مستشار رئيس الحكومة : مصالحنا تتعرض لحرب حقيقية.. والحوار لن يؤجل
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 8 أيام
الجمعة 14 ديسمبر-كانون الأول 2012 06:59 م

أكد راجح بادي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء اليمني، أن حكومة الوفاق الوطني في اليمن تبذل قصارى جهدها في التعامل مع «التركة» الثقيلة التي ورثتها عن النظام السابق، وقال بادي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» إن هناك من يشن حربا حقيقية ومفتوحة ضد المصالح الحيوية للبلاد من كهرباء ونفط وغيرها، مؤكدا أن امتلاك بعض القوى في اليمن للسلاح وتدخلات بعض الأطراف الإقليمية كانا لهما دور سلبي في إبطاء عملية التحول السياسي. وذكر بادي أن الجيش المؤيد للثورة لم يعرقل عملية إعادة هيكلة الجيش، وأن عددا من القرارات صدرت بإقالات طالت قيادات في هذا الجيش ولم يتم الاعتراض أو التمرد عليها. وذكر أن لدى حكومة بلاده استراتيجية شاملة لمواجهة الجماعات المسلحة والتطرف، لا تقتصر فقط على الحل الأمني والعسكري. وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول إمكانية حضور الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح إلى مؤتمر الحوار الوطني المزمع، أكد مستشار رئيس الحكومة اليمنية أن أيا ممن يواجهون ادعاءات ذات مصداقية تجاه ملف حقوق الإنسان لن يحضر إلى مؤتمر الحوار الوطني.

فيما يلي نص الحوار:

حوار / محمد جميح

* دعنا نبدأ بالاتهامات الموجهة لحكومة الوفاق بأنها أخفقت في كثير من الجوانب الأمنية والخدمية، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بتأمين إمدادات الكهرباء ومواجهة أعمال التخريب. كيف تعلق؟

- بداية، يعلم الجميع في اليمن أن التركة التي ورثتها حكومة الوفاق الوطني كبيرة جدا. ومنذ تشكيل هذه الحكومة قبل عام وحتى الآن وهناك إعلان حرب حقيقية مفتوحة ومنظمة على المصالح الحيوية لليمن، مثل الكهرباء، وأنابيب النفط، وقطع الطرقات بين المحافظات، وإقلاق السكينة والأمن العام.

وواجهت الحكومة هذه الحرب بنجاح واقتدار كبير، فما إن يتم تخريب أبراج الكهرباء أو أنابيب النفط حتى تسارع الفرق الفنية المختصة لإصلاح هذا الخراب، وهذا شكل عبئا إضافيا وكبيرا على الحكومة، خاصة من الناحية المالية، ولكن رغم ذلك يمكننا القول، وليس من باب المبالغة، إن الأوضاع الآن في ما يتعلق بما ذكرته في سؤالك شهدت تحسنا كبيرا على ما كانت عليه قبل تشكل هذه الحكومة. الوضع بالتأكيد ليس كما تطمح الحكومة أو الشعب اليمني إليه، ولكن المؤكد أن الوضع أفضل مما كان عليه.

* هناك من يشير إلى نقطة ضعف أساسية في تركيبة حكومتكم، كونها مشكلة من خصوم سياسيين، وهذا يعرقل عمل الحكومة، وتناغم طاقمها. ما مدى صحة هذا الأمر؟

- في كل العالم، يؤخذ على الحكومات التوافقية أو الإنقاذية عدم الانسجام الكامل بين أعضائها، كون مثل هذه الحكومات يتم تشكيلها من فرقاء وخصوم سياسيين، إلا أن هذا الأمر ليس طاغيا على حكومة الوفاق الوطني بشكل صارخ؛ فالانسجام يغلب على معظم عمل أعضاء هذه الحكومة، وهناك إدراك كبير من معظم الوزراء لخطورة الوضع، وخاصة مستقبل اليمن، إذا فشلت هذه الحكومة والقيادة السياسية للبلاد - لا قدر الله - في تنفيذ بقية بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة واستكمال نقل السلطة بطريقة سلمية وآمنة، والغالبية في هذه الحكومة تدرك أنه لا بد من الوصول باليمن إلى فبراير (شباط) 2014م - موعد الانتخابات المقبلة.

* يعيش اليمن هذه الأيام حالة من الغموض، أو ما يطلق عليها اللاحسم، كيف تنظر إلى هذه المسألة؟

- في الفترات الانتقالية التي تعيشها الشعوب، تأخذ بعض الإشكالات أو المعضلات بعضا من الوقت لحلها أو للتوافق بشأنها، فيرى البعض من الناس أن هذا التوافق بشأن قضية ما نوع من اللاحسم أو الالتفاف على هذه القضية. أما بالنسبة للغموض في هذه المرحلة، فأتفق معك إلى حد كبير في أن الساحة تشهد نوعا من الغموض المقلق لليمن، وذلك بسبب استمرار امتلاك بعض القوى في اليمن للسلاح والعتاد العسكري، واستمرار تدخل بعض القوى الإقليمية في الشأن السياسي اليمني، وهذه حقيقة، ومن دون مواربة، أقلقت الكثير من اليمنيين بشأن مستقبل بلادهم.

* لماذا برأيك لم تحسم مسألة إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، وهل لا يزال الرئيس السابق فعلا يتحكم في الجيش، بفعل وجود نجله على رأس الحرس الجمهوري؟

- هيكلة الجيش عملية ليست بالسهلة، وقد أكد الأخ رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة أن الهيكلة قد بدأت بالفعل، وهناك لجان عسكرية بدأت عملها، وهذه العملية تحتاج المزيد من الوقت فطريقة بناء الجيش في اليمن تمت في الفترات الماضية بطريقة غير علمية ومهنية، إضافة إلى أنه كان يتم شراء ولاءات بعض الوجاهات والشخصيات عبر منحهم عشرات ومئات الرتب العسكرية لأقربائهم وأنصارهم وإيصال مخصصاتهم المالية إلى منازلهم، واستخدمت الكثير من المناصب والرتب العسكرية في شراء الولاءات السياسية، مما أضعف هذه المؤسسة الوطنية العملاقة.

وهيكلة الجيش ليس كما يتصور البعض أنها عملية سهلة عبر إقالة ذلك القائد العسكري أو غيره، إنما هي عملية إعادة بناء للقوات المسلحة وفق أسس ومعايير مهنية معتبرة، وما أحب أن أؤكده أن هيكلة الجيش هي أحد صمامات الأمان للبلد خلال المراحل المقبلة وضرورة ملحة ورغبة صادقة للقيادة السياسية، وبالتالي فقد حسمت هذه القضية، فبقاء الجيش اليمني منقسما أمر لا يمكن القبول به مطلقا سيدي الكريم.

أما بالنسبة لتحكم الرئيس السابق في الجيش، فما أستطيع أن أؤكده أن علي عبد الله صالح لم يعد بتلك القوة التي يتصورها البعض، وأن من يراهن عليه حتى ولو كان نجله أحمد قائد الحرس الجمهوري فإن من يفعل ذلك يخطئ في تقدير حساباته تماما ولا يجيد قراءة الواقع كائنا من كان.

* ماذا عن دور الجيش المؤيد للثورة في عرقلة عملية إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية؟

- لا توجد عرقلة من جانب الجيش المؤيد للثورة لعلمية إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، فهناك بعض القيادات العسكرية المؤيدة للثورة تمت إزاحتها من مواقعها ولم تقم بأي رد فعل، بل انصاعت للقرارات العسكرية بانضباط عسكري رفيع وبروح وطنية عالية، بل ورحبت وأشادت بهذه القرارات على عكس بعض القيادات العسكرية التي وضعت العراقيل والمشاكل عقب صدور قرارات إقالتها من مناصبها العسكرية، وأعتقد أن من أهم مطالب الجيش المؤيد للثورة هو بناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية ومهنية.

* هل تستطيعون القول إنكم هزمتم القاعدة في اليمن، وخاصة في المناطق الجنوبية؟

- المعارك مع التنظيمات المسلحة تأخذ الكثير من الجهد والوقت، وحسمها ليس بالسهولة التي يمكن لأي قوة أن تدعي النصر على هذه التنظيمات، لكن إجمالا الوضع الميداني العسكري والأمني، خاصة في المحافظات الجنوبية، أفضل بدرجة كبيرة، فالمسلحون كانوا يسيطرون على محافظة أبين وأجزاء من شبوة ولحج ويستعدون لمهاجمة مدينة عدن، لكن الآن تم طردهم من هذه الأماكن، وعادت الدولة لبسط نفوذها بعد قرابة العام الكامل من سيطرة المسلحين عليها سيطرة كاملة، وما أحب أن أؤكده في هذه النقطة أن القيادة السياسية والحكومة تبنتا استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، لا تقتصر هذه الاستراتيجية على الحل العسكري فقط لمواجهة هذه الآفة، فهناك حلول أخرى مثل الحل الاقتصادي والتنموي والتعليمي والاجتماعي، وهذا يحتاج إلى إمكانات كبيرة، ولا بد من وقوف أشقائنا وأصدقائنا في العالم إلى جوارنا لنجاح هذه الاستراتيجية الوطنية.

* أين وصلت جهود الإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني في اليمن؟

- اللجنة الفنية أقرت الثلاثاء الماضي التقرير النهائي لأعمالها وقد سلمته الأربعاء للأخ رئيس الجمهورية، وقد تمكنت اللجنة الفنية من إنجاز وإقرار النظام الداخلي لمؤتمر الحوار والمكونات المشاركة فيه ونسب التمثيل لكل طرف ومعايير الاختيار بالنسبة للمكونات غير المنظمة كالشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الاستراتيجية الإعلامية وموضوعات الحوار الرئيسية والفرعية ولجنة النظام.

* ما أهم المعوقات التي حالت دون عقد المؤتمر في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهل أنتم بصدد تأجيله؟

- في الحقيقة، لم يكن الموعد الذي طرح منضبطا، لأن عمل اللجنة ليس بالسهل بالنظر إلى طبيعة المرحلة والفترة الزمنية التي مضت على تشكيلها، فضلا عن الإجازات الرسمية والأعياد التي أخذت وقتا. وإجمالا، هذا هو الوقت الطبيعي للجنة لأنها كانت في الأساس تتوقع أن يشارك الإخوة في الحراك، فتركت أمامهم متسعا من الوقت كي يشاركوا. وحقيقة، ليس هناك أي تأجيل، واللجنة الفنية بعد أن سلمت تقريرها للرئيس ستبدأ مسألة الحوار.

* هل سيحضر الرئيس السابق علي عبد الله صالح جلسات الحوار الوطني؟ وهل لديكم في اللقاء المشترك تحديدا اعتراض على حضوره؟

- لن يشارك صالح ولا أي شخص وجهت له ادعاءات ذات مصداقية في انتهاكات حقوق الإنسان.

*الشرق الأوسط