تجربة مرسي وصناعة الخصوم
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 3 أيام
الأحد 07 يوليو-تموز 2013 04:05 م

ثورات الربيع العربي سواء في تونس ومصر وليبيا أو في اليمن انفجرت ضد الطغيان والهيمنة والتسلط والغلبة التي مارسها حكام عسكريون صنعوا أحزاباً وصرفوا على أعضائها الذين هم مؤيدون لهم ولسياساتهم من أموال الشعب فأقصوا الآخرين كقوى سياسية واستقطبوا من بينهم ديكورات للزينة " تم تسميتهم في يمننا الحبيب "مشاقر" يتشقر بهم النظام.

كان نجاح حركة " الأخوان" في مصر في الإنتخابات بادرة طيبة وتفاءلت جميع القوى السياسية المقصية في العالم العربي كونها جاءت إلى السلطة بانتخابات ستقوم ببناء قاعدة كبيرة واسعة من جميع القوى المقصية أولاً كما ستقوم بصناعة كتلة تاريخية لبناء مصر الجديدة مصر المدنية الديمقراطية لا مصر " الأخوان" فقط ولا مصر من لم يكن معنا هو ضدنا .

من الأخطاء التي يجب الاستفادة منها في دول ثورات الربيع العربي ومنها اليمن من تجربة مصر مرسي هو أن حركة " الأخوان" في مصر غرتها السلطة وغرتها نسبة النجاح في الإنتخابات برغم أن الفارق بين مرشحها للرئاسة ومنافسه كان بسيطاً 1% فبدلاً من أن تبني كتلة تغيير ثورية مدنية قادرة على وضع أسس دولة جديدة بعقد اجتماعي جديد يحمي الدولة المدنية لعقود ويمنع عودة العسكر للحكم ويختلف عن ما كان سائداً في دول حكم العسكر قبل ثورات الربيع العربي وهو حكم دولة الغلبة بالقوة والمال قامت ببناء نموذج حكم الغلبة باسم الصندوق .

من الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها حركة " الإخوان " في مصر أنها طمعت بالسلطة والاستحواذ عليها فقبلت الدخول في الإنتخابات الرئاسية بدون دستور وبدون عقد إجتماعي يضمن حماية الديمقراطية ويمنع تغول الفائز بالإنتخابات على الآخرين فبدلاً من سعيها أن تكون بداية وصولها للسلطة سواء في الرئاسة أو البرلمان بناء تحالف مدني واسع يحمي المدنية ويبدأ ببناء دولة المشاركة الشعبية دون إقصاء وممارسة سياسة الغلبة بصورة أخرى بدلاً من غلبة العسكر التي قامت الثورات عليها جاءوا بغلبة " الجماعة" فكلها غلبة سواء جاءت بالجيش والمال أو بغلبة الحزب والجماعة حتى وان جاءت بانتخابات .

يذكرنا ما جرى في مصر المحروسة بما حصل في الجزائر عندما فازت جبهة الإنقاذ الجزائرية ولم يكن فوزها يومها إلا تسجيل نهايتها والدخول في مربعات العنف باستدعائها العسكر بالعودة إلى الحكم من خلال ممارساتها حتى قبل وصولها للحكم عندما طالبت الشعب الجزائري بتهيئة نفسه لحكم الدولة الإسلامية غرها الفوز في الإنتخابات بأن من انتخبوها معها وأعضائها وأنصارها وأنهم كتلتها الإنتخابية التي ستحميها بينما كثيرون منهم انتخبوها نكاية بجبهة التحرير الجزائرية التي لم تحقق آمالهم أي أن كثيرين صوتوا لجبهة الإنقاذ الجزائرية نكاية بخصومها .

واليوم في مصر مرسي وجماعته حركة" الأخوان" ارتكبوا نفس الخطأ فأعتبروا أن من انتخبهم هم الأعضاء والمناصرون وان أغلبية الشعب معهم ونسوا أن كثيرين صوتوا لهم نكاية بنظام مبارك ورغبة في الخلاص من الطغيان والإستبداد وضد الإقصاء والتهميش ولهذا استمر مرسي وحركة " الأخوان" في مصر بممارسة الإقصاء والسيطرة على مفاصل الدولة والسلطة كحق باعتبارهم من فازوا بالإنتخابات وهذا حقهم ولسان حالهم يقول " لكل دولة زمن ورجال " وتجاهلوا انهم يسيرون في بناء نظام الغلبة والإستبداد والطغيان باسم الشرعية والديمقراطية .

كان يفترض وهو المطلوب للإستفادة في اليمن وغيرها من دول ثورات الربيع العربي أن تفتح الثورات الباب واسعاً أمام جميع القوى السياسية ومكونات المجتمع المنظمة في أحزاب أو غير المنظمة لبناء تحالف شعبي واسع يحمي المكاسب التي تحققت بفعل الثورات من أجل البدء في بناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة المساواة والنظام والقانون لأن إيجاد دولة القانون مصلحة كبرى لمن حاز أغلبية أصوات الناس ومن أصبح الأخ الأكبر لقوى الثورة الأخرى بفعل عوامل كثيرة أهمها أنه لم يضرب من قبل الأنظمة السابقة ومارس الحكم معها وحافظ على قواه التنظيمية وكوادره وقواه المالية الإقتصادية أيضا.

ما جرى في مصر مرسي وجماعته " الأخوان" هو بناء نموذج الغلبة بطريقة أخرى ففتحت تجربة مرسي باب الغلبة على مصراعيه للآخرين وفي مقدمتهم من شاركهم الثورة ضد نظام الغلبة السابق " نظام حسنى مبارك المخلوع " ولكن هذه المرة باسم الصندوق والإنتخابات وكان الصندوق والإنتخابات شيء جامد وليس منظومة متكاملة فمن صوتوا ضد الطغيان والإستبداد والإقصاء والتهميش خرجوا ثانية إلى ميادين مصر وسمحت تجربة الغلبة الجديدة لمرسي وجماعته" الأخوان" لصناعة غلبة مضادة ضدها وهذا أكبر خطأ تم ارتكابه.

فالشرعية ليست فوزاً في الإنتخابات فقط والشرعية لا تمنح المنتصر في الإنتخابات أن يسيطر على كل شيء في البلاد الوظيفة العامة وصناعة غلبة جديدة ضد الآخرين بما فيهم الشركاء في الثورة فالديمقراطية هي عقد إجتماعي يخدم قوى الشعب كلها حتى تلك التي لا تملك قاعدة شعبية واسعة .

حيو معي توكل

الحائزة على نوبل للسلام توكل كرمان كفرت بالديمقراطية التي يتم التعامل معها كصندوق اقتراع فقط لا كمنظومة متكاملة تكفل الحكم الديمقراطي الرشيد وآمنت بالشرعية الثورية القائمة على الشراكة والتوافق حتى تأسيس الدولة الديمقراطية بمنظومتها المتكاملة.

توكل كرمان دعت باستمرار ونحن معها نؤيدها ونشد على يدها دعت إلى تجنب الانقسامات في المجتمع وأول ما بدأ الإنقسام في مصر وحذرت بقوة من ذلك ونوهت إلى أن الحديث عن " الفلول وبقايا النظام" وجعله هو الأولوية بدلا من التوجه لصناعة كتلة تاريخة وتعزيز الشراكة سيؤدي إلى تكبير " الفلول وبقايا النظام".

وأنا هنا أدعو النخبة من جيل الشباب ذكوراً واناثاً وفي مقدمتهم توكل كرمان وغيرها من الناشطات والنشطاء الشباب إلى البدء بتشكيل كتلة تاريخية وتوسع وتعزيز الشراكة بين قوى المجتمع على قاعدة خدمة الناس وضد الإقصاء والتهميش وصناعة الطغيان باسم الغلبة والأغلبية وباسم نحن أكثر منكم وأقوى منكم عددا وعدة ومالاً.

وأدعو الشباب ذكوراً وإناثاً بالوقوف مع الشعب بجميع فئاته وخاصة الفقراء والمتعبين ومحدودي الدخل فهؤلاء هم ذخيرتكم فلا تتركوهم لاقتصاد السوق يسحقهم وإياكم إياكم أن ترتبوا أوضاعكم فقط وتقبلوا بالفتات والمغريات والمناصب لابأس اقبلوها لخدمة الناس لأنكم تحت رقابة الناس وخاصة الفقراء منهم والكادحين والغلابى الذين أهملتهم النخب والحكام فثاروا على الحكام القدماء والجدد كونوا مع الجميع لا مع أحزابكم ومن ينتمي إليكم واستفيدوا من تجربة مرسي وجماعته في مصر " الإخوان" .