أدولف هتلر حاضر بقوة في التاريخ المعاصر ورغم ذلك لو ذهبنا اليوم إلى ألمانيا فسننذهل عندما نعلم بأن كفاح هتلر, وصراخه, ورفع يده عاليــًا جميعها أصبحت حركات نازية عنصرية مرفوضة ومحرمة حتى على مستوى لاعب فريق أيك أثينا اليوناني جورجيوس كاتييدس ذو العشرين عامـــًا, فقد تم إيقافه عن اللعب مدى الحياة لمجرد رفعه ليده مثل هتلر أمام الجمهور بعد أن سجل هدفـــًا في مرمى فيريا لأن هذا في القانون الأوروبي يعتبر تصرفــًا غير مقبول يُــلمح إلى عهد سياسي دموي.
كل ما يمت إلى هتلر تم حذفه من المناهج في الجامعات والمدارس, كما أنه لا يملك نصبــًا تذكاريــًا رغم تأثيره الكبير في التاريخ الأوروبي, ومهما تجولت في أرجاء ألمانيا الاتحادية فلن تجد ميدانــًا يحمل اسمه, لن ترى صورته في أي جهة ولو رسمـــًا بطبشور, أو طابع علكة, أو شخبطة على جدار حتى في الأرياف النائية. بالإضافة إلى تحريم سرد تاريخه في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء, لقد تم نسيان هتلر تمامـــًا لأنه كان يعادي اليهود ويكرههم ويرفع شعار الإبادة لليهود. بل وتـنص دساتير دول الاتحاد الأوروبي على معاقبة أي شخص يمتدح هتلر, أو ينكر الهولوكوست, أو يرفع الرموز والشعارات النازية, أوكل من يُـلمح بكراهيته لليهود, وأنه سيكون عرضة للمساءلة والملاحقة القضائية والعقوبات القانونية فمثلاً: القانون الألماني لسنة 1985م ( بند 194, 21) يقضي بالسجن لمدة سنة أو دفع غرامة مالية, وتم تعديله سنة 1994م (بند 130) ليصبح السجن لمدة خمس سنوات أو دفع غرامة مالية, وفي عام 2003م صادق البرلمان الألماني بغالبيته على الإعلان ضد المظاهر المعادية لليهود بل وتحمّــل مسؤولية الحفاظ على ذكرى المحرقة كجزء من الهوية الوطنية الألمانية. إضافة لكل ما سبق فإن ألمانيا مازالت إلى اليوم تدفع تعويضات لضحايا الهولوكوست من الصهاينة, باختصار لقد تم تجاهل هتلر في المجتمع الألماني ولو تمكنوا لحذفوه من ذاكرة التاريخ فقط لأنه ضد مصالح اليهود.
علاقة هذا الموضوع بعنوان المقال أنه في مقابلة صحفية أجراها رئيس تحرير صحيفة البلاغ اليمنية بتاريخ الأحد 2013/8/4 مع الأستاذ يحيى بدر الدين الحوثي الذي أعترف – ضمنيـــًا – بقوله :\" عاد في ذهني أن أبحث عن مساند, فدخلنا في مجال الإعلام, وكنت أكتب, وأعمل مقابلات, وهناك في أوروبا كانت معي مواعيد كثيرة جداً, ومنظمات دولية, وأشياء أخرى, دراسات ونحو ذلك, وكانوا يبحثون عن الحوثيين هؤلاء وتوجههم وأفكارهم...\" لقد تحايل الأستاذ/ يحيى الحوثي على السلطات اليمنية بحجة السفر إلى مكة لأداء مناسك الحج لكن السفارة السعودية رفضت منحه التأشيرة, لذا توجه إلى مصر ومن هناك توجه إلى ألمانيا للعيش فيها ولم يعد إلى اليمن إلا بعد قيام الثورة الشبابية بموجب ضمانات من الرئيس هادي شخصيـــًا بغرض المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بعد تعيينه عضواً فيه ولا غرابة في ذلك إنما العجيب أن السلطات الألمانية استطاعت استدراج الشيخ / محمد المؤيد من داخل اليمن, وحاكمته قضائيـــًا في أراضيها بحجة دعم حماس ومعاداة اليهود, وقضى العقوبة في سجون ألمانيا, بينما بالمقابل لا تبحث ألمانيا عن يحيى الحوثي وهو داخل أراضيها, ولا تستجوبه أو تحقق معه, ولا توجه له تهمة محاربة اليهود, بل تمنحه حق اللجوء لمدة ثمان سنوات, وتسمح له السلطات الألمانية بالصرخة, والمجاهرة ليلاً نهارًا بالعداء لليهود, ويظهر في فضائياتها المحلية والخارجية, وتستضيفه الصحف الألمانية والعالمية, دون أن يتعرض للمضايقة, أو التوقيف, أو الترحيل, ولم يندرج أسمه أو جماعته ضمن القائمة السوداء التي تعلن أمريكا وإسرائيل أنها هي القائمة الرسمية الوحيدة التي تهدد النصارى واليهود ومصالحهم في العالم, بمعنى أن أي جماعات أو أحزاب خارج نطاق القائمة السوداء لا تشكل أي خطر. فهل يعقل أن يكون الشعار والصرخة والحركة مجرد مسرحية, وأنه لا يوجد مشروعــًا حقيقيـــًا لنصرة القضية الفلسطينية, ولا توجد مواجهة فعلية للمخططات الاستعمارية الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة بقدر ما تتبلور الفكرة في تفتيت الأمة الإسلامية من العمق, وإثارة الفتنة داخل مجتمع متعايش, ومحاولة لدعم النعرات والأقليات ضد السلم والأمن والأغلبية؟ سؤال ثان, هل يعقل أن ألمانيا نفسها تمنح حق اللجوء لبدوي من برط وتسمح له بما لم تسمحه لهتلر ابن جلدتها؟
هل يمكنني القول بأن الحوثة حركة محبوبة في أوساط الشعب الألماني ولها شعبية جارفة بحيث لا أستبعد أن تكون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أنصار الله لكنها تستخدم مبدأ التقية الشيعية... ربما هذا هراء, بالإنجليزي ( بووووول شت). أيضـــًا هل يمكن القول بأن شعار الموت لأمريكا, الموت لإسرائيل مجرد زوبعة إعلامية بينما لا يشكل أي تهديد واقعي على الأرض ويؤيد هذا الطرح أن السفير الأمريكي السابق جيرالد فريستاين بشحمه ولحمه هو من أصر على أدراج جماعة الحوثي ضمن مؤتمر الحوار الوطني بنسبة 35 مقعدًا, ولو تتذكرون جلسة الافتتاح برئاسة رئيس الجمهورية حيث قعد جميع ممثلي الحوثي خلاف مقعد السفير الأمريكي, وكان على قلبهم مثل العسل, فلم نسمع صرخة أو حتى \" تـقـعـام \" كأبسط علامة على الملل والرفض وذلك أضعف الإيمان. كما إن منظمة الأمم المتحدة نصت قوانينها منذ عام 1992م على عدم معاداة اليهود وتعتبر ذلك خطراً من الواجب استنكاره ومحاربته بالوسائل القانونية, لذا قد لا نستغرب عندما نعلم أن جمال بن عمر – مستشار أمين عام المنظمة- قد حج شخصيـــًا إلى صعدة ليقنع جماعة الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل بضرورة دخول الحوار ولم يقنعهم الآن بضرورة رفع الحصار.