الرابحون والخاسرون من فوز ترامب.. محللون يتحدثون حماس تعلق على فوز ترامب.. وتكشف عن اختبار سيخضع له الرئيس الأمريكي المنتخب هل ستدعم أمريكا عملية عسكرية خاطفة ضد الحوثيين من بوابة الحديدة؟ تقرير اعلان سار للطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج بعد صنعاء وإب.. المليشيات الحوثية توسع حجم بطشها بالتجار وبائعي الأرصفة في أسواق هذه المحافظة شركة بريطانية تكتشف ثروة ضخمة في المغرب تقرير أممي مخيف عن انتشار لمرض خطير في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن أول موقف أمريكي من إعلان ميلاد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، في اليمن تقرير أممي يحذر من طوفان الجراد القادم باتجاه اليمن ويكشف أماكن الانتشار والتكاثر بعد احتجاجات واسعة.. الحكومة تعلن تحويل مستحقات طلاب اليمن المبتعثين للدراسة في الخارج
كيفما آلت الأمور في اليمن، فإنها لن تخرج عن مغادرة علي عبدالله صالح الكرسي إيفاءً بوعده الذي أعلنه في الثاني من فبراير أو عبر ضغوط الشارع المتصاعدة، وبالتالي فإن الأجدى الآن هو أن تفكر النخب اليمنية بشكل جاد في مواصفات الشخص الذي سيحل في موقع الرئيس صالح.. فليس معقولاً أن تظل النداءات للرئيس صالح بالرحيل ووعوده بالمغادرة بعد عامين، دون أن يجرؤ أي طرف سياسي على بلورة أسماء لموقع الرئاسة، في المقابل لعله من الطبيعي بالنسبة للمؤتمر الذي يتحفظ عن تداول اسم مرشح بديل للرئيس وصالح لا يزال يحكم.. وهو طبيعي أيضاً في حالة المشترك، لأنهم ليسوا حزباً واحداً، ولم ينافسوا في 2006 إلا بشخص من خارج التحالف المعارض هو الأستاذ فيصل بن شملان رحمه الله..
وبعيداً عن كل ذلك ليس مهماً أن نتداول الآن أسماء، إذ الأجدى لنا هو طرح مواصفات.. نريدها أن تتوفر (كلها أو جلها) في الرئيس القادم لليمن.. وفي هذا السياق، أدلو بدلوي هنا بعد تأمل عميق في مواصفات الشخص الذي سيكون ناجحاً ليخلف الرئيس علي عبدالله صالح عبر تنافس على المنصب في 2013.
وبرأيي أن اليمن في الفترة القادمة تحتاج إلى رئيس يتمتع بالمواصفات التالية:
-أن يكون مستقلاً.. غير متحزبٍ في المعارضة أو في المؤتمر، لأن ذلك أدعى للمساواة بينهم، وحتى لا ينحاز مستقبلاً ويسخر إمكانيات الدولة لنجاح حزبه، ذلك أن جزءاً من فساد الحياة السياسية في اليمن منشأه حزبية الرئيس.. ولا يكفي الاستقلالية الحزبية فقط، إنما يفضل في الرئيس القادم أن يكون غير مؤدلج إلى اليمين أو اليسار، فمن الأجدى أن تكون ثقافته وطنية لا تعادي قيم المجتمع ولا تقوم بإنشاء حاجز بين اليمن والعالم..
-يفضل في الرئيس القادم ألا يكون مشاركاً في الصراعات السياسية السابقة حتى لا يستعمل السلطة في الاستقواء على خصومه السابقين أو في الاحتماء منهم، وكذلك حتى لا تكتسب المعارضة ضده طابعاً عدائياً..
-يتوجب في الرئيس القادم أن يكون متعلماً يمتلك من المؤهلات العلمية ما يمكنه من فهم تفاصيل الحياة الجديدة، وأن يكون له باعٌ في الإدارة وبالذات الأنماط الحديثة منها وليس التقليدية.
-أن يكون ذا خيالٍ مبتكر وخلاق، يجيد استنباط الحلول ويميز بين المشورة الثاقبة وما عداها.
-أن يكون ذا كاريزما وجاذبية يستطيع بهما جمع الناس حوله حين تختلف الآراء والمواقف وأن يكون على قدرٍ من الفصاحة والهيبة. ويمتلك قدرات الإقناع والخطابة الخالية من الهفوات المغرية بالتندر..
-أن يكون ذا حسٍ اقتصادي سليم، كما هو الحال مثلاً، مع نماذج أمثال مهاتير محمد وأردوغان وغيرهما، لأن الملف الاقتصادي في اليمن يظل الملف الرئيسي وبلا منافس.
-أن يكون مثقفاً واسع الاطلاع، عالماً بأهمية العلم والتعليم وإعداد الإنسان، ومخاطبة الوجدان، على قدر من الاطلاع والفهم لتاريخ وجغرافيا اليمن والعالم.
-أن يكون له باعُ في الاحتكاك بالخارج المتحضر، بحيث يكون لديه نظرة مكتملة كيف قامت الشعوب المتحضرة بترتيب حياتها، وكيف أصبح النظام والقانون هو المرجعية التي يحتكم إليها الجميع، وليس المحاباة والمجاملة ولعبة التوازنات والارتجال ومنطق "ما بدا بدينا عليه". وهذا الاحتكاك يمكنه أيضاً من فهم مزاج المجتمع الدولي واللغة التي يليق التعامل عبرها مع هذا المجتمع لتحقيق مصالح اليمن.
-أن يجيد لغة أو أكثر إلى جوار العربية. بحيث يتخاطب مع الشرق والغرب دون مترجم، وأن يكون لديه ملكة متقدة في التعامل مع التقنية الحديثة ووسائل الاتصال والانترنت وغيرها.
-يفضل ألا يكون الرئيس القادم عسكرياً، لأن الكثير من الصفات السابقة لا تنطبق، بطبيعة الحال، على رجل عسكري في الوقت الراهن. بل تنطبق على رجل مدني، يفرض سلطة النظام والقانون على المجتمع بكل فئاته وشرائحه، بما في ذلك مجتمع القبائل، ذلك المجتمع الذي سينقاد لزعيم مدني فذ يحترم النظام والقانون وبالأخص حينما هذا الرجل من أبناء هذا المجتمع القبلي نفسه، إذ لن يرتقي بمجتمع القبائل إلا شخص أتى من هذا المجتمع ذاته. حتى يكون انقيادهم بعده طوعياً بدافع الاعتزاز، وليس بالإكراه والاستكانة.
-أن يكون الرئيس القادم شخصاً مرتب التفكير يتمتع بذاكرة قوية، لا تتداخل الصلاحيات في ظله، ولا يلقي وعوداً ثم ينساها..
-أن يكون على قدرٍ من الحزم والمرونة في نفس الوقت، لأن الذي ضيع فرصة اليمنيين في بناء دولة يمنية قوية في العشرين السنة الماضية، لم يكن الصرامة الصارخة، وإنما التراخي المفرط والتهاون الزائد. ولن ينجح هذا الحزم ما لم يكن مخلوطاً بزيت المرونة حسب ما تقتضيه بعض الحالات والمواقف.
-أن يكون على قدرٍ من الخُلق الكريم وشهامة النفس، وجسارة الروح، وطموح الجبين وشجاعة القلب، لكي يصبح قدوةً حقيقية لشعب بارع في تمثل حميد العادات. كما أن حسن الخلق مطلوب لنجاح الرئيس القادم، بحيث لا يكون في عهده إلا البناء والتفاهم والتحاب والإنصاف لكل الرؤساء الذين سبقوه، وإلا فإنه سينشغل بالصراعات مع أنصار من سبقوه، والذين قد تحملهم الحمية على محاولة الانتصار لهذا الاسم أو ذاك. فالرئيس علي عبدالله صالح (على سبيل المثال) رجلٌ من الواجب على التاريخ أن ينصفه في الكثير من المحطات التاريخية الفاصلة في حياة اليمن بصرف النظر عن السلبيات التي رافقت حكمه. ويجب أن يظل محموداً في كل ما يستحق الحمد. بحيث لا تؤثر حملة هذه الأيام على الصورة الكلية لعهد صالح. ولعل كثيرين يأخذون على الرئيس صالح أنه كان نادر الثناء على عهد ابراهيم الحمدي، أو سالمين.. وهذا الجحود يُعتبر عادة سيئة لا يجب أن تظل مع اليمنيين في مستقبل يأملونه زاهراً..
-كلما كان الرئيس غير منحدر من أسرة ارستقراطية عريقة نشأت في كنف السلطة، كلما كان ذلك أدعى إلى جعله يتفهم أوجاع الشعب والشريحة الغالبة فيه التي يطحنها الفقر والوباء والقلق..
-إضافة إلى كل تلك الصفات السابقة سيكون من اللائق بزعيم كهذا، ألا يكون مخزِّناً (أي لا يتعاطى القات).. حتى لا تكون قراراته مزاجية ومتقلبة كما هو طبع أغلب المخزنين.. وكذلك حتى يكون قدوة لملايين من الشباب تفتك بهم حاليا هذه الآفة وتمتص أرزاقهم وأوقاتهم، وترسم صورتها شاحبة على وجه اليمانيين، بل إن بعض من يروجون لعودة التشطير داخل حضرموت يستخدمون جزئية انتشار القات في عهد الوحدة للتأثير على الناس الذين يكرهون هذه العادة المؤسفة.
هذه أبرز الصفات التي رأيت تدوينها بعد تأملٍ عميق وبعضها استنبطتها من مئات الردود على مقالي السابق المنشور في "مأرب برس" ومواقع أخرى بعنوان "أربعة أسماء لخلافة صالح".. ورشحت للتنافس على كرسي الرئاسة الإخوة: اللواء عبدالله عليوة، د. خالد نشوان، العميد عبدالقادر هلال، د. ياسين سعيد نعمان. ولعل القارئ المطلع لن يحتاج إلى ذكاء كبير لكي يعرف أن الشخص الذي يحوي جل الصفات السابقة من بين هؤلاء الأربعة هو الدكتور خالد نشوان الذي لا يزال اسمه غير معروف لدى كثيرين، لكن اليمن يزخر بالتأكيد بأسماء تنطبق عليها هذه الصفات بنسبة أو بأخرى وربما بقدر يفوق خالد نشوان. لكن تظل المشكلة الحقيقية هي مدى رغبة مثل هذه الهامات في خوض غمار المنافسة ومدى تفهّم الناخب اليمني لحاجة البلد لشخصية قيادية نختارها وفقا للكفاءة وليس وفقا للقرابة الأسرية أو المناطقية. والله الموفق والمستعان.