ضربة قوية تهز الهلال.. 6 نجوم على أعتاب الرحيل اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق جيش السودان يسيطر على أكبر قاعدة عسكرية 8 قيادات بارزة ضمن قائمة بأهداف إسرائيلية في اليمن.. وقيادات حوثية تفر إلى صعدة فتح كافة المنافذ الحدودية بين السعودية واليمن هكذا تعمق المليشيات معاناة المرضى بمستشفى الثورة بصنعاء القائد أحمد الشرع : أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء طهران تعلن مقتل أحد موظفي سفارتها في دمشق عمائم إيران ترد على بوتين: لهذه الأسباب لم نقاتل مع بشار الأسد ؟ من جنيف أول منظمة حقوقية تطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم تجاه الغارات الإسرائيلية للمنشآت الحيوية اليمنية
لا أستطيع أن أفترض البراءة, ولا حتي الغباء في أولئك الذين يصرون علي التهوين في شأن الإنجاز الكبير الذي حققه حزب الله في مواجهته الباسلة للانقضاض الإسرائيلي علي لبنان. ولأن ذلك الإنجاز واضح لكل ذي عينين. فقد اقتعنت بأننا لسنا بازاء مشكلة قصر في النظر أو ضعف في البصر ولكننا بازاء أزمة ضمير وافتقاد للبصيرة.
(1) الرسالة واضحة في قرار رئيس الأركان الإسرائيلي عزل الجنرال أدوي آدم قائد المنطقة الشمالية, الذي تخوض قواته المعركة ضد حزب الله, وهو ابن الجنرال يوكتئيل آدم الذي كان نائبا لرئيس الأركان, وقتل بنيران حزب الله, أثناء غزو لبنان في عام1982.
القرار وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلي بأنه زلزال في الجيش. وبثت إذاعة الجيش صباح يوم8/9 تعليقا عليه لمراسلها روني شيلدهاف, قال فيه إنه يعبر عن حجم الاحباط الذي يسود القيادة العسكرية والسياسية من تعثر المعركة في مواجهة حزب الله, وعجز الجيش عن حسمها. بعد مضي شهر علي الحرب, برغم أن الرجل يعمل الي جواره من الجنرالات وتحت أمرته أكثر من عشرة آلاف جندي, يواجهون عدة مئات من مقاتلي حزب الله.
المفكر الإسرائيلي والكاتب الساخر يونتان شام أور كان أكثر صراحة في تقييمه للموقف, فقد نشرت له صحيفة معاريف في8/2 مقالة قال فيها: لقد خسرنا. ولم يعد مهما إذا كان الجيش سيصل الي نهر الليطاني أو أنهم سيأتون إلينا برأس نصر الله, فقد انتصروا وأصبحنا نحن الخاسرين. ثم أضاف قائلا إن المواجهة الحالية لن تقضي علي المستقبل السياسي لحزب كاديما الذي يقوده أولمرت, ولكنها أيضا ستلقي بظلالها علي مستقبل المواجهات القادمة بين إسرائيل وحركات المقاومة العربية. ذلك أن إسرائيل بعدما فقدت قوة الردع سيصبح بمقدور أي جماعة من خصومها أن تتغوط عليـــنا بــــأي عـــدد من الصواريخ يروق لهـا.
في الوقت ذاته فإن ثمة اتفاقا بين المعلقين في الدولة العبرية علي أن الزلزال سيشمل المستوي السياسي فضلا عن العسكري في إسرائيل. إذ يتحدث البعض عن تشكيل لجنة تحقيق في خيبة الجيش, قد تطيح برأس رئيس الأركان ذاته دان حالوتس لضعف أدائه, حيث يرجح أن توصي بعدم تعيين رئيس للأركان مثله قضي خبرته العسكرية في سلاح الجو. وقد تحدث الصحفيان افي زخاروف وعاموس هائيل عن انتقادات حادة في قيادة الجيش لطريقة ادارة الحرب. ونقلا عن بعض القادة في مقالة مشتركة نشرتها هآرتس في8/2 انتقادهم لما سموه بـ خطيئة الغرور التي تصور معها مخططو الحرب انه بالإمكان القضاء علي خطر صواريخ حزب الله بالغارات الجوية. في حين أشار أولئك القادة الي الإهمال المتواصل لتدريبات وحدات الاحتياط ومعداتها, وتوقعوا أن يحدث التحقيق في ملابسات الحرب ومسارها صدمة كبري في الجيش الإسرائيلي.
(2) الصحفي يوئيل ماركوس نشرت له صحيفة هآرتس مقالة في8/7 أشار فيها إلي أن التأييد الجارف من جانب الجمهور الإسرائيلي للحرب, يذكر بالنكتة المعروفة عن جمهور للأوبرا ظل يصفق طويلا للمغنية, حتي صاح واحد من الحاضرين قائلا: لن نسمح لك بالنزول عن المسرح حتي تتعلمي الغناء!
أضاف ماركوس المعروف بكتاباته اللاذعة أن الأغلبية أيدت الحكومة رغم أن مابين100 إلي200 صاروخ تضرب إسرائيل يوميا من المطلة وحتي حيفا. وذلك كابوس لم نتوقعه حتي في أسوأ أحلامنا. وحذر من الأسئلة المحرجة التي سيطرحها الناس حول المكسب والخسارة في الحملة العسكرية.
مثل هذه التعليقات التي تعبر عن فقدان الثقة وخيبة الأمل باتت تحفل بها وسائل الإعلام الإسرائيلي. ففي صبيحة الخميس8/2 قال معلق الإذاعة العبرية ان نجاح المقاومة في استهداف العمق الإسرائيلي بعد أكثر من ثلاثة أسابيع علي الحرب يمثل فضيحة للدولة وجيشها, وفي نفس اليوم نشرت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها تعليقا علي خطاب رئيس الوزراء ايهود أولمرت الذي قال فيه ان إسرائيل حققت في الحرب الحالية إنجازات غير مسبوقة. وفي التعليق ذكرت أن قادة إسرائيل يعتمدون لغة الخطابة, في حين أن حزب الله يعتمد لغة الفعل بالدرجة الأولي. وفي نفس العدد نشر المؤرخ والمفكر الإسرائيلي توم سيغف مقالة مسكونة بالمرارة تحدث فيها عن انعدام مصداقية قادة الجيش وترددهم, وعجزهم عن اقناع الجمهور بأنهم حققوا انجازا في الحرب.
هآرتس نشرت أيضا مقالة للمفكر والمؤرخ زئيف شترنهال قال فيها بصراحة إن هذه الحرب هي الأكثر فشلا التي تخوضها الدولة العبرية طوال تاريخها. وأضاف أنه بعد ثلاثة أسابيع تحدث أولمرت علي نحو موغل في التفاؤل, في حين أنه هو وحكومته وجيشه تحولوا وأصبحوا يخفضون من سقف الأهداف التي وضعوها للحرب. فبعد أن قالوا إنه يجب تحقيق هدفين رئيسيين هما: استعادة قوة إسرائيل الردعية في مواجهة العرب, وتصفية حزب الله نهائيا, وجدنا أن الهدفين تراجعا ليصبح هدف الحرب الرئيسي هو مجرد ابعاد مواقع حزب الله الأمامية عن الحدود الشمالية لإسرائيل, ونشر قوات دولية علي الحدود.
الجنرال زئيف شيف كبير المعلقين العسكريين في صحيفة هآرتس كتب مشيرا إلي أن وزيرة الخارجية الأمريكية وأركان الادارة في واشنطن كانوا من أكثر المتحمسين لمواصلة اسرائيل للحرب حتي تنجح في إخضاع حزب الله واستسلامه. لكن الأداء العسكري الإسرائيلي خيب آمال المسئولين الأمريكيين, الذين استغربوا قدرة المقاومة اللبنانية علي مواصلة حرب الاستنزاف ضد الدولة العبرية بعد مرور أربعة أسابيع علي المعارك.
(3) إضافة إلي الاعتراف بالهزيمة, وفقدان الثقة في أداء القوات المسلحة وقرارات الحكومة الإسرائيلية, فإن الصدمة أحدثت اهتزازات واصداء أخري, كان من بينها علي سبيل المثال: ـ
* اتهام أمريكا بتوريط إسرائيل: هذه الفكرة ترددت في كتابات عدد من المحللين والخبراء. عبر عن ذلك تسفي بارئيل محرر الشئون العربية في هآرس, الذي قال صراحة إن واشنطن تحاول توريط إسرائيل في حرب دينية ضد العالمين العربي والإسلامي. وهذه الفكرة عبر عنها آخرون ممن حذروا من مغبة وقوع إسرائيل ضحية اغراء التأييد الأمريكي لها في الحرب. وكانت زهافا غلون رئيس كتلة حزب ياحد اليساري وعضو الكنيست قد وصفت التأييد الأمريكي بأنه توريط في المستنقع اللبناني. الموقف ذاته تبناه المؤرخ البارز توم سيغف الذي قال في مقالة نشرتها هآرتس إن للولايات المتحدة دورا كبيرا في توريط إسرائيل في الحرب.
وأعاد الي الأذهان حقيقة أن الولايات المتحدة تنقصها الدراية الكافية بكيفية التعامل مع العالم العربي, بخلاف أوروبا. وقال إنه كان من الأفضل لإسرائيل الدخول في مفاوضات لإطلاق الأسيرين. وللعلم فإن عددا غير قليل من الساسة اليساريين في إسرائيل اعتبروا أن هذه حرب تشنها بلادهم بالوكالة عن الولايات المتحدة, وهي في النهاية لن تخدم لا إسرائيل ولا أمريكا, كما قالت زهانا غلون.
* رسائل مغازلة سوريا: أجمعت التقارير الصحفية علي أن إسرائيل منذ بداية الحرب حرصت علي طمأنة سوريا الي أن الحملة ضد حزب الله لن تشملها. ولكن اصواتا إسرائيلية عدة ذهبت الي أبعد, فدعت الي إحياء المسار التفاوضي مع دمشق وعقد صفقة معها حول هضبة الجولان, بما يؤدي الي عزلها عن حزب الله وإيران. ومن أبرز الداعين الي ذلك الجنرال أوري ساغيه رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق, الذي رأس فريق المفاوضات مع سوريا علي عهد رئيس الوزراء الأسبق باراك( عام1999). وقد أعلن الرجل عن ذلك في تصريحات للإذاعة العبرية, دعا فيها حكومة تل أبيب لأن تكون مستعدة لدفع الثمن المناسب لإقناع سوريا بعقد الصفقة.
* أمل بديلا عن حزب الله: تحدث خبراء آخرون عن عزل حزب الله, عن طريق التعامل مع حركة أمل, واعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشيعة في لبنان. دعا الي ذلك الدكتور يسحاك بيلي, المستشار السابق لوزارة الحرب لشئون الشيعة, إذ حث تل أبيب وواشنطن علي التعاون في جذب حركة أمل والتركيز علي تمثيلها للشيعة في الجنوب بوجه أخص. وركز علي أن ثمة فروقا بين الحركتين, أبرزها أن حركة أمل علمانية وذات قيادة معتدلة, في حين أن حزب الله له توجهاته الأصولية المتطرفة.
(4) حلم هذا كله أم علم؟ ـ السؤال طرحه العم أمين هويدي وزير الحربية ورئيس المخابرات الأسبق, الذي عاصر كل حروب العرب مع إسرائيل, وقال: من كان يحلم بأن ينقل طرف عربي الخوف والوجع الي إسرائيل, فيهددها لأول مرة في تاريخها, ويضرب عمقها واصلا الي صفد وطبريا والعفولة, ويدفع بسكانها الي المخابيء التي لم يدخلوها منذ نصف قرن. بل ولا يتردد في التصريح بضرب تل أبيل إن هي قصفت بيروت؟ ـ من كان يخطر له أن تنجح المقاومة الإسلامية في هدم نظرية الأمن الإسرائيلي, وافقاد العدو قدرته علي الردع, واسقاط هيبة الجيش الذي قالوا إنه لا يقهر, وأيضا إسقاط هيبة أجهزة المخابرات الثلاثة: الموساد والسي آي ايه( الأمريكية) ومخابرات حلف الناتو؟ ـ من كان يتصور في اجواء الاحباط والهزيمة المخيمة أن تقلب المعارك بالكامل في المنطقة, علي نحو يحدث نقلة نوعية مهمة في موازين القوي, تجاوزت بكثير ما حققه العبور المصري الي سيناء عام73. وهي النقلة التي أكدتها بنجاح علي الأراضي, وستحقق هدفها, وستجني الأمة العربية ثمارها, إذا أحسن السياسيون توظيفها بنفس درجة الكفاءة التي شهدناها في ساحة القتال.
المفاجأة في الانجاز كان لها صداها القوي في اوساط عرب48 الذين يعيشون في ظل الذل والعنصرية داخل إسرائيل, صحيفة القدس العربي استكتبت عددا من أدباء حيفا( في عدد8/8), فقال الكاتب سليم أبو جبل إنه حين يهرول اليهود الي الملاجيء خائفين, فإن العرب يخرجون لمشاهدة القذيفة القادمة, كأنها هدية جاءتهم بعد طول انتظار. وقال الشاعر حنا أبو حنا إنه بعد الذي جري, فقد آن لزمان الضفادع أن يولي.
هذه المشاعر الجياشة التي تملأ الشارع العربي, وهذه الروح الجديدة التي سرت في أوصال الأمة, لم يصل شيء منها الي دعاة التهوين. وإذا كنت قد فسرت موقفهم في البداية بحسبانه تجسيدا لأزمة البصيرة وليس البصر, إلا أنني صرت أفكر في أمر آخر, حين قرأت تحليلا نشرته صحيفة يديعوت احرونوت( في8/7) للمحررة السياسية سيماكرمون, ذكرت فيه أنه لأول مرة وزع مكتب رئيس الوزراء, رسالة مطبوعة علي الوزراء. نبهتهم الي ضرورة التأكيد في تصريحاتهم الصحفية علي أن إسرائيل انتصرت وألحقت الهزيمة بحزب الله. وهو ما دفعني الي التساؤل عما إذا كانت نسخ من تلك الرسالة وزعت علي عناصر المارينز في دوائر الإعلام العربي؟