لا أطفال يتامى .. ولا أمهات ثكلى .. في قرية يكلا .. فالجميع قتلى .. استشهد الأطفال وأمهاتهم وآباءهم في مجزرة مروعة ارتكبتها قوات أمريكية، استخدمت في ارتكابها أحدث التقنيات العسكرية والآلات الحربية .
العدوان الأمريكي على قرية يكلا في قيفة رداع بمحافظة البيضاء وسط اليمن الأحد الماضي 29 يناير 2017 م، يُعد أقبح عدوان في تاريخ اليمن وأبشع جريمة حرب .
ما تعرضت له قرية يكلا لم يكن غارة جوية خاطئة، حتى أنه لم يكن انزال عسكري على معسكر، أو حتى على سيارة في طريق بري، بل إنزال هجوم جوي وبري على قرية صغيرة تكتظ بعشرات الأطفال والنساء .
لم تكن العملية العسكرية الأمريكية على يكلا هو الأولى من نوعها، فقد سبق ونفذت القوات الأمريكية عمليتين مماثلتين في شبوة، الأولى كانت بتاريخ 22 ابريل 2014 م، استهدفت شابين كانا على متن سيارة مدنية، وخاضا مواجهات مع القوات الامريكية، قبل ان تقوم بأخذهم لا يعلم ذويهم جثث أم أشخاص، حيث لا يزال مصيرهم مجهول حتى اللحظة من كتابة المقال، دون معرفة ما إذا كانا أحياءً أو غير ذلك، أما العملية الثانية كانت بتاريخ 6 ديسمبر 2014 م، واستهدفت قرية آل دغار، وكانت تهدف إلى تحرير صحفي أمريكي مختطف، لكنها باءت بالفشل عقب مقتله ومقتل عشرات المدنيين .. إلا أن العملية العسكرية التي شهدتها يكلا، ستظل الأشد قبحاً وبشاعة، ولا مبرر أبداً لتلك الجريمة المروعة التي استهدفت قرية آهلة بالسكان المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء .
لم تكن قرية يكلا معسكر حتى يتم استهدافها، ولا حتى تجمع للرجال فقط، بل قرية تضم عشرات المنازل القديمة التي تضم العشرات من الأطفال والنساء، ما يعني أنه تجمع مدني بحت، وما يعني أيضاً أنه هدف مدني 100 % .
عبدالرؤوف الذهب الذي تزعم امريكا انتماءه للقاعدة نفى خلال تصريح لوسائل إعلام في فيديو قصير أي صلة له بالقاعدة، وأكد انه شيخ قبلي ولا تربطه أية علاقة أو صله بالقاعدة .
و وجوده في قريته بين أطفاله دليل قاطع على عدم انتماءه للقاعدة، حتى وان كان ينتمي للقاعدة، فهذا لا يبرر استهدافه في تجمع مدني يضم عشرات الأطفال والنساء .
بمقدور أمريكا اصطياد من تبرر هجومها على قرية يكلا للقضاء عليه، اصطياده في الطرقات بطائرات بدون طيار أو بعملية إنزال بعيداً عن القرى والمدن والتجمعات المدنية .
لكن أمريكا لا تحارب الإرهاب، بل تحارب كل من يدافع عن نفسه ويسعى لبناء وطنه، كما تستهدف الأطفال والنساء لاستفزاز المجتمع وحرفه عن مساره وجره إلى العنف والتطرف .
تعجز أمريكا في إثبات أي نشاط مسلح ضدها للشيخ عبدالرؤوف الذهب غير وقوفه إلى جانب نفسه وأسرته في الدفاع عن قريته من عدوان مليشيا الحوثي وصالح .
كانت جريمة عبدالرؤوف الذهب انه وقف في وجه تمدد مليشيا الحوثي وصالح الارهابية ودافع عن نفسه وقريته، وربما جريمته أيضاً أنه صهر أنور العولقي، تلك الجريمة التي هي جريمة الطفلة نورا أنور العولقي، وبررت استهدافها كما بررت استهداف والدتها أم نورا الذهب أرملة أنور العولقي، شقيقة عبدالرؤوف الذهب ..!! لكن ومن متى كانت الروابط الأسرية مبرر لإلصاق تهمة الإرهاب وتبرير قتل الأطفال والنساء والرجال ؟؟!.
لو كانت أمريكا تحارب الإرهاب لوقفت إلى جانب الجيش الوطني والمقاومة في مواجهة داعش والقاعدة في عدن وحضرموت وأبين، لكن لأن عصابات داعش والقاعدة في عدن وحضرموت وأبين تستهدف الجيش والمقاومة وترتكب بحق منتسبي الجيش الوطني مجازر مروعة امام المعسكرات وفي المراكز الأمنية، فإن أمريكا تؤيد ذلك الإرهاب، ومن المستحيل استهداف تلك العناصر الإجرامية التي ترتكب مجازر مروعة بحق الجيش الوطني، لذا نجدها لا تنفذ أي عمليات عسكرية بطائرات بدون طيار او انزال مظلي ضد داعش والقاعدة في عدن وأبين وحضرموت مثلما فعلت وتفعل في البيضاء ضد من يواجهون مليشيا الحوثي وصالح الإرهابية المتطرفة .
لكنها بالعكس تدعم إرهاب وتطرف مليشيا الحوثي تبذل جهود سياسية وعسكرية خفية لتوسيع نفوذها وسيطرتها، وليس الهدف من ارتكاب مجزرة يكلا غير مساعدة المليشيا في احكام السيطرة على البيضاء، ولم يكن هذا هو التعاون العسكري الأول من امريكا مع الحوثيين، ففي يناير من العام 2015 م، تعاونت أمريكا بشكل كبير مع مليشيا الحوثي وصالح في اجتياح البيضاء، وارتكبت مجازر بشعة بحق السكان المدنيين بطائرات بدون طيار في قرية خبزة مساندة لمدافع وصواريخ مليشيا الحوثي والمخلوع الإرهابية .
أمريكا ومن خلال جريمة يكلا المروعة تهدف إلى دعم الإرهاب في اليمن، وقد آن لإرهاب مليشيا الحوثي والمخلوع التقدم والتمدد في يكلا ومحيطها، وهذا هو هدف أمريكا الأول، كما أن هدفها الثاني هو تحول المئات من اقارب الضحايا وغيرهم من اليمنيين المصدومين بجريمة يكلا إلى العنف والتطرف حتى ضد الجيش اليمني، وهو ما يزيد الأمور تعقيداً ويخدم مليشيا الحوثي وصالح الإرهابية العميل المطيع لأمريكا .
وما يزيد الأمور تعقيداً أيضاً، هو صمت السلطات الشرعية والأحزاب السياسية عن جريمة يكلا وما شابهها من جرائم حرب يرتكبها العدوان الأمريكي بذريعة محاربة الإرهاب، وكان الأجدر بل والواجب على السلطات الشرعية فرض هيبتها ورفض التدخل الأمريكي خصوصاً في ظل وجود التحالف العربي المساند للشرعية، والذي حققت بتعاونه نجاحات كبيرة في القضاء على الإرهاب في المحافظات المحررة وتحرير معظم محافظات البلاد من مليشيا الحوثي وصالح الإرهابية .
مجزرة يكلا لم تكن مجرد استهداف لآل الذهب فحسب، بل كانت استهداف لكل الشعب اليمني وسلطته الشرعية، كونها أضعفت هيبة الشرعية وأكسبت الجماعات المسلحة تعاطف، كما أنها خففت الضغط على مليشيا الحوثي وصالح في البيضاء .
عدم رفض السلطات الشرعية تدخل القوات الأمريكية التي تعمل لصالح مليشيا الحوثي وصالح، وصمت الأحزاب السياسية عن جرائم العدو الأمريكي بحق الأطفال والنساء، كل ذلك يكسب الجماعات المسلحة المتطرفة تعاطف كبير، ويدفع بالمتحمسين وأقارب الضحايا إلى الانخراط في تلك الجماعات، كما يوفر بيئة للتحريض ضد الشرعية .
نحن لا نحارب أمريكا ولن نحاربها بل هي من يحاربنا، وكاذب كل من يزعم في اليمن أنه يحارب أمريكا .. بل تجد من يزعمون محاربة أمريكا هم من يقتل الشعب اليمني ويرتكب بحقه أبشع جرائم الحرب والإبادة التهجير، كما تفعل مليشيا الحوثي وصالح الإرهابية وعصابات داعش المتطرفة .
نحن بأمس الحاجة إلى الوقوف بجانب أنفسنا إلى جانب السلطات الشرعية، وواجب على السلطات الشرعية الوقوف بقوة إلى جانب الشعب وتوفير الحماية الكاملة له وفرض هيبتها وسيادتها على كافة الأراضي المحررة، ومنع أي تدخل أجنبي يستهدف شعبها أو يستهدفها، كما تفعل أمريكا التي تعمل لصالح مليشيا الحوثي وصالح الارهابية لخلط الأوراق لتخفيف الضغط على المليشيا الانقلابية لإطالة امد انقلابها بإضعاف هيبة الشرعية وتحريض المتحمسين وأقارب الضحايا ضدها .