الحوثية والقاعدة وجهان لثورة مضادة واحدة
بقلم/ إبراهيم عمران
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 13 يوماً
الخميس 15 مارس - آذار 2012 04:22 م

لا يختلف إثنان على أن الحركة الحوثية وتنظيم القاعدة صنيعة نظام سلطوي حكم اليمن على مدى 33 عام بافتعال الأزمات وإشعال الحروب .. وبالنظر الى بداية النشأة ودوافع التنشئة وطريقة اللعب بهذه الأوراق على طاولة الحفاظ على السلطة يتضح الى أي مدى كانت الحركة والتنظيم وجهان لثورة صالح المضادة لثورة شبابية شعبية سلمية وضعت حد لهزلية الزواج الكاثوليكي بالسلطة والطلاق البائن للشعب ..

الحركة الحوثية

مثلت الحركة الحوثية التي لقيت بداية نشاءتها في فترة التسعينيات دعماً منقطع النظير من قبل نظام صالح لتكون أحد الأوراق الرابحة التي سعى من خلالها صالح لتحقيق مأربه إما بإبتزاز السعودية أو بتصفية حلفاء الأمس خصوم اليوم وفي مقدمتهم اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الاولى مدرع الذي رفض تسليم الفرقة لنجل صالح ..

منذ انطلاق الثورة الشبابية السملية سعى صالح بكل الوسائل لإجهاض هذه الثورة إما من خارج ساحتها أو من داخلها فمن خارج ساحة الثورة سعى صالح باستخدام ورقة الحركة الحوثية لتغيير مسار الثورة وذالك بافتعال الحوثيين لاشتباكات مع السلفيين في دماج بمحافظة صعدة بعد أن سلم نظام صالح محافظة صعدة على طبق من ذهب للحوثيين ومن خلال الدعم المستمر واللامحدود للحوثيين استطاع الحوثيون السيطرة على مناطق في الجوف وحجة حتى وصلوا الى ميدي..

حينما باءت كل هذه المحاولات بالفشل في إجهاض الثورة أو تغيير مسارها الى أزمة سياسية أما على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي لتكون ساحة صراع بين السنية ممثلة بالسعودية والشيعة ممثلة بإيران حسب ما يرى بعض المحللون سعى صالح بكل الوسائل لخلق نوع من عدم جدوى الثورة او اظهار فشلها وذالك باختلاق الحوثيين في ساحات الثورة لمشاكل مع حزب الإصلاح تتعلق بعمل منصات داخل الساحة بالرغم من مرور ما يقارب العام على انطلاق الثورة إضافة الى التشويه المتعمد للواء علي محسن الأحمر الذي أعلن مساندته لهذه الثورة .. ولم يقف حوثيو صالح عند هذا الحد بل سعوا الى محاولة إفشال المرحلة الأولى من مراحل الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي كانت نتاج فعل ثوري تمثل في مقاطعة الحوثيين للانتخابات الرئاسية المبكرة واتهام مرشحها التوافقي عبدربه منصور هادي وفقاً للمبادرة الخليجية بالعمالة لأمريكا أن لم يكن صنيعتها على حد قولهم ..

تنظيم القاعدة

تنظيم القاعدة لا يختلف كثيراً عن الحركة الحوثية لا من ناحية النشأة ولا من ناحية تحقيق المآرب .. فمع ظهور ما يسمى تنظيم القاعدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر /أيلول والمتهمة بتفجير مبنيي التجارة العالمي .. سعى صالح الذي أجاد اللعب بالأوراق للحفاظ على السلطة الى توظيف ما يسمى بتنظيم القاعدة فأوجد هذا التنظيم لتحقيق مأرب في نفس صالح وكما كانت ورقة الحوثيين لابتزاز الجارة السعودية تحت ذريعة محاربة الفكرالشيعي كانت كذالك ورقة القاعدة لابتزاز الأمريكان تحت ذريعة محاربة الإرهاب والحفاظ على المصالح الأمريكية في اليمن ..وكما استخدم صالح الورقة الحوثية لإجهاض الثورة الشبابية استخدم ايضاً ورقة القاعدة

فلم يخلو خطاب صالح عن الثورة الشبابية دون ان يتطرق الى الحديث عن القاعدة ومحاربة الارهاب وان يضفي نوع من دجله المزمن باحتواء هذه الثورة على عناصر لهم صلة بالقاعدة ..

لم يقف نظام صالح الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة بفعل الثورة الشبابية المباركة عند مستوى الهذيان الذي يعتري رجل كذوب كصالح ادعى زهده للسلطه بل انتقل ايضاً الى مستوى الفعل بكل ما من شأنه عرقلة نجاح اي ثورة من شأنها نزع سلطة أعلن زواجه الكاثوليكي بها وطلاقه البائن للشعب , فمع تنفيذ المراحل الأولى للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية والذي بموجبها يتم مقاليد الحكم لمرشح الرئاسة التوافقي عبدربه منصور هادي سعى بقايا نظام صالح باستخدام القاعدة باستهداف القصر الجمهوري بالمكلا وهذا لايخلو من دلالة بان تكون رسالة تخويف أو تهديد لهادي..

مع تنفيذ بقية المراحل من المبادرة الخليجية والمتمثلة بالمرحلة الثانية والتي تكون أول مهامها طبقاً لنصوص المبادرة هيكلة الجيش بما يعني استبعاد أقارب صالح وأبناءه من قيادة المعسكرات , نشط تنظيم القاعدة على نحو مثير للانتباه والدهشة لدى المتابعين والمحليلين السياسيين هو زمنية نشاط التنظيم مع تنفيذ هيكلة الجيش وأول ملامحها إقالة مهدي مقولة قائد المنطقة الجنوبية ( المحسوب على نظام صالح ) وكذا مبررات تسهيل وتمكين هذا القائد لتنظيم القاعدة من معدات المعسكرات لاستهداف الحرس الجمهوري والامن المركزي في عدد من المحافظات الجنوبية ..

وليس أكثر من تأكيد على توظيف ورقة القاعدة لصالح بقايا النظام هو خطابات وبقايا صالح الذي لا يفتىء بالتخويف من فزاعة القاعدة وكأنها ملكية ساعده وصنيعة يده ..

ففي كلمة للمخلوع صالح يوم 26/3/2011 م.. قال صالح مخاطباً خصومه (( أنا أتحداهم أتحداهم ( يقصد المشترك ) مرتين وثلاثة أن يستطيعوا يحلوا مشكلة حتى لو رحل الرئيس بعد ساعتين .. إذا كنا شطرين في الماضي قبل 22 مايو سنصبح أربعة أشطار وهذا ما سيحصل ولن يستطيعوا يجلسوا إلا في العاصمة صنعاء أو محافظتين أو في ثلاث.. لن يكون معاهم الجنوب لن يكون معاهم شمال الشمال هولاء فاقدين صوابهم شمال الشمال لن يكون معهم ولن يكون ضمن الدولة اليمنية الموحدة سيبقى المثلث واحد أو أثنين أو ثلاثة والمثلث سيكون مفككاً ))..

وفي اعتراف صريح من المخلوع يؤكد الرغبة في الانتقام قال صالح (( حتى أنا لو قررت وسلمنا السلطة سياسياً سلمياً سأظل انا رئيساً للحزب حتى يقرر الحزب من يعين بديلاً له اذا قرر الحزب ذالك مالم سأكون رئيساً للحزب ما في شك ..واعمل لهم شغله أسوء من شغلاتهم))..

من كل ذلك يتضح لنا وبما لا يدع مجالاً للشك أن الأزمات التي تجرعتها البلاد منذ انطلاق الثورة الشبابية الشعبية المباركة ليست الا صنيعة نظام لرجل أعتبر اليمن بما لها وما عليها ملكية خاصة لا يحق لأحد فيها منازعته.. وهذا يقودنا الى القول بأن الرغبة الجامحة في الانتقام للمخلوع صالح لن تقف عند هذا الحد بل من الممكن أن نشهد أزمات أخرى إذا لم تسعى الدول الراعية للمبادرة الخليجية في الحد من هذا الانتقام واذا لم يلتف الشعب اليمني حول قائده المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية واذا لم يسعى هذا الرئيس المنتخب في استبعاد قادة الجيش كخطوة تنفيذية لهيكلة الجيش التي تعتبر أصعب مرحلة يمكن ان تواجهها اليمن في حال لم تصدق النوايا بل وتعد أكبر اختبار حقيقي للرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي ..

ختاماً .. أعتقد أن إباحة المعسكرات والمدن الرئيسية للقاعدة لخلق ثورة مضادة للثورة اليمنية لايقتصر على خطر إعطاء مبرر لتعزيز الدول الاجنبية من قواتها في اليمن بحجة حماية مصالحها من القاعدة بل يمتد الى ما هو اخطر من ذالك بأن يجعل اليمن صيد سهلاً لأي دول طامعة في احتلال بلد يمثل موقعاً استراتيجياً مهماً في شبة الجزيرة العربية ويشرف على أكبر منفذ في العالم ..