هل فقدت العسكرية اليمنية الروح الوطنية؟
بقلم/ د: حسين عبدالقادر هرهره
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 16 يوماً
الثلاثاء 05 يوليو-تموز 2011 05:28 م

قيل قديما ان الرجولة هي موقف، في ظرف معين وزمن معين تقع احداث كبرى تكتب في هذه اللحظات تاريخ وتسجل فيها الاحداث وتتداول كتب التاريخ مواقف الاطراف، وتظهر خلالها الحقائق فتعرف الاجيال اللاحقة مواقف الرجال في تلك الاحداث ويسجل التاريخ للشرفاء أسماءهم على صفحات من نور وتسقط أسماء في وحل الخيانة والفضيحة ويصبح تاريخ هذه الأسماء كتاريخ أبي لهب تلعنه الأجيال عبر تاريخها وتكون القضية من أولها إلى آخرها إرث ثقافي لأمة كاملة تدرسها لأبنائها جيل بعد جيل.

إن الأزمة في اليمن وجمود الموقف سببه فئة واحدة لا ثاني لها وهي القوات التابعة لأبناء الرئيس وأبناء إخوته ولولا تخاذل هذه القوات ووقوفها إلى جانب الباطل ما تأخر النصر وعانى الشعب اليمني كل هذه المعاناة.

وبالرغم من أن هناك انشقاق في هذه القطاعات الا انه لا يزال الكثير من فرق الحرس الجمهوري والامن المركزي والطيران والقوات الخاصة تعمل تحت ضغوط لا تسمح لها بالانخراط في ثورة الشعب، ولا يزال التردد سيد الموقف، وهنا أقول لهم انه يجب ان يكون موقفكم موقفا وطنيا، فالحق مع شعبكم وليس مع الحاكم، وانتم جيش الشعب وليس جيش الحاكم، ووقوفكم مع الحاكم ضد إرادة شعبكم هو الخيانة التي سوف تسجل عليكم في صفحات التاريخ لهذه الأحداث، وعليكم ان تعلموا ان النصر سوف يكون مع الشعب وان طال الامد، وان إرادة الله مع ارادة الامة، لان الامة لا تجتمع على ضلالة، وعليكم ان تستلهموا المستقبل وتنظروا الى عملكم في ميزان التاريخ لتعلموا اي جريمة ارتكبتم في حق امتكم.

ان المقارنات مفزعة خصوصا ان الاحداث في البلاد العربية قد كرت مثل حبات المسبحة واصبحت المواقف لكافة الاطراف في الميزان ففي كل الحالات توجد شعوب ثائرة ضد الظلم والطغيان تطالب باسترجاع كرامتها وحريتها المسلوبة ، وفي كل الحالات احزاب حاكمة ظالمة اذلت الشعوب وتسلطت على رقابها ونهبت اموالها وفقدت شرعيتها بتزوير الانتخابات، وهناك الطرف الثالث وهي القوات المسلحة بكل افرعها، ونجد ان العامل الاساسي والمؤثر في كل هذه الاحداث هي القوات المسلحة، ففي الدول التي يحمل فيها القائد العسكري والضابط والجندي الروح الوطنية العالية نجد ان الشعوب انتصرت بأقل التكاليف ومثال ذلك ماحدث في مصر وتونس، وفي الدول التي لايعرف الجندي والضابط والقائد العسكري واجبه وبعد ان زورت الدولة عقيدة قواتها المسلحة ليصبح الولاء للرئيس والحزب وليس للوطن, نجد أن شعوب هذه الدول تعاني كثيرا ومثال ذلك ما يحدث في اليمن وسوريا وليبيا.

ولكن ما يجعل الامل قائم في تصحيح مسار الاحداث ان العسكرية اليمنية ذات التاريخ المرتبط بالثورة اليمنية ضد الظلم والطغيان وكانت هي العامل الحاسم في قيام الجمهورية في الشمال والجنوب لازال الكثير من المحللين يعتقد ان يومها قادم وانها لايمكن ان تكون اقل وطنية من الجيش المصري والجيش التونسي الذي حسم امره الى جانب الثورة منذ لحظتها الاولى، لان المكان الطبيعي للقوات المسلحة اليمنية هو الى جانب الشعب، والمطلوب من القيادات العسكرية ان تقف موقف الرجال وان تحسم الامر لصالح الشعب فانه الخيار الوحيد امامها قبل ان تلعنها الاجيال وتسجل سابقة في تاريخ العسكرية اليمنية عنوانها(الخيانة للشعب).

لقد عانت بلادنا كثيرا من نظام صالح الذي كان يدير الحكومة وكانها ملكية خاصة يعبث بها كما يشاء، ولقد كثرت المشاكل الخطيرة في اليمن حتى صارت بلادنا مرتعا للفوضى والفتن، فالرجل لم يكن يحترم قانون ولا دستور وقد وصلت الامور ان المحافظات الجنوبية وصلت الى قناعة تامة انه لابد من الانفصال بعد ان تحكم فيها صالح ومنح اراضيها بالكيلومترات لعصابته من منتسبي الحزب او اقاربه، واوقف كل الكفاءات الجنوبية عن العمل في كافة الادارات العسكرية والمدنية بعد ان كانوا هم العامل الحاسم في انتصار الوحدة على الانفصال في حرب 94.

كما اشتعلت النيران في صعده مع الحوثيين في ستة حروب وقد وجد صالح فيها فزاعة ترعب السعودية وتدفعها الى تقديم العون المادي الذي يستفيد منه، كما ظهرت خيانة النظام جلية في هذه الحرب، فقد كانت فرصة للتخلص من كثير من القيادات العسكرية وخصوصا من المحافظات الجنوبية الذين دفع بهم صالح الى اتون هذه الحرب تحت عنوان الدفاع عن وحدة الوطن، واوقع الكثير منهم في الكمائن وقد شاهدنا ذلك في المجازر التي دفع ثمنها الجيش قبل وصوله الى مواقع القتال، وقد كشفت وثائق ويكيلكس انه استدرج الطيران الحربي السعودي الى ضرب موقع قيادة الجيش اليمني بهدف القضاء على علي محسن الاحمر قائد المنطقة العسكرية الشمالية، ان كل ذلك مدعاة الى ان تعلم كل القيادات العسكرية في الحرس الجمهوري والامن المركزي وبقية القطاعات التي لم تنحاز الى الثورة ان صالح لم يكن لديه اي ذرة من الوطنية وان كل تصرفاته هدفها الحفاظ على موقعه في الحكم وضمان استمراره واستمرار اقاربه بينما البلد تتجه الى الهاوية من الناحية الاقتصادية وتتجه الى التقسيم بسبب الظلم والفوضى التي صنعها صالح تحت سياسة فرق تسد، ولولا هذه الثورة التي اعادت نفخ الروح الوطنية في الشعب اليمني واوضحت الى اي مدى كان صالح يخطط لاحداث الانقسام بين ابناء الشعب لوجدنا الاحداث قد اخذت اليمن الى التقسيم الحقيقي والى الكراهية والحروب الطاحنة في المستقبل بين ابناء الشعب الواحد، ان اليمنيين جميعا ينظرون بأمل كبير الى عودة الروح الوطنية الى قيادات الحرس الجمهوري والامن المركزي والقوات الخاصة بالانظمام الى خيار الشعب وان يكونوا عند حسن ظن شعبهم بهم وان لايكونوا اقل وطنية من غيرهم.