منظمة الصحة العالمية تُعلن عن 280 حالة وفاة بمرض الحصبة في اليمن بعد هدنة لبنان.. القصف الإسرائيلي يدك غزة واعتقالات بالضفة الداخلية تعلن عن ضبط 200 كلغ من المخدرات مخبأة في جذوع الأشجار تقرير يكشف عن بنود سرية تتعلق بإيران في اتفاق وقف النار مع لبنان الريال اليمني يستقر عند مستوى جديد لأول مره في التاريخ مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن اللواء سلطان العرادة يختتم المرحلة 2 من مشروع إنارة شوارع مدينة مأرب .. شاهد بالصور بشرى سارة بشأن تشغيل خدمة 4G في عدن دولة عربية تعلن أنها أكثر البلدان تضررا من هجمات الحوثيين مجموعة الدول السبع تعلن موقفا موحدا بخصوص اعتداءات الحوثيين
القبيلة هي أحد أبرز المكونات الإجتماعية والسياسية في اليمن، ولاشك أن للقبيلة حضوراً كبيراً وواسعاً في الحياة السياسية المعاصرة، وعادة لا يكبر ويتعاظم حضور القبيلة في الحياة السياسية والإجتماعية في أي بلد، إلا عندما تغيب سلطة الدولة، ويتضاءل نفوذها وتأثيرها السياسي، والأمني والثقافي والقانوني في المجتمع، وبالتالي لا تغيب سلطة الدولة الاّ عندما ترتهن للقبيلة، وعندما يسود الإعتقاد لدى النخبة الحاكمة بأن السلطة لا يمكن لها أن تستقيم وتستقر الاّ بدعم من القبيلة.
ولذلك، وفي ظل فهم الحاكم للقبيلة على هذا النحو، فالدولة لا تعتمد في مقاومة المخاطر الداخلية أو الخارجية، التي تتهددها أو تتعرض لها، على مدى قوتها وتأثيرها، وفعل مؤسساتها، وإنما هي تعتمد على دعم القبيلة، وتحالفاتها معها، وهي تحالفات تقود الدولة في الغالب الى الإنصياع لشروط ومطالب، لاتعدو أن تكون أكثر من شروط ومطالب شخصية لزعاماتها.
ومن هنا فإعتبار القبيلة هي المرجعية في حل مشاكل المجتمع وقضاياه، يضعف سلطة الدولة، وتصبح الدولة أدآة من أدوات القبيلة وليس العكس. وذلك يعتبر نتيجة طبيعية لعدد من الأسباب أهمها:
ضعف هيبة الدولة وعدم قدرتها على بسط سلطتها على كل المناطق والجهات.
غياب مشروع نهضوي يستهدف تحديث المجتمع.
عدم كفاية وعدالة أجهزة القضاء، والتدخل في شئونها، الأمر الذي جعل القضاء ومؤسسات الدولة، بما فيها أجهزة الأمن، تتأثر بالعرف السائد في المجتمع، وليس بثقافة الدولة ومنهجها القانوني.
ومن هنا، وإذا ما فهمنا القبيلة فهما صحيحا، ووضعناها في إطارها الموضوعي، فالقبيلة حينما تتعامل بالقيم العرفية النبيلة، فهي تبدو مليئة بالإيجابيات، وهي في ضوء ذلك، تسهم في العصر الراهن، بصورة كبيرة في حل الكثير .. الكثير، من مشاكل المجتمع وقضاياه، في ظل سيطرة الروتين وإنتشار الفساد والفوضى في أجهزة الدولة، وفي ظل غياب القضاء العادل، والأمن الأمين والمنصف .. وهذا لا يعني أنه ليس للقبيلة سلبيات، فلها سلبياتها، ولكن، لا يمكن لهذه السلبيات أن تظهر إلاّ في ظل خلط الأوراق وغياب الدولة، وإنفلات الأوضاع.
ومن هنا، يصح لنا أن نقول، أن القبيلة يمكن أن تكون أحد العوامل المساعدة في بناء الدولة اليمنية الحديثة، ولكن مع توفر ثلاثة شروط رئيسية:
1- ظهور بوادر وشروط إيجابية وجادة، تدفع بإتجاه بناء الدولة الحديثة.
2- العمل وفق استراتيجية وطنية، على تنفيد برامج تعليمية ثقافية، تسمح بإلارتقاء بمستوى تعليم وثقافة المواطن اليمني.
3- أن تصبح الدولة بمؤسساستها وقوانينها هي المرجعية الوحيدة في البناء والتنمية والسلم والحرب.
وإذا ما توفرت - برأيي - هذه الشروط، فلا أعتقد بأن القبيلة ستشكل عائقا أمام بناء الدولة، فالقبيلة التي يحكمها العُرف، وتسعى من خلاله لضبط الإختلالات، وتحجيمها، بما يساعد على تحقيق الولاء للزعامات في إطارها، ستنكفئ على ذاتها إذا ما وجدت الدولة، التي تفرض سلطة النظام والقانون في ضبط ذات الإختلالات والتجاوزات، الأمر الذي سيساعد بالضرورة، على تحقيق الولاء للدولة بدلا عن الولاء للقبيلة، لأن القبيلة بطبيعة تكوينها تضم أفراداً وجماعات في نطاق جغرافي معين، وفي إطار المجتمع الكبير.
ولكل ذلك، فمن الطبيعي أنه عندما تغيب الدولة، تحضر القبيلة، بسلبياتها وإيجابياتها، وغثها وسمينها، ويكون العرف الذي يخضع - في الغالب- للإجتهاد والمزاج الشخصي عند بعض الضالعين فيه ، هو الذي يفرض سلطته ويطل برأسه في كل الحالات، حتى عند إرتفاع الأسعار، وتأديب الدولة، وإثارة الفوضى، وإخماد الفتن، وردع الخارجين عن القانون، ومقاتلة المتمردين...الخ. وانا لله وإنا إليه راجعون.
*رئيس مركز الوحدة للدراسات الإستراتيجية
***