حضرة الحاكم....احذر منا
بقلم/ عبدالكريم محمد الاسطى
نشر منذ: 9 سنوات و 8 أشهر و 7 أيام
الثلاثاء 03 مارس - آذار 2015 09:25 ص


في الحقيقة من النادر أن تجد اليوم شعب أو امة تعيش الحالة المأساوية من التشرذم والضياع مثل ما نعيشه نحن ,كما يبدو لي أننـا نحن أبناء هذه البلاد لا نتعلم من دروس التاريخ والإحداث والتجارب المأساوية الكبيرة التي مرت علينا عبر الأزمان .
يبدو لي ان التاريخ مع هذه الامة يعيد نفسه ليس مرة واحدة فقط بل عدة مرات الا اننا لا نتعض !!
لا اظن ان هناك شعبا اخر في كوكب الارض وربما في المجموعة الشمسية ، على فرض ان هناك حياة بشرية عليها ، يمكن ان ينافسنا نحن ابناء بلاد السعيدة، في فن صناعة الطغاة ، فهي صناعة يمنية 100% ومن ينفي ، عليه يقع عبء الاثبات .
فالأصل في حكم هذه البلاد هو للطغاة وحكم غيرهم هو الاستثناء ، فنحن مع القوي حتى يضعف وضد الضعيف حتى يقوى.
هذه هي بلادنا وهذه هي حقيقتنا وهذه هي سيكولوجيتنا .
هذا ما يقوله التاريخ ، فلماذا نستحي من تاريخنا . وهذه هي الحقيقة ، فلماذا نستحي من حقيقتنا، فنخن متخصصون في صناعة الطغاة بكامل المواصفات .
ولا شك انها من اصعب الصناعات ، فمن السهل ان تصنع طائرة اسرع من الصوت ،ولكن من الصعب ان تصنع طاغية يقتل الآلاف من ابناء شعبه بالأسلحة الثقيلة دون ان يرف له جفن.
او تذرف عيناه دمعة ، او يتعكر مزاجه ، ويحارب لعدة سنوات في الاتجاهات الاربع دون ان يكل او يمل ، ، ظالم يكذب علينا ونصدقه ونكذب عليه ويصدقنا ويذبحنا ونرقص له ، فهذه مهارات ، دربناه عليها شيئا فشيئا خطوة فخطوة .
فكلما اتقن درسا منها احتفينا به وهتفنا له بأعلى اصواتنا (بالروح بالدم نفديك ياظالم ) وكلما زاد ظلما وجورا زدناه رقصا وردحا وحبورا وتنافس شعرائنا على مديحه بالقصائد ، واطلق عليه واعضونا (جزاهم الله خير الجزاء)كل اسماء الله الحسنى وزادوا عليها عشرة . باختصار نتعب عليه كثيرا ، الى ان يصبح ظالم بكامل المواصفات، ليس هناك فترة محددة لكي يكون بكامل المواصفات لأنها تختلف باختلاف امكاناته ومواهبه فقد تستغرق سنة او بضعة سنين . والويل كل الويل لمن تخور قواه ويسقط سيفه من يديه ويفشل في تعلم دروس الاستبداد ، لا نكتفي بترقين قيده واعتباره راسبا ونخلي سبيله فيعود لعياله ونرحم بحاله، فهذا من المحال ، فمصيره محتوم القتل والتمثيل والسلخ بلا قبر ولا كفن. فعقوباتنا له تمتد الى ما بعد الموت ،لها اول وليس لها اخر، فتطال عائلته ومعارفه لتصل الى سابع جار. هذه صنعتنا جيل يسلمها لجيل وظالم يسلمها لظالم، فنحن حاضنون عاشقون جاذبون لجلادينا طاردون لأحرارنا وعلمائنا ومفكرينا ومبدعينا . فاين عمالقتنا من امثال الزبيري والثلايا القيه السلال الرئيس الحمدي رحمة الله عليهم .............
والقائمة تطول وتطول؟.
احدث الاساليب ما قامت به عصابات الحوثي الاجرامية هو تفخيخ وتخويف وتزوير وتلفيق لكل من عارضها او وقف أمام أعمالهم الاجرامية..
فجثة الميت محترمة لدى كل الشعوب بصرف النظر عن سبب موت صاحبها . ؟!!
هذه شواهد من التاريخ الحديث التي اعتقد الكثير من المثقفين اليمنين انها لن تتكرر آلا ان الاحداث التي شهدها اليمن بعد سقوط النظام السابق وجرائم القاعدة والعصابات التي وقعت بشكل اكثر عنفا ودموية من كل سابقاتها في التاريخ ، تؤكد ان سيكولوجية الشعوب لأتفقد خواصها تماما ، وانما قد تسبت ولكنها لا تموت ، فتنهض عندما تتوفر مناخاتها المناسبة ، هذه شواهد من التاريخ القريب ،
ان العنف والسلوك العدواني بصوره المتعددة يكاد ان يكون الصفة المرافقة لنشاطات الانسان منذ بدء الخليقة، لكنه يجد في تاريخ اليمن ، منذ اقدم العصور وحتى اليوم شيئا مختلفا ، فهذا التاريخ لا يزدحم بأحداث العنف الدموي والظلم والقسوة والشراسة فحسب بل ان تلك الاحداث تميل على نحو ظاهر للاتصاف بالمبالغة والتطرف والتصعيد اللامعقول في اداء هذه المعاني جميعا ، والايغال في تطبيقها وممارستها الى الحد الاقصى ، اي المبالغة بالعنف الدموي والمبالغة بالقسوة والظلم والمبالغة في الشراسة والدموية
ان مسيرة العنف الدموي في هذه البلاد تسير بمنهج واحد لا يتغير وهي مازالت متواصلة دون توقف مدفوعة بالنوازع السيكولوجية العدوانية ذاتها ، والاسلوب والمنهج التصعيدي المتفجر ذاته ولا يتغير فيها سوى التسميات وتاريخ السنين واسماء الاشخاص .
نريد ان نذكر حكامنا الذين اوكلنا لهم حكمنا بمليء ارادتنا وجئنا بهم ليتولوا امرنا لا تفرحوا عندما نهتف لكم ونمجدكم و(نصرخ ) لكم او عندما نردح لكم او عندما نلقي على مسامعكم قصائدنا العصماء التي قد يكفي بيت واحد منها ان يصنع سبع طغاة فعندما نفعل ذلك اعلموا انا ذاهبون معكم الى الدكتاتورية ، يعني انا ذاهبون معا الى الهاوية ، الى الخراب الشامل ، الى انهار الدم لا تعيدوا علينا مشاهد الدكتاتورية لا تذكرونا بصنعة نريد ان نهجرها لم تجلب لنا غير البلاء كما نقول للقائمين على العملية السياسية في بلادنا عليكم ان تأخذوا سيكولوجية الشعب وميله الى صناعة الطغاة نصب اعينكم وانتم ترسمون المنظومة السياسية اليمنية فكلما وزعتم الاختصاصات بين مؤسسات السلطة وصممتم نظام رقابة متبادل وفعال بين هذه السلطات ومنعتم انفراد اي شخص في اتخاذ القرارات ذات الاهمية الوطنية وشرعتم تشريعات تمنع تمجيد الحكام (طالما هم في سدة الحكم ) ومنعتم استمرار رؤساء السلطات الثلاث لأكثر من دورة انتخابية واحدة .
وقمتم ببناء دولة مؤسسات قوية يحترم فيها القانون ويردع المتجاوزون عليه ودعمتم منظمات المجتمع المدني لتأخذ دورها الحقيقي في اعادة اعمار ثقافتنا المجتمعية التي نسفها جبروت الطغيان كلما جنبتم البلاد والعباد من صناعة دكتاتور جديد عن طريق الانتخابات قد يعيدنا الى الايام السوداء تحت عباءة من نوع جديد . فالتاريخ يقول ان بإمكان الطغاة ان يتسللوا عن طريق الانتخابات او عن طريق الانقلابات وعلينا ان نتعظ من شواهد التاريخ .
فمسيرة الطغيان عندنا نحن اليمنيين تبدا بقصيدة شعر من العيار الثقيل تقرا في حـضرة الحاكم مصحوبة بردح حلزوني او بصور كبيرة للحاكم اولافتات تغزو الشوارع والساحات . !!!
اذن احذرونا ... فنحن مع القوي حتى يضعف وضد الضعيف حتى يقوى . ونحن من يصنع الطغاة