لكيْ لا تظلَ الاُمنيّةُ اُمنيّةً
بقلم/ د. محمد حسين النظاري
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 24 يوماً
الخميس 17 يناير-كانون الثاني 2013 06:50 م

مَنْ مِنا كمشجعين يمنيين كان لا يتمنى أن يكون منتخبنا الوطني المشارك في كاس الخليج 21 لكرة القدم بالبحرين في طليعة المتأهلين للدور الثاني؟ ومن منا لم يُرد ان نغادر مؤخرة منتخبات الدورة وليس فقط مجموعتنا؟ ومن منا لم يكن يُمنّى نفسه ان نحقق أهدافاً في مرمى منافسينا؟ تزيد عن الأهداف التي استقبلناها نتيجة كرم اليمنيين المعهود عنهم.

كل تلك وغيرها اُمنيات جميلة كانت وما زالت ساكنة ليست فقط في مخيلتنا، بل في سويداء قلوبنا، ولكن الأمنيات وحدها لاتكفي، وإلا لأصبح النائمون على مدى الأيام هم في طليعة المتفوقين.

ولكي لا تظل الاُمنيّة اُمنيّة، ينبغي علينا نسّخِر لها كل ما يستوجب تحقيقها.. ولهذا فإن اُمنيات جماهيرنا كلها مشروعة لشعب عريق كاليمن، هم أساس الجنس البشري –كما قال معلق قناة الكأس اثناء لقاءنا بالسعودية- ولكن هل الأمنيات تُحقق نفسها بنفسها؟ أم أنها بحاجة الى متطلبات عديدة لتصبح ماثلة للعيان على أرض الواقع.

ولهذا علينا جميعاً أن نسأل أنفسنا: هل وفرنا – كوزارة للشباب واتحاد للكرة- لمنتخبنا الوطني مقومات النجاح؟ حتى نطالبه بأن يسبق من حققت لهم دولهم تلك المتطلبات الأساسية لبلوغ منصات التتويج، وليس المشاركة فقط: للتشريف، او للهروب من الغرامة المالية، أو للمجاملة ليس إلا.

بالتأكيد أن الإجابة ستكون بلا، وإن جاءت من الجهات المختصة فستكون: وفرنا ما نستطيع بالحدود الدنيا لإمكانياتنا، وهنا نقول بأن اللاعبين على ضوء ذلك التوفير قدموا ما قدموه داخل الملعب، أمام ثلاثة منتخبات –الكويت،العراق،السعودية-لها تاريخها الطويل في هذا البطولة، بل هي الأكثر تتويجاً من بين المنتخبات المشاركة.

إذاً مستوانا على ضوء إعدادنا، وعلى ضوء ما صرفناه -ليس مقارنة ببقية المنتخبات- ولكن مقارنة بما صُرف في خليجي 20 الذي احتضناه في مدينتي عدن و أبين، فرغم المبالغ الكبيرة التي سُخرت وقتها، إلا ان أداءنا في هذه البطولة هو أفضل من سابقتها، سواءً من حيث المستوى –الذي أشاد به المحللون الخليجيون- والذي نتج عنه صورة منتخب مقاتل ظهر نداً لمنافسية، وان لم يستطع ان يجاريهم في النتيجة.

لو كنا ممراً للفرق الأخرى لاستطاعت السعودية تحقيق ما تريده منا، عندما كانت تحتاج الى ثلاثة أهداف، لتكتفي بالتعادل أمام الكويت، غير أننا غيرنا وجهتها عندما حلنا بينها وبين ما تشتهيه، ولهذا فإن فرصتها كانت امام الأزرق الكويتي ضئيلة، وخرجت معنا من البطولة، ولهذا نستطيع ان نقول ان ندية منتخبنا منعت السعودية من بلوغ الدور الثاني.

لو كان مرمانا استراحة، لقبلنا من الأهداف ما كان أضعاف ما تلقيناه، ولكن استطاعة لاعبينا من خلال حارسهم المتميز –سعود السوادي- والتوازن الذي لعب به المدرب، مكن المنتخب من الظهور بصورة جميلة في 5 أشواط، باستثناء شوط واحد، أمام العراق.. فقد تميز لاعبونا بعدم الانهزامية، لأنهم لم يتأثروا أبداً بولوج الهدف الأول في مرماهم.

استغرب كيف يكون التعاطي الخليجي مع مشاركة منتخبنا إيجابية، فيما نتفنن نحن في جلد الذات، والتهرب من الاعتراف، بأن تم تقديمه مقارنة بمنتخبات اخرى صرفت ملايين الدولارات، وغادرت مثلنا، بل قد تكون خرجت بانطباع سلبي وإن كسبت بعض النقاط، بعكس منتخبنا، الذي كان محل تقدير المنصفين من المحللين.

ان منتخبنا هو منتخب الجمهورية اليمنية، وليس منتخب العيسي أو الارياني، حتى نشبعه نقداً يرتكز على الشخصنة، بحيث ان من فاته قطار السفر، او لأنه لم يتمتع بصحبة –الارياني أو العيسي- فيصب جام غضبه على منتخب يمثل 25 مليون فرد.. فأي منطق يقود الى محاربة من منتخب من اجل محاربة شخص بعينه.

نعم الوضع الحالي لا يسر وينبغي محاسبة الوزارة والاتحاد، وعليهم الدفاع عن أنفسهم في إطار ما قُدم لهم وما قدموه للمنتخب.. اما ان نسلب اللاعبين جهدهم ونرميه في البحر، فهذا ما لا يقبل.. وكما تقبلنا وجهة نظرهم، عليهم –اي الناقمين على المنتخب- تقبل وجهة النظر الأخرى.

ولهذا ينبغي ألا تظل الاُمنيّة اُمنيّة، ولن يكون ذلك إلا بالاعتراف بوجود أخطاء ساهمت في تدني المستوى العام للرياضة اليمنية، وليست كرة القدم فقط.. فكيف نطالب اللاعبين بالوصول لما وصل إليه أقرانهم في الدول الأخرى وهم لم يلعبوا اي مباراة في الدوري –الذي لم ينطلق بعد-؟ وكيف نكتشف اللاعبين ولا يوجد دوري للناشئين؟ وكيف نطور من مستوى الحاليين ولا يوجد دوري للمحترفين؟.

ان حال الرياضة اليمنية يتطلب مؤتمراً وطنياً للوقوف على مسببات ما يحدث لها، ولهذا فإن المؤتمر الوطني الأول للرياضة اليمنية، الذي دعت لانعقاده وزارة الشباب والرياضة في مارس القادم، بمدينة تعز، يعد فرصة حقيقية للوقوف بجدية على مكامن الخلل، والخروج بحلول ناجعة، لكي لا تضل الاُمنيّة مجرد اُمنيّة.