كوابح الجبروت في مقابل طقوس الهرطقة
بقلم/ عبد السلام الكبسي
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 9 أيام
الأحد 01 مايو 2011 07:40 م

من على منصة الجبت يظهر "الطاغوت" فتهتف الحشود المتدافعة إجلالاً له "لبيك .. لبيك" المجد لك والفخر لك والأرض والإنسان لك، وحينئذٍ يأخذ "فرعون" حظه من التقديس ويصرخ منتشياً ما سبق وقاله كاذباً "ما أريكم إلا ما أرى" فالخير لا يأتيكم من سواي، ويعود مؤكداً "وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ".

و في مقابل أجواء الثورة تستمر "طقوس الهرطقة" في اليمن، يعيش اليمنيون أجواءها لحظة بلحظة "فمنهم شقيٌ وسعيد"، ومن وراء ذلك كله يتبلور مشهد "عجيب" يتكرر في الزمان ويختلف في المكان، بأحداث متقاربه وأشخاص متشابهة ، يلقي الضوء على أبطال تلك "الهرطقة" من الحكام "المتزملين" بأستار القهر وشدة الجبروت ممن يعدون أنفسهم "أنصاف آلهة" لا راد لقضائهم ولا معقب لحكمهم، لولا "قبضة القدر المحتوم" التي تسقط عليهم بغتةً "فتبهتهم" فيصرخ أقربهم إلى الهلاك وقد أدركه الغرق "فهمتكم .. فهمتكم" ومن وراء تلك الصرخة يتساقط الفراعنة تباعاً ، ولسان حالهم "أن لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل".

 حتى جاء الدور على صاحبنا ودارت نحوه عجلة التغيير، وصرخت باسمه الجموع الثائرة "يا بني اركب معنا"إلا أنه نأى بنفسه عن سماع صرخة الحق فقال بلسان الباطل "سآوي إلى جبل يعصمني من الماء"فجاءه الجواب هادراً بلسان طوفان الثورة "لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم"ولكنَّ منطق "ابن نوح" في الاحتماء بغير الحق، واللجوء إلى جبل من الأوهام يعصمه من الماء ومن قدر الله، هو ذات المنطق الذي سار فيه "علي عبدالله صالح" منذ أول لحظة سمع فيها كلمة "إرحل" على شاشة التلفاز، ومن تلك اللحظة أخرج إلى الشعب ما وقر في قلبه من ظلم، وأخرج على الثوار المعتصمين "البلاطجة" "يسومونهم سوء العذاب" ، فكان القتل والخطف والشتمُ وقذف الأعراض واختطاف الجرحى وتهديد الناشطينوالإرجاف في الأرض والتضييق على الناس في أرزاقهم وتخويفهم، وكل ما علمناه وما لم نعلمه عن إجرام نظام "علي صالح".

وعند ذلك الحد من افتراق الحق عن الباطل في قلب "علي عبدالله صالح" ، أدرك كل عاقل أنه لا سبيل "للرئيس اليمني" أن يركب سفينة النجاة، لينجو وينجو معه الوطن، ويتخلص الناس من شبح تكرار سيناريو "زنقة زنقة" في اليمن، فزادت مساحة الافتراق وزادت مشاعر النقمة على الثائرين من قبل "الرئيس" ومن معه من "المرتزقة" ولما حال "الموج" بينه وبين النجاة، دقت ساعة النهاية فأصبح هو "وأزلامه" من "المغرقين" وتساقطت أوراق "علي صالح" الواحدة تلو الأخرى وأصبح يتجرع مرارة الثورة وحنظل الحرية، "ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت"إلا أن يشاء الله، لأن لله معه حساباً عسيرا لم تنقض فيه "سنةُ الاستدراج" فلا زال لدى "صالح" من الأوراق ما يفجع به أمهات الثائرين، ولن يمنعنا الإفراط في التفاؤل أن نقول متوجسين أن الأيام القادمة كفيلة بظهور "القذافي" من على منصة ساحة السبعين في "جمعة الدم"، صارخاً "زنقة زنقة" أو "طاقة طاقة" ليعلن بعدها الحرب على كل شيء ويعلن النهاية الحتمية "لفرعون صغير" في إشارة خفية إلى أقدار الله عز وجل وسنته الكونية في حق كل ظالم "ولن تجد لسنة الله تبديلا".

ولعلنا بعد هذا الاستطراد المليء بأحاسيس الثورة ووهج الحرية نصل إلى "مرفأ" آمن لنتذكر بعد أن نسترد جزءا من أنفاسنا، أن لكل جبار قدرٌ محقق ونهاية محتومة، وهي ذات النهاية التي لن يرى فيها "علي صالح" إلا مخرجا وملاذا آمنا له، ولعل من حوله من "المطبلين" يصفه بالحصافة والفطنة لقدرته على جر الثورة نحو منعطف خطير سبق له أن أعدّ العدة فيه للإجهاز على الثورة والعودة باليمن إلى ما قبل فبراير 2011م، محاولة منه لاستغفال أقدار الله فيمن سبقه من "الفراعنة" المتجبرون، ولكن أنَّى له ذلك وقد أمست النهاية قريبة بالقدر الذي يخطو فيه "صالح" من دار الرئاسة حتى ميدان السبعين، ليلقي خطابا فاترا مملا مكرراً ممجوجا، أمام جماهير خاشعة، خانعة خاضعة، وعنوان ذلك الخطاب كما هو دائما "مالكم إلا أنا" وفي اللحظة التي تشتد فيها هتافات وتصفيقات تلك الجماهير، يسدلُ الله عز وجل الستار على المشهد اليمني على نحو قد لا يرتضيه أحد، غير أن اليمنيين بعد ذلك سيستنشقون من هواء الحرية ما ينسيهم غبار الجبروت، وعند تلك اللحظة "لن ترى الدنيا على أرضي وصيا".