عن المجلس الرئاسي
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 23 يوماً
الإثنين 18 يوليو-تموز 2011 01:02 م

أعتقد اننا لا نملك خيارا كمغتربين يمنيين سوى الوقوف مع شباب الثورة ، ودعمهم حسب المستطاع والممكن ، وتأييد أي خطوة ثورية صحيحة يقومون بها من اجل القضاء على سلطة صالح وخلق نظام مدني يعمل على إيجاد دولة في تراب وطننا كسائر بلدان العالم ،ونحن إذ نقوم بنقد بعض التصرفات والخطوات فإنما نهدف من وراء ذلك إلى المشاركة الفاعلة في توضيح بعض الأفكار التي نرى أنها تمد الثورة بالمزيد من الوقود ، ولا نسعى أو نهدف كما يعتقد البعض لفرض أفكار اتت وتأتي من الخارج دون معرفة واقع الساحات وما يحدث فيها.

لن أطيل في الشرح وسأتوجه مباشرة نحو الكتابة عن الخطوة الاخيرة لشباب الثورة والممثلة في إعلان المجلس الإنتقالي ونشر الأسماء التي تم تحميلها أمانة وطنية ثقيلة وصعبة ، تستدعي حسب البيان الصادر من الشباب عدم الهروب وتحمل المسؤولية من كل شخص تم إختياره ، من اجل الشروع في إنقاذ الوطن اليمني بإنسانه وأرضه والبدء في صياغة أسس مستقبله بعد ان ظل تائها فيما مضى من السنوات التي تجاوزت الثلاثة وثلاثين ، وهنا لا بد من القول أن خطوة إعلان المجلس الرئاسي الإنتقالي فاجأت الكثير من الناس وأوجدت حالة من الإرتباك والقلق في صفوف ما تبقى من سلطة صالح ، بل ونشرت الذعر والخوف في نفوس المتشبثين بصالح وأولاده وأقاربه ، وذلك ما بدى واضحا في تصريح سيء اللسان والذكر والسمعة أحمد الصوفي والذي قال إن صالح موجود في اليمن ...الخ ، في محاولة لإمتصاص صدمة الخبر والتقليل من أهميته وإيجاد نوع من الإرتباك في صفوف الشباب الذين يجب تذكيرهم بنقطتين هامتين لو تم إستغلالهما لكانت الثورة قد أنجزت متطلبها الأخير ، وأولاهما طبعا تفويت فرصة جمعة الكرامة والثانية التخلي عن فرصة الجمعة التي شهدت حادثة إغتيال صالح وأركان سلطته ، حيث كان يجب على الشباب القيام بالحسم الثوري لأن عوامله كانت متوفرة وجاهزة للقطف ، بل إن السلطة كانت تنتظر آخر الضربات لتقع وتسقط إلى الأبد ، لكن الشباب آثروا البقاء في الساحات والإنتظار لما سيأتي من الخارج ، دون أن يتنبهوا لمسألة ان الخارج دائما وأبدا يتعامل مع الأقوى ، ولأنهم تنازلوا عن قوتهم تلك فقد منحوا صالح وأولاده وزبانيتهم الفرصة لترتيب أمورهم وإمتصاص صدمات الثورة والقيام بخطوات سعوا من خلالها لتمييع الثورة مستخدمين عاملهم الأقوى والمتمثل في الدعم السعودي والأمريكي .

الآن يجب على الشباب التصعيد الثوري لفرض مجلسهم المنتخب إن أرادوا خنق بقايا أفراد سلطة صالح وإسقاطهم ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التوقف عند نقطة نشر الأسماء وإشهار المجلس ، وانتظار الإعتراف من الخارج لأن ذلك لن يحدث حتى لو كانت هناك وعود مسبقة من أي طرف ، والتصعيد الثوري يتمثل في إسقاط المراكز والوزارات السيادية وسلب الوسائل الإعلامية للسلطة أو على الأقل منعها من العمل وتوقيفها ، والحذر كل الحذر من التوقف والوقوف في الساحات دون اي حركة تصعيدية حقيقية ، إن كان الشباب قد استفادوا وتعلموا من أخطائهم السابقة والتي حولت الثورة إلى أزمة سياسية في نظر الخارج بمشاركة قادة المشترك طبعا ، ثم بدأ الشباب بدون أن يشعروا ينزلون خطوة خطوة من سلم الثورة وخطواتها نحو المناورة والعمل السياسي وذلك ما بدى واضحا في تشكيل المجلس الذي يرى الكثير من الناس وأنا أحدهم أن ذلك الإعلان للمجلس خطوة سياسية وليست ثورية ، وما يؤكد هذا الطرح أن السلطة لا زالت قائمة وكأن صالح هو من يحكم ولم يصب أو يغادر البلد ، ولا زال التلفزيون والوسائل الإعلامية الرسمية تمارس عملها وكأن شيئا لم يحدث ، بينما السلطة موزعة بين أحمد ويحيى وعمار وعلي صالح ...الخ ، وبها يقومون بخنق الناس وتضييق متطلبات حياتهم من أجل الترتيب لعودة " المنقذ " الذي سيحل كل شيء حال وصوله ، ليثبت للقاصي والداني حسب عقليته انه أحكم من يحكم اليمن .

من العوامل التي تثبت سياسية الخطوة الأخيرة لشباب الثورة ، قيامهم بإعلان المجلس الرئاسي قبل سقوط السلطة بالكامل ، وإن كانوا يعتقدون أن الثورة قد نجحت وأنجزت مهمتها فوجب القول لهم ان ذلك لم يحدث بعد ، ودليل ذلك بقاء الجندي والصوفي والشامي واليماني في نفس مواقعهم السابقة ، ولهذا كان من المفترض إعلان المجلس بعد سقوط السلطة وتطهير البلاد من القتلة والمفسدين ، لكن طالما وقد أقدموا على تلك الخطوة فعليهم التمسك بعوامل تثبيتها ، وأهم تلك العوامل إنتزاع السلطة والصلاحيات من يد من يتحكم في البلاد وتسليمها للمجلس من كل الأطراف ومراكز القوى السياسية والعسكرية والقبلية .

لقد اعتقدنا أن طول فترة الثورة سيشكل فرصة كبيرة للشباب لمعرفة الواقع الحقيقي للبلاد واكتشاف من يحكمها ، وسيستفيدون من كل الأحداث التي رافقت مسيرة الثورة ، ليؤدي ذلك إلى اتخاذهم الخطوات الثورية الحقيقية ، ويجنبهم الوقوع في الاخطاء السياسية المكلفة ، ولهم في المشترك ومن إنضم للثورة لتقييدها ومنعها من الحركة المثل الأوفى ، وايقنا أنهم بصمودهم الأسطوري وأدائهم المذهل سيتمكنون من فرض قيم الثورة ونشرها ، لكننا اليوم ونحن نراقب مسيرة الثورة ونعيش لحظاتها أولا بأول ، شعرنا ونشعر أن الشباب بحاجة ماسة لمعرفة أنهم حتى اللحظة خارج نطاق القيم الثورية ، ولا بد من عودتهم إليها سريعا عبر التوقف عن ممارسة العمل السياسي والتفكير في اتخاذ خطوات لتخويف من بقي في السلطة ، لأن أولئك لا يهمهم شيء ويحتاجون لفعل ثوري يقتلعهم حالا ، وقد حدث ذلك مرار من قبل الشباب الذين كانوا يعدون بمفاجآت وينذرون بالتصعيد دون ان يتحقق من ذلك شيء ، وأملي أن يتوقف الشباب عن هذه الممارسة لأن ذلك يخدش الوجه الجميل للثورة ويبعث مواقف مطمنة لمن في السلطة ، ومن المهم أيضا العمل وبسرعة على تجاوز الخلافات بين قوى الثورة بكل أطيافها ولم شمل الجميع في جبهة ثورية واحدة ، لأن الخلافات التي بدأت تظهر علنا لا تخدمنا كشعب بل تحقق لسلطة صالح مبتغاها ، وأملنا أن يتفهم الجميع ذلك وأن يرتقوا بأقوالهم وأفعالهم تقديسا ووفاء لدماء الشهداء ، كما نامل أن لا يؤدي الإعلان عن تشكيل المجلس الرئاسي إلى خلافات قد تفشله مما يشكل في قادم الأيام ضربة موجعة للثورة ومسيرتها لا قدر الله .

إن من السابق لأوانه الحديث عن فرص نجاح المجلس ، فالفترة لم تتجاوز الثلاثة أيام ، وبيد الشباب لا بيد غيرهم فرصة إنجاحه أو فشله ، والشيء المطمن حتى الآن أن أحدا من الأسماء المختارة لم يعلن إنسحابه ، لأن العديد من المراقبين توقعوا حدوث ذلك ، خاصة وان شباب الثورة أعلنوا الأسماء بدون علم أغلب أصحابها ، وهذا إن صدق خطأ كبير ما كان يجب الوقوع فيه مطلقا ، إلا إذا كان الشباب قد قاموا بدور قراءة ونشر الأسماء المختارة من مكان آخر فتلك قضية أخرى بحاجة لدراسة عميقة ، والأيام القادمة ستكشف كل شيء ، وما يهم الإشارة إليه أن قيم الثورة تستدعي أن يقوم الشباب بالتنسيق مع كل مكونات الثورة ومن ثم مشاورة الأسماء المرشحة وعرض الأمر عليها ، فإن وافقت وابدت إستعدادها لتحمل المسؤولية ، فالموضوع يحتاج لجمع كل الأشخاص في ساحة التغيير وتقديمهم أمام الشعب والعالم على أنهم أعضاء المجلس الرئاسي ومن كان في الخارج سيتابع ذلك عبر الوسائل الإعلامية المتاحة ، هذا إن كانت ثورتنا ثورة تغيير ، أما أن يمارس الشباب نفس ممارسة سلطة صالح فلا يعلم المرشح عن إختياره إلا لحظة نطق إسمه في الإعلام ، فأعتقد أن على الشباب مراجعة مفهومهم الثوري في أسرع وقت ممكن .

أملنا أن يتمكن الشباب من فرض المجلس وبسرعة ، إن كانوا نووا وسعوا لخطوة ثورية صادقة ، أما إن كان الهدف من وراء خطوتهم تلك ، ممارسة سياسية إستبقوا من خلالها الرجوع المزمع لصالح ، أو الضغط على السعودية وأمريكا من أجل فرض معطيات فيما يسمى التسوية القادمة ، فقد وقعوا بدون شعور في حفرة مراكز القوى والنفوذ ، والمستعدة كما هو حالها دوما وأبدا في التفريط بكل المقدسات وعلى رأسها دماء الشهداء حال وصولها لتسوية تضمن مصالحها ونفوذها في البلاد .

ختاما لا بد من التذكير بأننا سنواصل دعمنا الكامل لثورة شعبنا وسنقف مع كل خطوة صحيحة تضع وطننا وشعبنا في الطريق الصحيح للخلاص من الحكم الأسري القبيح ومن سيطرة مراكز القوى والنفوذ التي لا تقل خطورة عن صالح وأولاده ، ونحن إذ نعبر عن مخاوفنا من طريقة تشكيل المجلس فإن الواجب أيضا يفرض علينا الإشارة إلى ما يلي بغرض تنبيه الشباب إلى أن ما يتبع يمثل حسب قناعتنا عوامل مؤثرة لنجاح وفرض المجلس الرئاسي .

أولا /طالما وقد تم إختيار عليوه كقائد أعلى للقوات المسلحه فإن ذلك يستدعي إعتراف تلك القوات المنضمة للثورة بذلك القائد ، وعلى قادتها تسليمه ما بيدهم من سلطة وعلى رأسهم اللواء علي محسن الذي يجب عليه قبل غيره تسليم الفرقة كاملة للقائد المرشح واملي الشخصي أن يفي بوعده ويستقيل خدمة ووفاء لثورة الشعب وتضحياته .

ثانيا/قيام الشباب بخطوات ثورية عاجلة تؤدي إلى انتزاع السلطة من يد من بقي من أقارب صالح واولاده ، وتطويع التاثير القبلي فيما يخدم الثورة لا فيما يضرها ، وهذه الأشياء مجتمعة ستثبت قدرات الشباب في فرض ناتجهم الثوري داخليا اولا ثم خارجيا ثانيا .

ثالثا /الإنتباه لمواقف المشترك وتأثيره على الخطوات المتخذة من شباب الثورة ، ونعتقد أن الحل الأمثل يكمن في اعتراف قادة المشترك بفشلهم ، واعترافهم الصريح بتأييد المجلس وانسحابهم من المبادرات والحوارات وإيكال الأمر بأكمله إلى المجلس الرئاسي الإنتقالي .

رابعا /يستدعي الموقف من الشباب التنسيق العاجل مع القوى الإسلامية والقبلية للحصول على مباركتها ذلك التشكيل وإعلانها العاجل عدم سعيها أو رغبتها المشاركة في السلطة القادمة وما تهدف من وقوفها مع الثورة هو بناء دولة مدنيه ديمقراطية ، لأن المواقف الأخيرة لتلك القوى أخافت أمريكا وأوربا وعلى الشباب أن يسارعوا إلى إقناع من يسيطر على ساحة صنعاء أن يستفيد من الدرس السياسي الكبير للقوى الإسلامية في تونس ومصر .

خامسا /الشباب ملزمون بالتنسيق الكامل مع مختلف الساحات في كل المحافظات فهم صمام أمان الثورة ووقودها وطاقتها ، للتشاور والنقاش عن كل الخطوات والإستفادة من الهفوات التي حدثت في ماضي الأيام.

aalmatheel@yahoo.com