يمن جديد .... خارج جلباب الرئيس
بقلم/ كاتبة - صحفية/رحمه حجيرة
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 10 أيام
الخميس 28 فبراير-شباط 2008 02:03 م

مأرب برس – خاص

رغم قناعتي بأني لن أضيف إلى الحراك السياسي القائم جديدا .إلا أن تأكيدات البعض من المنتميين إلى هذا الحراك بضرورة إن نكتب حتى وإن لم يقرأ كتاباتنا سوى أنفسنا بالإضافة إلى أن الكتابة هي وصفة علاجية باهظة الثمن أحيانا للتفريج عن الكرب.عموما بأنانية مطلقة سأعود لأكتب متمنيتا أن لا أضيف إلى العبث القائم في هذه البلاد على (الشخصنة) عبثا آخر .

عن مأرب برس عن رويترز قيل إن المستشار المخضرم للرئيس ,عبد الكريم الارياني قال ( إذا لم يكن هناك إنقاذ سياسي لليمن خلال السنوات الثلاث القادمة فان التحديات ستكون اكبر من الحوثيين أو ما يسمى بالانفصاليين الجنوبيين). وبرغم أني اتفق تماما مع هذا التشخيص الواقعي الذي قاله الأرياني صاحب وصف (المغرضين الموترين الحاقدين ) للمختلفين مع حزبه (المؤتمر الشعبي العام إلا أني أدعوه وغيره من الحريصين فعلا على إنقاذ هذه البلاد من الانتقال من الشكوى إلى المشاركة الفاعلة في إيجاد الحل والعمل عليه .المشكلة واضحة الملامح :-مجتمع قبلي تلمس طريقه نحو الدولة ثم عادة مرة أخرى إلى ما هو أبعد حتى من مجرد تنظيم يجعله بعيدا عن الفوضى ,فظهر الحوثيون والراغبون في الانفصال والقاعدة والمتمردون وربما المنقلبون في بيئة ملائمة للانفجار فاقتصاديا النفط والماء على وشك النضوب والفساد يزدهر , واجتماعيا الغضب يسيطر والسلاح مخزون وآثار الدولة تتلاشى وتزداد معالم الانفجار وضوحا عندما يتأكد لنا أن لا قادة صالحون لهذا البلد وإن وجد فقد نظموا أنفسهم إما في كفة أنصار الثور المترنح على وشك السقوط وإما مجرد جزارون ينتظرون سقوط الثور ومع كل هذا مازالت اليمن ومستقبلها خارج أي توقعات منطقية كبلد لم يخضع لدراسات وإحصاءات واقعية ولم يحدد إلى أين يمشي وفي أي تجاه يسير وهل يمتلك رؤية واضحة المعالم لمشاريع التنمية والإنقاذ ؟وهل هي رؤية القيادة السياسية فقط أم رؤية كل اليمنيين ؟ أم رؤية الممولين ؟ ومن المسئول عن تنفيذها والرقابة على تنفيذها ؟

يشير تصريح الأرياني إلى أن إدارة هذه البلاد أنظمت هي الأخرى إلى أصحاب مشاريع الشكاوي في الوقت الذي يجب للجميع أن يكونوا مؤثرين إيجابيا وفي الجبهة الأمامية للتغيير ... ما لم يكن صناع القرار أو حتى صانع القرار (الفندم ) محتكرا للبلد وثرواتها وقرارها ومستقبلها ... وربما خلافا لتأكيدات أ/ عبد القادر هلال وزير الإدارة المحلية الذي ظل يؤكد طيلة المؤتمر الصحفي الذي عقده الأسبوع المنصرم للصحفيات حول الإرادة السياسية في التغيير وكأنه يحاول إقناعنا بشيء غير موجود .. وأيا تكون نوع الإرادة السياسية في إشراك كل اليمنيين في مشاريع إنقاذ بلادهم الذي وجدها هلال في الرئيس ولم يجدها الإرياني . إلا أنها هي محور الإنقاذ الذي يجب أن نبدأ به ,فمتى أدرك اليمنيون جميعا من الاسرة الحاكمة وأصدقائها ومن ثم المشترك المعارض إلى الممول الخارجي بأن اليمن هي ملك كل اليمنيين ومن حقهم أن يحصلوا على فرصهم كاملة في تنميتها بغض النظر عن موقفهم من الرئيس وموقفه منهم وبغض النظر عن أرائهم وسنهم ومناطقهم وجنسهم سيكون هناك يمن أكثر آمان .. لكن أن يظل القرار ليس فقط العسكري وإنما السياسي والاقتصادي والتنموي بيد أفراد لا مؤهل لهم سوى قرابتهم من الرئيس شخصا وأسرة وقبيلة ومواقع العسكري وهم لا يمثلون حتى 3% من كل اليمنيين على افتراض أن بقية المحيطين بهم هم مجرد ملاحق غير مؤثرة دفعهم المال والسلطة لمثل هذه الأدوار الثانوية. فمن العقل أن ننتظر ما هو أسوء من نتائج تمرد الحوثيون وما هو أكثر خطرا على بلد من التبعثر في دويلات بناء على الغضب والحقد والكراهية .

أنا هنا لا أريد أن أمارس هوايتي السابقة وهي استثارة غضب الرئيس ومن حوله لكني فقط أشارك برأي أدلى به الكثير من المخلصين لهذا البلد قبلي.. وربما هنا أعبر عن تضامني مع الرئيس نفسه الذي آن له أن يرتاح وينفض عنه الكثير من المسؤوليات التي لا لزمة لها والتي تضاعف من انهيار مشروعه وكراهية الناس له ..فليسيطر الرئيس على المؤسسات القريبة من تخصصه وهي العسكرية والأمنية وليترك اليمن لكل اليمنيين ليبنوها. فليسوا أقل منه حرصا على هذه البلد بالإضافة على أنها تحوي الآلاف من المتخصصين المخلصين لها حتى وإن اختلفوا معه..أصيغها هنا باختصار اليمن بالفعل على وشك الانهيار ولا إنقاذ له إلا بحكم صالح رشيد لهذه البلاد يقوم على رؤية جماعية وشراكة واسعة مع ممثلي وقادات المؤسسات المدنية والحزبية والقبلية والاجتماعية والاقتصادية رجالا ونساء مواليين ومختلفين يكون الكل طرفا فيها .

وحتى لا أكون متحاملا على صناع القرار إلا أن السنوات الأخيرة شهدت ظهور عدد من الشباب -على افتراض أن 40 سنة تدخل في إطار الشباب - المتخصصين الطموحين الذين اختيروا بناء على مؤهلاتهم وقدرتهم في مناصب حكومية وأظنهم يحاولون يوم بعد يوم أن يقدموا شيئا جديدا مختلفا في إطار مواقعهم بغض النظر عن خلفياتهم العسكرية وأماكن ولادتهم .وفي نهاية المطاف أي إنجازات لهؤلاء الشباب لابد ما تعود نتائجها الإيجابية على صناع القرار أنفسهم وهو ما حدث فعلا ولمسناه وسمعناه من السياسات والقرارات الجديدة في مؤسسات حكومية يديرها تكنوقراط متحرر من تدخل الرئيس المباشر .وهو ما يجب أن يضاعف إرادة الرئيس في فتح المجال أمام وجوه جديدة وعقول متجددة في رسم ملامح مستقبل بلدهم وهو ما سيساهم إلى حد ما في التخفيف من غضب البعض و من مسؤولية الرئيس وأسرته تجاه الفوضى القائمة