قلم وريشة في مواجهة إرهاب السلطة
بقلم/ كاتبة صحفية/سامية الأغبري
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 3 أيام
السبت 28 أغسطس-آب 2010 09:31 م

"إقتحام بأمر من الدولة"

كانت عقارب الساعة تشير الى السابعة مساء, إنه يوم الاثنين .. السادس من رمضان 16-8-2010م, تحت جنح الليل ودون مسوغات قانونية,وحدتان أمنيتان تتبعان جهاز الأمن القومي طوقتا أحد أحياء العاصمة صنعاء.وعلى بعد مايقارب "400" متر أغلقت الطرق المؤدية إليه - الوحدتان "جنود ملثمين بزي مدني وعسكري ومدججين بأسلحة متنوعة" تقتحمان منزلين في ذلك الحي الذي يسكنه عبد الإله شائع وكمال شرف.

لم تداهم تلك القوات منزل مجرم فار من وجه العدالة أو إرهابي وصل الى مسامع الأجهزة الأمنية انه يختبئ في منزلي حيدر وشرف. القوتان داهمتا منزلي صحفي ورسام كاريكاتير يحملان قلم وريشة!

الصحفي عبد الإله شائع أب لثلاثة أطفال أكبرهم9 سنوات وأصغرهم سنتين, خريج كلية الإعلام بجامعة صنعاء, ويعمل في وكالة الأنباء اليمنية"سبأ"

جاءهم ذلك المساء عاقل الحارة يسال عن عبد الإله نزل شقيق حيدر الأكبر لفتح الباب للعاقل لحظتها وعلى حين غرة وبدون سابق إنذار تفاجأ بقوات امن تتكون من عشرين جنديا تقريبا "وشرطية" داهمت المنزل دون مراعاة لحرمة المساكن!

كان عبد الإله في الدور الثالث من المنزل حين سمع جلبة وضجيج وصخب في الدور الأسفل.. نزل ليسأل عما يحدث وتفاجأ بجنود يبحثون عنه , سألهم هل لديكم ـأمر قضائي ؟ ردوا نحن من الأمن القومي. ورفض هو الذهاب معهم كونه لم يأتوا بأمر قضائي وأصروا على اقتياده وأصر هو على الرفض. قائلاً لن آتي معكم إلا بطلب رسمي وأمر.. فقال له أخوه الأكبر" في المنزل نساء وأطفال اذهب معهم فهم من الأمن القومي" , خرجوا الى حوش المنزل ودار جدل بينهم انتهى باقتياد عبد الإله الى "باص" بزجاج عاكس ومن ثم الى سجنهم . على بعد أربعمائة متر أغلقت الحارة وتجمهر الناس متسائلين لما كل هذه القوات لكنهم منعوا من الاقتراب وأطلقت الرصاص في الهواء لإخافتهم.

في منزل مقابل لمنزل عبد الإله يقطن شقيقه الأصغر خالد الذي ما أن رأى أولئك الجنود حتى ذهب مسرعا الى منزل أخيه يسال هو الأخر عما حدث فاعتدي عليه وكتف والى رأسه وجه أحد الجنود سلاحه "آلي" قائلا له "لاتتحرك وإلا سأطير راسك" .

فتشت كل غرف المنزل, وكل الأدراج والدواليب وكل شي تم تفتيشه وبعثرت الأوراق.. قلبوا المنزل رأسا على عقب , صادر أبطال الأمن سيديهات العاب تخص أطفاله وأوراق عمله وتليفونين وجهاز كمبيوتره الشخصي"لابتوب", بطائق صحفية وهوية , وجواز سفره! وفي ورقة صغيرة غير رسمية كتبوا أنهم استلموا تلك الأشياء وربما عبد الإله من ضمنها!

من حسن حظ الأسرة أن والدته لم تكن موجودة يوم اقتحم الأمن منزلهم.. كانت تفطر في منزل إحدى بناتها, لكن خبر مداهمة المنزل واعتقال ولدها وصل الى مسامعها ونزل عليها كالصاعقة .. انهارت الوالدة وأغمي عليها.

وفي الوقت الذي داهم أشاوس الأمن منزل الصحفي عبد الإله حيدر كانت قوة أخرى وبنفس الوقت وبنفس الطريقة تداهم منزل رسام الكاريكاتير كمال شرف الذي يقطن بالحي ذاته , وأطلقت الرصاص أيضاً لتخويف الأسرة. ومافعله الأمن بمنزل عبد الإله فعلوه في منزل كمال.

كمال شرف من مواليد يوليو 78م , رسام كاريكاتير مبدع وموظف بوزارة الكهرباء أب لطفلين "عبد الله وآلاء" فاز مؤخرا بالمركز الأول بجائزة الرسوم الكاريكاتورية للتوعية بحقوق المرأة العاملة والتي أعلن عنها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي , حين اقتحم الأمن القومي منزله لم يكن يعلم إن الأمن قد داهم منزل صديقه واعتقله وذهب شقيقه الى منزل عبد الإله يخبره بأن كمال قد اعتقل لكنه عاد بخبر - أيضاً عبد الإله معتقل!

"همجية"

همجية الأمن لم تراعي حرمات المساكن .. لم تردعهم قوانين أو قيم وأخلاق عن اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها ..اعتقلا حيدر وشرف دون أي مسوغات قانونية ولم تشفع لهما المواد(3,4,7,12) من قانون الإجراءات الجزائية فمن يستحق المحاكمة والعقاب ؟ ومن هو الإرهابي الذي يروع الناس بدلاً من القيام بواجبه في الحفاظ على أمنهم وكرامتهم وحياتهم؟! ألا يستحق رئيسا ووكلاء جهاز الأمن القومي والسياسي تقديمهم الى العدالة؟ أن يحاكموا ويعاقبوا جراء ما ارتكبوا!

"في المنزل قلم وريشة"

لم يجدوا في منزليهما سلاحاً ولا شيء يدل على أنهما إرهابيين لاشك أنهم وجدوا قلم صحفي يحلل ويكتب عن القاعدة والإرهاب وبين ليلة وضحاها وبسبب تصريحات أرادوا إلصاق تهمة الإرهاب به , وجدوا ريشة رسام - ورسومات كاريكاتورية مدافعة عن الطفولة وعن المرأة وعن وطن ودين وحرية! لنا أن نتخيل كيف يواجه القلم والريشة قلم إرهاب دولة بكل ماتمتلكه أجهزتها القمعية من إمكانات.

هما ليسا إرهابيين الإرهابي من روع الأطفال والنساء وداهم المنزل وبكل تلك القوات ليعتقل صحفي.

كان عبد الإله قد تلقى تهديدات بعدم التصريح في الوسائل الإعلامية لكنه استمر بشجاعة, وإيمان بحق كفله له الدستور والمواثيق الدولية غير آبهٍ بتلك التهديدات, واختطف قبل أكثر من شهر من احد شوارع حدة لساعات ومن ثم أفرج عنه.

"أطفالهم "

أطفال عبد الإله وكمال وأسرتيهما أصيبتا بالرعب مما حصل ولا يزال طفلي كمال يتذكران لحظة اقتحام المنزل واقتياد والدهما الى مكان لايعلمانه. ويعالجان من صدمتهما, أما طفل عبد الإله يبحث عن " مسدس" ليقتل العسكري الذي قيد والده وذهب به الى السجن,هذا الذي شاهد أنواع من الأسلحة يسأل عن أبيه ولما أخذه "العسكري" ؟ يقول لهم أريد مسدسا لأقتل ذلك العسكري الذي أخذ أبي! انه منطق القوة وثقافة العنف يكرسها العسكري" البعبع" الذي يخشاه أطفالنا , لم يكن العسكري يوما في نظر الأطفال سوى بعبع يخوفهم به آبائهم -لم يكن مصدرا للأمن والطمأنينة وهاهم رجال الأمن يقتحمون منزلي شرف وحيدر ليؤكدوا ذلك للأطفال و أن الأمن الذي يقتحم المنازل ويروع الأطفال ويعتقل الأبرياء لم يأتي كم أجل كرامته وحمايته.

"صحفيون لا إرهابيون"

حين اعتقل الصحفي محمد المقالح أواخر رمضان الماضي وفي الوقت الذي كانت تنفي الأجهزة الأمنية وجوده في قبضتهم كانت التسريبات ومصدرها الأمن ومطابخه تتهمه بأنه المسئول الإعلامي للحوثيين بل وصل الكذب والتضليل بالبعض حد القول إن محمد عبد السلام الناطق باسم الحوثيين وظهر كذبهم وافتراءاتهم.

ولذا نقول للأجهزة الأمنية لم تعد التسريبات مصدقة, ومحاولة اتهام عبد الإله بعلاقته بالقاعدة كونه أجرى لقاءات مع قيادات في القاعدة لاتجعله إرهابياً هو صحفي ومن حقه إجراء المقابلات مع أي شخصيات وجهات, لم يحمل سلاحا حمل قلما, ونعلم أنكم تهدفون من وراء هذه الاتهامات تثبيط همتنا وعزيمتنا كي لاندافع عنه !

عبد الإله وكمال وقبلهما المقالح ليسوا إرهابيين هم صحفيون وسنقف معهم وندافع عنهم , وتهمة الإرهاب مردودة على أصحابها.