فيديو مروع .. عنصر متحوث يحرق نفسه امام تجمع للحوثيين وسط ميدان السبعين بصنعاء الصحفي بن لزرق يشعل غضب الانفصاليين بتغريدة منصفة كشفت عظمة «مأرب» ويؤكد: اتحدى اكبر مسؤول في الدولة ان يكذب حرف واحد مما كتبته عقب اقتحامه للمنبر رفقة مسلحين.. خطيب حوثي يتعرض لإهانة موجعة من قبل المصلين تفاصيل صادمة.. قاتل صامت يختبئ في مشروب يومي يشربه الجميع الباحث على سالم بن يحيى يحصل على درجة الدكتوراه من جامعة المنصورة بمصر بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وفاة برلماني يمني بصنعاءإثر ذبحة صدرية مفاجئة. نادي رياضي شهير في اوروبا يغادر منصة إكس.. احتجاجاً على خطاب الكراهية.. لماذا حققت بورصة أبوظبي أداء فائقاً ؟ لماذا تخفي إيران عن شعبها والعالم أن أحد منشأتها النووية السرية تم تدميرها خلال هجوم أكتوبر ؟ افتتاح مدرسة أساسية للبنات بمحافظة مأرب بتمويل جمعية خيرية فرنسية
مالم تتغير فلسفة الحكم اولاً، فاننا لانتوقع أية فائدة من تغيير الحكومة..
قبل ان تأتي الحكومة الحالية برئاسة الاستاذ عبدالقادر باجمال، رحلت عدة تشكيلات حكومية لم نلمس ان بعضاً منها اسوأ أو افضل من البعض الاخر، فكلها مجتمعة ظلت تلعب دور الغطاء الرسمي للمأزق الذي سارت اليمن في دهاليزه المظلمة وانتهى بها إلى ماهي عليه اليوم، وهو اسوأ من حالها بالأمس..
وبطبيعة الحال، لايمتلك مواطنو هذا البلد سبباً واحداً يجعلهم يعتقدون ان الحكومة القادمة ستكون الافضل، وستكون قادرة على تحسين احوالهم المعيشية، والنهوض باوضاع اليمن لتستعيد قدرتها على التقدم إلى الامام، وتجاوز ازماتها ومآزقها التي تزداد تفاقماً..
وبمراجعة سريعة للمؤشرات السياسية والاقتصادية والادارية لكافة التشكيلات الحكومية المتعاقبة منذ عام 94م، ثم عام 97م، فان الاتجاه العام لهذه المؤشرات حافظ على انحدار متواصل لم يتوقف حتى هذه اللحظة، لسوء حظ الحكومة الحالية برئاسة عبدالقادر باجمال، ان الانحدار في ظلها بلغ هذا المستوى المريع، بما يثيره من مخاوف يسحق انفاس الداخل، ويستدعي هلع الخارج..
وفي غالب الظن، ان اوضاع اليمن لم تعد قادرة على تحمل تجربة حكومية جديدة فاشلة، لكن المؤسف ايضاً، ان صناع القرارات الاستراتيجية في هذا البلد، وبمضمنها قرار تشكيل الحكومة لايستطيعون ان يقنعوا انفسهم ومواطنيهم بان الحكومة الجديدة محصنة من الفشل ومؤهلة لتحقيق النجاح..
فقد رأينا كيف ان الحكومات التي قيل لنا عند اعلانها بانها مكلفة بتحقيق نهوض اقتصادي قد افضت إلى انتكاسة افدح في الاوضاع الاقتصادية، وان الحكومات المناط بها تحقيق الاصلاحات ومحاربة الفساد، قد اضافت اختلالات جديدة، وزاد الفساد في ظلها اتساعاً وتمدداً، وان الحكومات المكلفة بتوسيع الشراكات الاقليمية والدولية لليمن، قد تعمقت الهوة في عهدها بين اليمن وبين شركائها المفترضين، حتى ان حكومة الدكتور فرج بن غانم المشكلة بعد الانتخابات البرلمانية لعام 97م، وهي الوحيدة التي حظيت بثقة سياسية وشعبية لانظير لها، اعلنت عجزها عن تحقيق الاهداف التي تعهدت بانجازها، وكحكومة تحترم نفسها استقال رئيسها، على غير التقليد السياسي المتبع في اليمن، والقاضي باقالة رئيس الحكومة وليس استقالته، وكانت استقالة الدكتور فرج بن غانم لاسباب معروفة تتلعق بغل يديه عن ان تطال بعض مراكز الفساد..
على ان الحكومات المتعاقبة حتى الآن، لم تخل من كفاءات عالية، ومن اناس موصوفون بالنزاهة والاخلاص، ولكنها سارت رغم انفها نحو فشل يتلوه فشل، واية حكومة قادمة ندرك سلفاً ان مصيرها هو الفشل ايضاً..
وهنا علينا ان نتوقف، لنطرح السؤال البديهي في مثل هذه الحالة: لماذا هذا الفشل المتكرر إذن؟..
لابد ان ا لبحث عن اسباب الفشل داخل التشكيلات الحكومية ذاتها، سيكون اشبه بالمتاهة، التي لايمكن ان تفضي إلى نتيجة معتبرة، يمكن الثقة بصحتها.. فالفشل المتكرر لحكومات عديدة تزخر بكفاءات مقدرة، وذوي نزاهة مجربين، هو بلا شك يأتي بالدرجة الاولى من اسباب تقع خارجها..
غير ان هذا لايعني في جميع الاحوال ان الحكومات المتعاقبة السابقة كانت تخلو من بؤر الفساد، ومن عاهات انعدام الكفاءة وقلة الخبرة.. لكن تلك البؤر والعاهات كانت مظاهر ثانوية للفشل، وليس مصدره الرئيسي..
هانحن نصل إلى درجة نحتاج معها إلى وضع النقاط فوق الحروف، وباستخلاص مباشر يمكن القول، ان اليمن تحتاج إلى تغيير فلسفة الحكم قبل حاجتها إلى تغيير الحكومة، وقبل ان نطالب الحكومة- أية حكومة- بتحقيق النجاح لابد ان تتوفر لها الفرصة على ممارسة الحكم، وهو مالايمكن ادعاء توفره لاية تشكيلة حكومية مرت على البلد خلال الاثني عشر سنة الماضية..
ويكمن الفشل في طبيعة نظام الحكم، أو في الفلسفة التي يقوم عليها، فنظام الحكم القائم، الذي استكملت التعديلات الدستورية لعام 2001م تشكيل منظومته، تحدد بنظام الحكم الرئاسي الفردي، الذي يضع الصلاحيات الحقيقية لادارة الدولة في يد فرد واحد، ويمنحه سلطات مطلقة، لكن هذا النظام يعفي الماسك الحقيقي بالسلطة من المساءلة، ويحميه من تبعات المسئولية، وهنا يأتي وضع الحكومة كمجموعة من الموظفين الملتزمين بتنفيذ التوجيهات والقرارات الصادرة اليهم من الرئيس- الفرد، وعليهم ان يتحملوا مسئولية المحاسبة عن قرارات وسياسات لم يصنعوها، وليس بمقدورهم – اذا مارغبوا في البقاء في مناصبهم- ان يعتذروا عن تنفيذ مايصدر اليهم من قرارات وتوجيهات..
تحت ظلال هذا النوع من أنظمة الحكم تتشكل العديد من مراكز النفوذ والقوة، خارج التشكيلات الحكومية، ولا تستطيع أية حكومة- مهما علا شأنها- ان تخضع مراكز النفوذ والقوة تلك، لسلطة القانون النافذ في البلد، كما انها لاتستطيع ان تستمر في تنفيذ سياسات معينة تعهدت بتنفيذها اذا قررت مراكز النفوذ ايقافها..
ولان مراكز القوة والنفوذ تتشكل وفقاً لمصلحة الرئيس- الفرد، أو بموافقته، فانها تشكل معه في نهاية المطاف السلطة الحقيقية كادارة موازية للدولة، وبالتالي تتحول الحكومة إلى سلطة شكلية معلنة، تتحمل المسئولية عن الفشل، وغالباً ما تكون غير متسببة في حدوثه..
ولهذا السبب ستلقى الحكومة القدامة نفس المصير الذي لاقته سابقاتها..
ومادمنا نلقي باللائمة على فلسفة الحكم، أو طبيعته، فان المعالجة الناجحة ينبغي ان تتجه نحو اصلاح منظومة الحكم اولاً، وهي الوجهة التي اقترحها مشروع الاصلاح السياسي والوطني الشامل للقاء المشترك، والذي اعتبر اقامة النظام البرلماني هو المدخل إلى تحقيق الاصلاح السياسي، لان ذلك سيقتضي بالضرورة توزيع الصلاحيات بين مؤسسات الدولة، ويمنع تداخلها اوتعديلها على بعضها البعض، وبالتالي ستتوفر امكانية مساءلة ومحاسبة مساوية للصلاحيات الممنوحة لهذه السلطة أو تلك من سلطات الدولة.. ولن يكون بمقدور أي كان ان يمارس سطوة أو نفوذاً خارج سلطة القانون، أو رغماً عنه..
هنا، وهنا فقط، يمكن خلق قاعدة للتقييم المنصف لاداء الحكومة، وهنا فقط سيكون لتغيير الحكومة معنى أولاً، وفائدة ثانياً..
*كاتب وناشط سياسي - عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني