آخر الاخبار
"ملاحظات بين يدي نصر طه مصطفى
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 19 يوماً
الجمعة 04 مايو 2007 05:07 م

 مأرب برس ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ خاص

أعتقد أنني قرأت نصا شرعيا ينص على تحريم أو كراهية مدح الحاكم لأن ذلك يؤدي إلى فساد ذمته وتخريب ضميره وتلك في الحقيقة قاعدة شرعية بليغة تعلمنا درسا هاما من دروس "معاملة الحاكم" كما أنها ترمز بقوة إلى المعنى الحقيقي لوجوده على رأس أمته فهو في الأساس وجد "كقائد لها" ليس من أجل مدحه والتمسح ببركاته بل من أجل إصلاح أوضاع أمته والسير بها نحو الأمن والأمان عبر تحقيق مصالحها ومتطلبات أبنائها وحماية أرضها وممتلكاتها وذلك كله ضمن القواعد الشرعية التي تحدد بوضوح العلاقة القائمة بين الأمة وقائدها الذي يجب أن يدرك المعنى الكامل لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" كشعار نبوي يذكر الحاكم بعظمة مسؤوليته المرتبطة في أصلها بالمولى عز وجل كما أن عليه إستيعاب الرسالة الخالدة المستمدة عظمتها من ديننا الإسلامي والتي يتم بموجبها تحديد "أصول" الطاعة للحاكم من أبناء أمته والمتمثلة في قول الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه "أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.."

تذكرت هذه الأنوار الإسلامية وتذكرت معها النصيحة الحكيمة لسيدنا لقمان الحكيم لأبنه أو تلاميذه والتي ينهى فيها عن مدح الإنسان خاصة "الجاهل" في تص رفاته "عندما يكون في موقع الحكم والمسؤولية" لأن ذلك يجعله يظن أنه في مقام الإنسان المصيب فيحل الغرور في نفسه معتقداً أنه يصنع للناس عجبا فيؤدي ذلك إلى فساد وخراب الكثير من الأشياء في الدنيا وأهمها على الإطلاق "أخلاق الناس" الدنيوية المسجلة لهم أو عليهم إلى يوم الحساب.

تذكرت ذلك لحظة قرائتي كتابات الأستاذ القدير / نصر طه مصطفى التي يحاول من خلالها "تبرير" الكثير من الممارسات "السلطوية" لشخص السيد الرئيس وحزبه الحاكم بصورة لا تخلوا من "إستغباء" أو "إستجهال" عقلية القارئ المتلقى لأن تلك الكتابات حملت في سطورها "تسويقا" واضحا لتصرفات "الحزب الحاكم" مع ملاحظة أنها وإن حملت مدحا "مبطنا" فإن ذلك المدح لم يصل بعد إلى مرحلة "الإنبطاح الكامل" الذي وصلت إليه الأقلام "المؤتمرية والسلطوية والمادية" الأخرى وذلك في الأساس يدل على أن أستاذنا الكبير لا يزال يحمل في ثنايا إنسانيته "أثر من ضمير حي" كما أن قلمه "الرائع" مصمم على ما يبدوا إلى التمسك بقدر لا بأس به من "الخجل" وأعتقد أن "السر" وراء ذلك يعود إلى عدم قناعة الأستاذ / نصر طه بما يكتبه "من الداخل" خاصة أن كتاباته المبررة والمسوقة لأفعال الحزب الحاكم ظهرت وتظهر بشكل ضعيف وأسلوب أضعف أستطيع وصفها بعبارة "ركيكة المعنى مجزأة الأحرف" وهو من عرف عن كتاباته "الوطنية" قبل "التحول" الأخير قوة الأسلوب ووضوح الفكرة لذلك لم يكن غريبا عليه أن يكتسب شعبية واسعة في أوساط القراء "تلك الأيام" من المؤكد أنه خسرها اليوم لأن الإنتقال من خانة الوطن إلى خانة تجميل صورة الحزب الحاكم وتلميع قيادته لم يكن يؤدي إلا إلى الخسارة.

آمل أن تكون الصورة قد اتضحت هنا للأستاذ / نصر طه وأعتقد أنه إن اتفق معي على المخالفة الصريحة لتلك الرسالة الشرعية من قبل الكثير من الأقلام والخطباء والعلماء فسيجد نفسه أيضا متفقا معي على أن أولئك جميعا أصبحوا يمتدحون الحاكم إلى درجة وصلت حدود "الشرك الأصغر" فلولا هو لحدث وحدث وحدث كما أنهم تجاوزوا ذلك المدح إلى درجة أخطر منه فأصبحوا يبررون للحاكم أقواله وأفعاله مع أن أغلبها خاطئ وغير صحيح مقدمين بذلك "التبرير" فصلا "شيطانيا" من فصول تزيين "سوء العمل" وليت أن الأمور توقفت عند هذا الحد فالكارثة أن ذلك كله يحدث على حساب الدين والوطن والإنسان.

لا أنكر هنا أنني أصبت بالصدمة وأنا أرى "التحول" الغريب للأستاذ القدير وأنا من عرفته "مثل الآلاف من القراء" مثلا كبيراً لأنسان يعيش هم وطنه وأمته ولا أنكر أيضا أنني عندما أقرأ كتاباته اليوم أسأل نفسي بمرارة أأفسدت "قلمه" السلطة أم أفسدها هو؟ مثلما أسأل نفسي أيضا بألم وحزن أهذه هي أمانة القلم؟ أو هذه هي وظيفته؟ خاصة وأنه يجب علينا الإيمان أنها من أعظم الأمانات التي ائتمن الله بها عباده الذين شرفهم بحمل القلم فلماذا إذا نخونها ومن ذاك "الفرد أو الحزب" الذي يستحق أن نفرط من أجله بهذه الأمانة الإلهية.

لقد كتب الأستاذ العزيز / نصر طه مصطفى الكثير من المواضيع "الحكومية" التي تستحق الوقوف أمام أسطرها والرد عليها كلمة كلمة وأظن أنه لوراجعها بما بقي له من "أثر الضمير" لاكتشف أنها تسيء لتاريخه وإسمه الشخصي ولوجد أن وجهة نظر الناس "إن كان يهمه ذلك" إتحدت في تقييمه وتقييمها ويبدوا أنه الآن إن كان يقرأ هذه السطور قد فهم المغزى من الكلام لأن ذهنية الناس في بلادنا "بفعل أفعال السلطة المؤتمرية" تصور الإنسان "المتحول" من المعارضة إلى السلطة والناقد للحكومة إلى المدافع عنها على أنه.....

يدرك الأستاذ نصر طه أن تحوله ترك علامة إستفهام كبيرة لدى كل من عرفه وقرأ له حتى أن ذلك "التحول" كان أساسا لنقاش طويل في أوساط القراء والمهتمين والواعين في المهجر الأميركي ولا أخفي هنا أن الكثير أبدوا ألمهم الشديد من ذلك وتساءلوا عن حال الكاتب والمثقف والعالم في بلادنا بل وصلوا إلى إستفسار منطقي حملت كلماته سؤالا محرجا أعتقد شخصيا أن الأستاذ سيمتنع عن إجابته وهو / ما هي القناعات "الوطنية" التي جعلته يتحول هذا التحول خاصة في ضل وضعية الحزب الحاكم المعروف بشرائه الذمم والضمائر؟

قد يتسائل البعض هنا لماذ نصر طه مصطفى بالتحديد ولماذا لم نتطرق في حديثنا لكتاب آخرين؟ والإجابة على هذا الإستفسار المنطقي تكمن في أنه كاتب حقيقي ومثقف كبير إضافة إلى مكانة قلمه وشعبيته التي اكتسبها ثم الصدمة التي أحدثها طيرانه الغريب "نحو السلطة" ففجع الناس في قلم كان للوطن ثم فجأة أصبح يبرر ويسوق سلع السلطة الفاسدة في اليمن.

إن الكارثة الحقيقية في حياة الشعوب تكمن في إستجهالها من قبل الطبقة المثقفة وذلك ما نرى الأستاذ القدير يفعله ومن يراجع كتاباته "الحكومية" سيجد ذلك جليا واضحا وذلك ما لم نكن نتوقعه من أستاذ وكاتب كبير في مقامه مثلما أننا لم نكن نتوقع منه أن ينتقد أحزاب المعارضة خاصة "الإصلاح" بأسلوب الدس وتمزيق الصفوف وذلك ما لا يليق أبداً بمكانته.

كنا نتوقع منه أن يقف موقفا "وطنيا" ليقرأ حركة المعارضة في اليمن بروح الوطن ومصلحة أبنائه لا أن "يسوق" أفكار المؤتمر ونواياه وهو إذ ينتقد خطاب المعارضة كان حريا به من موقع سلطته "إن كان لكلمته سماع" أن يوجه خطاب الحزب الحاكم أو ينتقده على أقل تقدير فلقد حمل ذلك الخطاب سابقة مفجعة في تاريخ اليمن سنتناولها بالتفصيل في موضوع قادم.

إن الهدف من وراء كتابة هذا الموضوع التواصي بالحق والنصح بالخير فالدين النصيحة وهو بمثابة رسالة حب أخوية من تلميذ إلى أستاذ قدير يعتقد أنه أخطأ ويناديه إلى العودة نحو إنسانيته ووطنه فكلنا خطاؤون وخير الخطاؤون التوابون كما قال رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم وحري بالأستاذ القدير أن يقف هو مع نفسه ويسأل ضميره بصوت عال أين أصاب وأين أخطأ وهل الوطن وأهله أعز وأغلى أم أن مناصب الدنيا الفانية هي الآخرة والأولى.

إن نصر طه مصطفى يدرك ويعلم علم اليقين أن كتاباته "الحكومية" لا يمكن أن تغير في واقع الأمر شيئا فيما يخص وضعية الحزب الحاكم في الشارع اليمني لأن ممارسات الحزب تفضح وتقتل تسويقه وتبريره مهما استخدم من كلمات ومهما استنجد بالأمثلة إلا إذا كان همه وهدفه إرضاء الحزب الحاكم وقيادته فيجب هنا أن نذكره بأن الوطن أشرف وأغلى وأرفع من أن نضحي به من أجل شخص أو حزب ولقد علمنا التاريخ أن الوطن يبقى وتلك المسميات ترحل وتبلى وعليه فإن أستاذنا القدير مطالب بالإلتفاف نحو مهام عمله الحقيقية بدلا من صرف وقته وتفكيره في مواضيع الشراكة في "تزيين سوء العمل" ومن موقع "رئاسة الوكالة" و"نقابة" الصحافة يجب عليه خدمة وطنه فهنالك الكثير من الأشياء التي يجب تغييرها وسن قوانين ملزمة لها ولعل أهمها مكانة الكاتب في الوطن وهل هنالك طرق تمنع السلطة من ترغيبه وترهيبه وما هي الوسائل "الجديدة" لحماية حرية الكلمة وأصحابها في بلادنا؟

هل يستطيع إيجاد صيغة أو قانون ملزم يمنع "السفهاء" من التعرض للصحفيات والكاتبات ؟ وهل سيمنع وقف الصحف وحجب المواقع الإلكترونية ثم هل سيقوم بترشيد الخطاب الحكومي المؤتمري لإخراجه بصورة وطنية عالية؟

ماذا سيعمل لإيقاف الشتائم والإتهامات لكل كاتب وناقد يهاجم السلطة وماذا سيقدم من جديد لبناء إعلام حقيقي يجعل الوطن أساس كلماته وصفحاته؟ هل يستطيع إخراج الخطاب الإعلامي الحكومي من "ثوبه القديم" ليلبسه ثوبا جديداً يتلائم ويتماشى مع التغيرات والتطورات الدولية؟ هل سيقوم بتوفير معالم الحرية الحقيقية للسلطة الرابعة "الإعلام" ليشمل النقد كل شخص فاسد ومقصر في وظيفته وأظن أن تلك أصعب مهمه سيواجهها "النقيب" لأن حدوث ذلك يلزمه بحماية الصحفيين والكتاب الذي ينتقدون بطانة الرئيس ووزرائه وأركان نظامه وعليه أن يطرح هذا الأمر على السيد الرئيس ويناقشه فيه فلماذا يتم إنتقاد الرئيس بينما تستثنى بطانته وحاشيته وحكوماته ولماذا تقوم قيامة أي كاتب أو صحفي ينتقد تلك "المحرمات" ألا يدعوا ذلك الأمر إلى الغرابة والتصحيح معا أم أن أولئك يريدون إقناع الناس أن الرئيس وحده هو المخطأ أما هم فنعم "الحواشي والبطائن والحكومات" تلك هي مهامك الحقيقية أستاذي القدير، من مكان عملك قم بإيجادها خدمة لوطنك وتقديراً لرسالة قلمك خاصة وأنت محلق نحو وزارة الإعلام أما إذا منعوك "تعرف من نقصد" من ذلك فأشرف لك أن تقدم إستقالتك لتلحق بركب من آثروا الوطن على المصالح فحجزوا لأنفسهم مكانا مميزاً في التاريخ زينوه برضا المولى عز وجل وحب الناس وراحة الضمير أظنك تعرفهم جيداً وإن ادعيت عدم معرفتهم لأنكم في "سلطة المؤتمر" تعتقدون خطأ أن ذلك حقكم مع أنكم لا تمتلكونه وللتذكير فقط إسمح لي أن ألفت عنايتكم أن الأستاذ الفاضل / فرج بن غانم والرئيس المهندس / فيصل بن شملان هما من نقصد فهل ترغب في أن تكون ثالثهم الأمر متروك لك وحدك وهو الآن بين يديك.

aalmatheel@yahoo.com