|
إن الشعوب العربية والإسلامية أصبحت اليوم تعيش وحشة نادرة وقلقا مطردا وخطرا مؤكدا من شيء اسمه سلوك الإسلام الخليجي الحاكم وأقصد بالإسلام الخليج إسلام ملوك وأمراء دول الخليج ذلك الإسلام الذي لا نعرف من هو ربه ولا من هو نبيه حتى الآن إسلام تنتهي أهدافه وحدوده وأبعاده ومقاصده وخطوطه الحمراء حيث تنتهي أهداف وحدود وأبعاد ومقاصد مصالح وأطماع وأهواء ونزوات أولئك الحكام إنه إسلام جديد يختلف كليا عن الإسلام الذي جاء به النبي الخاتم إسلام يكاد يشبه إلى حد كبير الدين ألكنائسي الكهنوتي المحرف ذلك الدين الذي حكم ورهبانه شعوب أوربا في القرون الوسطى لفترات طويلة حيث أذاقوا شعوبهم وأوطانهم الويلات وشر المنكرات خصوصا بعد أن أحكموا السيطرة والقبضة الحديدية على تلك الشعوب عبر اغتصابهم للسلطات الدينية والسياسة والقضائية والمالية والعسكرية والإعلامية لتلك الشعوب ولم يكتفوا بذلك فحسب بل كانت كل سلطاتهم تلك لصيقة بالقهر والقمع والظلم والتآمر والفساد والاستبداد وتحريف نصوص الدين وسلوكه بما ينسجم ومآربهم إن ذلك السلوك الديني الإجرامي الصادر من قبل الكنيسة وكهنتها ضد تلك الشعوب آنذاك وتحت يافطة الدين المسيحي قد أحدث تصادما مدمرا بين ذلك الدين الحاكم وبين الفطرة والعقل والضمير والواقع البشري نتج عنه ثورات شعبية عارمة أطاحت بالكهنوت الكنسي الديني خرجت على إثرها الكنيسة وسدنتها من الواقع السياسي لحياة تلك الشعوب والشيء نفسه ينطبق على سلوك حكام الخليج فسلوكهم الناتج عن حكمهم لشعوبهم وتعاملهم مع باقي الشعوب العربية والإسلامية حكاما ومحكومين لا يعكس سلوك الدين الإسلامي وقيمه ومبادئه وأهدافه الحقيقية ولا يعبر عن مدلولاته وأخلاقياته الواقعية وهذا يعني أن سلوك الإسلام الخليجي الحاكم سيؤدي عاجلا أم آجلا ليس إلى نفس النتائج التي أدى إليها الدين ألكنائسي الحاكم في القرون الوسطى بل إلى نتائج أبشع وأفظع وسبب البشاعة والفظاعة هو ما تميز به الإسلام الخليجي الحاكم في العصر الحديث من قدرة على الجمع بين الكهنوتية والعلمانية أي وجود تناغم ووئام بين حكام الخليج الكهنوتيين وحكام الغرب العلمانيين والذي يترجمه علاقتهم الوثيقة وتحالفهم الدائم وتكاملهم الاستراتيجي و رضاهم الكامل عن سلوك بعضهم بعضا ونحن لا نستغرب من ذلك فالإسلام الخليجي الحاكم إسلام مطاطي سحري عجيب وغريب يستطيع أن يجمع بين المتناقضات والمستحيلات في آن واحد وهنا يمكن أن نقول إن التقاء الإسلام الخليجي الحاكم بالكهنوت ألكنائسي وبالعلمانية الغربية يؤكد تأكيدا جازما بأن هناك تطابقا وتوافقا بين أهداف الدول الغربية دول الحرية والديمقراطية والعدالة والحقوق والتداول السلمي للسلطة وبين أهداف دول الخليج دول الظلم والقهر والفساد والاستبداد الأسري الوراثي بين أهداف الدول الخليجية المنتجة والمسوقة للتطرف والإرهاب الديني وبين أهداف الدول الغربية التي تروج له و تعلن الحرب ضده وهذا يعني أنهم جميعا مشتركون في الربح والخسارة في الأعداء والأصدقاء في النصر والهزيمة في الفرح والحزن في النتيجة والمصير
ومما يؤكد ذلك أنك تجد كلا من حكام الغرب وحكام الخليج يكيلون بمكيالين أثناء تعاملهم مع الشعوب فحكام الغرب عندما يديرون شئون شعوبهم ويتعاملون مع بني دينهم وجنسهم يراعون مبادئ وقيم الديمقراطية والعلمانية وعندما يتعاملون مع الشعوب العربية والإسلامية يتحولون فجأة إلى حكام كهنوتيين وملكيين وعلى العكس من ذلك نجد حكام الإسلام الخليجي يتعاملون مع الشعوب العربية والإسلامية تعاملا كهنوتيا وملكيا وعندما يتعاملون مع الغرب العلماني يراعون في تعاملهم مبادئ وقيم الديمقراطية والعلمانية هذا الكيل بمكيالين من قبل هؤلاء الحكام ولد حقيقة مؤكدة لدى العرب والمسلمين فحواها أن حكام الخليج و الغرب وجهان لعملة واحدة وبهذا يمكن أن نطلق على الرئيس أوباما ملك مملكة الولايات المتحدة الأمريكية و نطلق على الرئيس شمعون بيريز الأمير شمعون بيريز رئيس الكيان الإسرائيلي والعكس ولم لا فجميعهم يتآمرون على العرب والمسلمين فيقتلون ويدمرون يضطهدون ويحرضون ويشوهون والواقع خير شاهد فقد اشترك الإسلام الخليجي الحاكم والعلمانية الغربية والصهيونية العالمية بكل الجرائم التي لحقت بالعرب والمسلمين عبر تدخلهم السافر في شئون كل دولة عربية وإسلامية بطرق مباشرة وغير مباشرة فقد تدخلوا في شئون اليمن منذ زمن طويل وعاثوا فيها الفساد وما زالوا مستمرين في تدخلهم وبإصرار منقطع النظير ونفس الشيء فعلوا في العراق و إيران و لبنان وليبيا و تونس و الجزائر وسوريا والصومال وأفغانستان وباكستان وفلسطين والسودان ومصر وغيرها من الدول العربية والإسلامية وهكذا فما من دولة الا ولهم فيها باع خراب ودمار ويا ليتهم اكتفوا بذلك بل أعلنوا الحرب على كل الحركات والأحزاب والجماعات الإسلامية من أصحاب المشاريع التجديدية والتطويرية والتحررية المقاومة للاحتلال والقهر والظلم والفساد والاستبداد والهيمنة والوصاية والتبعية والعمالة والخيانة مستخدمين في ذلك أشد وأخطر الوسائل فتكا من هذه الوسائل القنوات الفضائية كقناة العربية مثلا الناطق والمشوه والمحرض الرسمي باسم الإسلام الخليجي الحاكم والتي ليس لها هدف في الحياة سوى التحريض والتشويه والكذب والتضليل والقدح والشتم والدجل والنفاق وكيل التهم جزافا وزورا وبهتانا ضد كل الشرفاء والأحرار من الإسلاميين وغير الإسلاميين وهي بذلك تؤدي دورا عجز عن أدائه أعداء العرب والمسلمون مجتمعين بل وصل بها الحد أن تصور للعرب والمسلمين وللعالم بأن الحركات والأحزاب والجماعات الإسلامية خصوصا المقاومة للاحتلال والرافضة للهيمنة أنها أخطر على الشعوب العربية والإسلامية من إسرائيل وأمريكا والحقيقة من خلال الواقع أن الإسلام الخليج الحاكم هو الأخطر على الأوطان والشعوب العربية والإسلامية من إسرائيل وأمريكا وحلفائهما فمن كان يصدق أن حكام الخليج سيضعون أيديهم بأيدي أمريكا وإسرائيل وعملائهم في المنطقة لإسقاط كل الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم بالطرق الشرعية وعبر الآليات الديمقراطية الصحيحة في دول الربيع من كان يخطر بباله أن حكام الخليج سيتصدرون قيادة حملة غاشمة نيابة عن الغرب لتشويه الإسلاميين والتحريض ضدهم 0إن حكام الخليج فعلا قد فضح سرهم وانكشف حقدهم الدفين للعلن والواقع أن هذه هي حقيقتهم وهذه هي مبادئهم وقيمهم فلا نتعجب مما فعلوا ويفعلون فالإسلام الخليجي الحاكم عنده استعداد أن يتحالف ويتعاون مع الكفرة والمردة والفجرة وشياطين العالمين من أجل الملك والحفاظ عليه عنده استعداد لأن يرتكب أكبر الكبائر وأعظم الجرائم و يضحي بكل أوطان وشعوب المسلمين فداء لممالكه ومصالحه وهذا طبيعي فليس في قاموسه شيء اسمه حرمة غزو واحتلال وقتل وتدمير وتمزيق أوطان وشعوب المسلمين وهنا نقول وقلوبنا تعتصر ألما وحزنا لقد تحول مجلس التعاون الخليجي وللأسف الشديد إلى مجلس حرب وتحالف وتآمر وتخابر وخيانة ضد المسلمين وأوطانهم إلى مجلس غزو واحتلال وقتل وتدمير وإذلال واستعباد وإضلال وتضليل وكراهية وحقد إن دول الخليج بسلوكها المنحرف عن جادة الصواب أصبحت عرضة للانتقام والثأر لهذا وذاك على دول الخليج أنتراجع حساباتها وسياساتها وسلوكياتها مع العرب والمسلمين وأن تعلن اعتذارها وتوبتها مما بدر منها في الماضي والحاضر وأن تفتح معهم صفحة جديدة وإلا فالعاقبة ستكون وخيمة والنهاية مأساوية
على دول الخليج أن تدرك إن الشعوب العربية والإسلامية أصبحت اليوم تنظر إلى الإسلام الخليجي الحاكم نظرة سوداوية يملأها التشاؤم والاشمئزاز لأنه من وجهة نظرهم إسلام يتحالف مع الأعداء ضد الأمة العربية والإسلامية لتضل ضعيفة ذليلة مستعبدة مسلوبة الحرية والإرادة والكرامة إسلام يتحالف مع الأعداء لمنع الإسلاميين من الوصول إلى سدة الحكم إسلام يرفض الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والحقوق والحريات والرأي و الرأي الآخر إسلام يرفض التحرر من العبودية والتبعية والهيمنة والعمالة للغرب إسلام يرفض دعم الحركات والجماعات والأحزاب الإسلامية التي تنشد الحرية والديمقراطية والتغيير ومقاومة المحتل ورفض الهيمنة والتبعية إسلام يسعى لإفشال الديمقراطيات والحريات الوليدة التي وجدت في بعض الدول العربية والإسلامية بغرض الإثبات للعالم أن العرب والمسلمين لا يناسبهم لإصلاح حالهم سوى الأنظمة الملكية والاستبدادية إسلام يسعى إلى علمنة المجتمع الإسلامي بمعنى إبعاد الدين عن واقع حياتهم السياسة من خلال إبعاد العلماء والفقهاء والإسلاميين عن الحكم بغرض تصعيد حكاما جهالا محاربين معادين للإسلام والمسلمين إسلام يتدخل في شئون الدول العربية والإسلامية ويفرض علها حكاما عملاء يتسمون بالسلبية وبالتالي تكون نتائجهم كارثية تهلك الحرث والنسل
إسلام يعادي ويدمر كل شعب وحاكم لا يركع له ولا يقبل يده ولا يطأطأ رأسه ولا ينفذ أوامره إسلام يدعم الفتن والقلاقل والانقسامات والاضطرابات والحروب بين أبناء الشعوب إسلام مصدر سعادته أن تضل الشعوب العربية والإسلامية حكاما ومحكومين تحت قدميه اقتصاديا وعسكريا وأمنيا وإعلاميا وسياسيا بل وشحاتين على أبوابه هذه وغيرها من سلوك وقيم الدين الخليجي الحاكم لا شك أنها لا تنسجم بأي حال من الأحوال مع سلوك وقيم وأخلاق الدين الإسلامي الذي جاء به النبي محمد والذي من قيمه وسلوكه وأخلاقه على سبيل المثال قول الله: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) وقوله: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) وقوله:(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وقوله :(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) وقوله : (من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا) وقول الرسول محمد: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) وقوله: (لا يؤمن أحكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) وقوله: (لأن تهدم الكعبة حجرا حجرا خير من أن يسفك دم امرئ مسلم) فهل هذه الأخلاقيات والقيم الإسلامية التي وردت في الآيات والأحاديث السالفة الذكر تتفق وأخلاقيات وقيم الإسلام الخليجي الحاكم طبعا لا وألف لا لذا نطلب من الشعوب العربية والإسلامية وخصوصا الشعوب الخليجية أن يرقبوا سلوك حكامهم فإن انسجمت مع الدين الإسلامي وأهدافه وقيمه ومبادئه مقاصده وحققت مطلبيات قرآن ربهم وسنة نبيهم فبها ونعمت وإلا فخلعهم أولى تبرئة للذمة ووفاء للعهد مع الله ورسوله
في الأربعاء 31 يوليو-تموز 2013 07:59:54 م