناً وخدمة ورتبة ومكانة.

لقد رحل عن سدَّة الحكم كل زعماء اليمن بشطرية الشمالي والجنوبي من السلال الى الحمدي ومن قحطان الى البيض..رحلوا بحسناتهم وسيئاتهم ولم نعرف أسماء أقرباءهم وأبناءهم في المرافق المرموقة أو الشركات الكاسحة أو المواقع العسكرية الهامة. بينما الوضع يختلف بالنسبة لعلي صالح الذي ملئ أركان الدولة ومرافقها من أبناءه وأقرباءه والمقربين وتتويجهم بالرتب العسكرية والمواقع المرموقة والمراكز الهامة مع صغر سن أكثرهم, فيما لم يزل يرزح في مكانه الكثير ممن أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن, بل ويكون نصيب الكفوء منهم أن يحال إلى التقاعد ليكون بعدها الجو خالٍ لفراخ صالح كي تعشش وتبيض. فأنتجت لليمن فراخاً موبوءة بفيروسات الفساد التي أهلكت الحرث والنسل, فكان لزاماً على اليمنيين أن (يفرمتون) اليمن ويُصَفُّوها ويُطَهِّروها من هذا الوباء العفن والمرض القاتل.

-قامت الثورة لتطهير البلاد من الفساد بكل صوره وأشكاله وأحجامه الثابتة والمتحركة والقائمة والقاعدة.

ولأنَّها رُسِمَت بالدماء الزكية الطاهرة فقد قامت لتبقى وتستمر, ولن تَقْعُدَ حتى تُعَقَّم البلاد من درن الرذيلة وعفن النظام.