آخر الاخبار

رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح

اندحار الحوثيين ومحاولات تبخيس «عاصفة الحزم»  
بقلم/ يوسف الديني
نشر منذ: 6 سنوات و 10 أشهر و 23 يوماً
الثلاثاء 06 فبراير-شباط 2018 11:39 ص
  

منذ سقوط الإمامة في اليمن وحتى قيام الجمهورية، ثم الوحدة وما أعقبها، ثم عاصفة الحزم التي ما زال بعض جيوب الإعلام الغربي والصحف الأميركية تقتات على ملفها بإغراء ونجومية نقد السعودية الدولة الأكثر تأثيراً في المنطقة اليوم، لم تبدُ لحظة يتخلق فيها اليمن من جديد كهذه الأيام، حتى بعد الأحداث المؤسفة التي جرت في عدن المحررة من براثن الحوثي وملالي إيران وابتزاز الآلة القطرية الإعلامية من «الجزيرة» وأخواتها الشقيقات، سواء ذات التمويل المباشر أو تلك التي تتبناها قطر بالوكالة عبر علاقات غير مباشرة مع الفاعلين في القنوات الأجنبية ذات الطبعات العربية والتي عادةً ما تكون رهينة أشخاص يحاولون تحقيق أكبر قدر من الإثارة الإعلامية بعد أفول شعارات الربيع العربي وتراجع منسوب الإرهاب في المنطقة الذي تقوده «داعش»، وليس ثمة من ملف يمكن أن يحقق لكل هؤلاء الفرقاء في التوجهات والأهداف، المتّحدين في مقاربة الصعود الكبير للسياسة الخارجية السعودية بطريقة سلبية مبنية على كل شيء من التخرصات والأكاذيب والتلفيقات باستثناء أي حديث سياسي جاد، أفضل من اليمن.
أولى علامات تخلُّق اليمن الجديد، هو التأكيد الأميركي قبل أيام على لسان المتحدث باسم «البنتاغون» أدريان رانكين غالاوي، الذي صرح فيه بدعم الولايات المتحدة للحكومة الشرعية اليمنية والرئيس عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي بقيادة السعودية، مشيراً بوضوح إلى إدانة ميليشيات الحوثيين المزعزعة للاستقرار، وتحميلها مسؤولية تهديد سلامة اليمنيين وانتشار الفوضى على نطاق واسع في اليمن، وإرسال الصواريخ تجاه السعودية (كان آخر ما أُحبط منها بالأمس تجاه خميس مشيط)، وفي ذات السياق أتت تأكيدات غالاوي على الأدوار السلبية لنظام طهران عبر نشره الأسلحة المضادة للسفن المهدِّدة لحرية الملاحة في الممرات البحرية الاستراتيجية، وتزويد الحوثيين بالمساعدات التقنية والألغام البحرية والقوارب المتفجرة لتهديد الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
على المستوى الداخلي، هناك انتصار في تعز، المدينة الأكثر تأثيراً في مستقبل اليمن الحديث، حيث ميليشيا الحوثي تندحر والجيش الوطني التابع للشرعية والمدعوم من التحالف يسيطر على مناطق حساسة في الجغرافيا المحيطة بالمحافظة كقرى الجبيرية والصفراء والصراهم وصولاً إلى خط الرمادة غرب محافظة تعز، ولم يقتصر على الجبهة الغربية، بل تمت السيطرة على شمال تعز أيضاً في منطقة عصيفرة، وقتْل عدد من قيادات الحوثيين، في مقدمتهم المسؤول الأول عن العمليات العسكرية للميليشيا في تعز الملقب بـ«أبو عثمان»، حيث قُتل مع عدد من مسلحيه في قصف مدفعي أثناء وجوده في جبل السلال.
هذه الانتصارات العسكرية والسياسية عززتها السعودية بدفعة ذات بُعد اقتصادي نفعاً، طبقاً للسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، الذي أعلن عن دعم البنك المركزي - الذي نهبه الحوثيون وبددوا نقده في التسليح، وشراء الذمم، وتجنيد الشباب - بملياري دولار يضافان إلى مليار قد أُودع من قبل.
والسؤال الذي تطرحه هذه التفاصيل التي تشي بيمن جديد يتخلّق: لماذا لا نجد صداها في الإعلام العالمي أو في إعلام الأجندات وتجار الحقائب السياسية كما هو حال قناة «الجزيرة» وأخواتها؟
فيما يخص الإعلام العالمي، مفهوم ومبرَّر أن تغطيات الحرب عادةً ما ترصد الظواهر السلبية والكوارث الإنسانية، وهي تستحق ذلك، لكنها حين تعزلها عن المسبب لا عن آليات التغيير الذي دشنتها «عاصفة الحزم» التي سيحمدها اليمنيون طويلاً حين تؤتي أُكلها؛ فإنها تنتج قصصاً مبتورة ومشوهة، ومع أكاذيب إعلام الأجندات يصبح الأمر تزييفاً للحقائق التي للأسف تتطلب إعلاماً مضاداً يوضح ما يجري بخطاب مضاد تفصيلي يفند تلك الادعاءات.
مجمل هذه الادعاءات التي لا يسعها هذا المقال؛ طول أمد الحرب، وانهيار مؤسسات الدولة، وما حدث في عدن مؤخراً وهو ما صوّره إعلام الأجندات على أنه فشل ذريع، في محاولةٍ لدق إسفين بين الجهود المشتركة للسعودية والإمارات.
هذه الادعاءات هي نتائج لمقدمات مغلوطة، لذلك لا يمكن لها إلا أن تمعن في المغالطة السياسية وإن تلبست لبوس التحليل على طريقة «الجزيرة» وضيوفها. فميليشيا الحوثي استولت على مقدرات الدولة السياسية والاقتصادية؛ تحالفت مع صالح و«المؤتمر» ثم ابتلعتهما بالقتل والتهديد والسجن، كما استولت على أكثر من 8 مليارات دولار من خزينة الدولة المتمثلة في البنك المركزي، وعلى مستوى المؤسسات ابتلعت الميليشيا مفاصل الدولة بفضل تحالف صالح معها، والذي كان اليمن معه ومع حزب المؤتمر دولة شكلانية قائمة على رعاية مصالح القوى الفاعلة في الشمال والمقامرة بها حسب الظرف السياسي. وهنا نستطيع أن نفهم المغالطة الأولى في تصوير أن عاصفة الحزم أتت على مقدرات ومؤسسات دولة في حين أنها أوقفت مشروع احتلال إيراني عبر أذرع ميليشياوية، وأعادت شرعية مخرجات الثورة وخيار الشعب اليمني التي ادّعى الحوثيون أيام الساحات والخروج على صالح أنهم معها، في حين أنها كانت تستطيع بما تملكه من أوراق ثقيلة في المشهد اليمني أن تنحاز إلى أحد الفاعلين على طريقة المقامرة التي تمارسها الدول التي تبنت الإسلام السياسي في المنطقة وجماعة الإخوان على حساب خيارات الشعب.
عاصفة الحزم التي انحازت إلى الطرف الأضعف الذي يملك الشرعية تستعيد حتى اليوم أكثر من 80% من الأراضي اليمنية، والهوية العربية لليمن، والشرعية التي اختارها اليمنيون وأسهمت في حماية «يمن موحد» رغم كل التحديات والمغريات التي تجعل الفاعلين في الجنوب المحرر يقعون في خطأ استراتيجي كبير وهو اقتسام الكعكة السياسية وهي لا تزال نيئة، وهو الأمر الذي لا تريده السعودية ولا الإمارات حتماً، حتى لا يتكرر المشهد العراقي والخطأ الكبير الذي وقعت فيه الولايات المتحدة التي أسقطت نظاماً متماسكاً، في حين أن السعودية تسعى إلى استرجاع يمن مختطَف من ميليشيا انقلابية تقامر بهويته، وتسعى ثانية إلى عقلنة الشره السياسي الذي قد يقع فيه بعض القوى السياسية في الجنوب مدفوعة بمظلومية لها ما يبررها إذا ما قرأنا مفهوم «الوحدة» بذات الأدوات التي نقرأ بها مفهوم الدولة الشكلانية، لكن الخطأ الذي يقع فيه بعض السياسيين اليمنيين منذ انطلاق عاصفة الحزم، ومعهم كثير من الذين يقرأون المشهد اليمني بشكل مبتسَر وسطحي، هو أنهم لا يفرِّقون بين مشروعين منفصلين على مستوى الأدوات والأهداف والنتائج رغم أنهما كانا حاضرين في الرؤية السعودية للملف اليمني: عاصفة الحزم هي لاسترجاع اليمن الذي اختطفه الحوثيون ويجب أن تنجَز المهمة، ثم مشروع إعادة الأمل على خلفية كنس ما علق بهوية اليمن ليس فقط فيما يخص التدخل الإيراني، وإنما في اليمن الموحد الممثل لكل اليمنيين بمختلف مناطقهم وانتماءاتهم، بما في ذلك التيارات الفاعلة في الجنوب الذي تتنازعه أهواء سياسية متباينة بين الباحثين عن حق تقرير المصير عبر الاستفتاء، والوحدويين مع الفيدرالية، وصولاً إلى الفوضويين من المجموعات المتطرفة من بقايا تنظيم القاعدة. وهنا يمكن أن نقرأ مأزق الحالة اليمنية الذي سبق عاصفة الحزم، والمتمثل في أن النزاع على التراتبية والصيغ السياسية كان سابقاً حتى للحظة الثورة والانقلاب عليها ثم اختطافها من قبل الحوثيين.
التحالف اليوم مع هذه الرغبة الصادقة التي عبّرت عنها السعودية والإمارات معاً، وجاءت التصريحات الأميركية لتأكيد أولوية التخلص من تهديدات ميليشيا الحوثي والإمدادات الإيرانية، وهو ملاذ اليمن الوليد ابن شرعية 2011، الأمر الذي يؤكده كل الفاعلين السياسيين في الجنوب كما هو الحال أيضاً مع حزب الإصلاح الذي عليه أن يُحدث قطيعة مزدوجة؛ الأولى مع علائق الآيديولوجيا، وأن يرتدي عباءة يمنية مزركشة بالتنوع الذي يعكسه اليمن، والأخرى مع علائق الشره السياسي الذي تقع فيه الأحزاب السياسية في العالم العربي مدفوعة بمصالح قواعدها الشعبية لا مصالح الوطن.